مدير فاض

بعض المديرين لا يحلو له عمل الاجتماعات إلا بعد نهاية الدوام الرسمي، كأن العالم سينتهي والجهة التي يديرها ستتوقف وتغلق أبوابها إذا تم اقتطاع بعض الوقت من ساعات العمل الرسمي في سبيل ذلك، وجعل الموظفين المتعبين بعد جهد عمل يوم طويل يبقون زمناً إضافياً دون أي أجر إضافي.
ذات مرة، وصلتني رسالة من أحد الإخوة في إحدى الدول المجاورة أخبرني في ثناياها القصة التالية: جاءنا مدير جديد من محافظة أخرى، وكان لا يزور عائلته إلا في نهاية الأسبوع، مما يدل على عدم وجود أي التزامات أسرية أو اجتماعية لديه، وتفرغه شبه التام للعمل. فكان لا يحلو له عقد الاجتماعات إلا بعد نهاية الدوام الرسمي، والتي كانت تمتد بعض الأحيان إلى ما قبل المغرب، وأحياناً أخرى تبدأ قبل صلاة الظهر وتستمر إلى ما قبل صلاة العصر. حتى أننا في بعض الأحيان كنا نجمع صلاتي الظهر والعصر وكأننا في سفر، ومن لا يحضر الاجتماع أو يتأخر عنه أو حتى يطلب الإذن بالمغادرة قبل انتهائه لظرف طارئ أو خلافه، يتم وضعه في قائمة المغضوب عليهم.
المؤسف في الأمر، أن المدير الجديد لم يكن يراعي أن أغلبنا أرباب أسر لديهم التزامات أسرية واجتماعية، وأن بعضنا كان ملتزماً بأعمال إضافية أخرى لكسب قوت العيش في ظل غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة! «انتهت»
وعلى المنوال ذاته، نشهد العديد من المديرين الذين لا يراعون ظروف موظفيهم، ولا يدركون حقيقة أن وقت الموظف بعد ساعات الدوام ملكه لا ملكهم؛ فالموظف لديك إنما هو شريك في صناعة النجاح ودعامة أساسية لاستمراره.
إن الوقت بعد الدوام مخصص للراحة وتعليم الأبناء وتربيتهم، ومشاركة الأسرة الواجبات الاجتماعية من زيارة للأهل والمريض والمباركة بالأفراح والقيام بواجب العزاء، إلى جانب التسوق وتأمين أغراض البيت، وممارسة الرياضة والترفيه؛ ليعود الموظف في اليوم التالي وقد جدد نشاطه وصفّى ذهنه فيعمل بإبداع متجدد.
من هذا المنطلق، ينبغي علينا جميعاً أن نحترم إنسانية الإنسان ونضعها فوق كل اعتبار، ونعي جيداً أنه لا يمكن إجبار الموظفين على العمل بعد ساعات الدوام الرسمي إلا بموافقتهم أولاً، وإعطاء أجر إضافي يتناسب مع الوقت الإضافي الذي يقضونه خارج الأوقات الرسمية، سواء بقصد تنفيذ المزيد من المهام أو حضور الاجتماعات.
فاتق الله في أوقات موظفيك؛ لأن منهم من هي أم لأطفال، أو رب لأسرة تحتاج إلى رعايته. وأخيراً سؤالي لهذا المدير، كيف سيكون شعورك إذا طلب منك اجتماع في نهاية دوام يوم الخميس وأنت تتأهب للعودة إلى عائلتك؟
[email protected]