الحرب الأوكرانية والخيارات

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
2

سارع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى التوقيع على حزمة المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا البالغة 61 مليار دولار، بعد إقرارها من مجلس الشيوخ مباشرة، يوم الثلاثاء الماضي، في إطار حزمة مساعدات لكل من إسرائيل وتايوان، معلناً أن الولايات المتحدة «لن تتخلى عن حلفائها بل تدعمهم»، في حين بدأت وزارة الدفاع الأمريكية عملية نقل الأسلحة من مخزونات الدفاع إلى أوكرانيا على الفور، بما فيها قذائف مدفعية ومركبات مدرعة وأنظمة دفاع جوي كان طالب بها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لمواجهة تقدم القوات الروسية على مختلف الجبهات، خصوصاً على جبهة خاركيف.

أوكرانيا تعتبر هذه المساعدات بالغة الأهمية، لكن، هل تكفي لتحسين مواقع الجيش الأوكراني وتمكينه أكثر من الصمود؟

كل التقارير الصادرة عن معظم الدول الغربية، والمحللين العسكريين، تؤكد أن هذه الحزمة لن تشكل حلاً سحرياً يوفر النصر لأوكرانيا، فيما تؤكد موسكو أن تسليم شحنات الأسلحة الأمريكية إلى كييف لن يغيّر من الوضع على أرض المعركة لمصلحتها، لأن القوات الروسية تمتلك زمام المبادرة على خطوط التماس القتالية، كما ترى أن الدعم العسكري الأمريكي إنما يجبر كييف على القتال حتى آخر أوكراني. كذلك رسمت وزيرة الدفاع الهولندية، كايسا إولونغرين، صورة قاتمة للوضع على جبهات القتال، مؤكدة أن أوكرانيا لن تكون قادرة على هزيمة روسيا لأن «الوضع بات صعباً بسبب نقص الذخيرة». كما أشار القائد العام للقوات الأوكرانية، الكسندر سيرسكي، إلى أن جيشه يعاني نقصاً في الأسلحة التي وعد بها الغرب، وأن ذلك من أسباب «تحوله إلى الدفاع الاستراتيجي».

وإذا كانت واشنطن مصرّة على دعم أوكرانيا رغم عدم توفر عوامل النصر، أو احتمال استرجاع الأراضي التي فقدتها خلال المعارك التي بدأت قبل أكثر من عامين، فماذا تريد واشنطن غير ديمومة الحرب، واستنزاف أوكرانيا من خلال المزيد من الخسائر البشرية والمادية، وإرهاق روسيا التي تحولت إلى اقتصاد الحرب، كي تتمكن من استيعاب تداعياتها، ومواجهة التحديات المتمثلة في إمكانية اتساع رقعة المواجهة، في حال قرر حلف الأطلسي المشاركة المباشرة فيها لمنع هزيمة أوكرانيا، وهو أمر يدرك الجميع أنه بالغ الخطورة على أمن القارة الأوروبية برمّتها.

لكن حلف الأطلسي الذي وعد بتقديم الدعم اللازم لأوكرانيا يعاني كثرة الوعود وقلة الفعل، خصوصاً في ما يتعلق بالتنسيق، وقلّة إنتاج الذخائر والأسلحة، وتوفير الأموال اللازمة لتوسيع قاعدته الصناعية العسكرية، إذ إن 18 دولة من بين الدول ال32 الأعضاء في الحلف تنفق 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، في حين لم تلتزم الدول الأخرى بوعود زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3 في المئة، أو أكثر، ما يشير إلى رغبة هذه الدول ضمنياً في عدم الانجرار إلى حرب أوسع.

إذن، كيف الخروج من دائرة الموت هذه التي تم تصميمها لاستمرار الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، طالما أن لا آفاق للانتصار فيها؟

هناك خيارات متمثلة في استمرار الحرب، ومضاعفة الخسائر، أو إقناع أوكرانيا، ومن خلفها الولايات المتحدة بتقديم تنازلات صعبة على مائدة مفاوضات تشارك فيها دول أخرى، أو الدخول في حرب مباشرة، وكلها تفتح نوافذ لخيارات صعبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdheexzu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"