عادي

«الإكزيما».. أذى طويل الأمد

23:01 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

«الإكزيما» مرض شائع يصيب الأشخاص حول العالم من الأطفال والبالغين، ويصنف ضمن المشكلات المرضية المزمنة طويلة الأمد، عبارة عن التهاب سطحي بالجلد لا يوجد له أسباب معروفة حتى الآن، ولكن تزيد بعض العوامل، مثل الجينات الوراثية أو الحساسية، أو التعرض لمهيجات كيماوية أو طبيعية، من فرصة حدوثه، ويصاحبه جفاف البشرة، واحمرار وحكة وقشور وتشققات الجلد، وفي السطور التالية يسلط الخبراء والمختصون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.

تقول د. نايسلي فيليب، مختصة الأمراض الجلدية: الإكزيما الدهنية التهاب جلدي يستهدف المناطق الغنية بالغدد الدهنية، وخاصة فروة الرأس والوجه وطيات الجسم، ولا يزال السبب الدقيق لهذه الحالة غير معروف حتى الآن، ولكن يرجح العلماء بعض العوامل، مثل: الاستعداد الوراثي ووجود الفطريات التي تعيش بشكل طبيعي في الجلد والإجهاد والتعرض للمهيجات الكيميائية، أو الظروف الجوية الجافة والباردة، التي تؤدي إلى زيادة إنتاج الزيوت في الجلد، ويشير الباحثون إلى أن التأثيرات الهرمونية من الأم، يمكن أن تلعب دوراً في إثارة هذه المشكلة عند الرضع.

وتضيف: «تنتشر هذه الحالة على الأكثر في مرحلة الطفولة، وخاصة في الأشهر الثلاثة الأولى لحديثي الولادة، وتعاود الظهور بعد البلوغ، مع ملاحظة ارتفاع معدل الإصابة خلال فترة الشباب، ويستهدف الذكور بنسبة أكبر مقارنة بالفتيات، وكذلك الذين يعانون ضعفاً في جهاز المناعة، كأمراض الكلى أو فيروس نقص المناعة البشرية».

توضح د. نايسلي فيليب أن أعراض الإكزيما الدهنية تظهر لدى الرُّضع على شكل قشور دهنية صلبة، وتعرف باسم «غطاء المهد»، ويتم ملاحظتها على منطقة التاج والمناطق الأمامية من فروة الرأس، وفي منطقة الحفاضات، وتجاعيد جلد الرقبة، والإبطين، وعادة ما يفتقر الطفح الجلدي إلى الحكة أو الألم، وتميل هذه المشكلة إلى أن تكون خفيفة وتختفي من تلقاء نفسها، في معظم الحالات عندما يتم الطفل عامه الأول.

وتبين أن التهاب الجلد الدهني لدى البالغين يتسم بفترات من الانتكاس والهدوء في ظهور الأعراض، ويمكن السيطرة عليه بدرجة كبيرة، لكنه غير قابل للشفاء، وتشمل المناطق المصابة عادة الوجه، وخاصة منتصف الجبهة، والطيات الأنفية الشفوية، والحاجبين، إضافة إلى منطقة ما بعد الأذن، وفروة الرأس، والصدر، وعادة ما يتم التشخيص عن طريق الفحص الروتيني ومجموعة من الاختبارات، مثل: فحص كشطات الجلد للكشف عن وجود الفطريات، والفحوص المعملية كمصل فيروس نقص المناعة البشرية، ومستويات الزنك في الدم.

مضاعفات وعلاجات

يرى د. أنيش كيه بي، مختص الأمراض الجلدية، أن هناك بعض العادات الخاطئة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أعراض الإكزيما الدهنية بشكل كبير، وتشمل أبرزها، الخدش المفرط في الجلد، واستخدام الصابون أو المنظفات القاسية، والاستحمام بالماء الساخن، وارتداء ملابس ضيقة مصنوعة من الأقمشة الاصطناعية، وتعرض البشرة لدرجات حرارة شديدة أو تغيرات مفاجئة في الطقس، إضافة إلى التوتر وتناول أنواع من الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من المواد المثيرة للحساسية أو المهيجات، ويمكن أن تؤدي إلى حدوث نوبات.

ويلفت إلى أن الإكزيما الدهنية تؤدي إلى مضاعفات مختلفة إذا لم تتم إدارتها والسيطرة على الأعراض بشكل صحيح، حيث يؤدي الخدش المستمر إلى إتلاف حاجز الجلد، وبالتالي الإصابة بالعدوى في بعض الحالات، كما تتسبب هذه المشكلة في فرط أو نقص التصبغ، ويصبح لون المناطق المصابة أغمق أو أفتح من الجلد المحيط، كما تؤثر الإكزيما المزمنة سلباً في نوعية حياة المريض، وتسبب اضطرابات في النوم، وضيقاً نفسياً وعزلة اجتماعية.

ويذكر د. أنيش كيه بي، أن العلاج والوقاية من الإكزيما يعتمد على إدارة الأعراض لتقليل الالتهاب، ومنع حدوث النوبات، وتعديلات نمط الحياة، والدوام على الترطيب المنتظم للحفاظ على رطوبة البشرة وتقوية حاجز الجلد، كما يفيد تجنب المحفزات، مثل: ارتداء بعض الأقمشة، واستعمال الصابون القاسي والمواد المثيرة للحساسية البيئية، أما الوصفات الطبية، فتتمثل في: الكورتيكوستيرويدات الموضعية، مثبطات الكالسينيورين، ومضادات الهيستامين لإدارة الالتهاب والحكة، كما يوصي في بعض الحالات المزمنة بالعلاج الضوئي أو الأدوية عن طريق الفم، ويُعد استخدام الحقن البيولوجية الخيار الأحدث.

الإكزيما التأتبية

تلفت د. ماري متى، مختصة الأمراض الجلدية، إلى أن التهاب الجلد التأتبي يحدث نتيجة للعديد من العوامل، مثل: الاستعداد الوراثي لأمراض الحساسية بشكل عام، أو الحساسية الموسمية والربو، حيث تتحكم الجينات في تكوين خلايا الجلد وقدرته على استبقاء الماء، ومن يفقد قدرته على الترطيب الذاتي، ولذلك يعد الجفاف من العلامات الأولية للالتهاب، ثم يحفز جهاز المناعة، وتبدأ باقي الأعراض مثل الحكة والاحمرار، ويتطور في حالات معينة إلى تشقق والتهابات ونزف وإفرازات من الجلد، ما يساعد على نمو البكتيريا أو الفيروسات على الجلد المصاب.

وتضيف: تتفاقم هذه المشكلة في المناخ الجاف خلال فصل الشتاء، ويسهم تناول بعض أنواع الطعام في تفاقم حالات التهاب الجد التأتبي، كما تتسبب مجموعة من العوامل الخارجية أيضاً في تهيج الجلد، كالعطور والملابس الصوفية والغبار والمواد الكيماوية.

وتشير د. ماري متى إلى أن الإكزيما التأتبية عادة ما تصيب الرُّضع بين عمر شهرين إلى سنتين، وتظهر على الأكثر في الخدين وفروة الرأس، أما عند الأطفال، فتستهدف ثنايا المرفقين والركبتين والجفون والرقبة، وعند الكبار يتغير شكل الجلد ليصبح سميكاً وغامق اللون نتيجة الحكة المزمنة وتظهر في مناطق الأعين أو اليدين أو الصدر.

وتتابع: تختلف حدة المرض وانتشاره من مريض لآخر، وتعد الحكة من أصعب الأعراض التي يعانيها المرضي، وخاصة عند إصابة مساحات كبيرة من الجلد، ما يؤثر في جودة الحياة ومعدل النوم، وربما تؤثر سلباً في الثقة بالنفس والتحصيل الدراسي لدى الأطفال، وتؤدي إلى الانطواء والاكتئاب عند البالغين.

وتوضح أن تشخيص التهاب الجلد التأتبي يتم في عيادة الطبيب المختص بفحص الأماكن المصابة، مع وجود عامل وراثي وحكة شديدة خاصة ليلاً، ونادراً ما تحتاج هذه المشكلة إلى إجراء اختبارات الدم أو عينة من الجلد، ويُعد العلاج البيولوجي العلاج الأفضل والأكثر تطوراً لالتهاب الجلد التأتبي كونه يساعد على التحكم في الأعراض الحادة، وتصل نسبة الشفاء إلى 80 % من الحالات، ويناسب المرضى الذين سئموا من استخدام الكريمات الموضعية، مثل مضادات الهيستامين والتسرويد.

مواجهة طبيعية

تحتوي الطبيعة على العديد من المكونات التي تستخدم منذ العصور القديمة، وتسهم في الحد من تطور المشكلات المرضية بشكل عام، أو التخفيف من أعراض التهاب الجلد التأتبي بشكل خاص، مثل: الأسماك التي تحتوي على كميات عالية من الأحماض الدهنية أوميجا 3 كالسلمون، والسردين، والأنشوجة، كما يفيد الفلفل الحلو في الحد من الأضرار التأكسدية لدى الأشخاص، ويرتبط البروكلى بالتأثيرات المضادة للالتهابات، كونه غنياً بمضادات الأكسدة، وتفيد الدراسات بتأثير الفراولة والتوت والكرز في مقاومة الالتهاب، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض، ودعم الجهاز المناعي للجسم، أما الفطر (المشروم)، فهو من الأطعمة منخفضة السعرات الحرارية، ويحتوي على كميات غنية فيتامينات (ب) والسيلينيوم والنحاس، وتذكر إحدى الدراسات، أن وضع عيش الغراب مع الأطعمة يقلل من المركبات المضادة للالتهابات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/29uu4s8y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"