حرب من نوع آخر

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

حينما أعلنت إسرائيل الحرب على غزة رداً على هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي، ووضعت لها سقوفاً عالية، معلنة وغير معلنة، تمحورت حول نقطتين أساسيتين؛ هما القضاء على حركة «حماس»، واستعادة الرهائن المحتجزين لديها بالقوة، لكنها لم تحقق حتى الآن أياً من أهدافها بعد نحو شهرين من اندلاع الحرب.

صحيح أن إسرائيل كانت تدرك أن مهمتها لن تكون سهلة، وأنها قد تستغرق أشهراً وربما سنوات، بحسب بعض مسؤوليها، إلا أنها كانت تدرك أيضاً، أن هذا المدى الزمني لا يوفر لها بالضرورة ضمانة حقيقية لكسب الحرب. هناك، بطبيعة الحال، أسباب كثيرة ومتعددة، منها أن إسرائيل خاضت معظم حروبها السابقة ضد جيوش نظامية، وحققت معظم إنجازاتها عبر تلك الحروب، فيما هي تواجه اليوم حرباً من نوع آخر.

من حيث المبدأ، لا يمكن مقارنة حجم القوة التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي، والذي يعد رابع أو خامس أقوى جيش في العالم، بما يمتلكه من إمكانات بشرية وتسليحية وتكنولوجية متطورة، مع كل الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. وبالتالي فإن الحرب الدائرة هناك هي حرب غير متماثلة ولا متكافئة، ومع ذلك فهي صعبة ومعقدة، ولا يمكن التكهن بنتائجها، لأنها محكومة باستراتيجيات مختلفة. وفي مثل هذه الحروب ليس بالضرورة أن ينتصر فيها القوي على الضعيف؛ حيث يلجأ الضعيف عادة إلى حرب العصابات، ويتحصن في الشوارع والمدن، فما بالك بالأنفاق، كما هي الحال في قطاع غزة، والتي أثبتت جدواها في مواجهة جيوش كبيرة، وربما إلحاق أضرار فادحة بها.

وبالعودة قليلاً إلى الوراء، نجد أن هذه الأنفاق هي التي أحدثت فرقاً كبيراً في هزيمة الجيش الأمريكي، وهو أقوى جيش في العالم خلال حرب فيتنام عام 1975، واستخدمتها الصين وكمبوديا وغيرهما في حروبهما التحريرية. وفي حالة غزة، بات من الواضح أن الأنفاق المنتشرة على مساحة القطاع لا تهتم كثيراً بالتوغلات الإسرائيلية، ولا بفصل الشمال عن الجنوب أو تقسيم القطاع إلى مربعات وغيرها. لكن أسوأ ما في هذا النوع من الحروب، هو أن المدنيين يتحولون إلى وقود لها، ويدفعون ثمناً باهظاً جداً، كما في الحالة الغزية، لرفضهم التهجير وهو هدف غير معلن للحرب.

وبالتالي فإن إطالة أمد الحرب قد يحولها إلى حرب استنزاف، سبق أن أجبرت إسرائيل على الانسحاب من قطاع غزة وتفكيك مستوطناتها التي ظلت قائمة حتى ما يُسمى قرار فك الارتباط عام 2007.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8hnumw

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"