عادي
ينتقل إلى كرسي المخرج في «بلايز»

إيثان هوك: أجري في أفلام العنف أعلى

03:51 صباحا
قراءة 7 دقائق
هوليوود: محمد رُضا

لا يكف إيثان هوك عن العمل، ففي الأعوام الثلاثة الأخيرة ظهر في 11 فيلماً، ولديه واحد جديد ينطلق إلى العروض قبل نهاية هذا العام. لا يعكس هذا الوضع حبّه للعمل، بل نجاحه في التواصل مع المخرجين الباحثين عن نقطة لقاء، بين الموهبة والشهرة في شخص ممثل واحد.
وُلد في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني في ولاية تكساس، ونال حظوة الظهور في أول دور سينمائي له سنة 1989، عندما اختير لدور صغير في «مجتمع الشعراء الموتى».
وعلى إثره انتقل إلى نيويورك ووجد أنها زاخرة بالفرض، التي يتمناها ليصبح ممثلاً معروفاً.
لابد من القول هنا، إن العمل المتواصل من بين ما تتميّز به مراحل حياته المهنية، ففي التسعينات ظهر في نحو عشرين فيلماً؛ أي بمعدل فيلمين كل سنة. وعبر هذا العدد عرف النوع أيضاً، فإذا به يفوز بثقة مخرجين من أمثال روبرت ردفورد، الذي استعان به سنة 1994 في فيلمه «برنامج حزازير»، واختاره المخرج رتشارد لينكلاتر، بطلاً لسلسلة أفلامه الدرامية «قبل الشروق» (1995). كما لعب بطولة «توقعات عظيمة» (1998)، تحت إدارة المخرج ألفونسو كوارون، وانتقل من أدب تشارلز ديكنز، إلى أدب شكسبير في نسخة سنة 2000 من «هاملت» للإسباني مايكل ألماديا.
وفي العام التالي لهذا الفيلم، رشح للأوسكار عن «يوم التدريب»، بينما تواصلت أعماله تنوعاً وغزارة بعد ذلك وإلى اليوم.
من أعماله «بلايز» و«استوكهولم» و«إصلاح أول»، وكل منها يختلف عن الآخر اختلافاً بعيداً. كذلك حال معظم أفلامه منذ عدة سنوات؛ إذ ينتقل بين البوليسي والخيال العلمي والدراما و«الوسترن»، والبيوجرافي بكل تلقائية وثقة.
وعن هذا التنوع كان السؤال الأول في الحوار مع إيثان هوك.

هل تقصد تنويع الأدوار على نحو ملحوظ كما هو الحال الآن، أم أنك تقبل بكل ما يروق لك بصرف النظر عن نوعه وتصنيفه؟

- هذا سؤال شائك؛ لأنني من ناحية أحب التنويع ولا أرفضه. على العكس، لا أنوي أن أمثل دورين متشابهين في حياتي.
لا أحد يريد أن يعيد سيرة الممثلين في الأربعينات والخمسينات، حين كان لزاماً على الممثل أن يظهر في الدور ذاته أكثر من مرّة. عنوان الفيلم يتغير، لكن الممثل يبقى ضمن الشخصية التي استقطبت النجاح أول مرة. من ناحية ثانية، لا أقصد التنويع على حساب القيمة، وإلا كنت اكتفيت بما يعرض عليّ من دون النظر إلى قيمته. وفي الواقع أتحمس للأدوار قبل النوع؛ بل تستطيع أن تقول إن النوع ليس نقطة جذب إلا في حالات محدودة.

هل من بين هذه الحالات اشتراكك في النسخة الجديدة من «السبعة الرائعون»؟

- هذا ليس أول فيلم «وسترن» لي، لكن نعم. أحب هذا النوع من الأفلام؛ لكونه يحمل في طياته التاريخ واللغز الناتج عن معايشة عالم مضى، لن نستطيع الحفاظ عليه إلا عبر أفلام جيدة. و«الرائعون السبعة» كان أكثر من مجرد إعادة صنع للفيلم الذي أنتجته «هوليوود» في الستينات مع ستيف ماكوين، وجيمس كوبرن، ويول براينر في البطولة.
كان فيلماً جديداً تماماً لا علاقة له بالسابق إلا من حيث القصّة، لكن الشخصيات مختلفة والإخراج مختلف، وشخصية كل واحد من هؤلاء السبعة الذين يحاربون دفاعاً عن القرية المسكينة مختلفة.

هل شاهدت فيلم أكيرا كوروساوا «الساموراي السبعة» الذي اقتبس فيلم «1960» والفيلم الذي قدمته عنه؟

- نعم. شاهدته حتى من قبل التفكير في إعادة صنع الفيلم نفسه. فيلم رائع لكن اقتباسه كما هو لن يخدم الحقيقة؛ لأن الساموراي وفنون القتال الشرقية الأخرى، جزء محفور في ثقافة اليابانيين.

بعض الفروق أن أبطال «الساموراي السبعة» استخدموا السلاح المتاح لهم وهو السيف والنبال. هل أنت مع الحد من انتشار السلاح الناري في الولايات المتحدة؟

- نعم. كلياً. هناك طن من الأفلام التي تنص على معارك بالأسلحة النارية من المسدس إلى المدفع والطائرة، وأي سلاح تريد. هذا عنف يتوالى على شاشاتنا على نحو دائم. وهذا ليس بسبب موجة حديثة، بل هو حال «هوليوود» من الأساس.

وأنت مثّلت عدداً من هذه الأفلام العنيفة؟

- بطبيعة الحال، في الواقع الأفلام التي مثلتها وصوّرتني مسلحاً يقاتل الأشرار أو الأعداء، هي أكثر من تلك التي صوّرتني في أدوار درامية بلا سلاح مثل «إصلاح أول». إنه تقليد دائم وشاركت به تحت مبررات كثيرة، من بينها أن الأجور ذاتها ترتفع في الأفلام البوليسية التي تنتجها شركات «هوليوود»، وتنخفض إلى حد كبير بالنسبة للأفلام الدرامية والنوعية، التي تقدم عليها شركات مستقلة.

هل تعتقد أن الأفلام العنيفة لها تأثيرها على المشاهدين، وأن هذا مسؤول عن العنف المتفشي في مجتمعاتنا؟

- لا أرى ذلك ممكناً. بالطبع هناك من يقلد نتيجة إعجابه بمشهد ما، مثل المشهد الذي رأينا فيه روبرت دي نيرو، يجرب لعبة «الروليت الروسية» في فيلم «صائد الغزلان». وأعتقد أن حالات انتحار تمت بهذه الوسيلة بالفعل، لكن كم حالة؟ ثلاث أو أربع؟ ماذا عن عشرات الملايين الآخرين الذين شاهدوا الفيلم نفسه وأي فيلم عنيف آخر؟

هل جرّبت تقليد ممثل معين؟

- ليس على الشاشة، لكن في شبابي شاهدت جيمس دين، والسيجارة في فمه، وكان ذلك سبباً في أن أصبحت مدخناً.

تنوّع

الصورة التي جسدتها بين الجمهور هي صورتك كممثل درامي جيد، وليس كرجل بوليس أو بطل مسلح.

كيف ترى ذلك؟

- أراه عجيباً إلى حد، لكنك مصيب بالفعل.

أكره السلاح والعنف لكن ربما مرد ذلك إلى أن الأفلام المستقلة التي قمت بها نالت نجاحاً جيداً.

مثل ماذا؟

- مثل «قبل الغروب» والجزأين اللاحقين «قبل الشروق»، و«قبل منتصف الليل»، ثم «بويهود» و«هاملت»، لكني أريد أن أوضح أن النجاح لا يتمثل فقط في الأرقام الكبيرة. ولا واحد من هذه الأفلام التي ذكرت أنجز أكثر من بضعة ملايين من الإيرادات، لكن النجاح هو الأثر الذي يتركه فيلم من هذا النوع، بين مشاهديه المعنيين بالموضوع، والنوعية والاختلاف عن السائد.

ماذا عن الأفلام الثمانية التي مثلتها حتى الآن تحت إدارة لينكلاتر؟ ما رأيك بها؟

- من بين أفضل ما مثلت وأفضل ما شاهدت من أفلام ذات نوعية فنية. وإذا كنت تقصد أنها مختلفة فهي مختلفة فعلاً. مثلت معه ثمانية أفلام بالفعل، وأحد الأسباب في ذلك، أنني معجب بأعماله التي تتحاشى العنف والعري. هذا ليس منتشراً بين المخرجين الآخرين، لكنه يمكن له أن ينتشر إذا ما أصر هؤلاء على الابتعاد عن مثل هذه المشاهد.

أفلامه تحمل مضامين تدعو للتفكير في عالمنا. لكن هل بوسع كل المخرجين أن يلتزموا بهذا الاتجاه؟

- لا أعتقد. ليس المطلوب من المخرج أن يطرح قضايا سياسية، لكن السياسة تدخل في صميم العمل. ثلاثية لينكلاتر التي مثلتها مع جولي دلبي، سياسية، رغم أن السياسة هي آخر ما يمكن ملاحظته في ذلك النص. إنها عن عالمنا الذي نعيش فيه، والظروف المختلفة التي تفرض علينا الابتعاد عما نريد، والإقبال على معايشة اختيارات في الحياة لم يكن وارداً عندما كنت تخطط لمستقبلك وأنت شاب.
هذا التمايز بين أفلامك موجود بين أعمالك الأخيرة بوضوح. مثلاً «بلايز» هو سيرة حياة المغني بلايز فولي.. (مقاطعاً)، لكنني لا أمثل فيه. أخرجته فقط.
- «استوكهولم» هو دراما بوليسية، بينما «إصلاح أول» دراما تؤدي فيه دور راهب تسكنه الشكوك. وقبل ذلك «24 ساعة للبقاء حياً» فيلم أكشن. لكن دعني أعود إلى «السبعة الرائعون» قليلاً لأقول، إنه جاء مختلفاً عن نسخة «1960» بصورة لافتة.
هذا طبيعي وليس استنساخاً، لكن التنويع في اعتقادي هو ميزة العمل كممثل. أنت في فيلم «وسترن» هنا، وفي دراما تقع في الزمن الحالي. بعد ذلك أنت في فيلم خيال علمي أو عاطفي «مودي». هذا شغل الممثل. «الرائعون السبعة» كان ترفيهاً جيداً بالنسبة لي، وهو فيلمي الأول ك«وسترن».

ماذا عن فيلم «ذ كيد» في ظل إنتاج الكثير جداً من الأفلام التي تناولت هاتين الشخصيّتين الحقيقيتين في الغرب الأمريكي؟ ما الجديد في هذا الفيلم؟

- صحيح. هناك ربما مئة فيلم أو أكثر، لكن بالنسبة لي هناك مكان للإضافة؛ لأن معظم ما شاهدته من تلك الأفلام كان استغلالاً للشخصيتين وللأحداث، أكثر منه معايشة للواقع.
أحب نوع «الوسترن» ولا مانع عندي مطلقاً من العودة إلى تمثيل هذا النوع من الأفلام، كلما سنحت الفرصة.

في فيلمك الجديد الآخر «إصلاح أول»، تؤدي دور الراهب الذي يواجه أزمة ليكتشف أن المشكلة ليست عدم الإيمان؛ بل في كيفية تطبيقه. هل هذا هو اعتقادك الخاص؟

- الأب تولر صادق مع نفسه ومع الآخرين، لكن مشكلته كما أراها هي أنه يحارب وحده وليس هناك من يؤازره.
مطلوب منه الكثير وعندما يخفق في تأمين ذلك، ليس هناك من يتحمل المسؤولية عداه. شخصية معقدة بالفعل؛ لأنها في الوقت ذاته تربط خلو الكنيسة من المصلين، بما يحدث كذلك في البيئة ومن حولنا.

على ذكر البيئة. هل تفكر شخصياً بما يحدث لكوكبنا هذا من متغيرات مناخية؟

- طبعاً. والمؤسف أن الفيلم لا يغالي. لكنه ليس المناخ وحده الذي علينا أن نشعر بالخوف حياله، بل كذلك ما يحدث في كل جوانب الحياة من حولنا. المسألة عندي ليست مسألة دينية؛ بل أخلاقية في المقام الأول. المشاكل القائمة حولنا هنا في أوروبا، عندكم في الشرق الأوسط وفي أنحاء مختلفة، ناتجة عن فقدان التوازن الاقتصادي ما جعل العديدين يلجأون إلى العنف.
عندنا في أمريكا، العصابات هي عمل تجاري قائم بذاته. الحروب هي كذلك أيضاً. المسألة هي تداعي الأخلاقيات بتداعي أحلام العيش الرغيد. قد تقول لي: الخير والشر يتصارعان منذ فجر التاريخ، لكن هذا الصراع لم يكن دموياً إلى هذا الحد.

ماذا عن أسلوبك كمخرج وقد انتقلت الآن إلى الجهة الأخرى من الكاميرا؟

- حقاً لا أدري. حاولت أن أقدم دراما عن حياة المغني بلايز فولي؛ لأنها تستحق في نظري هذا التقديم. عاش حياة رائعة في تقلباتها وصعودها وهبوطها، ووجدت نفسي مهتماً بها منذ أن قرأت سيرته الخاصة.

هل ستكمل مسيرتك في هذا الاتجاه؟

يبدو لي ذلك، لكن من المبكر الإجابة عملياً على هذا السؤال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"