استجداء السلاح والنصر

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

يعاني الجيش الأوكراني نضوب السلاح، خصوصاً قذائف المدفعية والصواريخ، بعدما جمدت الولايات المتحدة صفقة السلاح التي كانت قررتها إدارة الرئيس جو بايدن بسبب امتناع الجمهوريين عن إقرارها في الكونغرس، ثم بسبب عدم قدرة أوروبا الغربية على الوفاء بتعهداتها في تقديم ما كانت وعدت به من دعم عسكري. لذلك بدأ الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي يستجدي الدعم العاجل، بعدما أخذت القوات الروسية تحقق تقدماً سريعاً على أكثر من جبهة، فيما الجيش الأوكراني يتراجع.

زيلينسكي يعترف بأن قواته باتت في وضع صعب، ويقول:«الصواريخ المتوافرة لدينا للدفاع عن محطة تريبيسيكا الكهرومائية قد تنفد إذا استمرت الهجمات الروسية بعد تكثيفها بالصواريخ والطائرات المسيرة».

هناك أزمة حقيقية تواجهها أوكرانيا في حرب بلا أفق، وفي أوضاع ميدانية ليست في صالحها، ومع ذلك يصر زيلينسكي على حرب لا يملك أدوات استمرارها ولا القدرات التي تمكنه من تحقيق أي تقدم عسكري، فكيف بالإصرار على استرجاع الأراضي التي خسرتها في بداية الحرب.

في كتاب «فن الحرب» للجنرال الاستراتيجي الصيني صن تزو تعبير عن شروط كسب أي حرب يقول «لا تدخل معركة خاسرة»، و«تأمل وتدبر قبل أن تقدم على أية خطوة»، و«من يود القتال عليه حساب النتائج» لكن زيلينسكي دخل معركة خاسرة من البداية، ولم يتدبر أو يتأمل خطواته، ولم يحسب النتائج.

لقد دخل الرئيس الأوكراني الحرب مزهواً بوعود غربية بدعم عسكري ومالي بلا حدود، وبانتصار مؤزر على روسيا، حيث كان حلف الأطلسي يسعى لإلحاق «هزيمة استراتيجية» بروسيا ثم إضعافها أو تفكيكها والتخلص مما تشكله من خطر على النظام الدولي القائم بقيادة الولايات المتحدة واستبداله بنظام عالمي متعدد الأقطاب قائم على العدالة والمساواة.

لم تتحقق الأهداف الغربية ولا أحلام زيلينسكي الذي وصل إلى حد استجداء السلاح فلا يجده.

وسط هذا الوضع الأوكراني الصعب والمعقد إلى درجة اليأس، يبرز سؤال: لماذا لا يقبل زيلينسكي بالمبادرات المطروحة للحوار مع روسيا التي لم تغلق باب المفاوضات، بل هي دائماً تدعو إليها، وكادت مفاوضات العام 2022 التي جرت في تركيا تحقق نتائج إيجابية لولا تدخل بريطانيا والولايات المتحدة في اللحظة الأخيرة ما أدى الى إحباطها.

باتت الحرب تشكل عبئاً ثقيلاً على أوكرانيا من حيث الكلفة البشرية والمادية، والدمار الهائل الذي لحق بمدنها وقراها واقتصادها وبناها التحتية، ثم لم يعد بمقدور جيشها مواصلة حرب متكافئة مع الجيش الروسي، بل هو يخسر المزيد من القدرة على الصمود وبالتالي خسارة المزيد من الأرض.

عندما لا توجد أية فائدة من إطالة أمد الحرب فمن الأفضل وقفها، لأن السعي لتحقيق الانتصار في ظلال الهزيمة هو انتحار.

بالتأكيد، لم يكن في حسابات زيلينسكي أن يصل بعد عامين من الحرب إلى هذا الحد من الوضع البائس، بأن يستجدي السلاح فلا يجده، ولا يجد من يقنعه بأنه تعرض للتضليل، وأنه يخوض معركة ليست معركته، وأنه ورط بلاده بحرب عبثية لن تكون إلا وحدها الخاسرة فيها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ctjv2rw

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"