عادي
ضمير إنساني ومهني يعتز بها مجتمع الإمارات

النزاهة الوظيفية.. تكبح العدوان على المال العام

05:36 صباحا
قراءة 14 دقيقة
تحقيق: محمد علاء ودانا شعبان

يعتز مجتمع الإمارات بالقيم الإيجابية والأخلاقية والنزاهة والعدالة والمصداقية والشفافية، والأمانة الوظيفية، والتصدي لكل الأشكال الإجرامية، التي قد تؤثر في تلك القيم والأخلاق، إلا أن بعض الأفراد في مختلف المواقع، قد يخرجون عن هذه القيم في تفاصيل حياتهم اليومية؛ بالذات العملية منها، فيجدون أنفسهم في قبضة القانون؛ نتيجة الرقابة الدقيقة والصارمة، التي تُمارس من قبل الأجهزة المختصة وعلى رأسها ديوان المحاسبة.
وتعد النزاهة الوظيفية من السلوكات الأخلاقية التي يتصف بها الموظفون؛ حيث يجب على الموظف أن يتبع السلوكات الأخلاقية؛ للقيام بأداء الواجبات الوظيفية بأمانة أثناء عمله الوظيفي، فلا يتهرب من القيام بواجباته، كما أن الإنسان النزيه يؤدي واجبه حتى ولو لم يوجد أي نظام رقابي يحاسبه، باعتبار أن النزاهة قيمة معنوية ذات أثر مادي تسكن شعور الفرد، وتجعله يفعل الصواب، ولو لم يراقبه أحد؛ لأن رقابته لنفسه ذاتية، وهذه القيمة المعنوية، يستمدها الفرد من دينه وفضائل مجتمعه وبيئة معيشته وتعامله اليومي.
البداية كانت في ديوان المحاسبة، الذي أكد ل«الخليج»، أن النزاهة هي قيمة معنوية ذات أثر مادي تسكن شعور الفرد، وتجعله يفعل الصواب ولو لم يراقبه أحد؛ لأن رقابته لنفسه ذاتية، وهذه القيمة المعنوية يستمدها الفرد من دينه وفضائل مجتمعه وبيئة معيشته وتعامله اليومي.
وقال الديوان: يكمن دور الديوان في تعزيز النزاهة الوظيفية في مختلف الوزارات والمؤسسات الاتحادية، وفي إعلاء الموظف المصلحة العامة، وتغليبها على ما سواها من مصالح أخرى سواء كانت مصلحته الشخصية أو مصالح الآخرين غير النظامية أو المقننة، ومتى غابت تلك القيمة؛ استشرت السلوكات والممارسات الخاطئة وجرائم العدوان على المال العام؛ مثل: إساءة استعمال السلطة، والاختلاس، والرشوة، والمحسوبيات، وتغليب المصالح الشخصية على المصالح العامة، وغيرها، فتنخر في مؤسسات الدولة شيئاً فشيئاً حتى تقوض المصالح العامة، وفي الوقت نفسه على صعيد متوازٍ لهذا الأمر، تلعب الُأطر التشريعية والأنظمة المتبعة في الدولة، وبخاصة الرقابية منها مانعاً ورادعاً مهماً لتلك الممارسات والجرائم عن طريق التدابير الوقائية؛ والآليات الفعّالة في هذا الشأن؛ مثل: الحوكمة وما تتطلبه من مبادئ الشفافية والمساءلة، ووجود منظومة متكاملة؛ لمكافحة الفساد ومناهضة التصرفات الخارجة عن القانون، إذا غابت النزاهة.

تحديات

وعن التحديات التي تواجه تحقيق النزاهة الوظيفية، أوضح ديوان المحاسبة، أن هنالك بوجه عام عدة تحديات، إلا أن أهم تلك التحديات، التي تواجه تحقيق النزاهة الوظيفية هو: عدم اتباع، وعدم التقيد بالأُطر والنُظم التشريعية المقررة بشأن إدارة واستخدام الأموال العامة؛ وعدم وجود سياسة للإفصاح، أو وجود تلك السياسة منقوصة، أو غير مكتملة، أو وجودها مكتملة من دون تفعيل، أو الغموض وعدم الشفافية، وعدم إتاحة المعلومات من خلال الاستثمار الأمثل لأنظمة تقنية المعلومات، وتهميش دور أجهزة الرقابة، سواء بتقليص اختصاصاتها، أو زيادة الاستثناءات من نطاق رقابتها، أو عدم توفير الوسائل والضمانات اللازمة لمباشرة اختصاصاتها، والحد من مبدأ المساءلة.
وعن علامات غياب النزاهة الوظيفية، أشار ديوان المحاسبة إلى أن هناك مؤشرات يمكن من خلالها استقراء غياب النزاهة الوظيفية؛ منها: تضارب المصالح؛ وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، وغياب الوعي والثقافة المؤسسية؛ والابتعاد عن تطبيق السياسات والإجراءات المقررة لمكافحة الفساد، وضعف الحوكمة وقصور الأنظمة والتشريعات، وكثرة معدلات جرائم الرشوة والعدوان على المال العام، وغياب أو ضعف الرقابة الداخلية.

شوائب الفساد

من جانبه، أكد العقيد مطر معضد المهيري، مدير إدارة مكافحة الفساد في قطاع شؤون القيادة بشرطة أبوظبي، أن كل موظف سواء في القطاع العام، أو الخاص، يعد مؤتمناً على وظيفته، وعليه أن يكون نزيهاً وظيفياً، ويجب عليه أداء عمله وفقاً للقانون والإجراءات المتبعة، مشيراً إلى أن الإخلال بذلك يؤدي إلى ظهور شوائب الفساد التي قد تلحق ضرراًَ بقيم المجتمع الأخلاقية.
ولفت إلى أن إدارة مكافحة الفساد تضم ثلاثة أقسام ضمن هيكلها؛ وهي: العمليات وتقوم بالمكافحة؛ ووقاية الفساد وتقوم بمراجعة الإجراءات والتثقيف الداخلي وتعديل الإجراءات ورصد الثغرات الإلكترونية؛ والتعاون والعلاقات العامة المسؤولة عن المحاضرات والتوعية الإعلامية وكيفية نشر قضية ما بحيث تكون ذات مردود وقائي وإيجابي للجمهور لمكافحة الجريمة.
وأوضح: إن التعليم والإعلام من أولويات الإدارة في نشر قيم النزاهة الوظيفية، كما أنهما يلعبان دوراً رئيسياً في نهج عمل الإدارة، وقال: إن الإدارة قطعت شوطاً كبيراً في هذه المسألة؛ بوضع فصل كامل عن النزاهة الوظيفية في مادة التربية الأخلاقية، بالتعاون مع مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي.

المصداقية

وأكد حرص شرطة أبوظبي على إيجاد بيئة خالية من الفساد، بالتعاون مع المؤسسات، في تعزيز القيم والسلوكات الإيجابية؛ عبر ترسيخ القيم الإيجابية والأخلاقية، التي يعتز بها المجتمع في الاهتمام بالنزاهة والعدالة والمصداقية والشفافية والأمانة الوظيفية، والتصدّي لكل الأشكال الإجرامية، التي تتضمن: الاختلاس والإضرار بالمال العام، واستغلال الوظيفة، وإساءة استعمال السلطة.
وأشار إلى أهمية الحملات التي تستهدف القطاعات الحكومية والخاصة؛ بغية تعزيز القيم الوظيفية الإيجابية في مجتمعنا؛ من خلال المحافظة على المال العام، والبعد عن الكسب غير المشروع، وعدم استغلال الوظيفة أو السلطة لمنافع شخصية، وعدم التهاون في تطبيق الأنظمة، التي تكرّس سبل مكافحة الفساد.
ولفت إلى أهمية دور أجهزة الرقابة؛ إذ يعد دورها حيوياً ومهماً في ضبط النزاهة الوظيفية، وغيابها يؤدي إلى خلل، ومن ثم ظهور الفساد، مضيفاً، أنه حتى إذا كانت الأجهزة الرقابية موجودة، ولكن في مكان غير مكانها، أو يقودها شخص غير نزيه، فإنها ستصبح بيئة فاسدة تسهم في تفاقم وإخلال النزاهة الوظيفية في المجتمع.
وأوضح: كلما كانت الخدمات المقدمة للجمهور في جميع المجالات إلكترونية، فإنها ستزيد نسبة شفافيتها، وستقل نسب الأخطاء والتجاوزات واستغلال النفوذ في تخليص المعاملات.

ضبط المرتشين

وأوضح: إن نشر قضايا ضبط المرتشين، يأتي اتساقاً مع مبدأ الشفافية في التعامل مع وسائل الإعلام؛ من خلال كشف الأخبار المتعلقة بأي فساد مالي وإداري في صفوف العاملين أو المُعارين في الجهات الحكومية؛ ليكونوا عبرة لغيرهم من ضعاف النفوس، أو كل من يسوّل له هواه خرق القانون.
وذكر أن القيادة الشرطية، تسعى دائماً إلى تعزيز قيم النزاهة الوظيفية، وتحصين المجتمع من قضايا الفساد؛ عبر تنظيم حملات تعزز مواجهة الفساد، وتركز على رفع مستوى الوعي لدى العاملين في المؤسسات كافة؛ من خلال تحصين أنفسهم من الوقوع في شبهات الفساد، ووضع آليات عمل فعّالة ووقائية، إضافة إلى وضع الخطط الاستراتيجية الرادعة؛ لمنع حدوثها، إلى جانب تأهيل وتدريب عناصر الشرطة، وإعدادهم وفقاً لأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في الارتقاء والتميّز بالعمل الشرطي.
وأكد أنه وعلى الرغم من وجود عشرات الجنسيات في الدولة، ورغم التحديات التي تواجه الأجهزة الشرطية والأمنية؛ نظراً لتعدد الثقافات والجنسيات، إلا أنها تعمل بفاعلية قصوى، وتحقق دوماً أعلى درجات الأمان، حتى باتت دولة الإمارات من بين الدول الأكثر أمناً.

الموظف الإيجابي

التقت «الخليج» مع مسؤولين وموظفين عدة، للحديث عن النزاهة الوظيفية، ولمعرفة أسبابها، وسبل غرسها في نفوس الموظفين، وما القصص التي يتعرض لها الموظفون بشكل عام.
الدكتور حبيب غلوم العطار، المستشار الثقافي في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، قال: إن موضوع النزاهة الوظيفية يرتبط بشكل خاص داخل المؤسسة، وليس هناك أي علاقة للتربية الأسرية ولا للمدرسة، كما أن المؤسسة الوظيفية تخلق الموظف النزيه من طريقة تعاملها، سواء كان من بيئة مختلفة، ولم يكن يمتلك ثقافة أو عطاء وانتماء؛ إذ يجب على المؤسسات أن تركز عليها.
وأكد أهمية دور المؤسسة في تحويل الموظف السلبي إلى الموظف الإيجابي؛ حيث لا يستطيع الإنسان أن يعطي من غير أن يأخذ، ولهذا يعتبر من نسج الخيال أن أعطي للمؤسسة من غير أن أخذ منها، موضحاً أنه كان يبتعد عن مسألة المال، ودائماً عندما يكون مسؤولاً عن مهرجان أو مشروع ثقافي يطلب أن يكون معه موظف من المالية ليستلم الأمور المالية، وحتى أثناء السفر أيضاً.
وقال: كنت أسمع كثيراً عن قصص السرقة والتحايل والتلاعب من قبل البعض، ومن وجهة نظري أن الوازع الديني مهم، ولكن يجب أن نركز على الوازع الوطني، كما أن تبذير المال العام أشد من السرقة، وخلال حياتي العملية في مختلف المواقع تم عزل أشخاص من أماكنهم لأنهم كانوا يتلاعبون بالمال العام، من المهم الوقاية من هذا الأمر، وأن نحاول أن نتخلص منه رغم وجوده في جميع الدول.

الرقابة الذاتية

وأوضح محمد صالح اليافعي، مندوب علاقات عامة في القطاع الخاص، أن الرقابة الذاتية تبدأ من الأسرة، والضمير الحي والخوف من الله، إذ إن الوازع الديني والأخلاقي لهما دور كبير، قائلاً تعرضت في الوظيفة السابقة لنقل كلام غير صحيح عني من قبل أحد الموظفين وعندها صارحت الشخص وحاولت أن أحتوي الموضوع، حيث طلبت منه أن نتعامل سوياً كفريق، بينما أعرف شخصاً أنه يخرج أسرار الشركة ويعطيها لموظفين آخرين ولشركات أخرى، فقامت الشركة التي يعمل فيها بفصلة من دون سابق إنذار، أو حتى التحقيق معه والتأكد من هذا الأمر رغم عمله معهم منذ 3 سنوات، وكان من الأفضل التحقيق معه والتأكد من صحة المعلومات قبل فصله.
وقال ناصر مبارك، اختصاصي نفسي سريري، يصبح الإنسان نزيهاً في التعامل مع الموظفين بكيفية بناء العلاقات الاجتماعية في العمل، عندما كنت موظفاً جديداً كنت متحمساً للعمل كثيراً، وهذا ما جعل بعض الموظفين يخافون من أن أتطور وظيفياً، فصار هناك نقل كلام للمدير، ولكني أصبحت آخذ الموضوع بعقلانية وحاولت أن أبرهن بأني إنسان طموح، وأريد تطوير نفسي، وهذه المرحلة كانت صعبة جداً وأثرت في نفسيتي، ولكن بعد سنة بدأت أتأقلم في الوظيفة، فتأكدوا من أني أستحق هذه الوظيفة، وأني مناسب لها.

البيت والمدرسة

وقال سلطان محمد الكعبي، طبيب في أحد المستشفيات، في إحدى المرات تعالج مريض عند طبيب معين، فأخبره الطبيب أن الطبيب الآخر الذي ذهب عنده أخطأ في علاجه، ولكن من سلوكات الموظف ألا يخبر الآخرين أن الطبيب أخطأ مع المريض، ولكن يجب أن تقول هناك طرق علاجية أخرى إذا لم يخطئ واستخدم أسلوباً علاجياً آخر، وتبدأ النزاهة من بيئة البيت والمدرسة، وأعتبر أن الأصدقاء يؤثرون بنسبة 90% في الشخص.
أما إسلام عوض مسعود، صيدلي وموظف في إحدى شركات الأدوية، فقال يجب أن يكون هناك سلوك أخلاقي متبع ومطبق في كل شركة، وان يكون عندها تعليمات عن السلوكات الأخلاقية وما هي الانتهاكات غير الأخلاقية التي يجب الابتعاد عنها، وتعتبر مهمة للموظفين وللمساهمين في الشركة، لأن المساهمين قد ينفرون ويبتعدون عن الشركة لوجود انتهاكات أخلاقية غير مرغوب فيها، وفي الشركة التي أعمل فيها قواعد أخلاقية أقوى من المؤسسات والشركات الأخرى، حيث يجب كل سنة أن نأخذ دورات تدريبية مقدمة من الشركة تتحدث عن الفساد والممارسات غير الأخلاقية وكيفية التبليغ عن هذه الممارسات غير الأخلاقية.

صراع المنافسة

وقال راتب شوكت العبادي، ممرض في أحد المستشفيات، إن النزاهة تؤثر في إنتاجية الموظف وإنتاجية العمل، كما أن تأثيراتها تمتد إلى الموظفين في بيئة العمل وإلى العميل المراجع لمكتب معين، أو المستشفى، أو أي مؤسسة أخرى، كما أنها تحرم الموظفين من الترقيات، إذ إن السلوك يولد مع الإنسان، ويبدأ من البيئة البيتية ويعزز من إيجابياته الحضانة والمدرسة والأصدقاء والجامعة والعمل، كما أنه بوجود صراع المنافسة للمحافظة على المقعد حتى لو على حساب الشخص الآخر.
وقالت زهراء حسين الموسوي، باحثة نفسية، الدول بشكل عام لن ترتقي إلا بالنزاهة الوظيفية، وإذا كان الموظفون يقومون بدورهم بشكل جيد فإن الدول تنهض، ويجب أن تنبع النزاهة من الداخل، والنزاهة الوظيفية أصبحت تحكمها ظروف خارج عن إرادتنا، ظروف خارجية.
وقال علي إبراهيم الشحي، تنفيذي رئيسي في وزارة الموارد البشرية والتوطين، يجب الالتزام بحس الخلق وأن يمتلك الشخص صفات الاحترام والطيبة والرقي في التعامل مع من حوله، وصبور على تحمل الكلام المتناقل ومتعاون ومرن، وعند العمل يجب أن يتحمل الشخص الآراء المختلفة، إلا أن هذا الأمر يعتمد على الثقافة والخبرة والبيئة، كما أن المدير لن يطلب المستحيل من الموظفين للقيام بعمله، وعند فهم العمل بطريقة صحيحة فإن الأمور ستزيد المعرفة والخبرة ونزاهة الشخص ستصبح أفضل.

التربية

وقالت وداد أحمد الشملان، إن الحياة المهنية أو العملية تتطلب من الشخص أن يكون لديه بروتوكول في العمل، في حدود وأخلاقيات العمل، والسلوكات تتفرع إلى أكثر من سلوك، مثل سلوك وطريقة، حوار، وأسلوب يجب مراعاته في العمل، وهذه تختلف من جهة لجهة، والنزاهة والالتزام تنبع من تربية الشخص، كما يجب أن تكون وفق أسس صحيحة وسليمة بدءاً من المنزل والمدرسة والمجتمع والجامعة ثم الأصدقاء.
وأشارت إلى أن طبيعة عملها في الإرشاد المهني للشباب المواطنين الذين يلتحقون بالعمل حيث يوجد موظفون جدد، لا يتأقلمون مع العمل والمدير والموظفين، وبالإرشاد نساعدهم على فهم التواصل بشكل جيد وإيجاد نقاط توافق، ونساعدهم أن يقرأوا ويفهموا عن الجنسيات التي يعملون معها من حيث مناسباتهم وأعيادهم حتى يكسروا الحاجز الذي قد يتكون بينهم وبين الزملاء الآخرين.
وقال مصطفى صبحي الصباح، مدير شؤون الطلبة في إحدى الجامعات، سأتحدث عن البيئة الأكاديمية، بالنسبة للعلاقة بين الكادر الأكاديمي والطلبة، إذ إن جميع الطلبة سواسية، ويجب ألا يكون هناك تميز بين الطلبة. بعض الطلبة يتحدثون عن خرق النزاهة الوظيفية عن طريق زيادة علامات لشخص معين، أو التمييز بينهم وبينه.

تحفيز الموظفين

وقال فادي أبو عطية، مدير شؤون الموظفين في إحدى الشركات، إن شركتنا تعمل على تحفيز الموظفين على العمل عن طريق تقديم دورات عدة تساعدهم الآن ومستقبلاً، والتي توضح أيضاً لهم طبيعة النزاهة الوظيفية وأهميتها في العمل، مشيراً إلا أن هذا الأمر لا يردع الموظف عن محاولة استغلال الشركة التي يعمل فيها لمصلحته الشخصية، مثلاً أن يسرق معلومات الشركة ويعطيها إلى شركة أخرى التي تكون مصادفةً لأخيه، أو قريبه، أو أن يسب، ويشتم زملاءه ومديره.
وأضاف تعرضت إحدى الشركات التي كنت أعمل فيها سابقاً إلى السرقة من قبل أحد موظفيها، الذي حاول استغلال منصبه فترة طويلة، إلا أن صاحب الشركة اكتشف أمره وعرضه على القضاء.
وقال سالم أحمد سالم، صاحب إحدى الشركات، الثقة أساس العلاقة بين المدير والموظف، ولابد من وجود الثقة بينهما لنحصل على نتيجة جدية في العمل، مشيراً إلى أنه يثق بموظفيه خاصةً في موضوع الإجازات المرضية.
وأضاف: حينما أشك في موظف ما، لا أتسرع إنما أدرس الموضوع وأحاول معرفة سبب وصول الأمر إلى هذا المستوى، مضيفاً هذا لا يمنع من أني قد أتعرض للسرقة، فقد تعرضت للسرقة مرتين، في إحدى المرات من قبل موظف في الشركة، والأخرى من أحد شركائي، حينها توجهت إلى القضاء لأحصل على حقي.

«صحة»: مطلب أساسي في الطب

أبوظبي: رانيا الغزاوي

أكد الدكتور أنور سلام نائب المدير التنفيذي للخدمات الطبية في شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» أن مهنة الطب تعتمد بشكل أساسي على النزاهة الوظيفية، وأن «صحة» تولي اهتماماً كبيراً لموضوع النزاهة الوظيفية لجميع موظفيها بمن فيهم الكادر الطبي والفني من خلال تنظيم الندوات والاجتماعات وعقد ورش العمل، وغير ذلك من الآليات والأدوات التي من شانها أن تعزز النزاهة الوظيفية.
وقال لابد أن يكون الطبيب على قدر من الأمانة ولا يسمح بحدوث أي تجاوزات في تفاصيل عمله اليومي، بما في ذلك منح المراجعين إجازات مرضية لا يستحقونها، مشيراً إلى انه في شركة «صحة» يوجد تصنيف للأمراض، ولكل حالة عدد معين من أيام الإجازات المرضية، حيث تختلف إجازات العمليات الجراحية عن الإنفلونزا، وعن الإصابات الخطيرة، كإصابات الدماغ أو حوادث السير، وبالنسبة للإجازات طويلة الأمد التي تتعدى 7 أيام فإنه يتم عرضها على لجنة طبية يتكون أعضاؤها من شركة «صحة».
وأوضح أن منشآت «صحة» تتبع آليات معينة في حال إصرار المرضى على أخذ الإجازات من دون وجه حق، أو التمارض، والتحايل على الطبيب، حيث تتم إحالة المريض إلى طبيب آخر من التخصص نفسه، أو تخصص آخر بحسب ما تقتضيه الحالة للتأكد من تشخيص المريض.

محمد المرزوقي: النزيه يؤدي واجبه بلا رقابة

أكد المحامي محمد محمود المرزوقي، أن النزاهة الوظيفية تعتبر من الأخلاقيات والسلوكات التي يتصف بها الموظفون، حيث يجب على الموظف أن يتبع الأخلاقيات والسلوكات للقيام بأداء الواجبات الوظيفة بأمانة أثناء عمله الوظيفي، فلا يتهرب من القيام بواجباته، كما أن الإنسان النزيه يؤدي واجبه حتى إذا لم يوجد نظاماً رقابياً يحاسبه.
وأضاف: تفرض النزاهة الوظيفية على الموظف الابتعاد عما يسيء للشرف والكرامة.. والتحلي بالأخلاق الكريمة وحسن السلوك الوظيفي، والابتعاد عما يدنس مكانته الوظيفة من افتعال وتزوير التقارير الطبية وغيرها، فعلى سبيل المثال بعض الموظفين يلجؤون للتمارض والحصول على إجازات تحت مسمى الإجازات المرضية. وما يقترفه بعض الأطباء في هذا الجانب من افتعال وتزوير لهذه التقارير ليس إلا فعلاً إجرامياً يعاقب عليه قانون العقوبات، ويعتبر جناية يعاقب بسببها العامل أمام المحاكم الجنائية إذا تم اكتشاف جرمه وتصل إلى الإبعاد عن الدولة، وأرى في حل تلك الأفعال التي يقوم بها هؤلاء أن يكون هناك تواصل إلكتروني بين جهة العمل ومستشفيات الدولة لبيان مصداقية التقارير الطبية التي يعتمد عليها العامل في التصريح له بإجازة مرضية.
ولفت إلى أنه قد يرتكب العامل جرماً آخر، بأن يستغل منصبه في الاستيلاء على مبالغ مالية ليست من حقه، أو اشتراط الحصول عليها لإنجاز معاملة ما، وفي حالة ما إذا ارتكب العامل هذا الجرم فإنه يعتبر قد خالف بشكل صريح مواد قانون العقوبات الاتحادي، وقد تصل عقوبته إلى الحبس والإبعاد.

بنسبة زيادة تصل إلى 25%

إقبال قبل الإجازات الرسمية للحصول على «مرضية»

أوضح الدكتور سالم عوض استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد في أبوظبي، أنه على الرغم من الجهود التي تقوم بها دائرة صحة أبوظبي، للحدّ من التلاعب بالإجازات المرضية، مازال هناك أشخاص يتمارضون للحصول على إجازات مرضية، خاصة مع اقتراب الإجازات الرسمية، لافتاً إلى أن نسبة زيادة إقبال المراجعين على المراكز الطبية والمستشفيات، مع اقتراب العطل الرسمية للأعياد تصل إلى 25%.
وأضاف: للأسف تلتصق بكثير من الأطباء في القطاع الخاص سمعة غير جيدة، بما يتعلق بالتراخي في منح الإجازات المرضية، ربما للاعتقاد الراسخ أن منشآت القطاع الخاص قد تحتمل التلاعب بشكل اكبر نظراً لما تقترفه فئة من الأطباء بهذا الخصوص، ما يجلب هذه السمعة لشريحة كبيرة من الأطباء، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أننا في كثير من الأحيان نتعرض إلى الجدال المطول الذي يتطور غالباً إلى الاعتداء اللفظي من بعض المرضى، بسبب الامتناع عن إعطائهم إجازات مرضية لكون حالتهم الطبية لا تستحق ذلك، فمنهم من لا يقتنع بما تقره دائرة الصحة معتقداً أن سبب الامتناع شخصي، فما بالنا لو كان هذا الشخص طبيباً وأقسم بشرف المهنة قبل ممارستها؟

عبر مبادرة «تواصل»

«مساندة»:أعلى المعايير الأخلاقية

دعمت شركة أبوظبي للخدمات العامة «مساندة» النزاهة الوظيفية عبر تدشينها مبادرة خط المساعدة «تواصُل» بالشركة حيث تعد المبادرة الجديدة آلية سرية من أجل الإبلاغ عن المظالم والانتهاكات الفعلية أو المشكوك فيها للسلوك المهني من خلال كيان مستقل داخل شركة مساندة الذي يقدم تقاريره مباشرة إلى لجنة مشكلة من قبل مجلس إدارة شركة مساندة.
ولفتت مساندة إلى أنها تلتزم بالتميز في تقديم الخدمات التي توفرها، سواء كانت للجهات الحكومية المعنية، أو التعامل بصورة مباشرة مع القطاع الخاص مع الحفاظ على أعلى المعايير الأخلاقية والقيم الجوهرية، كما تتعهد بالمحافظة على ثقافة السلوك الأخلاقي المشروع والمسؤول عند إجراء الأعمال بين جميع قطاعات الشركة.
وأوضحت أن خط المساعدة «تواصُل» يطمح إلى تعزيز أعلى المعايير الأخلاقية، ودعم الالتزام بالنزاهة في كل ما يتم القيام به، والكشف عن سوء السلوك والإبلاغ عنه ومعالجته وردعه، ونشر ثقافة النزاهة على جميع الصعد المتعلقة بشركة مساندة.
وأضافت أنه يمكن للمتصل الإبلاغ عن أي انتهاك أو إهمال لقواعد السلوك الأخلاقي الخاصة بنا من خلال الخط الهاتفي، وسيتم التعامل مع جميع المواضيع المتعلقة بالنزاهة بسرية تامة، مشيرة إلى إنه عند استخدام مبادرة «تواصُل» سيتعين على المتصل تحديد هويته، حيث سيتم التعامل مع هويته بسرية.

هشام السبع:المرونة تزيد الإنتاجية

أشار هشام عبد الجليل السبع، سمسار عقاري، إلى أن النزاهة الوظيفية ليست مقدرة من قبل الجميع، رغم تأثيرها في المؤسسة التي يعمل فيها الشخص، إذ يعتبر بعض الموظفين من الذكاء الهروب أو الخروج من العمل من دون ملاحظة مديريهم لهم، ويجب أن يكون هناك متخصصون في سن قوانين المؤسسة لأن بعض الأشخاص يشددون في القوانين، ويجب أن تكون القوانين مدروسة حتى تزيد من إنتاجية الموظف.
وأضاف أنا أعمل في شركة قوانينها مرنة، ما يؤدي إلى زيادة في إنتاجية الموظفين، وقد سمعت عن شركة ذات قوانين حضور وانصراف شديدة، ما أدى إلى محاولة الموظفين العثور على ثغرة في قانون العمل الداخلي التابع للشركة لتقليل عدد ساعات عملهم قدر المستطاع، وكانت النتيجة سلبية لا إيجابية، كما أن تحفيز الموظفين لا يتم عبر وضعهم في قالب واحد، حيث يوجد بعض الموظفين الذين تزداد إنتاجيتهم بالمديح، وبعضهم بالجوائز المادية، وآخرين بمرونة ساعات العمل، ولهذا وجب على مشرع أنظمة وقوانين العمل في المؤسسات مراعاة اختلاف الشخصيات، وموازنته للقوانين الموضوعة بناء على هذه الاختلافات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"