عادي

بدايات الحرب الباردة الجديدة

03:27 صباحا
قراءة 3 دقائق
بريان كلوجلي *

في هذا الوقت الذي ربما لم يسبق له مثيل، والذي يعيش فيه العالم حالة ذهول من الآثار المدمرة لوباء فيروس كورونا، سيكون من المنطقي أن تتكاتف الدول من أجل وضع سياسات وأفكار عملية لمواجهة وهزيمة الدمار الذي يحدث والذي يبدو أنه آخذ في الارتفاع.


لكن للأسف ليس هذا هو الحال، فهناك بعض الدول التي تقاوم بحزم التعاون في مكافحة كارثة العالم الجديدة، وتختار التركيز على المواجهة. والغريب أنها هي الأكثر معاناة. إنها الولايات المتحدة، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وهي من الدول التي فشل «قادتها» تماماً في التعامل مع الجوانب الوطنية لأزمة الوباء.
وهناك دولتان رئيسيتان يجب أن تتعاون معهما الولايات المتحدة، والبرازيل، وبريطانيا، بنشاط، في حملة التخفيف من الفيروس، والتغلب عليه في نهاية المطاف، هما: الصين، وروسيا.
الأدميرال جيمس فوجو، رئيس القوات البحرية الأمريكية في أوروبا الذي غادر مؤخراً، أعلن أن «الحد الأدنى» للولايات المتحدة هو «المصلحة المتبادلة» مع أوكرانيا، وهذا هو سبب عملنا بانتظام في البحر الأسود». كما أعلن الأدميرال روبرت بورك، الذي تولى قيادة القوات البحرية الأوروبية وقيادة القوات المشتركة للناتو في 17 يوليو/ تموز على الفور، أن الصين وروسيا تفرضان «تحديات علنية على النظام الدولي الحر والمفتوح».
ولدى (البنتاجون) أكثر من 50 ألف جندي يتمركزون في اليابان، نصفهم في قواعد جزيرة أوكيناوا الأقرب لتايوان من طوكيو، وهي موطئ قدم محوري لواشنطن، سواء لحماية الحلفاء الآسيويين، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، أو لإظهار قوة الولايات المتحدة، والقدرة على الرد على «التحركات العسكرية العدوانية» المتزايدة من قبل الصين في المنطقة، والتهديد المستمر من كوريا الشمالية. وفي نظر إدارة ترامب، فإن المواجهة مع الصين أفضل من التعاون لمحاولة مكافحة الوباء، وقد تم توضيح ذلك بجلاء خلال حديث ترامب المسهب في حديقة الورود في 14 يوليو/ تموز، عندما أعلن قائلاً: «نحمّل الصين المسؤولية الكاملة لإخفاء الفيروس وإطلاقه على العالم. كان بإمكانهم إيقافه».. هذا الهراء الواضح هو السياسة الرسمية للولايات المتحدة، وهو مؤشر مثير للقلق لحالة الحرب.
رئيس الوزراء البريطاني البريطاني بوريس جونسون، وصف نفسه ذات مرة بأنه «محب للصين»، لكنه انضم إلى ترامب في محاولة لمواجهة الصين بشأن هونج كونج، وأطاع أوامره بحظر شركة «هواوي» الصينية من العمل في المملكة المتحدة. وتبنى بحماس حملة الدعاية الحالية ضد روسيا. وبدلاً من التعاون مع بكين، وموسكو، في محاولة لتطوير لقاح مضاد للفيروسات، انضمت لندن إلى واشنطن في الادعاء المزيف بأن روسيا كانت تدفع «لطالبان» لقتل جنود أمريكيين في أفغانستان، على الرغم من عدم وجود دليل على الإطلاق. وبينما تم دحض هذا الهراء، جاء اتهام آخر من لندن بدا في البداية خطيراً للغاية.
وزعمت مصادر مجهولة معتادة، كما ذكرت رويترز، أن «بريطانيا وكندا والولايات المتحدة أعلنت... أن قراصنة مدعومين من الدولة الروسية كانوا يحاولون سرقة أبحاث لقاح وعلاج خاصة بكورونا من المؤسسات الأكاديمية والصيدلانية». ولكن عندما تبين أن هذا الادعاء سخيف، كان على صحيفة «نيويورك تايمز» أن تعلن في 17 يوليو/ تموز أن «صانع الأدوية الروسي R-Pharm وقع صفقة مع AstraZeneca لتصنيع لقاح لكورونا الذي طوره عملاق الأدوية البريطاني، وجامعة أكسفورد». إن الهوة بين الغرب، وروسيا والصين، تتوسع عمداً، وربما تندلع حرب باردة جديدة. والولايات المتحدة، وبريطانيا تقللان من مصائبهما المحلية، وتختاران المواجهة الدولية بدلاً من التعاون.

* متخصص بالسياسة الخارجية والشؤون العسكرية
موقع (كاونتر بانش)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"