العدل الأسري

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما يتحدث الناس عن التفرقة بين الأبناء، فإنهم يشيرن إلى الشكل الذي يعامل به كل طفل في الأسرة مقارنة بالآخرين، يعتبر هذا الموضوع مصدر قلق للعديد من الأهالي والمجتمع بشكل عام، حيث يمكن أن تترتب على هذه التفرقة آثار سلبية قد تكون مدمرة على نفسية الأبناء وعلاقاتهم المستقبلية.

يعتبر الطفل في المراحل المبكرة من عمره عرضةً بشكل خاص للتأثيرات النفسية والعاطفية للتفرقة بينه وبين إخوته، ففي الوقت الذي يشعر فيه بالإقصاء أو عدم التقدير، قد ينمو لديه شعور بالغيرة والحسد تجاه أشقائه، ما يؤثر سلباً في تطوره النفسي والاجتماعي. وعلى المدى الطويل، قد تنعكس هذه التفاعلات السلبية في علاقاته مع الأسرة والمجتمع، حيث يمكن أن يصبح الطفل المعامل بشكل غير عادل أكثر عرضة للسلوكيات الاجتماعية المشكوك فيها مثل العصيان أو الانغماس في المشكلات.

إضافة إلى ذلك، فإن التفرقة بين الأبناء قد تؤدي إلى تشكيل تفاوت في الشخصية والقدرات بينهم، فبينما يمكن أن يحصل الطفل الذي يتم معاملته بشكل متوازن على الدعم الكافي والفرص المتساوية للتطور، قد يجد الطفل الآخر نفسه محروماً من هذه الفرص، ما يؤثر في تطوره الأكاديمي والاجتماعي.

ومع ذلك، يمكن للآباء أن يقللوا من تأثير التفرقة بين الأبناء عن طريق تبني سياسة العدل والمساواة في التعامل معهم، فتوفير الحب والاعتناء والدعم بشكل متوازن لجميع الأبناء يساهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم وتقوية روابط العائلة، بالإضافة إلى ذلك، يعزز العدل في المعاملة بين الأبناء الشعور بالمسؤولية والانتماء إلى الأسرة، ما يسهم في بناء أجيال متوازنة ومتفتحة على التعاون والتسامح.

يجب أن ندرك أن الأسرة هي بنية المجتمع الأساسية، وتقوم على أساس من الحب والاعتناء والتعاون، وإذا تمكن الآباء من فهم أهمية العدل في التعامل مع الأبناء، فإنهم يفتحون باباً لبناء علاقات صحية ومتينة داخل الأسرة، فالعدل ليس مجرد كلمة، بل هو قيمة تعلمها الأبناء من خلال تجربة والديهم، ومن ثم يعيشونها وينقلونها إلى الأجيال القادمة.

يجب على الآباء السعي دائماً للحفاظ على التوازن والعدل بين الأبناء، وتجنب التفضيل أو التمييز بينهم، إن استثمار الوقت والجهد في تقديم الدعم والتشجيع وتوجيههم بمساواة يساعدهم على تطوير قدراتهم وتحقيق إمكاناتهم بالشكل الأمثل، فلنتذكر دائماً أن الأسرة هي ملجأنا الآمن، وعلينا أن نبنيها على أسس قوية من العدل والمساواة، فالأبناء هم ثروتنا الحقيقية، وعلينا أن نتعامل معهم بكل حب واحترام، دون تفريق أو تمييز.

إن ترسيخ هذه القيم في قلوبنا وتطبيقها في حياتنا اليومية هو أساس بناء مجتمع ينمو ويزدهر على أساس العدل والتسامح والمحبة.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr3fs4em

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"