ولو في الصين

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

المصالحة الفلسطينية ليست مطلباً ملحاً للسلطة والفصائل فحسب، بل هي مطلب عربي ملّح لا يرتبط عمره بما يجري في قطاع غزة، بل هي حاضرة دوماً في كل مراحل القضية، وتزداد بزوغاً حين يكون الخلاف أو الاختلاف مؤثراً في مصالح الفلسطينيين.

وقد لا يتسع المجال لذكر صور الاختلاف التي تعددت بين السلطة الفلسطينية وفصيل أو أكثر على مدى العقود الماضية، وما نشأ عن ذلك من خسائر لم تفلح النوايا العربية والمحبة للقضية الفلسطينية في تفاديها، لسعي أطراف أخرى، إقليمية أو دولية، إلى تعميق هوة الاختلاف والتلاعب برغبة جانب فلسطيني في الاستئثار بالقرار خروجاً على مرتكزات العمل الفلسطيني المشترك وتدميراً للوحدة المفترض أن تعتصم بها الساحة الفلسطينية في التعامل مع الاحتلال وتداعياته.

وتشهد عواصم ومدن الدول العربية المنشغلة بالقضية الفلسطينية على جولات طويلة من النقاش والحوارات التي تستهدف إصلاح البيت الفلسطيني وتوطيد أركانه. ومن هذه الجهود ما انتهى بتأكيدات كل الأطراف على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين القوى الفلسطينية، غير أن أسباب الاختلاف الطبيعية والمصطنعة، سرعان ما تكون أكثر حضوراً وتبدد كل ما بذل لاحتوائها.

وإن كانت وحدة الصف الفلسطيني واجبة في كل حين، خدمة لقضايا الفلسطينيين، فإنها أوجب في مرحلة كالتي يعيشها بالأساس قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما فرضته من قلق عربي وإقليمي ودولي وخسائر بشرية ومادية لم تكن، حتى الآن، باعثاً على تقارب فلسطيني حقيقي يعين على منع تفاقمها وتكرارها بهذا النحو الذي يفزع أصحاب الضمائر الحية في العالم.

ورغم عدم التفاؤل الذي يحيط بأي محاولة للإصلاح بين القوى الفلسطينية في هذه المرحلة تحديداً، فإنه لا يضير أن تكرر الصين المحاولة، خاصة أن مواقفها تجاه ما يجري في غزة محل تقدير عربي، وأن التحرك الصيني في المنطقة متعقل ومرحب به.

صحيح أن الاختلاف العائد بجذوره تحديداً إلى بداية انفراد «حماس» بالسلطة في غزة عام 2007، لا يمكن تجاوزه ومداواته بين يوم وليلة، لكن استفحال ما يجري في القطاع الآن لا يفرض غير تشجيع أي حوار للحركة والسلطة الفلسطينية، فلعل انتهاءه إلى توافق يكون إضافة لجهود تطويق الحرب ولجم تداعياتها الكارثية.

وأي حوار من هذا النوع، خاصة إذا كان في دولة عاقلة في مواقفها كالصين، يشترط له أولاً رغبة طرفيه في تجاوز الخلاف لا تسجيل مواقف عابرة، والتحرر من ذهنية الانقياد لأي طرف إقليمي أو دولي، فالهاجس الدائم هو المصلحة الفلسطينية، أو ينبغي أن يكون الأمر كذلك دائماً.

بهذه الرؤية، يمكن أن ينتهي الحوار المنتظر في الصين إلى شيء، لا أن يصبح مجرد جولة تضاف إلى سابقاتها، خاصة أن القضية الفلسطينية إجمالاً في مأزق هو أحد تداعيات ما بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. والخروج من المأزق يتطلب بلا شك حواراً فلسطينياً- فلسطينياً مسؤولاً، ولو في الصين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yy6u5tv6

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"