عادي
«أبوظبي للكتاب».. الإمارات عنوان المعرفة

أسماء لامعة في عالم الثقافة والفكر والإبداع

23:59 مساء
قراءة 6 دقائق
جانب من دورة سابقة للمعرض

أبوظبي: علاء الدين محمود

تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تنطلق اليوم الاثنين فعاليات الدورة ال 33 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب وتستمر حتى 5 مايو/ أيار، بمركز أبوظبي الوطني للمعارض. ويشارك في فعاليات المعرض 1350 عارضاً منهم 975 عارضاً من خارج الدولة، من 90 دولة، من بينها 12 دولة تشارك للمرة الأولى، وتحل مصر العربية كأول دولة عربية يتم استضافتها ضيف شرف بالمعرض وذلك تأكيداً على عمق العلاقات بين الإمارات ومصر، كما تم اختيار الأديب العربي نجيب محفوظ الشخصية المحورية للمعرض.

يُعد معرض أبوظبي الدولي للكتاب، واحداً من أهم منصات الكتب، ليس على مستوى دولة الإمارات فقط، بل صار من ضمن المعارض العالمية التي تُشد إليها رحال القراء، ودور النشر، وقد حاز مكانة خاصة في ساحة الفعل والحراك الثقافي منذ انطلاقته، حيث استطاع أن يحقق تطوراً كبيراً، وسمعة عالمية مرموقة كحدث ثقافي وتجاري، إذ صار جزءاً من الاستراتيجية التي تهدف إلى تحويل إمارة أبوظبي إلى وجهة رئيسية في عالم النشر.

ويتميز المعرض بالكثير من الفعاليات والأنشطة، إذ لا يقتصر على عرض الكتب وبيعها فحسب، بل هو مؤتمر يناقش قضايا الثقافة والفكر في فضائها العربي وأفقها العالمي.

لم يكن انطلاق المعرض حدثاً عابراً، أو عادياً، بل ارتبط برؤية وفكرة منذ أولى دوراته في عام 1981، برعاية المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، حيث كان يحمل اسم «معرض الكتاب الإسلامي»، وتم تغيير اسمه إلى معرض أبوظبي الدولي للكتاب في عام 1986؛ أي بعد ست دورات، وكان الهدف من تلك المنصة منذ تأسيسها هو تشجيع القراءة والتبادل الثقافي، وتسليط الضوء على التطور الثقافي في دولة الإمارات، إضافة إلى تحويل أبوظبي إلى مركز مهم في صناعة النشر بالمنطقة العربية، وقد تحول المعرض إلى مناسبة سنوية ثابتة منذ عام 1993، وظل يجمع أبرز دور النشر في الإمارات والعالم، كما تستقطب فعالياته كل المهتمين من الأوساط الثقافية، على تنوع خلفياتهم المعرفية، ويهدف أيضاً إلى تسليط الضوء على الإنجازات التي تطور التفكير الثقافي والمعرفي في الإمارات، وتحفز الأجيال القادمة بالمعرفة والثقافة التي تنتج عن القراءة، فمن خلال القراءة يتم بناء جيل واع ومثقف، كما يجمع المعرض كذلك المكتبات والوكالات والمؤسسات الثقافية والنوادي الصحفية من حول العالم في أبوظبي، لإطلاعهم على التقاليد الأدبية، تحت سقف واحد.

  • رؤية

انطلق المعرض تحقيقاً لرؤية الوالد المؤسس، حيث أمر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بشراء ما تبقى من كتب - في الدورة الأولى - وتوزيعها على الجهات والمكتبات العامة، والمؤسسات ذات الصّلة، وكانت هذه المبادرة نواة لتأسيس «دار الكتب الوطنية» في الدّولة، ليؤكد المعرض أن التعليم والثقافة هما الدعامتان الأساسيتان لبناء دولة قوية متطورة، ففي تلك الدورة التأسيسية أكد الوالد المؤسس أن «الكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون، وأنّ الأمم لا تقاس بثرواتها المادّية وحدها، وإنّما تقاس بفكرها وأصالتها الحضارية، لأن الكتاب سيظل هو أساس ومنبع هذه الأصالة»، الأمر الذي جعل المعرض يطرح في كل مرة العديد من المفاهيم والقضايا المرتبطة بالإنسان في العالم العربي، وكل مكان، إذ إن من ضمن أهدافه تمتين أواصر العلاقات بين الشعوب، والتواصل بين الدول المختلفة، والتعرف إلى الثقافات، فهو بمثابة نقطة التقاء، إضافة إلى دوره الكبير في ترسيخ الثقافة العربية والتعريف بها.

ومن دورة إلى أخرى كان المعرض يتجدد في كل مرة، ويتطور بحيث يواكب المتغيرات العالمية في مجال الثقافة والإبداع والفنون والتكنولوجيا، وهذا ما أكدته أنشطته وفعالياته المختلفة، حيث تميز المعرض بروح الابتكار والتجديد على مستوى البرامج الثقافية والفكرية، ليسهم في تكوين وتشكيل المفاهيم المتعلقة بالثقافة، وليصبح القلب النابض لقطاع صناعة النشر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ففي كل نسخة جديدة يؤكد المعرض أن مكانته بدأت بالرسوخ، ورسالته الفكرية والثقافية في انتشار دائم، على مستوى جميع دول العالم، من خلال ملتقيات ومنتديات يحييها نخبة من الأسماء اللامعة في سماء الفكر والثقافة، من الدولة والعالم العربي، ومختلف أنحاء المعمورة، وهي أنشطة كثيفة الحضور، إذ ظل المعرض يشهد زيادة كبيرة في نسبة الحضور في كل دورة، ولعل هذه الاستمرارية ساعدت كثيراً على المكانة الكبيرة التي وصلت إليها هذه المنصة المتميزة.

  • استدامة

تضمنت الدورة السابقة من المعرض العديد من الفعاليات المهمة، التي أكدت اهتمام هذه المنصة بما يجري في العالم من أحداث وقضايا تهم الإنسانية جمعاء، كان من أهمها طرح «مفهوم الاستدامة»، كفكرة محورية، تماشياً مع إعلان دولة الإمارات عام 2023 عاماً للاستدامة، إذ شهدت الدورة 32 مبادرات وفعاليات وندوات متنوعة هدفت إلى تسليط الضوء على أفضل الممارسات العالمية، لدعم توجهات الاستدامة في مجال النشر، إضافة إلى تنظيم جلسات حوارية ومناقشات حول التغير المناخي وتعزيز الأمن الغذائي.

  • لقاء جديد

ولئن كانت الدورات السابقة، قد عكست نجاحاً كبيراً على مستويات العرض والتنظيم والإدارة، فإن الدورة الحالية ال33، تسعى إلى ترسيخ مكانة المنصة العالمية، من خلال روح الابتكار والتفرد والتميز في تقديم المحتوى المهني والثقافي، مع الجمع بين قطاعات النشر الإقليمية، والصناعات الإبداعية، وتحفيز المساعي لدعم الصناعات التي تسهم في دعم الثقافة المقروءة والمرئية والمسموعة والتفاعلية، بما يرسخ مكانة أبوظبي مركزاً للنشر العربي والمحتوى الإبداعي العالمي، ويعزز موقع معرض أبوظبي الدولي للكتاب، باعتباره أحد المراكز الدولية المهمة في مجال الكتاب، وطرح قضايا الفكر والإبداع والثقافة.

خلال هذه النسخة يتواصل العطاء الممتد للمعرض في مجال القراءة، التي أصبحت ضمن استراتيجيات الدولة ومشاريعها من أجل صناعة قاعدة عريضة من القراء، ويقدم المعرض محور «كتاب العالم» ضمن البرنامج الثقافي، والذي يركز كل عام على كتاب واحد أثر في العملية الأدبية والثقافية حول العالم.

وانتشر تأثيره عبر الثقافات والأزمنة، و«كتاب العالم» هذا العام هو «كليلة ودمنة» للكاتب عبد الله بن المقفع، الذي يعد من أهم المراجع في التراث العربي والإسلامي، حيث سيتم تناول النوع الأدبي للكتاب، وهو القصص الخيالية، ويتزامن ذلك مع معرض فني ينظّمه متحف اللوفر - أبوظبي عن «أدب الخرافة من كليلة ودمنة إلى لافونتين»، الذي يتناول أوجه الشبه بين حكايات كليلة ودمنة، وقصص الفرنسي جان دي لافونتين «1621 1695»، الذي يعد من أشهر كتاب القصص الخرافية، وهي الحكايات التي تدور أحداثها على ألسنة الحيوانات والطيور، كما تستعرض الفعالية مخطوطات «كليلة ودمنة» التي كتبت باللغات العربية والفارسية والتركية، إضافة إلى اﻷعمال الفنية الغربية المتعلقة بالكتاب. ويتضمن كتاب «كليلة ودمنة»، مجموعة من القصص، وقد قام ابن المقفع بصياغته بأسلوبه أدبي جذاب وشيق، حيث تذكر مقدمة الكتاب أن الحكيم الهندي «بَيْدَبا» ألّفه لملك الهند «دَبْشليم».

وقد استخدم المؤلف الحيوانات والطيور كشخصيات رئيسية فيه، وهي ترمز في الأساس إلى شخصيات بشرية، وتتضمن القصص عدة مواضيع، من أبرزها العلاقة بين الحاكم والمحكوم، إضافة إلى عدد من الحِكم والمواعظ، وقد لقي الكتاب اهتماماً كبيراً من كل حضارات العالم، حيث تمت ترجمته بصورة مكثفة، ويأتي الاحتفاء بالمؤلف من قبل المعرض لكونه قد ارتبط بصورة كبيرة بالأدب والثقافة العربية، إذ كانت معظم الترجمات المهمة عن الأصل العربي للكتاب الذي أعده ابن المقفع.

  • جوائز

تشهد دورة هذا العام من المعرض فقرات متعددة، تدور حول المؤلفات في الكتابة الإبداعية، إذ تحتفل النسخة الجديدة بجوائز الأدب العربي ومنح الترجمة، سيكون الجمهور على موعد مع الإعلان عن الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال 18، واللقاء بهم في إطار الجلسات الحوارية، إلى جانب فعاليات توقيع كتبهم على مدار أيام المعرض، حيث تُمنح الجائزة كل عام للمبدعين من المفكرين، والناشرين، والشباب، عن مساهماتهم في مجالات التأليف، والترجمة في العلوم الإنسانية التي لها أثر واضح في إثراء الحياة الفكرية والأدبية والثقافية والاجتماعية.

يضم المعرض كذلك العديد من الفعاليات الجديدة والمبتكرة، وينفتح على مجالات مختلفة، ويأتي الاهتمام بالطفل على قائمة أجندة فعالياته، وكذلك المرأة والطبخ والتكنولوجيا، والانفتاح على ثقافات العالم المختلفة، والاهتمام بالورش، التي ظل المعرض يهدف من خلالها إلى مشاركة الزوار والمشاركين في فعاليات تنمي مهاراتهم وتطور المستوى الثقافي العام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/hkab63xy

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"