عادي
نبض المواقع

«رباط المتنبي»..عناقُ الوهم والحقيقة

02:59 صباحا
قراءة دقيقتين
الشارقة:أوميد عبد الكريم إبراهيم

في روايته «رباط المتنبي» الصادرة لأول مرة عن «دار نشر المركز الثقافي المغربي» 2019، يكسر الروائي المغربي حسن أوريد النمط المألوف في كتابة الرواية، ويحاول بثَّ الحياة في الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي، ومن ثم يسافر به عبر أزمنة غابرة، ويحط الرحال في وقتنا الراهن، وتحديداً في مدينة الرباط المغربية، ليصاب شاعر بلاط الأمراء بالذهول حين يرى العرب وهم ما زالوا وكأنهم يعيشون في عصره.
يحاول أوريد ردم الواقع بفكرة تخيلية من خلال توظيف شخصية المتنبي لشرح وتحليل واقع الحال الذي يعيشه العالم العربي، وكيف أخفق في اللحاق بركب التطور وعجلة الحداثة، ويُرجع الأسباب إلى العديد من العوامل، في مقدمتها عدم قيام ثورات ثقافية أسوةً بالكثير من شعوب العالم.
بطل رواية «رباط المتنبي» أستاذ جامعي وسياسي سابق، يصاب بحالة فصام ويشكو الذهان ويحسب نفسه المتنبي، ومن ثم ينضم لإحدى التظاهرات أمام البرلمان في مدينة «الرباط» المغربية، ويلقي أشعاره على المتظاهرين، قبل أن يقع في يد قوات الأمن ويُزجَّ به في السجن، ويودع بعدها في أحد مستشفيات الأمراض النفسية.
«نحن حالمون. حالمون أننا نعيش الحداثة لأننا نركب الطائرة، ونتعالج بأدق التقنيات الطبية ونلبس ربطة العنق والتنورة. حالمون، لا غير. ولا نريد أن نستيقظ. إذ لو استيقظنا لوجدنا أنفسنا في زمن المتنبي... زمن القرامطة»، بهذه العبارة يشرحُ الكاتب المغربي في جزء من روايته حالَ العالم العربي، والخلل الذي يعتري بنيانه الثقافي.
يصفُ أحد القراء الرواية بأنها «نصّ مفتوح وقبس من الجنون الذي تداخلت فيه عدة أجناس تجاوزت الجنس الروائي التقليدي، حيث استوعب الحوار، القص، الشعر، التاريخ وأجناساً أخرى جعلت من الرواية بحراً يكمن في أحشائه الجنون».
ويتناول قارئ آخر «رباط المتنبي» من زاوية أخرى، ويرى أن الرواية «تناقش قضية مهمة، وهي البكاء على الأطلال و(النفخة المزعومة) أو آلاف السنين من الحضارة والافتخار بعظمة الأجداد»، مشيراً إلى أن «الكاتب برع في إخراج شخصية المتنبي بكل ما له من كبر واعتزاز بالنفس».
«أعظم ما أنتجته الثقافة العربية بإجماع معظم الأدباء والنقاد»، بهذه العبارة عبَّرت قارئة أخرى عن رأيها بتوظيف شخصية المتنبي في الرواية، ومَضتْ بالقول إن «المتنبي شاعر القوة والعظمة والحكمة. نقرأ شعره فنترنم ونستلهم منه العزة والأنفة والشموخ. وقد أدرك حسن أوريد وقع هذه الشخصية في نفوس المجتمع العربي، فاختاره بطلاً لروايته ينتقل من زمنه إلى زمننا الحاضر، ويدسّ في ثنايا وجوده جميع خواطره وآرائه حول ما يحدث بنا ولنا وفينا».
يذهب أحد القراء إلى أبعد من ذلك، ويصف الرواية بأنها «عمل عبقري بما تضمنته عن المتنبي وعن أحوال العرب السائدة والبائدة والحاضرة».
ويستطرد بالقول إن الرواية «توظيفٌ عبقريٌّ لسيرة المتنبي، وشرح مستفيض لأبياته الجميلة والبليغة أدبياً، وجزالة المفردات في وصف الواقع، ووضع القارئ أمام حقيقة الحال بما تتضمنه من تفاصيل أو عموميات تشمل الواقع العربي بالمجمل، وبغض النظر عن التفاصيل الصغيرة، إلا أنه واقع مرير بجدارة».
يؤخذُ على الرواية بحسب عدد من القراء، إغراق العمل في اللغة المغاربية العامية أو الدارجة، والتي اعتبروها صعبة حيناً، وعصية على الفهم أحياناً، رغم لجوء الكاتب إلى شرح النصوص ببعض المفردات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"