عادي
أفق

"ساق البامبو"

01:48 صباحا
قراءة دقيقتين

ساق البامبو هي إحدى روايات القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر العربية، وهي من تأليف الكاتب الكويتي الشاب سعود السنعوسي الذي له تجارب روائية سابقة تنم عن معدن كاتب أصيل، وتُروى الأحداث على لسان هوزيه الذي يحكي عن مأساة حياته بين الفلبين وطن أمه الذي عاش فيه فترة من طفولته وبداية شبابه، وبين الكويت وطن أبيه الذي غادره وليداً وعاد إليه شاباً باحثاً عن اعتراف من أسرة أبيه التي أنكرته وضيقت عليه .

يولد هوزيه كما يدعوه أخواله أو عيسى كما سماه أبوه، من زواج بين الخادمة الفلبينية والابن الوحيد للأسرة التي تعمل عندها، والذي وجد في شغف الخادمة بالقصص والحكايات التي ترويها له في الليل وهو جالس على مكتبه يقرأ أو يكتب، حميمية إنسانية قربتها إلى نفسه وجعلته يحبها، ويتزوجها، وسط ذهول والدته وأخواته اللواتي كن يعددنه رجل الأسرة بعد أن توفي أبوه، ولم تستطع أمه تقبل أن يتزوج ابنها ذو الحسب والنسب من خادمة، فطردتهما، ليعيشا في حي آخر، وبعد أن يولد عيسى، يضطر الأب إلى ترحيله هو وأمه إلى الفلبين ريثما يصلح ما بينه وبين أمه ويهيئ لهما الظروف لعودتهما معززين، لكّن إقامتهما في الفلبين تطول ثم تنقطع أخبار الوالد عنهما في ظروف الاحتلال العراقي للكويت الذي سيأخذه أسيراً ليموت في العراق .

يتربى هوزيه في ظروف من الفقر المدقع وبين أفراد محطمين، وتحت رحمة جد معقد يسومه كل أصناف السخرة والإذلال، وحين يشب يتقلب بين أعمال زهيدة، ولا يفارقه حلم العودة إلى وطن أبيه، والعيش هناك، وهو ما يتحقق له في النهاية عن طريق صديق الوالد، لكنه لا يجد الاعتراف من جدته ولا عماته اللواتي يرين في وجوده خطراً على سمعة الأسرة، ومكانتها الاجتماعية، ويسعين بكل نفوذهن إلى محاصرته وتهديده لكي يخرج من البلاد، وفي النهاية يخرج ليعود خائباً إلى بلاد أمه ويستقر هناك .

لو اكتفى سعود السنعوسي بالقسم الأول من روايته الذي ينتهي بتسلم البطل جوازه الكويتي وتذكرة السفر، لكان قدم رواية رائعة، لكنه في القسم الثاني الذي انتقل فيه البطل إلى الكويت، فقدت أحداث القصة التماسك المنطقي والعمق التحليلي، وبدا أن الكاتب يريد بكل وسيلة أن يقدم مبررات عودة بطله مضطراً إلى الفلبين، رغم أنه في أثناء وجوده كوّن صداقات قوية كان يمكن أن تكون مساعداً له في بناء حياته الجديدة . لقد عطل المؤلف كل تلك الإمكانات في سبيل عودة البطل إلى المستنقع الذي خرج منه والذي يَعُدُّ العيش على هامش المجتمع الجديد أكرم له منه .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"