«الفيتو» الأمريكي الخامس

00:30 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

موقف دولة الإمارات الذي أعلنت عنه خلال التصويت في مجلس الأمن، يوم أمس الأول، على مشروع قرار قدمته الجزائر باسم المجموعة العربية، بشأن منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ينسجم مع موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية منذ عقود، وهو موقف لم يتغير ولم يتبدل.

وجاءت الكلمة التي ألقاها السفير محمد أبوشهاب، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، كأصدق تعبير عن ذلك، عندما أشار إلى أن «منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة يُعد خطوة مهمة لتعزيز جهود السلام، حيث يؤكد بذلك المجتمع الدولي التزامه، قولاً وفعلاً، بحلّ الدولتين، كسبيل وحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي»، معتبراً أن «منح العضوية الكاملة لفلسطين لا يمكن فصله عن الالتزامات التاريخية للأمم المتحدة، وبالأخص مجلس الأمن، تجاه الشعب الفلسطيني»، مؤكداً ضرورة التزام جميع الأطراف بالقانون الدولي، لتجنب جرّ المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار.

الموقف الإماراتي يعبّر عن مسؤولية قومية تجاه الشعب الفلسطيني، وحقوقه الوطنية المشروعة، كما يشكل موقفاً واضحاً تجاه محاولات طمس هذه الحقوق، أو الالتفاف عليها، من خلال التأكيد على المخاطر التي تحيق بالأمن والسلام في المنطقة، إذا ما استمر التعامل مع هذا الصراع بتجاهل الحقوق الفلسطينية.

للمرة الخامسة منذ السابع من أكتوبر الماضي، استخدمت الولايات المتحدة «الفيتو» لوقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، ثم للحؤول دون العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.

وحدها الولايات المتحدة من بين الدول ال 15 الأعضاء في مجلس الأمن لجأت إلى «الفيتو»، رغم تأييد 12 دولة، وامتناع دولتين (بريطانيا وسويسرا)، في موقف يدل على الاستهتار بالقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، كما يدلّ على أن مواقفها الأخيرة حول أهمية حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية، مجرد لغو لا قيمة له، كما يؤكد أن سياسة ازدواجية المعايير ما زالت تشكل صلب موقفها تجاه المنطقة.

إن السياسة الأمريكية المتماهية، بالمطلق، مع السياسة الإسرائيلية، باتت تشكل خطراً فعلياً على الأمن والسلم في المنطقة، وتشكل حجر عثرة في طريق كل الجهود المبذولة للتوصل إلى حلّ دائم، وعادل، وشامل، للقضية الفلسطينية.

كما أن تبرير نائب المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة، لاستخدام «الفيتو»، لا يستند إلى أي قانون، أو شرعية، ذلك أن قوله إن «فلسطين لم تستوفِ معايير وشروط حصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة» يتعارض مع حقيقة أن فلسطين تحظى باعتراف 140 دولة، وهي عضو مراقب في الأمم المتحدة منذ 2012، كما أنها عضو في معظم المنظمات الدولية، ثم إن عضويتها الكاملة تتحقق بتأييد 9 دول أعضاء في مجلس الأمن، وحصلت في تصويت أمس الأول على تأييد 12 دولة، إضافة إلى ذلك، فإن العضوية تكتمل بصدور قرار من الجمعية العامة بعد توصية من مجلس الأمن، وهو ما أحبطه «الفيتو» الأمريكي، أما القول إن الدولة الفلسطينية تقوم بعد مفاوضات مع إسرائيل، فيتناقض مع أصول وآليات الحصول على العضوية، لأن الولايات المتحدة تريد استمرار القبض على القضية الفلسطينية، والتفرد في إدارتها وفقاً للمصالح الإسرائيلية، أي أنه لا قيام لدولة فلسطينية طالما أن إسرائيل ترفض الوجود الفلسطيني في الأساس، فكيف بقيام الدولة؟!.

لقد جرب الفلسطينيون، منذ اتفاق أوسلو عام 1991، المفاوضات مع إسرائيل برعاية «الوسيط النزيه الأمريكي»، فوصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/v7vfydsx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"