عادي

«صلح وستفاليا».. أول اتفاقية دبلوماسية في العالم

03:04 صباحا
قراءة دقيقتين

إعداد: عبير حسين

تتوقف ذاكرة اليوم عند محطة استثنائية من معاهدات السلام تجاوز تأثيرها وضع نهاية لحروب مأساوية، لتصبح أول اتفاقية دبلوماسية يعرفها العالم في العصر الحديث، ليصادف مثل هذا اليوم من عام 1648 توقيع صلح وستفاليا، الذي أنهى حروب ثلاثين عاماً الأوروبية، ورسم ولادة قارة أوروبا العصرية المؤلفة من دول ذات سيادة.
بعد سنوات طويلة من الحروب الدينية في أوروبا، اجتمع مندوبون عن الإمبراطور فرديناند الثالث (الإمبراطورية الرومانية)، وممالك فرنسا وإسبانيا والسويد وهولندا، وحكام الولايات الألمانية، وأقروا جملة من المبادئ التي ستحكم العلاقات فيما بينهم، آملين أن تمنع اندلاع حروب جديدة، وأن تجنب القارة ويلات الصراعات الدامية والأحقاد المستمرة، التي دمرت الأخضر واليابس لسنوات طويلة، راح ضحيتها مئات الآف الأبرياء.
كان مبدأ السيادة أول مكاسب صلح وستفاليا، الذي يعني تحديد سلطة الدولة في الانفراد التام بإصدار قراراتها داخل حدود إقليمها، ورفض الخضوع لأية إملاءات خارجية إلا بإرادتها. وعليه تم الاعتراف بأحقية كل دولة في أن تكون سيدة قرارها على أرضها، وأن تنفرد بممارسة سيادتها داخل حدود إقليمها الجغرافي. وارتبط بالمبدأ السابق، الإقرار بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ويعني حق كل دولة في اختيار كافة أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحرية دونما تدخل من أي قوى خارجية، وارتبطت العلاقات الدولية بهذا المبدأ من وقتها، حتى نص عليه صراحة ميثاق الأمم المتحدة عند نشأتها بعد الحرب العالمية الثانية 1945، إضافة إلى ذلك أقر الصلح مبدأ «الولاء القومي»، وقصد به أن يكون ولاء الأفراد والشعوب للدولة وليس للكنيسة، واعتبر المجتمعون في وستفاليا، أن هذا الفصل بين الدين والدولة، سيكون أفضل الحلول دون اندلاع حرب دينية جديدة.
وكعادة معاهدات السلام عبر التاريخ، استفادت أطراف على حساب الأخرى، فخرجت فرنسا من صلح ويستفاليا قوة عظمى، ‏وحازت هولندا وسويسرا الاستقلال.‏ وانعكست أغلب سلبيات المعاهدة على المقاطعات الألمانية التي دمرت الحرب العديد منها. وبدلاً من أن تتوحد هذه الإمارات في أمة واحدة، ‏بقيت مقسمة كما كانت، ‏وزاد الأمر سوء بوضع بعض مناطق ألمانيا، تحت سيطرة حكام أجانب، ‏وكذلك أجزاء من الأنهر الألمانية الرئيسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"