عادي
60 % الاستثمار الإيجابي.. وتوسع في التوظيف

«أديا» يتخطى المطبات العالمية ويحقق عائدات مستدامة

02:14 صباحا
قراءة 6 دقائق

قال سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي العضو المنتدب لجهاز أبوظبي للاستثمار، إن جهاز أبوظبي للاستثمار (أديا) انطلاقاً من إيمانه الراسخ بتحقيق أعلى العائدات والمزايا للأجيال القادمة، يضع على رأس أولوياته متابعة أداء الأسواق في أي سنة مفترضة، في إطارها الأوسع من أجل الحصول على صورة أكثر دقة وشمولية. وعلى هذا الأساس يعتبر عام 2018 أحد الأعوام المطمئنة بالرغم من كثافة الضغوط وحجم التحديات.
فعلى الرغم من أن معظم أسواق الاستثمار في الأسهم والدخل الثابت قد أنهت العام على انخفاض، جاء عام 2018 مطابقاً لعقد من الأداء الإيجابي منذ بداية الأزمة المالية العالمية، وهي فترة استفاد خلالها المستثمرون من تحقيق المكاسب دون انقطاع.
وقد واصل الجهاز خلال عام 2018، مثلما كان ديدنه تاريخياً، أداء مهماته المتمثلة في إدارة رأس المال بحكمة وحرفية، من خلال بناء محافظ استثمار متنوعة، موزعة على فئات الأصول وعلى مختلف المناطق. وقد نجح الجهاز في الصمود في وجه المطبات التي تعرضت لها أسواق العالم خلال العديد من السنوات، وحقق عائدات مستدامة وطويلة الأجل.
في عام 2018، بلغ متوسط العائد السنوي الذي حققه الجهاز على مدى عشرين عاماً 5.4% وعلى مدى ثلاثين عاماً 6.5%. ورغم تأثر هذه الأرقام نتيجة استبعاد المكاسب القوية من منتصف إلى أواخر الثمانينات وخلال أعوام التسعينات، ظلت العائدات الحقيقية التي حققها الجهاز متسقة إلى حد كبير مع السنوات السابقة والمستويات التاريخية. ويمكن اعتبار العقد الماضي قصة نجاح باهرة بالنسبة للمستثمرين العالميين. وقد اجتهد صناع القرار في مختلف البلدان معًا لإعادة الاقتصاد العالمي إلى وضع مستقر في مواجهة تحديات تاريخية، وهو ما أسفر عن عقد كامل من المكاسب دون انقطاع.
وبحلول نهاية عام 2018، سجلت الأسهم العالمية متوسط عائدات سنوية بنسبة 10 ٪ على مدى السنوات العشر الماضية، وحققت عوائد حقيقية استفادت من أرضية التضخم المنخفض لمستويات تاريخية. كما ارتفعت الأصول الخاصة، مثل العقارات والأسهم الخاصة والبنية التحتية، إلى مستويات قياسية تقريبًا، مدعومة بتوفر التمويل المنخفض التكلفة الناجم عن سنوات من سياسة التيسير الكمي.
وسجلت عائدات السندات نمواً أقل إثارة للإعجاب خلال هذه الفترة. ورغم ملامسة معدلات العائد على السندات حدود الصفر، ينبغي أن لا يشكل ذلك مفاجأة.
وبلغ التوسع الاقتصادي على مدار العقد الماضي فترة قياسية في تاريخ العالم، مستمراً حتى نهاية العام الماضي رغم تعثر حركة أداء الأسهم خلال الشهر الأخير، التي استأنفت صعودها من جديد منذ بداية العام.

مستويات أداء أعلى

وأضاف سموه: رغم تباطؤ الاقتصادات العام الماضي، لكن النتيجة الإجمالية كانت مستويات الأداء أعلى من معدل التوسع الاقتصادي المعتاد.
وحظي التباطؤ في الصين بكثير من الاهتمام، ولكن حتى الآن لا يبدو أن درجة القلق لها ما يبررها على أرض الواقع. وتباطأت معدلات النمو في الاقتصاد الأوروبي، لكن دون ظهور مؤشرات على تحولات كبيرة في الدورة الاقتصادية. وفي حين شهدت بعض بلدان الأسواق الناشئة ركودًا عارضاً، فإن عدواه لم تنتشر على نطاق أوسع لتشمل الأسواق الأخرى. وأبدت كل من الهند وروسيا مرونة لافتة، كما أبدت البرازيل درجة مرونة أقل خلال عام 2018.
أما الاقتصاد الأمريكي فسجل نمواً بوتيرة أسرع مقارنة مع عام 2017، مدفوعًا بزخم السياسة المالية والتخفيضات الضريبية وزيادة الإنفاق الحكومي. وشكل الأداء المتفوق للاقتصاد الأمريكي وأسواق الأسهم في عام 2018 أحد أهم ظواهر العام الماضي، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تكون فجوة الأداء النسبية بين الاقتصاد الأمريكي واقتصادات العالم الرئيسية طويلة الأمد. ففي ظل درجة التكامل الحالية للاقتصاد العالمي، تبقى التباينات في الأداء من النوع العارض ولا تدوم إلى ما لانهاية.
ومن أبرز الأحداث الجديرة بالملاحظة خلال العام الماضي، التدهور المؤسف في العلاقات التجارية. وتجلت عوارض الحرب التجارية في زيادات الرسوم الجمركية وزيادة العقبات في وجه تدفقات رأس المال وحركة العمالة عبر الحدود. لكن هذه الظواهر لم ترقَ إلى درجة الاضطراب الذي يثير القلق، بل بدا وكأنه نقطة تحول في مسار العولمة التي شكلت عامل دفع للاقتصادات والأسواق على مدى العقود القليلة الماضية.
وقال سموه: لا شك أن النتائج المحتملة لتحول النظام الاقتصادي العالمي إلى نظام أقل تنسيقاً وتعاوناً، يخلق تحديات جديدة،لكنه يخلق أيضاً فرصاً وفيرة لمستثمري الآجال الطويلة على مستوى العالم.
صحيح أن أداء الاقتصاد العالمي ليس قوياً في المرحلة الراهنة، وتقييمات العديد من الأصول بلغت مستويات قياسية، لكن النظام المالي أكثر قوة مما كان عليه قبل 10 أعوام.


كوادر «أديا» يحللون القوى التي ستحدد توجه الاقتصاد العالمي


يركز جهاز أبوظبي للاستثمار على الموضوعات والقضايا الرئيسية التي تؤثر في الأسواق المالية على المدى الطويل. ويعتبر الجهاز ذلك عنصراً أساسياً من عناصر قدرته على تحقيق مهماته، التي هي بطبيعتها طويلة الأجل. ويتم تشجيع كوادر الجهاز والعاملين فيه على تكريس الوقت لتحليل القوى التي ستحدد توجه الاقتصاد العالمي في المستقبل.
وفي قسم اتجاهات الاستثمارات طويلة الأجل، تعمل مجموعة مختارة من خبراء الاستثمار على تحديد بعض الطرق التي قد تتأثر بها فئات الأصول من خلال اتجاهين رئيسيين، على مدى السنوات العشر المقبلة، من خلال عاملي التقنية وتغيرات المناخ.
يقول الدكتور توم أرنولد، رئيس قسم الاستثمار في العقارات والبنى الأساسية، إن التطورات التكنولوجية تعمل على تغيير طريقة عمل الناس والعيش والسفر.
وقد تكون المزايا كثيرة للمستثمرين العقاريين الذين يستشرفون هذه التغييرات، ويعملون على تكييف استراتيجياتهم وفقاً لذلك. وبهذا يضمن هؤلاء عدم التخلف في أدائهم.
أما فيما يخص المستخدم النهائي للعقار، فيوفر المستقبل شفافية وكفاءة ومرونة أكبر؛ حيث تزيل بيئات العمل التعاونية كافة الحواجز المهنية، وتحدث تغييرات في ديناميات القطاع العقاري. وتوفر المساحات المكتبية المشتركة للمستخدمين خيارات أكبر، وتتيح صيغ إيجارات مرنة مدفوعة بخوارزميات الطلب. ومع وفرة البيانات العقارية وصعود المباني المتقدمة تكنولوجياً، يتغير دور الوكيل العقاري.
وسوف يتم تزويد المباني الذكية في المستقبل بأجهزة استشعار يمكن لتطبيقات الإنترنت قراءتها وترجمتها إلى بيانات قابلة للاستخدام، والمعروفة أكثر باسم «إنترنت الأشياء». يمكن لإنترنت الأشياء تحسين كل من قطاع العقارات والحياة اليومية للأفراد من خلال تطبيق الصيانة التنبّئية .وعلى الرغم من أن النقل الذاتي لا يزال في مراحله الأولى، فمن المتوقع أن يكون له التأثير الأكبر في المشهد الحضري واستخدامات المباني في المستقبل. فالمباني التي يتم تصميمها حالياً ستصل إلى عالم تكون فيه ملكية السيارات الخاصة أقل مما هي عليه اليوم، حيث يضيف المطورون عليها منصات هبوط و بنية أساسية لاستيعاب خدمات مشاركة السيارات.
وقال هشام حسن، مدير أول محفظة الاستثمار في السهم الخاصة، إن أسهم الملكية الخاصة حققت تقدماً ملحوظاً في مجال التكنولوجيا على مدار العقد الماضي؛ حيث ساعدت في تحديد وتمويل العديد من التقنيات المبتكرة. وفي السنوات المقبلة، من المرجح أن تطبق شركات الأسهم الخاصة هذا النموذج من التفكير على أنشطتها الذاتية.
في حين أن تبني هذا النهج لا يزال في مراحله المبكرة، فقد بدأت شركات الأسهم الخاصة في تعزيز نهجها التقليدي لتحديد فرص الاستثمار بدراسة كم مكثف من تحليل البيانات. وقال مارك أندرو لويس، رئيس محفظة الإنشاءات والاستراتيجيات والتخطيط، يبدو أن الطريقة التي تؤثر فيها التغيرات المناخية على الاقتصاد العالمي ستكون معقدة ومربكة.
ونحن نُقرّ بذلك وبضرورة البحث عن طرق تجمع بين تخفيف درجة المخاطر واقتناص الفرص التي تشكل التحدي الأساسي أمام المستثمرين.
ولا شك أن أسواق المال تتأثر بذلك على نطاق واسع من خلال تعاظم كم الأموال التي تتدفق على الأسواق بالتزامن مع التغيرات المناخية والبيئية وتغير مبادئ عمل الحكومات والمنظمات الاجتماعية، وهو توجه مستمر في المستقبل المنظور.
ويتم التركيز بشكل متزايد على دور الشركات في التغيير المناخي وحماية البيئة وتحويلها عن مجالات استثماراتها التقليدية.
وقال مجيب قازي، رئيس قسم العقارات والبنى الأساسية، إنه على مدى السنوات العشر الماضية، تحولت الطاقة المتجددة من تقنية طاقة واعدة إلى واقع معيش، يسهم في تعزيز التغيرات في قطاع الطاقة العالمي. وتشير التوقعات إلى استمرار النمو في هذا التوجه الإيجابي، على الرغم من أن استقرار العرض سوف يشكل التحدي الرئيسي للطاقة المتجددة خلال العقد المقبل.
هناك زخم إيجابي كبير وراء تطوير الطاقة المتجددة، مدفوعاً بالتقدم في التكنولوجيا - خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح - والسياسات الحكومية الداعمة.
وتشير بعض الدراسات إلى أنه بحلول عام 2020، سيكون سعر الطاقة المولدة من التقنيات المتجددة المتاحة تجارياً مساوياً أو أرخص على الأقل من الوقود الأحفوري.و قال برايان تيبلي، رئيس قسم الأسهم الخارجية، إن تغير المناخ له تأثير تدريجي وليس ثورياً على الأسواق العامة، ولكن وتيرة التغيير تتسارع. و يركز المستثمرون بشكل متزايد على التغير المناخي كمحرك للعائدات، بدلاً من التركيز بشكل أساسي على إظهار الحساسية الاجتماعية أو التنظيمية أو السياسية حيال التغييرات..
وعلى مدى السنوات الأخيرة، كان هناك نمو قوي في عدد استراتيجيات البيئة والمجتمع والحوكمة المتاحة في السوق. ولدى المستثمرين الآن عدد أكبر من تلك الخيارات، ما يتيح مجالاً أوسع للاختيار من بينها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"