عادي
يستلهم عوالم الطفولة في مجموعته "قلوب من ذهب"

عبدالرضا السجواني: القيم الإنسانية تغيب عن ممارستنا

00:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة كتاب قلوب من ذهب للكاتب الإماراتي عبد الرضا السجواني وهو المجموعة القصصية السابعة له بعد مجموعاته ذلك الزمان ،1978 وزلة العذارى،1981 والرفض ،1992 وانحدار ،2001 وهتاف الشمس ،2001 وأشرعة الليل ،2003 والسجواني واحد من رواد الحركة القصصية في الإمارات، وهو حاصل على بكالوريوس اللغة العربية في جامعة الإمارات، وعضو مؤسس في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وحاصل على جائزة غانم غباش للقصة القصيرة .

في مجموعته الجديدة يبدو السجواني مسكونا بهاجس القيم الأخلاقية ملحاً عليها، مجذراً لعالمه القصصي في أرضيتها، فتكاد تكون قصص المجموعة الأربع عشرة مخصصة لتلك القيم، ففي القصة التي افتتح بها المجموعة والتي في قصة قلوب من ذهب يطرح ذلك الرجل الكريم جانبا كل ماضي غريمه الصلد، ويمحو من ذهنه كل إساءاته له، ويخترق دروب الحي مع خيوط الفجر الأولى مسرعا كي لا يسبقه أحد إليه، بعد أن علم أن الصلد طرح بيته للبيع، ورغم جفائه، وسوء استقباله له، إلا أن الرجل ينفذ المهمة التي جاء من أجلها فيعطي غريمه ثمن المنزل كاملا، ويبلغه أنه يترك له المنزل، ولا يريد منه أي مقابل عن المال، ويغادره والغريم على باب منزله حيران، لا يعرف ما ذا يقول، لقد كان طيلة حياته يكره ذلك الرجل، ولم يترك فرصة للإساءة إليه وإهانته إلا واستغلها، فما الذي يدفعه الآن لأن يعامله بهذه الأريحية والسخاء؟ وتنتهي القصة على تلك الوقفة، للفت انتباه القارئ إلى تلك القيمة، وإلى ضرورة التسامح ومحو الحقد من القلب .

ولا تبتعد قصة رؤى معتمة عن نفس الاتجاه نفسه فهي تتبع خطى رجل يحمل على ظهر أكياساً ملأى بالمؤونة، ويدور على البيوت الواطئة في الظلام، يطرق أبوابها وكلما فتح له باب ألقى بأحد الأكياس في الداخل، ورغم تتبع الشمرمر الشرير له وتهديده إياه، فإنه لا يتوقف عن عمله في إسعاف أولئك الفقراء بما يحتاجونه .

ونفس الموضوعات الأخلاقية تتكرر من زوايا أخرى كالتآلف والتعاون بين أبناء الحي، والحب الأبوي وغيرها في قصص مثل محراق ووجوه بين الأحجار وفرحة رمضان وغيرها .

عن هذا الاتجاه في الكتابة يقول السجواني: أنا دؤوب على القراءة ومن واقع قراءاتي القصصية ألاحظ أن المواضيع عند الكثير من الكتاب مكررة خصوصا قضايا المرأة، وحين أنظر إلى حياتنا، أجد أن القيم الأخلاقية والإنسانية غابت في كثير من ممارساتنا، وأن الحياة التي نحياها أصبحت جافة، وأستغرب لماذا لا يهتم الكتاب بهذا الجانب، لذلك تجدني ألح عليه كثيراً .

لقد انقلبت حياتنا رأساً على عقب، وذهب ذلك اليوم الذي كان فيه الرجل يدور صباحا على كل بيوت الحي يتفقد أحوال أهلها، حتى إذا وجد من يحتاج لمعونة أعانه، وكانت فيه المرأة تعلم أبناءها الأخلاق، وكان الناس يرتبطون بأواصر محبة كبيرة، وأنا اليوم أتساءل: ما الذي حدث؟ ما الذي تغير فينا، وهل كل هذا الجفاء، والمقاطعة والأنانية هي من صنع المدنية الحديثة أم أننا للأسف تخلينا بمحض إرادتنا عن تلك القيم؟

ويضيف السجواني: حين أكتب أتخيل ذلك العالم القديم ببيوته القديمة، في المريجة في الشارقة التي تربيت فيها، بما فيها من تآلف وحب، وأحاول أن أستعيد ذلك العالم عبر التخييل، والوصف، لأقرب القارئ، وخاصة الشباب من ذلك العالم، وأجعلهم يعيشونه في وجدانهم ويتمثلونه في أخلاقهم وحياتهم، لأن ذلك هو أصلنا، وذاتنا التي لا قيمة لنا من دونها، هذا هو أكثر ما يشغلني اليوم، وأظن أنه أيضا ما ينبغي أن يشغل كل كاتب، غيور على مجتمعه وهويته .

ويتابع السجواني: سيجد القارئ أن العالم القصصي في مجموعة قلوب من ذهب، هو عالم الحي القديم وناسه، وهو كما أسلفت لمناسبة الموضوع الذي أكتب عنه، كما أن الكاتب لكي يصل إلى الصدق الفني المطلوب عليه أن يكتب، عن تجاربه، والعوالم التي خبرها وعرفها معرفة حقيقية، وأكثر العوالم اختمار في عقل الإنسان هو عالم الطفولة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"