إجابات سهلة عن أسئلة صعبة

00:33 صباحا
قراءة 3 دقائق

أظن أنه لم تمرّ علينا مرحلة واضحة المعالم والسياسات والأهداف كالمرحلة التي يمرّ بها الشرق الأوسط، وربما العالم بأسره، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، يوم قررت إسرائيل مدّ حربها ضد فلسطين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.

قبل السابع من أكتوبر تسرّبت إلينا شكوك، بخاصة عندما اختار الإسرائيليون حكاماً خارجين لتوهم من أزقة الدعوة الإرهابية، إلى شوارع الممارسة.

قبل حلول ذلك اليوم، كان تأكد لقادة جيوش إسرائيل أن التدرج في الحرب ضد فلسطين لم يعد مناسباً. شاركتهم هذا الاعتقاد قيادات سياسية وعسكرية في الولايات المتحدة، وبعض دول الحلف الغربي، أي حلف الأطلسي.

واستيقظ قادة الغرب يوم السابع من أكتوبر، واستيقظت شعوب الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي، والأقليات في العالم الغربي في اليوم التالي، أي في الثامن من أكتوبر، على أسئلة بدت في لحظتها صعبة ومعقدة، وكان الظن أن إجاباتها ستكون من النوع العصي على الفهم. من هذه الأسئلة مثلاً:

*أولاً: هل عادت نظرية صِدام الحضارات تفرض نفسها سبيلاً ضرورياً نحو فهم أفضل لتطور العلاقات بين الأمم على مر التاريخ، ومنهجاً ممتازاً نحو التنبؤ العلمي بمستقبل هذه العلاقات؟ نعم. عادت تلحّ، وأحياناً تهيمن، على النقاش الدائر حول الأسباب المباشرة، وراء حال القلق ووراء ظواهر مثيرة للاهتمام، من هذه الظواهر على سبيل المثال، وليس الحصر (أ) الشارع الغاضب في معظم قارات العالم ضد الرجل الأبيض. رأيناه في إفريقيا متمرداً على إصرار المصالح الأمريكية والأوروبية على مواصلة هيمنتها على اقتصاد القارة وحياتها السياسية. (ب) هذا الشارع نفسه ما إن أنشبت إسرائيل أنيابها في قطاع غزة إلا وكان في طليعة الشعوب الملونة التي لم تتردد في إعلان غضبها على الغرب الذي وقف متضامناً مع إسرائيل. (ج) استمر الغضب ليمتد في مواقف رسمية أخذت شكل التصويت ضد أي مشروع قرار في الأمم المتحدة يمنح إسرائيل شرعية سياسات الإبادة والانتقام الجماعي. (د) لأول مرة يخرج العالم الملون في أغلبية ساحقة ليعلن ويمارس باستمتاع غير مألوف فرض العزلة السياسية على الولايات المتحدة، باعتبارها الممثل الأكبر لهيمنة الرجل الأبيض، وحامل رسالته.

*ثانياً: إلى أي حد يمارس الغرب الصدق في إيمانه بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وتقرير المصير، وأولوية الحريات الفردية والعدالة؟ مرة بعد أخرى اثبت الغرب الأبيض، بأغلبية ساحقة، تمسكه بأساليب استخدام المعايير المزدوجة في التعامل مع مصالح وحقوق الشعوب غير البيضاء. ومرة بعد أخرى يؤكد الغرب ولاءه شبه المطلق لهيمنة مبادئ الواقعية السياسية، وأولويتها على المبادئ الأخلاقية. وبالتالي، لم يكن مفاجئاً لنا أن نسمع عن أوامر من واشنطن تقضي بتحريك حاملتَي طائرات، وغواصة نووية، والآف الجنود، لحماية عدوان جيش إسرائيل على شعب غزة، وحماية إرهاب المستوطنين ضد سكان الضفة الغربية.

*ثالثاً: استمرار تردد السؤال عن انحدار أمريكا. أمريكا تنحدر، أم أن الانحدار تلفيق من روسيا والصين لخدمة أهدافهما، وبخاصة هدف ضرب الهيمنة الأمريكية؟ المثير في هذا السؤال أن واشنطن نفسها تبنته بعد أن رفضته. سمعت صديقاً أوروبياً نافذاً في مجال صنع الرأي العام، يلمّح إلى أن استمرار الانحدار الأمريكي سبب وراء التهور الملحوظ في السلوك العدواني الإسرائيلي في الفترة الأخيرة. إسرائيل تخشى على مستقبلها في ظل أمريكا دولة عظمى منحدرة.

*رابعاً: في ضوء استمرار انحدار أمريكا من جانب، وانكشاف سلوكات تمرد وخلافات جديدة بين أعضاء الحلف الأطلسي، هل بدت على سلوك كل من الصين وروسيا بوادر ثقة زائدة بنفسيهما، واطمئنان أوفر على مستقبل مكانتيهما؟ نعم، ولكن بتحفظ ملموس.

*خامساً: إلى أين؟ الإجابات كثرت. هناك من يرى احتمالاً قوياً في قرب عودة الصين وأمريكا، إلى حديث مختلف عن عودة تايوان إلى الوطن، ومن يرى زيادة هائلة في قوافل الهجرة، وهناك من يتوقع مرحلة من الفوضى في حال العالم، وفي الشرق الأوسط، بخاصة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/43fscjy7

عن الكاتب

دبلوماسي مصري سابق وكاتب متخصص بقضايا العلاقات الدولية. اشترك في تأسيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام. وأنشأ في القاهرة المركز العربي لبحوث التنمية والمستقبل. عضو في مجلس تحرير جريدة الشروق المصرية ومشرف على صفحة الرأي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"