أحاديث يناير: هيكل والإخوان.. حوار لم يكن للنشر

04:26 صباحا
قراءة 4 دقائق
عبد الله السناوي

في حوار مسجل يوم (٢٤ مارس ٢٠١٣)، لم يكن للنشر وله ظروف خاصة، بصوته هو، بنص كلامه، في لحظة فارقة عندما احتدمت المواجهات بين أنصار الجماعة وخصومها من قوى مدنية وشبابية، قال بالحرف:
«لا أعاني من إحباط ولا أعمل إحباطًا للناس».«لا شيء يعلمك السياسة أكثر من التاريخ». «التطور الإنساني يأخذ مجراه بغض النظر عن اللحظة». «عندما تقف عند لحظة معينة تصاب بالإحباط».
ثم بدأ يروي ما رآه بعينه أثناء حريق القاهرة في (٢٦ يناير ١٩٥٢)، تدليلًا على أن اللحظة وانفعالاتها ليست نهاية المطاف في حساب التاريخ.
«رأيت بعيني كيف نهبت البضائع من محل شيكوريل، كل وسط البلد أحرق والمحلات كلها نهبت، عندما عدت إلى أخبار اليوم، حيث كنت أعمل، رأيت سيدة تحمل شنطة جولف ذاهبة إلى عزبة الترجمان.. سألتني: هما بيعملوا بيها إيه؟.. وجدت أشياء بها معدن فأخذتها دون أن تعرف ما هي ولا ماذا تفعل بها».
«إذا رأيت القاهرة في هذا اليوم فإنك تقول لا أمل، غير أنه بعد أربع سنوات أمّمت مصر قناة السويس وأصبحت قوة يحسب حسابها في العالم».«ليس ما يحدث الآن نهاية التاريخ». «إذا تصور أحد أن مرسي استقرت عنده مصائر مصر، فلا بد أن يكون مجنونًا». «خيرت الشاطر والمقطم والإخوان مرحلة عابرة.. عابرة.. عابرة.. فوق ما تتصور».
هكذا قال عند ذروة الصدام فوق جبل المقطم وكل شيء ينذر بالتصعيد.
في ذلك الحوار المسجل، سألته عما إذا كان يتوقع أن ينفذ «مرسي» تهديده الذي كتبه على شبكة التواصل الاجتماعي من أنه سيتخذ ما يلزم لضبط الأمن وضرب رؤوس الفتنة قاصداً قيادات جبهة الإنقاذ.
«هيكل»: «هل لديك شك، ليس أمامه إلا أن يتبع الإخوان». قال إن إحدى الصحف دعت إلى إهانته باعتباره واجباً وطنياً، وأنه لم يتخذ أي إجراء حتى الآن.. هل هذا تهديد؟.. وهل يمكن لأحد أن يستبعد سيناريو الاغتيالات السياسية، فتصاعد العنف على هذا النحو مع اليأس والإحباط وصفة جاهزة للاغتيالات، أو أي سيناريوهات مقاربة مثل محاكمة حمدين صباحي ومحمد البرادعي، فمرسي يقول إن أحداً لن يفلت من العقاب إذا ثبت تورطه.. هل يقدر؟
«هيكل»: «أتمنى ألا يقدر.. لكن ما يمنع، فهو يريد أن يخلص منك قبل أن تؤثر تصرفاتك داخل الجيش». و«هو يرى أنه لا يتحكم في الموقف لأنه لم يتخذ كل إجراءاته». «كما يعتقد أن الطرف الآخر في الصراع، إعلام منفلت لا بد أن يضبط ومهيّجون ينبغي أن يقمعوا».
«من الصعب أن تضع نفسك مكانه لتعرف كيف يفكر».
«يجب ألا تتصور أن هناك نظرة واحدة لكل ما في المستقبل».
«إنها الكراهية إذًا؟».
«هيكل»: «أنت تحفظ مقدمات مقالاتك، أنا غير متأكد أننا وصلنا إلى تلك الدرجة من الكراهية، لكننا نقترب منها، وسفير صربيا في القاهرة لفت نظري إلى ظاهرة تابعها هو وغيره باهتمام بالغ، فقد رأى الإخوان وهم يَضربون ويُضربون في موقعة المقطم».
«ثم إني تابعت ما وراء الحدث فعرفت أن أحد عشر لوريّاً محملة بفوائض كسر رخام لصد الناس القادمة للاحتجاج أمام مكتب الإرشاد.
«هيكل»: «قد تكون الجماعة قد ادخرت قوتها».
«هل أدى الحشد من الأقاليم إلى ضعف القدرة على المناورة والحركة لغياب أي معرفة بمسرح المواجهات وشوارعه الجانبية».
«هيكل»: «هذه فرضية خاطئة، فهناك استعدادات لا بد أن تكون قد جرت».
«ربما استعانت الجماعة بحشود من خارج القاهرة لتعظيم الإحساس بقوتها». «أتوقع أن يكون لمعركة المقطم نتائج وتداعيات جوهرية وأرجح أن المجتمع قد دخل الصراع».
«هيكل»: «حمدين قال لي إن فائض تراجع شعبية الجماعة لم يذهب بعد إلى المعارضة».
«ذلك وضع مؤقت، فنحن أمام أزمة شرعية تتفاقم، وفي كل المواجهات التي جرت من التحرير إلى المقطم ضربت الجماعة».
«هيكل»: «الملاحظة صحيحة».
«الإخوان نشروا صوراً لاعتداءات بدنية عليهم لا يقبلها ضمير، هل يلعبون دور الضحية والجلاد في نفس اللحظة».
«هيكل»: «أمام الرأي العام الضحية غير موجودة وغير مقنعة».
«أرجو أن تنظر في عناوين جرائد الصباح، فكل جريدة علقت على حوادث المقطم بما يناسب خطها السياسي، الشروق قالت إنها خسارة للجميع، والمصري اليوم انطوت عناوينها على شماتة دون إخلال بالقواعد المهنية، والتحرير، قالت الدم بالدم لكن المتن كان متزنًا والوطن قالت إنها نكسة المقطم».
«هيكل»: «كل واحد يأخذ هواه، والقضية ليست ماذا قلت بل كيف فعلت». «مطلع المدرج هو كل ما يهمك عند إقلاع الطائرة، وكل واحد عنده موقع نظر». «أين موقع نظر الشعب المصري الآن».
«هل يغلق عينيه أم ينظر إلى السماء».
«عمر الشعب المصري ما كان عنده هذه الدرجة من الوعي وهذه الدرجة من التنبه».
«لا مفر أمام أي مجتمع غير أن يخوض تجربته ولا فرصة لاختصار الزمن، عبد الناصر حاول اختصار الطريق إلى التقدم، ظهرت القوة اللي بره واللي جوه والرواسب والعوالق والعقبات».
«حيث توجد أزمة فهناك فرص». «أنا ضد حكاية أن مفيش فايدة».
.. هكذا تحدث قبل أن تحسم الظروف بمعاركها وتحدياتها، وقبل ذلك بقوة حضور المجتمع، كلمتها في (٣٠) يونيو.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"