عادي
أدوار متغيرة ترتبط بتطوير المجتمع

صورة المرأة في الرواية الإماراتية

05:30 صباحا
قراءة 3 دقائق
تتناول الرواية الإماراتية المرأة ومكانتها في المجتمع كقضية أساسية تبرز من خلالها الفوارق بينها وبين والرجل، وتحاول معالجتها في ضوء ما تقاسيه المرأة وتعانيه، وتصوّرها غالباً في صورة المغلوبة على أمرها، الضعيفة، المغبونة، وذلك من خلال بعض الثيمات التي تبرز البون الشاسع بين الجنسين الذكوري والأنثوي، وتظهر تحكّم الأول وسيطرته على الثاني .

تقدّم الرواية النسوية الإماراتية تلك الصور، في أوضح تجلياتها تعبيراً عن ذلك الهاجس المقلق والتناقض الصارخ بين الماضي وروح العصر الذي أضفى مسحة تحديثية على حياة المرأة .

ترى الروائية أسماء الزرعوني أن الصورة التي تتردد في الرواية الإماراتية، خاصة النسوية عن المرأة كانت دائماً تصوّرها على أنها مهمشة ومقصية ومستبعدة، وهي انعكاس لواقع المجتمع في مرحلة من المراحل، حيث كان المجتمع، يرفض أي نوع من أنواع المشاركة والحضور للمرأة في واقع الحياة، لكن هذه النظرة لم تعد قائمة الآن، بل تغيرت كثيرا عما كانت عليه في الماضي، فلم يعد ثمة اضطهاد أو كبت أو اقصاء، وتغير دور المرأة في المجتمع وتطور كثيراً وأصبحت عنصراً فاعلاً فيه .

وتؤكد الزرعوني الحضور اللافت للمرأة في الرواية الإماراتية خلال الآونة الأخيرة، وتمثّل لذاتها، وحديث عن وجودها ودورها تزامناً مع تطور المجتمع والعصر، وهذا ما يتضح في روايتي شارع المحاكم التي يغلب عليها الحديث عن المرأة وهمومها، وحضورها القوي والمهم في الحياة، لكن هذا لا يمنع من القول إن هناك بعض الروايات لا تزال تصف المرأة وتصورها على أنها ضعيفة ومهمشة وربما تنطبق هذه الصورة على المرأة في مرحلة ما قبل اكتشاف النفط .

وتتفق الروائية فتيحة النمر مع الزرعوني في التأكيد على الصورة النمطية المتداولة في الرواية الإماراتية عن المرأة وحضورها في المجتمع، لكنها تميل إلى أن هذه الصورة التي تحمل معاني القسوة والظلم والغبن منبثقة في الأساس من صميم المجتمع العربي، وكانت ملازمة له حيناً من الزمن، لكن نظرة المجتمع الإماراتي إلى المرأة تغيرت كثيراً مقارنة مع الماضي، فلم تعد هناك فوارق كبيرة بين المرأة والرجل، وإن كانت بعض الروايات لا تزال تغازل المواضيع القديمة التي تعالج صنوف العجز وتبرز صور القصور والتحامل على المرأة وتغييبها من الواقع .

وتؤكد النمر على أن صورة المرأة اليوم باتت أكثر تناسقاً مع واقعها الذي تعيشه في مجتمع أصبح أكثر انفتاحاً، فصورة الضعف والعجز ربما تلاشت قليلا لتبرز صور المرأة القوية .

ولا تبعد الروائية وفاء العميمي كثيراً عما ذهبت إليه النمر والزرعوني، فهي ترى أن المجتمع ظل حبيس نظرته الدونية والقاصرة للمرأة فترة من الزمن، فلم يكن يرى فيها أهلية للاستقلال بذاتها بعيداً عن معية الرجل وسلطته، ولعل هذا ما يبرز بشكل واضح في روايتي راعي غوالي، حيث ركزت فيها على رصد بعض الهموم التي عانتها المرأة في مجتمعها، والمشكلات التي كانت تعترضها بين الفينة والأخرى من خلال البطلة أماني التي لم توفق في زواجها الأول، كما يؤول زواجها الثاني إلى الفشل بسبب تدخّل الوشاة . ولم تغفل العميمي الحديث عن وضع المرأة المطلقة ونظرة المجتمع لها وما يثار حولها من قضايا تجعلها تتجرع كأس المرارة بصمت مدمر يحيل كل أحاسيس الحب والفرحة إلى مشاعر ممزوجة بالظلم والقهر حيال زوجها الذي أذاقها الأمرين .

ويذهب الناقد الدكتور سمر الفيصل إلى أن طغيان العنصر النسوي على الرواية الإماراتية جعلها ترصد بعض هموم المرأة وما تعانيه في مجتمعها، لذلك كانت صورة المرأة حاضرة بقوة في السرد الروائي الإماراتي بقضاياها وهمومها، وإن كان تمثّل واقعها وموقف المجتمع منها ظل في اطراد مستمر، وظلت حيناً من الزمن تناقش حالة الضعف والكبت والتهميش وتمرد الزوجات في بحثهن عن السعادة الذي يؤول بهن إلى الطلاق وبعض القضايا الأخرى كما في روايتي فتيحة النمر للقمر وجه آخر، والسقوط إلى أعلى .

ويؤكد الفيصل على أن تمثّل صورة المرأة يختلف من رواية إلى أخرى، فتباين المستويات الاقتصادية والاجتماعية بين الرجل والمرأة يظهر جلياً في رواية رائحة الزنجبيل لصالحة غابش .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"