أخطر من أمراض البدن

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

مرّ اليوم العالمي للصحة النفسية في العاشر من الشهر الجاري، والعالم ليس بألف خير؛ كيف تكون الحالة النفسية في دول تعيش صراعات وحروباً؟ وكيف تكون الحالة النفسية ونحن نشعر وكأن الكرة الأرضية منقسمة إلى نصفين، نصف يتألم تحت نيران القصف والنزاعات والجوع والعطش، والنصف الآخر يتألم تضامناً وحزناً وخوفاً وقلقاً؟!

تقول الأرقام الرسمية بأن ١٤,٧٪؜ من سكان إقليم شرق المتوسط يعانون من حالات صحية نفسية صعبة، وإنه «ثاني أعلى معدل انتشار بين جميع أقاليم منظمة الصحة العالمية»، لكن ذلك لم يشمل بالطبع من يعيشون ويلات التمزق والتشوه وفقدان العائلات والخروج من تحت الأنقاض في غزة، هؤلاء الذين يرتعشون من هول الصدمات، ترى هل سينعمون بعلاج نفسي كي يتمكنوا من مواصلة الحياة بلا تشوهات نفسية؟

وفق منظمة الصحة العالمية، فإن اليوم العالمي للصحة النفسية «يحث جميع الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية على العمل المتكامل لتحسين الصحة النفسية طوال الحياة، ويتعين على تلك الأطراف التعاون معًا في تطبيق التدابير اللازمة لتعزيز الصحة، والتدابير الوقائية القائمة على البيانات لدعم جودة الصحة النفسية منذ الولادة حتى الشيخوخة»، لكن الواقع يقول غير ذلك، ففي غالبية دولنا العربية مثلاً، لا أحد يلتفت إلى الجانب النفسي ويحاول فهم معاناة الآخرين أو مساعدتهم لتجاوز أزماتهم، بل لا يعترفون أصلاً بخطورة المرض النفسي وبأنه قادر على تغيير مسارات البشر ومسار علاقاتهم بكل المحيطين بهم؛ فبالكاد يعترف البعض بوجوب الالتفات والعناية بالصحة النفسية تماماً بقدر الاهتمام بالصحة البدنية، وبالكاد يلجأ الناس لزيارة طبيب نفسي، بل هناك من يخشى أن يراه أحد وهو يدخل تلك العيادة، من منطلق المعتقد البالي القديم، الذي ربط للأسف بين المرض النفسي أو الأزمة النفسية والجنون، وبالتالي يخشى كل منهم الاعتراف باضطرابه النفسي أياً كانت أسبابه ودرجاته، كي لا يقول الناس عنه «مجنون»!

الأجيال الشابة اليوم أكثر وعياً وفهماً لمعنى الصحة النفسية، ويقرأون الكثير عنها، خصوصاً أنهم بحكم طبيعة ونمط حياتهم المتسارع، واللهاث خلف كل شيء، والضوضاء في كل مكان، والوحدة أو العزلة التي فرضتها عليهم وسائل التواصل عن بُعد.. يشعرون بضعف قدرتهم على التواصل المباشر مع الآخرين طوال الوقت، وأنهم غير اجتماعيين ويميلون أكثر إلى العزلة، لذلك يدركون جيداً أن لا عيب في لجوئهم إلى طبيب للبحث عن العلاج النفسي المناسب، ولا يترددون في حديثهم عن تلك الجلسات العلاجية أمام أصدقائهم.

الاعتراف بالأزمة النفسية جزء مهم من العلاج، على أمل أن تنتشر المتابعة النفسية لكل الطلاب في كل المدارس، وتتم توعية أولياء الأمور علهم هم أيضاً يلتفتون إلى صحتهم النفسية، فينتشر الوعي في المجتمع بأكمله.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2vvnpzb9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"