عادي
نبض المواقع

«جبل المجازات».. الغرائبية طعام الفضوليين

04:39 صباحا
قراءة 3 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود

يعتقد كثير من النقاد والقراء أن رواية «جبل المجازات»، للكاتب أحمد كامل، الصادرة عن دار ممدوح عدوان 2019، بداية تأسيس حقيقي للأدب الغرائبي في السرد العربي، أو ربما منعطف جديد في تمثل تيار «الواقعية السحرية» عربياً بصورة مختلفة، وذلك لما حفلت به الرواية من أجواء أسطورية، وعلاقات عجائبية بين شخوصها، كما أن أبطالها ليسوا أشخاصاً من لحم ودم فقط، بل كذلك هم الكائنات الأخرى من أشجار وبيوت، وغير ذلك مما يسكن المكان وهو الريف المصري، فالكاتب يأخذنا في تطواف بديع وساحر في قرى مصرية بكل عوالمها، المكتشفة وغير المعروفة من معتقدات وأناس وحكايات غريبة، كما أنها تنفتح على قضايا الواقع الاجتماعي هنالك وما يسيطر عليه من عادات وتقاليد، فتحاول الرواية أن تضيء العوالم الخفية، وتكشف عن رغبات سرية يخشى الناس من التصريح بها، لأنهم عاشوا في ظل نظم اجتماعية شديدة التقديس لشأن العادات والتقاليد.

وينسج الكاتب من كل تلك التفاصيل سرداً خاصاً بتكنيك مختلف ولغة بديعة، وبحضور ساطع للفكرة والرؤية الفلسفية التي تمثلت في مقولة الكاتب: «الحقيقة غير موجودة، هي سحابة وهم نخلقها في العيون ونهلل لها»، وهذه الكلمات هي بمثابة مفتاح ألقى به المؤلف ليتعرف القارئ إلى المعنى الذي ينشده من وراء السرد، فقد استحضر لعبة «الوهم والمجاز»، من أجل البحث عن حقيقة ما، لكن الحقائق تختفي أو تحتجب لأن النفوس البشرية تخشاها، فالإنسان لا يلجأ إلى قول حقيقة ذاته إلا في لحظات الضعف، وقد برع أحمد كامل في تمرير كل تلك العوالم من خلال لعبة سرد تعتمد على التشويق، ونسج عالم أسطوري.

وتسرد الرواية حكاية «جحافل لا نهائية من النخل تتدحرج أفقياً، بانتظام وخفة، خلف جسم بشرى ضئيل، متجهة إلى قرية تدعى الغزالة لتدمرها تماماً، وفيما يعيش سكان القرية وأهلها رعب اللحظات الأخيرة في انتظار قدرهم المحتوم الذي يرسمه شخص يسعى للانتقام، ثمة مواضيع تتكشف، وأحداث تظهر، وحكايات تتناسل لتروي قصة قريتين خياليتين».

الرواية وجدت صدىً متميزاً في المواقع القرائية المتخصصة، وأجمع القراء على تفردها واختلافها في طريقة السرد واللغة والموضوع، وعلى الرغم من تصريح إحدى القارئات بأنها لا تحب الروايات العربية الغرائبية لغياب الفكرة فيها، إلا أن هذا العمل جاء مختلفاً، وتقول: «الواقعية السحرية في رأيي، هي ما يفعله جارسيا ماركيز، إنها الأحداث الغريبة النابعة من أساس منطقي ثابت، هي الحدث الذي يجعلك تتقبله بسلاسة ودون حتى أن تنتبه، وهذا ما وجدته بالضبط في رواية جبل المجازات، التي تنتمي للواقعية السحرية بما تحمله من فكرة ومنطق خاص»، فيما يشير قارئ آخر إلى موهبة الكاتب التي تجلت في توظيفه للكثير من تقنيات السرد وبناء الشخوص، ويقول: «برع أحمد كامل في صناعة أبطاله المعجونين بالقسوة والفقر، كما تميز في صنع أحداث روايته التي نسجها بلغته الخاصة المتميزة باحترافية كبيرة.

ويذهب قارئ آخر إلى إتقان الكاتب لعبة السرد، وخلق الدهشة، وصناعة المشاهد، ويقول: الرواية تحتوي على الكثير من الادهاش الممتع، وقد برع الكاتب في خلق الصور العجائبية مثل: جيش النخلات الذي يسير لدهس قرية الغزالة، والكاتب يلقي لك القصص والحكايات الكثيرة، ويطعم فضولك، لكن على مهل بصنعة وخبرة، ويجعلك تفشل في الإمساك بخيوط الحكاية، لكن بعد دقائق تجد نفسك مرة أخرى في صلب القصة. ويصف قارئ الرواية بالعمل الملحمي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"