عادي
حماية الثروة الطبيعية في مقدمة الاهتمامات

مشاريع بلدية دبي تضمن استدامة تدفق المياه الجوفية

00:52 صباحا
قراءة 7 دقائق
دبي: سومية سعد

«مياهنا الجوفية.. استدامتها أمانة» كان عنوان أحد البرامج، التي نفذتها بلدية دبي خلال عام 2016؛ بهدف ترشيد استهلاك المياه الجوفية، لكنه في الحقيقة لم يكن مجرد عنوان، بل هو منهاج عمل وأولوية دائمة لبلدية دبي، وتنفذها باستخدام أحدث الطرق العلمية، للحفاظ على ثروة الوطن الطبيعية، والعمل على استدامتها، لتستفيد منها الأجيال المقبلة
كشف المهندس حسين ناصر لوتاه مدير عام بلدية دبي، عن تنفيذ البلدية خلال العام الماضي، حزمة من المشاريع والمبادرات والبرامج الخاصة بإنفاذ سياسة المياه الجوفية، التي تم اعتمادها من قبل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، تهدف للوصول إلى ميزان مائي متوازن من المياه الجوفية في الإمارة، من خلال تطبيق مفاهيم الإدارة المستدامة.
وأشار إلى أن السياسة تضمنت ستة مخرجات أساسية، تتمثل في: تحديد مناطق الحماية لموارد المياه الجوفية، والتحكم في كميات المياه الجوفية المسحوبة، وتطوير مؤشرات أداء استدامة المياه الجوفية، وتعزيز الجدوى الاقتصادية للاستخدامات المختلفة للمياه الجوفية، وتطوير برامج توعية للتعريف بأهمية المياه الجوفية وطرق المحافظة عليها، وتطوير منظومة متكاملة لإدارة المياه الجوفية في الإمارة، تشتمل على أنظمة عمل وبرامج تنفيذية.
وأضاف أن القانون رقم 15 لسنة 2008 بشأن حماية المياه الجوفية في الإمارة، بيّن طبيعة المهام التي تتولاها البلدية بالتنسيق مع الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية ذات العلاقة، لضمان تحقيق الإدارة المستدامة للمياه الجوفية في الإمارة، خاصة أن المعدل السنوي لموارد المياه المتجددة في الدولة للفرد الواحد، يبلغ 33 متراً مكعباً، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، وهو من أقل المعدلات في العالم.
وذكر أن التكلفة التقديرية للمبادرات والمشاريع التي خصصتها البلدية لحماية المياه الجوفية للسنوات الخمس المقبلة، تبلغ 30 مليون درهم، موضحاً أن البدء بتطبيق برامج سياسة حماية المياه الجوفية، يشكل علامة بارزة، تؤكد دعم حكومة دبي، وحرصها على توفير المقومات اللازمة كافة؛ للمحافظة على هذا المورد الطبيعي المهم.

ترشيد الاستهلاك

وقالت المهندسة علياء الهرمودي مديرة إدارة البيئة ببلدية دبي، إن الإدارة سعت وبشكل مباشر إلى تفعيل سياسة المياه الجوفية بإطلاق وتنفيذ مشاريع ومبادرات عدة خلال عام 2016، تهدف إلى استدامة هذا المورد الثمين؛ حيث تم تنفيذ برنامج ترشيد استهلاك المياه الجوفية خلال عام 2016 تحت شعار «مياهنا الجوفية.. استدامتها أمانة»، واستهدف البرنامج أصحاب المزارع الخاصة والإنتاجية، إضافة إلى شركات حفر آبار المياه الجوفية، لضمان التزامها بمتطلبات حماية المياه الجوفية أثناء مزاولتها لأنشطتها في الإمارة، وهو برنامج توعية إرشادي مستمر لخمسة أعوام قادمة، وقد أدرج ضمن برامج ومشاريع خطة دبي الاستراتيجية 2021 ضمن محور مدينة ذكية ومستدامة كأحد البرامج التي انبثقت من سياسة المياه الجوفية، وله دور كبير في رفع الوعي لدى الشرائح المستهدفة.

حظر الري بالغمر

وأضافت أن البرنامج حقق نجاحاً واسعاً في عامه الأول؛ حيث تم البدء بالمرحلة الأولى منه، وهي «حظر الري بالغمر»، وقد تم تنفيذه عبر وسائل وطرق إعلامية عدة إلى جانب التوعية المنوعة؛ حيث تم إصدار تعميم من قبل إدارة البيئة بالبلدية، وتم الإعلان عنه بالجريدة الرسمية؛ لحث وإلزام أصحاب المزارع الخاصة بضرورة التوقف عن استخدام أسلوب «الري بالغمر» بالمزارع والتوجه نحو استخدام أساليب وأنظمة الري الحديثة، التي تسهم بترشيد استخدام المياه الجوفية بالزراعة.
وتم اعتماد سقف زمني لعدد من الإجراءات الهادفة، لتحفيز التحول نحو استخدام أنظمة الري الحديثة؛ حيث اعتباراً من 1-2-2016 لم تصدر بلدية دبي تصاريح حفر آبار مياه جوفية جديدة ما لم تكن المزرعة مجهزة بنظام حديث للري، كما تم اعتباراً من 1-7-2016 اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين؛ حيث تمت مخالفة 10 مزارع لم تلتزم بالتعميم والقوانين والإرشادات الخاصة بحماية المياه الجوفية بالإمارة خلال عام 2016.
يذكر أن هذا التعميم يهدف إلى رفع كفاءة الري لتصل إلى 90% من خلال استخدام شبكات الري الحديثة والمناسبة، وتحسين شبكات الري الموجودة حالياً بالمزارع.
كما أن بلدية دبي أرست واحدة من أهم الممارسات التي تدعم استدامة المخزون الاستراتيجي لموارد المياه الجوفية في الإمارة، عن طريق تجهيز المئات من المزارع الخاصة في الإمارة بمياه الصرف الصحي المعالجة، ذات النوعية التي تتوافق مع المعايير العالمية في هذا المجال، علماً بأن هناك توجهاً مستقبلياً لدى البلدية لزيادة نسبة تجهيز هذه المزارع التي تتجاوز أعدادها ثلاثة آلاف مزرعة، وبما يغني عن الحاجة لحفر آبار جديدة لسحب المياه الجوفية، والتسبب في استنزاف هذا المورد الطبيعي المهم، وما يترتب على ذلك من تأثيرات تهدد قدرة الإمارة في تأمين الاحتياجات المستقبلية من المياه الجوفية، وضمان تحقيق إدارة فاعلة واقتصادية لاستخدامات المياه لمختلف الأغراض.

تواصل مباشر مع المزارعين

وأضافت عائشة المر المهيري رئيسة قسم حماية الموارد الطبيعية، أن المعنيين بإدارة البيئة تواصلوا مباشرة مع المزارعين، وتمت توعيتهم وتعريفهم بالتأثيرات السلبية لطريقه الري بالغمر، ومنها أنه لا يمكن التحكم في كميات المياه المضافة للنباتات، والتآكل الحاصل في التربة والتسبب في جرفها، وكذلك فإن نسبة الفاقد من المياه تكون كبيرة، كما يتسبب هذا النوع من طرق الري في تملح التربة.
وتم توجيههم إلى الطرق الحديثة بالري كالري بالرش والتنقيط والري تحت السطحي؛ لتوفير وتقليل استهلاك المياه الجوفية، منعاً لنفاذ مخزون المياه الجوفية، إذا استمرت معدلات الاستهلاك على نفس المستوى بالنسبة للقطاع الزراعي.
وتشير الأرقام إلى أن الطلب الأكبر على المياه يأتي من القطاع الزراعي؛ حيث تقدر الدراسات حجمه بحوالي 75%، مع التوقع بأن يزداد خلال الأعوام المقبلة، تليه الاستخدامات المنزلية والصناعية وغيرها.
في حين تقل نسبة التجدد للمياه عن 4% سنوياً، وهو ما يعد تحدياً رئيسياً للقطاع الزراعي في ضوء أن المعدل المطري لا يتجاوز ال100 مليمتر سنوياً.

ملتقى لشركات الحفر

كما نظم قسم حماية الموارد الطبيعية بإدارة البيئة خلال البرنامج ملتقى لشركات حفر آبار المياه الجوفية خلال اليوم العالمي للمياه في شهر مارس/ آذار من عام 2016؛ بهدف توعية الشركات حول الإجراءات والاشتراطات والإرشادات الفنية الخاصة ببلدية دبي، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، وكذلك القوانين والتشريعات الهامة الخاصة بحماية المياه الجوفية بالإمارة، وتم حثها على المحافظة على المياه الجوفية بالإسراع بتسجيل الآليات والحفارات الخاصة بها لدى بلدية دبي. كما تم خلال الملتقى الإجابة عن استفساراتهم واقتراحاتهم المتعلقة بالموضوع، وأكملت 8 شركات التسجيل في البلدية بعد مطابقتها للشروط الفنية لممارسة النشاط في الإمارة، وهي الشركات التي يحق لها العمل داخل إمارة دبي في مجال حفر آبار المياه الجوفية.

نشاطات التوعية

وتهتم البلدية بتوفير وسائل التوعية الخاصة بالبرنامج عبر الكلمة المقروءة والمسموعة والمرئية؛ حيث تمت طباعة نشرة خاصة باللغة العربية والإنجليزية والأوردو، توجه نصائح وإرشادات عدة للمزارعين تتعلق بأساليب الري الحديثة، وضرورة ترخيص آبار المياه الجوفية وتركيب العدادات الخاصة بها، مع توجيههم لاستدامة زراعتهم عبر استخدام الأسمدة العضوية، عوضاً عن الكيماوية أو المحظورة في الدولة، إضافة إلى تشجيعهم على توفير الطاقة، وعدم استخدام آليات مستهلكة للطاقة، واستخدام الطاقة البديلة.
كما تم إنتاج فيلم توعوي عن ترشيد استهلاك المياه الجوفية وطرق الري الحديثة باللغة العربية والإنجليزية والأوردو، إضافة إلى بث إعلان إذاعي يحث الجمهور بأسلوب شيق لمنع الري بالغمر وعيوبه، ودعوتهم للمشاركة في البرنامج بمنع استنزاف المياه الجوفية.
وقامت الإدارة بتسيير مركبات دعائية وسط المزارع في إمارة دبي عليها إعلانات وعبارات تحث على ترشيد المياه الجوفية وعدم الري بالغمر، وقد جابت المركبات كافة مناطق المزارع بالإمارة، ومنها: مناطق الخوانيج، والعوير، والليسيلي، والهباب، والمرموم، ونزوى وحتا، وتم خلال تجوال المركبات توزيع المنشورات على المزارعين التي تخص البرنامج وبعض الهدايا والمواد الدعائية لتشجيعهم وتذكيرهم بأهداف البرنامج وأنهم الجزء الأهم فيها.

تكثيف الرقابة والزيارات الميدانية

تقوم إدارة البيئة بدورها الرقابي والتطويري واستدامة المياه الجوفية؛ حيث يتم إعداد وتنفيذ البرامج الخاصة بحماية المياه الجوفية من التلوث والاستنزاف في الإمارة، وتنظيم إجراءات التصريح والرقابة على المياه الجوفية وعلى تصريفها إلى البحيرات المغلقة المؤقتة، وتصاريح حفر آبار المياه الجوفية، واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه الجهات المخالفة.
وفيما يختص بمتابعة برنامج ترشيد استهلاك المياه الجوفية أفادت مديرة إدارة البيئة بأن الإدارة باشرت بتكثيف عمليات الرقابة والزيارات الميدانية للمزارع، للتحقق من مدى التقيد بالمضامين الواردة بالتعميم الصادرة من بلدية دبي، وكذلك القوانين والتشريعات ذات العلاقة، وإصدار المخالفات بحق المزارع المخالفة؛ حيث تقوم كوادر فنية متخصصة من إدارة البيئة بتنفيذ عملية الرقابة الميدانية، للتأكد من مدى الالتزام بوقف استخدام طريقة الري بالغمر، واستخدام أنظمة الري الحديثة، مما يسهم في حماية واستدامة المياه الجوفية في الإمارة.
وناشدت جميع أصحاب المزارع الخاصة للتعاون مع كوادر الإدارة في هذا المجال، ومراعاة متطلبات المحافظة على المياه الجوفية، وعدم القيام بأي ممارسات من شأنها أن تتسبب باستنزاف وتلوث المياه الجوفية، والعمل معاً على تحقيق الاستخدام المستدام للمياه الجوفية، بما يتوافق مع شعار البرنامج «مياهنا الجوفية.. استدامتها أمانة» لما فيه صالح أجيال الحاضر والمستقبل.

عدادات للآبار في المزارع الإنتاجية

وضعت بلدية دبي إضافة إلى إطلاق برامج توعية في مجال الاستخدام المرشد للمياه الجوفية في الإمارة، مجموعة من المشاريع والبرامج التي تم تنفيذ بعضها وفقاً لمؤشرات معتمدة من المجلس التنفيذي منذ عام 2015، وتستمر إلى عام 2021 وهي: تطوير نظام منح التصاريح الخاصة بحفر الآبار واستخدام المياه الجوفية؛ حيث تم تطوير نماذج جديدة لمنح تصاريح الحفر والسحب والاستخدام من قبل مختلف فئات المستخدمين، بما يضمن استدامته.
ومشروع تركيب العدادات الخاصة بضبط الكميات المسحوبة من المياه الجوفية من قبل المستخدمين في الإمارة، وفقاً للمتطلبات والضوابط الفنية المعتمدة لدى إدارة البيئة ببلدية دبي، لضمان تأمين الاحتياجات المستقبلية من هذا المورد الطبيعي الهام، وتوفير البنية التحتية اللازمة لتطبيق نظام التعرفة «تسعير المياه الجوفية»؛ حيث تم البدء بتركيب العدادات لآبار المياه في المزارع الإنتاجية في عام 2016 كونها أكثر الجهات المستنزفة لها، وسيستمر التركيب في باقي المزارع، لتتم تغطية المستهدف في المشروع وهي 90% من آبار المياه الجوفية بالإمارة بنهاية عام 2017.
كما تم البدء بمشروع مسح آبار المياه الجوفية في مناطق المزارع. ومشروع رصد شبكة المياه الجوفية في الإمارة؛ لمعرفة وضعها في وقت الرصد، وتحديد فيما إذا كانت تتعرض للاستنزاف والتلوث، لضمان الإدارة المستدامة للمياه الجوفية في الإمارة، الذي يتوقع إنجازه بنهاية 2017، إضافة إلى مشاريع عدة سيتم تنفيذها في الأعوام 2017 وإلى 2021، ومنها: تثبيت مناطق الحماية لأحواض ومناطق آبار المياه الجوفية، مشروع لتغذية المياه الجوفية في المناطق القريبة من المزارع بمياه الصرف الصحي المعالجة، وبما يتوافق مع المعايير والاشتراطات البيئية المعتمدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"