عادي
العالم يتطلّع إلى أسبوع أبوظبي للاستدامة

مساهمة كبيرة للإمارات في إنجاح مؤتمر باريس لتغير المناخ

04:45 صباحا
قراءة 8 دقائق
أبوظبي ــ «الخليج»:

شهد عام 2015 حراكاً عالمياً واتخاذ خطوات عملية إيجابية سعياً للحد من تداعيات تغير المناخ على كافة الصعد المحلية والدولية، حيث أطلقت الأمم المتحدة 17 هدفاً عاماً للتنمية المستدامة وما يقارب 170 هدفاً محدداً لتنظيم خطط التنمية المستدامة في العالم بحلول 2030. ولعل المؤتمر الحادي والعشرين للدول الأطراف المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أو ما يسميه البعض «مؤتمر باريس لتغير المناخ» الذي استمر لمدة أسبوعين في العاصمة الفرنسية باريس، والذي اختتم في 11 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، حيث يعتبر أهم المحطات خلال هذا العام، بل الأهم في العقدين الماضيين، حيث تبلورت نتائج المؤتمرات السابقة مثل «كوبنهاجن2009» و«كانكون 2010» و«ديربان2011» والدوحة2012 وغيرها في اتفاق عالمي ينطبق على جميع الدول.
أشاد قادة العالم بنجاح المؤتمر الذي ترتب عنه اتفاقية يصفها العديد بالتاريخية، حيث شاركت فيه أكثر من 196 دولة، بهدف إبرام اتفاق عالمي يحدد الخطوات العملية الواجب اتخاذها حتى عام 2020 للحد من تداعيات تغير المناخ.
تهدف الاتفاقية التاريخية التي اعتمدتها الدول الأطراف إلى احتواء مقدار ارتفاع درجة حرارة الأرض في أقل من درجتين مئويتين كحد أقصى مع السعي إلى عدم تجاوز الدرجة والنصف مئوية.
واتّسم مؤتمر باريس بأهمية خاصة ميزته عن الدورات السابقة بكونه نقطة البداية لمرحلة جديدة للجهود الدولية الرامية إلى الحد من تداعيات تغير المناخ، حيث قامت كل دولة بتقديم خطة طوعية تتضمن مساهماتها المستهدفة على الصعيد الوطني قبيل انعقاد المؤتمر، وقد قدمت كافة الدول المشاركة، بما فيها دولة الإمارات، تلك المساهمات التي تهدف إلى التصدي لتغير المناخ وخفض الانبعاثات الكربونية.
وحددت المساهمات المستهدفة على الصعيد الوطني الخاصة بدولة الإمارات الخطوط العريضة لخريطة طريق طموحة ترمي إلى خفض الانبعاثات الكربونية من خلال تأمين 24% من احتياجات الكهرباء في الدولة عبر مصادر نظيفة بحلول عام 2021.
وتوضح هذه المساهمات أن دولة الإمارات قد وضعت في قلب استراتيجيتها وأولوياتها مسألة اعتماد منهجية التنوع الاقتصادي، والتزامها بتحقيق التنمية المستدامة التي تعتمد على تسخير المعرفة والابتكار، والنمو الأخضر المستدام لضمان تحقيق الازدهار الاقتصادي والحفاظ على البيئة.

استثمارات طموحة

وقامت دولة الإمارات باستثمارات طموحة عبر إطلاق برنامج لبناء محطات آمنة للطاقة النووية السلمية، إضافة إلى استثمارات مهمة في مجال الطاقة المتجددة، بما في ذلك مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، ومحطة شمس 1 للطاقة الشمسية المركزة، كما تعد دولة الإمارات من كبار المستثمرين عالمياً في محطات الطاقة المتجددة الرائدة من خلال استثماراتها في مشاريع مثل:«مصفوفة لندن» لطاقة الرياح البحرية، وثلاث محطات للطاقة الشمسية المركزة في إسبانيا.
وتشمل المشاريع المبتكرة التي يتم تطويرها في «مصدر»، مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه لطاقة المتجددة، ومعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، برنامجاً تجريبياً رائداً لاختبار وسائل عالية الكفاءة في استهلاك الطاقة لإنتاج مياه الشرب. ويجمع البرنامج بين الطاقة الشمسية وعملية تحلية مياه البحر بتكنولوجيا التناضح العكسي المتطورة، ما قد يوفر حلاً فعالاً لقضايا أمن المياه في دولة الإمارات، كما يجري العمل في بحوث متخصصة لإنتاج الوقود الحيوي والمستدام من النباتات الصحراوية المروية بمياه البحر بالتعاون مع شركاء مثل «بوينج» والاتحاد للطيران.

مشاركة رفيعة

وشاركت دولة الإمارات بوفد رسمي في المؤتمر ترأسه الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر، وزير دولة والمبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ، وضم وفد الدولة ممثلين عن كل من وزارة الخارجية، ووزارة الطاقة، ووزارة البيئة والمياه، والمركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل، والهيئة العامة للطيران المدني، ومجلس دبي الأعلى للطاقة، وهيئة كهرباء ومياه دبي، وشركة أبوظبي الوطنية للبترول «أدنوك»، ومركز دبي المتميز لضبط الكربون، وهيئة البيئة أبوظبي، و«مصدر»، مبادرة أبوظبي للطاقة المتجددة، ومعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا.
وأكد الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر في كلمة دولة الإمارات التي ألقاها في قمة باريس لتغير المناخ، التزام دولة الإمارات بمفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ التي ساهمت في التوصل إلى اتفاق دولي يضمن اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للحد من تداعيات تغير المناخ.
وأوضح أن عوامل نجاح الاتفاقية في تحقيق نتائج عملية يتوقف على اعتماد منهجية مرنة تتيح لجميع الدول، وخاصة البلدان النامية، إمكانية تطوير إجراءاتها بما يتماشى مع أولوياتها الوطنية وظروفها الخاصة، وأنه يتعين أن تلتزم الدول المتقدمة بتعهداتها المتفق عليها خلال السنوات الماضية والمتمثلة بتوفير الدعم المالي للدول النامية، ودعم آليات نقل التكنولوجيا إليها لبناء قدراتها والتكيف مع تداعيات تغير المناخ.

لقاءات محورية

والتقى رئيس الوفد الإماراتي في مؤتمر باريس لتغير المناخ، الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر، بالعديد من قادة الدول والمنظمات الدولية مثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، رئيس الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، على هامش المؤتمر لمناقشة آخر التطورات في جهود الحد من تداعيات تغير المناخ وسبل إنجاح المفاوضات ولتأكيد حرص الإمارات على أن يضطلع المؤتمر بنتائج ناجحة.

اجتماعات وفعاليات

وشارك وفد الدولة في العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى والفعاليات والمنتديات وحلقات النقاش والمحاضرات بهدف دعم جهود تطوير ونشر تكنولوجيا الطاقة النظيفة والتطوير العمراني المستدام والبحث والتطوير وتشجيع الشراكات العالمية وتعزيز دور الشباب وتمكين المرأة في كافة المجالات المتعلقة بشكل رئيسي بالحد من تداعيات تغير المناخ. وكان لجناح الدولة المميز في المعرض المصاحب لمؤتمر باريس لتغير المناخ دور مهم في تسليط الضوء على جهود الدولة في قطاعي الطاقة المتجددة والاستدامة والتعريف بإنجازات الدولة في تلك القطاعات ومساهمتها في تمهيد الطريق نحو مستقبل مستدام.
كما شاركت الإمارات في الجلسة رفيعة المستوى التي عقدت في بداية المؤتمر وضمت 20 دولة، إلى جانب تحالف من القطاع الخاص بقيادة بيل جيتس مؤسس شركة ميكروسوفت، للإعلان عن مبادرة «مهمة الابتكار» التي أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وتهدف إلى مضاعفة الإنفاق على الابتكار في مجال أبحاث وتطوير الطاقة النظيفة في السنوات الخمس القادمة.
وشاركت الدولة أيضاً في مبادرة «التحالف الدولي للطاقة الشمسية» التي كشف عنها رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وضمت مجموعة من الدول الغنية بأشعة الشمس منها الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وكينيا وتشيلي وسيريلانكا، بهدف تشجيع الدول على زيادة إنتاج الطاقة الشمسية ونشر استخداماتها في كافة المجالات. وتعكس مشاركة الدولة في المبادرتين التزامها بدعم المساعي الدولية لتطوير التقنيات النظيفة للحد من تداعيات تغير المناخ وجهودها في تجويل التحديات إلى فرص لتطوير وتسويق تقنيات جديدة تشمل مختلف مجالات الاستدامة في قطاعات الطاقة والمياه والبنية التحتية.
وناقشت دولة الإمارات رؤيتها حول تسريع وتيرة التكنولوجيا والابتكار كحل فاعل للتصدي لتداعيات تغير المناخ خلال يوم الابتكار الذي جرى تنظيمه في إطار خطة عمل ليما باريس بالتعاون بين وكالة الطاقة الدولية على هامش أعمال المؤتمر، حيث ناقش الدكتور ثاني أحمد الزيودي، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» ومدير إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ في وزارة الخارجية، خلال جلسة النقاش التي عقدت تحت عنوان «تعزيز بناء قدرات الابتكار والتمويل في البلدان النامية»، دور الحكومات في المساعدة على إزالة الحواجز وتذليل العقبات أمام التمويل وبناء القدرات.

تمويل الابتكار

كما شارك الرئيس التنفيذي لشركة مصدر الدكتور أحمد عبدالله بالهول في حلقة نقاش بعنوان «تمويل الابتكار للانتقال إلى المستوى التالي»، تحدث فيها عن الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات لنشر تقنيات الطاقة النظيفة داخل الدولة وخارجها، وشاركته حلقة النقاش سيغولين رويال وزيرة البيئة والتنمية المستدامة والطاقة الفرنسية.
كما تمت إقامة فعالية رفيعة المستوى تحت عنوان: «الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط» على هامش مفاوضات الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، استعرضت خلالها وزارة الخارجية الإماراتية وآيرينا التحول الذي يشهده سوق الطاقة المتجددة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع التأكيد على دور التكنولوجيا كأداة فعالة لدعم الجهود المتنامية في المنطقة للتصدي لتغير المناخ.
وضمت الفعالية ممثلين عن أهم شركات تطوير المشاريع وعدد من المسؤولين التنفيذيين في الوكالة وكبار المسؤولين الحكوميين.

شراكات دولية

وانضمت دولة الإمارات إلى عدة شركاء دوليين لاستضافة منتدى «تحفيز مستقبل الطاقة المتجددة» برعاية كل من وزارة الخارجية الإماراتية والمفوضية الأوروبية وآيرينا وشبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن الواحد والعشرين (REN21)، ونقابة الطاقة المتجددة في فرنسا، على هامش المؤتمر بهدف مناقشة الرؤى الرامية إلى تحقيق مستقبل يعزز من استخدام الطاقة المتجددة، حيث قام عدد من الشخصيات الحكومية مثل ميغيل أرياس كانيتي، المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة والمناخ، وعبدالقادر عمارة، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة في المغرب، وجيري براون، حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية، واللورد كلوفر مور، رئيس بلدية سيدني، بتسليط الضوء على الخطط الهادفة إلى تسريع وتيرة الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة. وقام عدد من رواد قطاع الأعمال، بما في ذلك رؤساء تنفيذيين من شركات مثل «مصدر» و«ماركس آند سبنسر» و«فيفتي هيرتز» و«أبيردرولا» بإلقاء الضوء على الابتكارات الواعدة في قطاع الطاقة النظيفة.

ملتقى السيدات للاستدامة

أعلن «ملتقى السيدات للاستدامة والطاقة المتجددة» الذي يعد منصة تتيح للنساء فرصة تبادل الأفكار وبناء المعرفة وتطوير الابتكارات والحلول التجارية في القطاعات التي ترتبط مباشرة بالاستدامة، والذي أقيم تزامناً مع مؤتمر باريس لتغير المناخ، عن إبرام شراكتين استراتيجيتين مع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ومجلس الطاقة العالمي، في خطوة من شأنها أن تعزز دور المرأة في التنمية المستدامة. وركز الملتقى الذي تأسس عبر شراكة بين «مصدر»، وجائزة زايد لطاقة المستقبل، على تمكين المرأة من المساهمة في تطوير حلول فعالة لمستقبل أكثر استدامة.

أسبوع أبوظبي للاستدامة

ستستضيف الإمارات في يناير المقبل «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، وهو الفعالية السنوية التي تجمع نخبة من قادة العالم وصناع القرار والأكاديميين ورواد القطاعين العام والخاص، وتقدم منصة مثالية لدفع وتيرة إجراءات التعامل مع ظاهرة تغير المناخ.

مستقبل جديد للطاقة

استعرضت إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ في وزارة الخارجية الإماراتية التحول الذي تشهده منطقة الخليج اليوم نحو مستقبل جديد للطاقة، وذلك خلال جلسة نقاش أقامها معهد باريس للدراسات السياسية على هامش المؤتمر، وحضرها العديد من طلاب الجامعات الفرنسية الذين تتركز دراساتهم على قضايا الاستدامة والسياسات العامة.
وركزت حلقة النقاش التي حملت عنوان: «منطقة الخليج: من عصر النفط إلى التحول الحيوي والإيكولوجي، ما الذي يحمله المستقبل للمنطقة؟» على الإجراءات التي اتخذتها الدول في منطقة مجلس التعاون الخليجي للحد من تداعيات تغير المناخ ومدى تأثير اتفاق باريس على مستقبل الطاقة.
وتضمنت قائمة المتحدثين كلاً من الدكتور ثاني أحمد الزيودي، و كيت دوريان رئيس دائرة الشرق الأوسط في الوكالة الدولية للطاقة

دعم جهود التطوير والابتكار

يأتي دور الحكومات والمنظمات والقطاعين العام والخاص لدفع وتشجيع الحلول المجدية اقتصادياً التي من شأنها تسريع نمو مشاريع الطاقة المتجددة، وتعزيز تقنيات كفاءة الطاقة، ودعم جهود التطوير والابتكار لتعزيز الاستدامة بهدف تحقيق النتائج المرجوة من الاتفاقية والوصول إلى الغايات المأمولة.
ويأتي «أسبوع أبوظبي للاستدامة» كمحطة من أهم المحطات المستقبلية العالمية والأولى عقب اختتام مؤتمر باريس لتغير المناخ للحفاظ على الزخم الذي حققته اتفاقية باريس التاريخية ومواصلة العمل الجاد للحد من تداعيات تغير المناخ والتكيف معها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"