العراق.. الكوارث تتوالى

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

مأساة جديدة تفجع العراق بحريق جناح عزل فيروس «كورونا» في مستشفى «الحسين» في الناصرية مركز محافظة ذي قار، أودى بحياة ما يزيد على 90 مريضاً. هذه الحادثة سلطت الضوء على هرم الفساد الذي ينخر بلاد الرافدين على المستويات كافة. وما حدث ليس من قبيل الصدفة، فتردي قطاعي الصحة والاقتصاد هو انعكاس للانحدار السياسي، ونظام المحاصصة الطائفي.

سبب الحريق أُرجع إلى شرارة مصدرها أسلاك كهربائية معطوبة وصلت إلى خزانات الأكسجين، وهو ما تسبب في انفجارها، لتلقي الحادثة بظلالها على سوء الإدارة في قطاع الصحة في البلاد بعد شهرين ونصف الشهر على مأساة مماثلة وقعت في بغداد، بعدما أدى انفجار خزان أكسجين إلى اندلاع حريق قتل فيه 82 شخصاً على الأقل، واستقال آنذاك وزير الصحة بعدما تم توقيفه عن عمله. 

 لكن في حادثة ذي قار، حاولت الحكومة امتصاص الغضب الشعبي الذي تم التعبير عنه بتظاهرات اعتراضاً على المآل المزري الذي وصل إليه العراق، إذ تم توقيف 13 شخصاً، واتُخذت مجموعة من القرارات والتي تتمثل في البدء بتحقيق حكومي عالي المستوى، للوقوف على أسباب الحادثة، والإيعاز إلى فريق حكومي بالتوجه فوراً إلى المحافظة يضم مجموعة من الوزراء والقادة الأمنيين لمتابعة الإجراءات ميدانياً، بل إن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي أكد أن نتائج التحقيقات ستعلن بعد أسبوع واحد فقط، وذلك في رسالة تطمينية إلى الشعب الذي سئم اللجان التي لم تخرج في معظمها بنتائج مرضية.

 الكاظمي وضع أصبعه أيضاً على أساس المشكلة حين وعد بخطوات الإصلاح ومحاربة الفساد، خاصة أنه أصبح من البديهي جداً أن هذه الحادثة ما هي إلا نتيجة حتمية للفشل الكارثي الذي يسير عليه النظام برمته في العراق الذي ولّد الفساد. فهذه الدولة الغنية بإرثها وحضارتها ومواردها وطاقاتها وما تملكه من عقول في المجالات كافة، أفقرتها ما تسمى النخب والميليشيات التي تتصارع على ما تبقى من مواردها وتماسكها غير آبهة بالمستوى الذي وصلت إليه البلاد. فالنظام القائم الذي وضع أسسه الأمريكيون، يقوم على توزيع المناصب بناء على الطوائف، وهذا كان قاعدة بنيت عليها أعمدة الفساد، فالتعيينات والتوظيف يقومان على الطائفة والمحسوبية وليس الكفاءة، ومن هذه النقطة كان البناء في البلاد يتسم ببطء شديد في مقابل الهدم المتسارع الذي أفرزه هذا النظام.

 العراق يعاني اليوم سوء إدارة، إذ إن هذا البلد النفطي يعاني انقطاع الكهرباء في ظل صيف قائظ، وانهياراً في المنظومة الصحية، ويعيش الكثير من سكانه في فقر مدقع، بينما ينتشر الموت في جنباته، ولا يمكن أن ينتعش أو تتوقف مآسيه دون تغييرات شاملة، تبدأ بالاستجابة إلى المطالبات الشعبية العراقية، بمحاسبة المتورطين بالدم، والناهبين للمال العام، والأهم من هذا كله، وضع أسس لنظام حكومي كفؤ ينتشل البلاد من كبوتها بحيث يكون بعيداً عن الاستقطابات الإقليمية والدولية، وغير ذلك فإن البلاد تسير نحو المجهول.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"