عادي

العملات الذهبية النادرة . . لغز النسر المزدوج

03:04 صباحا
قراءة 12 دقيقة
ترجمة: محمد نبيل سبرطلي

كشفت مجلة بلومبيرغ بزنس ويك عن سر حصول أسرة من ولاية فيلادلفيا الأمريكية على 40 مليون دولار ذهبية من فئة 20 دولاراً المعروفة بنقش النسر المزدوج، وأشارت إلى الأسباب التي تدفع شعبة المباحث الفدرالية إلى مطاردة تلك الأموال النقدية الذهبية على امتداد السبعين سنة الماضية .

وتقبع هذه القطع النقدية الذهبية الأكثر قيمة في العالم في سرداب بنك نيويورك الاحتياطي الفدرالي في حي مانهاتن، وكانت قطعة ذهبية من فئة 20 دولاراً الصادرة عام 1933 بيعت بمبلغ 6 .7 ملايين دولار أمريكي تقريباً في أحد المزادات . وتخزن القطع النقدية الذهبية هذه في معرض البنك رقم E18 محمية بصندوق مصنوع من الزجاج الواقي من الرصاص متصل بنظام إنذار فضلاً عن وجود حراس مسلحين قريبين من الصندوق لا يبرحون مكانهم . وتعد هذه النقود الذهبية التي صكت في عام 1933 وتحتوي على رسم نسرين واحدة من أكثر النقود الذهبية ندرة فضلا عن القيمة الجمالية للنقش عليها . وتقدر القيمة الاسمية للقطعة ب 20 دولاراً، بينما تبلغ قيمة القطعة الواحدة السوقية 6 .7 مليون دولار . وهي من بين آخر دفعات النقود الذهبية التي ضربتها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية . ولم يتم إصدار هذه النقود مطلقاً، وفي وقت لا حق تم صهر معظم المصكوكات ال 500 ألف وتحولت إلى سبائك ذهبية في العام 1937 .

ولم تكن هناك أية نية لترويجها، إلا أن بعضها تم ترويجه . ولكن لماذا تطارد الحكومة الأمريكية تلك النقود الذهبية ولا تكف عن محاولة البحث عنها بكل ما أوتيت من حماس؟ تلك بالفعل إحدى الأسرار التي تحيط بقصة تلك الكمية من النقود الذهبية المتسربة .

بدأت الحكاية بعد تنصيب فرانكلين روزفلت رئيسا للولايات المتحدة يوم الرابع من مارس/ آذار عام ،1933 في زحمة الأحداث المثيرة التي خلفها الكساد الكبير الذي شهد إفلاس الآف المصارف وانتشار حالة من الهلع التي أدت إلى سحب المودعين لذهبهم وودائعهم . وبينما كانت مصادر الذهب في المجلس الاحتياطي الفدرالي تتضاءل، واجهت الولايات المتحدة خطورة الانكشاف وعدم القدرة على الوفاء بديونها . وفي الرابع من إبريل/ نيسان أصدر الرئيس روزفلت أمراً تنفيذياً رقم 6102 تم بموجبه حظر اختزان الذهب وطالب القرار الرئاسي المواطنين الأمريكيين بضرورة التقدم لاستبدال النقود الذهبية بعملة ورقية .

والملفت أن أحد أقارب روزفلت من بعيد، ويدعى ثيودور، كلف النحات أغسطس سانت جودينز بتصميم تلك العملة الذهبية في أوائل القرن الماضي . وأراد تيدي روزفلت صك نقود أمريكية تنافس العملة الإغريقية القديمة جمالاً . وأنهى سانت جودينز تصميم تلك النقود قبل وفاته متأثراً بمرض السرطان في عام 1907 . ويمثل أحد وجهي القطعة الذهبية صورة لتمثال الحرية ليبرتي، وهي صورة تذكر بآلهة إغريقية بشعرها المسترسل، وتحمل بيدها اليسرى غصن زيتون، وشعلة بيدها اليمنى . أما على الوجه الآخر من العملة فتبرز صورة نسرمزدوج وهو على وشك الطيران والشمس مشرقة من خلفه .

وما لبثت دار فيلادلفيا لضرب العملة تقوم بصك تلك القطعة النقدية الذهبية التي صممها سانت جودينز كل عام منذ عام 1907 . ولم تكن تلك القطع النقدية الذهبية مختلفة في عام 1933 . وفي مايو/ أيار وبينما كان جمع العملة الذهبية على أوجه، لجأت دار فيلادفليا إلى صك ما لا يقل عن 445500 قطعة . ولكن لم يتم إصدار أي منها . وبدلاً من القطع النقدية الذهبية التي بلغ وزنها 15 طناً تم خزن تلك الكمية في 1780 كيس خيش وخزنت وراء ثلاثة أبواب فولاذية في قبو دار فيلادلفيا صك العملات رقم (إف-كيج 1) . ويعتقد أن كيسين فقط خزنا، في حين أرسلت الكمية الأخرى إلى متحف سميثوسونيان . .

وأصدر الكونغرس الأمريكي في يناير/ كانون ثاني عام 1934 قانون احتياطي الذهب الذي يدعو لتأميم الذهب المخزون في مجلس الاحتياطي الفدرالي ومضاعفة سعر الأونصة . وبالمقابل تم خفض سعر الدولار الذي كان من المفترض أن ينشط الاقتصاد الأمريكي المأزوم . ووجه مدير دار فيلادلفيا لضرب العملة أوامر بجمع كل القطع النقدية الذهبية وصهرها وتحويلها إلى سبائك .وكان من المقرر أن يتم خزن تلك السبائك في فورت نوكس المبنى حديث التشييد في ذلك الوقت . لقد كانت مهمة شائكة، حيث لم تقم دار فيلادلفيا بإرسال قطع نقدية ذهبية بقيمة 50 مليون دولار إلا في أوائل عام ،1937 وضمت تلك النقود مجموعة القطع الذهبية التي احتوت على نقش النسرين وكانت ضربت عام ،1933 ونقلت جميعا إلى المصهر .

وفي فترة متقاربة، عرض صائغ من فيلادلفيا يدعى إسرائيل سويت كمية من تلك النقود، التي يظهر عليها نقش النسر المزدوج الصادرة عام ،1933 على بعض تجار وهواة جمع النقود المشهورين في تلك الفترة، بحسب وثائق تحتفظ بها إدارة التحريات الأمريكية وكشف النقاب عنها . وباع سويت واحدة من تلك القطع، لتاجر عملة في تكساس، وباعها بدوره إلى ملك مصر فاروق بسعر 1575 . وطلب ممثل عن الملك شهادة تصدير للقطعة النقدية التي لم تكن معروفة لدى المباحث، وأصدر وزير الخزانة في حينه شهادة تصدير وحيازة بالاسم للقطعة الذهبية في 29 فبراير/ شباط عام 1944 .

وخلال الشهر ذاته، طرح ستاك تاجر العملات النادرة في نيويورك القطعة النقدية الثانية، التي تحتوي على النسر المزدوج، على المزاد . ولم تعلم المباحث الأمريكية بالبيع إلا في أوائل مارس/ آذار وتأكد لها حينئذ أن بعض تلك القطع النقدية تم تسريبها من دار ضرب النقود . وحصل الملك فاروق على قطعته النقدية المشتراة عبر القنوات الدبلوماسية، في حين صادرت المباحث القطعة الثانية قبل أن يبيعها ستاك في المزاد، وبدأت حملة تحقيقات واسعة تواصلت حتى يومنا هذا . في هذا السياق، يقول روبرت هوج أمين عملات ونقد أمريكا الشمالية في جمعية نوميسماتيك للعملات التذكارية الأمريكية أن الحكومة تبدي تشدداً إزاء مصادرة وصهر جميع القطع النقدية الذهبية . وهي تكتسب شهرتها لأن الحكومة الأمريكية بدأت في اقتفائها ومصادرتها منذ عقد الأربعينات .

وبدأت المرحلة الأولى من تحقيقات المباحث الفدرالية بالعثور على 10 قطع من فئة النسر المزدوج، التي صكت عام ،1933 لدى تاجر المجوهرات والعملات إسرائيل سويت، الذي يعتقد مثل كثيرين في هذه القصة، أن تلك القطع النقدية الذهبية لها تأثير سحري . ووصفت ابنته الوحيدة جوان لانجبورد،التي عملت معه حتى وفاته في عام 1990 عن عمر ناهز الخامسة والتسعين، والدها لمجلة فيلادلفيا إنكويرر بأنه كان بغيضا وسريع الغضب فهو إن كرهك، يتخلى عنك . وقالت إن فلسفته في العمل كانت أن الزبون مخطئ دائماً وأنه على صواب .

وفي حديث سويت إلى رجال المباحث، نفى أن تكون لديه أية سجلات أو وثائق خاصة بتلك القطعة الذهبية ذات النسر المزدوج أو ما يخص مكان وزمان وطريقة حصوله عليها، وزعم أنه لم يشترها من أي موظف يعمل في دار فيلادلفيا . ولكن، وعلى إثر تحقيقات استمرت عشرة أشهر، اكتشف رجال المباحث أنه من المرجح ألا يكون سويت ستاراً لصراف الدار الغارق في الفساد . وفي عام ،1945 استعدت وزارة العدل الأمريكية لممارسة ضغوط الهدف منها توجيه اتهامات، لكن قانون التقادم المسقط كان قد توقف العمل به .

ومرت عقود أربعة، وصرح ستيفن فينتون رئيس مؤسسة نوميسماتك البريطانية، وهو تاجر عملات أيضا، أنه حصل على القطعة الذهبية من تاجر مجوهرات مصري كانت له صلة بضباط الثورة المصرية . وقال فينتون في مكالمة هاتفية من مكتبه في دار المزاد الخاص به في لندن اشتريت كمية نقود نادرة من مجموعة الملك فاروق، وكان من بينها قطع النسر المزدوج .

اشترى فينتون قطعة النسر المزدوج الذهبية النادرة ب 210 آلاف دولار ورتب عملية بيعها لتاجر عملات أمريكي يدعى جاسبر بارينو بقيمة 850 ألف دولار . وفي السابع من فبراير/ 1996 غادر فينتون لندن إلى نيويورك على متن طائرة كونكورد ونزل في فندق هيلتون . ويذكر أنه في صبيحة اليوم التالي وضع القطع الذهبية في مظروف بلاستيكي ووضعه في جيب قميصه، وارتدى كنزة مصنوعة من صوف الكشمير وتوجه بسيارة أجرة إلى فندق والدورف أستوريا . ووصف الصفقة بأنها كانت روتينية .

صعد فينتون إلى جناح في الطابق الثاني والعشرين وعرض القطعة الذهبية على بارينو الذي كان بدوره قد رتب عملية بيعها إلى جاك مور، وهو تاجر من تكساس، بمبلغ 65 .1 مليون دولار . وكان مور نفسه قد جلب خبير عملات . وبينما فحص الخبير تلك القطعة بدأ فينتون بالاشتباه بأن وراء ذلك قضية ما . واوضح فينتون أن يدي الخبير بدأتا ترتعشان بشدة .وظننت أنه يخطط لسرقتها . وخشيت أن يقتحم علينا شخص ما الجناح وبيده مسدس . وقد حدث ذلك فعلا .

وفي فبراير عام 2002 أعلنت دار فيلادلفيا لضرب العملة طرح القطعة النقدية فئة العشرين دولاراً الذهبية ذات النسر المزدوج على المزاد العلني في 30 يوليو/ تموز . وجاء في بيان صحفي صدر عن مكتب مديرة الدار هنرييتا هولسمان أن القطعة النقدية المخزونة كانت محط الأنظار ودفعت أطرافاً للقيام بعمليات خداع دولية استمرت لأكثر من 70 عاما . وقالت إن القطعة الذهبية، بعد كل ذلك،كانت الوحيدة من فئة النسر المزدوج 1933 التي سمح لجهة خاصة باقتنائها .

لكن الأمر لم ينته عند ذلك . فبعد مرور عامين على المزاد، اتصلت جوان لانجبورد وابنها روي ببيرك الذي كان يمثل فينتون وقطعة الملك فاروق الذهبية وأبلغاه أنباء مزعجة . لقد قالا إنهما عثرا على عشر قطع من فئة النسر المزدوج 1933 . وكانت القطع ملفوفة في قطعة قماش وبلاستيك وموضوعة في كيس ورقي رمادي يحمل اسم مخازن جون واناميكر الذي أغلق أبوابه في عام 1995وكان الكيس موضوعا أسفل خزانة إيداع رقم 442 في بنك واشوفيا في فيلادلفيا . وكانت لانجفورد ورثت الخزانة من والدتها، وقالت إنها اعتقدت أن الكيس كان يحتوي على مجوهرات والدتها . وأدلت لاحقاً بشهادتها فقالت إن أحداً من أفراد أسرتها لم يكن يعلم كيف وصلت النقود إلى الصندوق . ورفضت أسرة لا نجبورد التعليق على هذه الحكاية . وأشار بيرك أن هناك الآن دعاوى قضائية بهذا الصدد . وبحسب وثائق قانونية فإن عائلة لانجبور تأمل أن تبرم صفقة مماثلة لصفقة فينتون، وطلبت الأسرة من بيرك إجراء اتصال مع دار ضرب النقود . وفي الخامس عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2004 التقى بيرك مع محامي الدار في مقر المباحث الفيدرالية في بروكلين لبحث الوضع . ومضى أسبوع، وجاء روي لانجبورد بصحبة بيرك وفتحا صندوق الودائع وتم تسليم الكيس الذي يحتوي على القطع الذهبية العشرة إلى الحكومة للتوثيق . ولكن النقود لم تعد إلى مكانها .

في يونيو/ حزيران عام 2005 استدعي بيرك للقاء محامي دار فيلادلفيا لضرب النقود في واشنطن . وأبلغ هناك أن القطع أصلية مئة في المئة . ولكن الدار رفضت، في هذه المرة، لم تعرض أية تسوية مالية عليه وبدلاً من ذلك قال المحامون إن الحكومة احتفظت بالقطع النقدية وهي موجودة الآن في فورت نوكس . وبادر بيرك بالاحتجاج دون أن يصل إلى أية نتائج ناجحة . وفي أغسطس/ آب العام 2005 صدر عن دار صك النقود بيان صحفي يعلن أنها استعادت القطع النقدية العشر .

يقول ريدن المسؤول في دار سوثبي للمزاد: أصبت بالدهشة . لقد كان الأمر غريبا، فقد وصفت الدار القطع بأنها فريدة من نوعها، وأعلنت دار سوثبي نفسها ذلك . وأوضح ريدن قائلاً إنه اتصل بالمشتري الذي قال له: هل عليّ شراء هذه أيضاً؟ .

ولم تتوفر له الفرصة للشراء . ومضت أشهر وعائلة لانجبورد تحاول استعادة القطع والمطالبة بالحصول على تعويضات من الحكومة بقيمة 40 مليون دولار أو القيام بإجراءات رسمية للمصادرة . ولكن الحكومة أصرت بأنها غير ملزمة بأي شيء . وفي ديسمبر/ كانون أول عام ،2006 أثارت عائلة لانجبورد القضية أمام المحاكم . وبعد ثلاثة أعوام طلب القاضي ليجروم دافيس في المحكمة الفدرالية في فيلادلفيا من الحكومة أن تبين أن لديها الحق رسمياً في الاحتفاظ بالقطع النقدية .

بعد ثماني سنوات وخلال شهر يوليو/ تموز الماضي، قالت عائلة لانجبورد إنها هي التي عثرت على القطع وبدأت تبذل جهوداً أمام القضاء لاستردادها .

ووقفت جوان لانجبورد، التي كانت ترتدي ملابس بسيطة، أمام القاضي صبيحة ال 19 يوليو/تموز الماضي، وكانت تذرف الدموع من حين لآخر . ولكنها كانت خلال ذلك حادة الذكاء وفطنة وتتحدث بكل شفافية، ولا يخل حديثها من التبرم والاضطراب . وقالت وهي تصف حانوتها: يبدو دكانا أشبه بمكب النفايات . ولكنه مكب من النوع الباهظ . ولم يتغير فيه أي شيء منذ السنوات التي كان والدي يديره . فلا يزال الكرسي الذي كان يجلس عليه هناك في الحانوت .

وتبين الوثائق، التي عرضت على المحكمة، أنها قامت بزيارة صندوق حفظ الودائع مرات عدة ما بين عام 1996 واكتشافها النقود في 2003 بما في ذلك اليوم الذي سبق مزاد سوثبي . وقالت إنها كانت تقوم بالزيارات لجمع قطع المجوهرات التي ورثتها عن أمها لبيعها لزبون ولم تلاحظ الكيس الرمادي أسفل الصندوق إلا عندما علق الصندوق واضطروا لفتحه بالمثقاب وهناك تأكد لها وجود القطع الذهبية . وتم عرض صندوق الإيداع أمام المحكمة، وكان بحجم صندوق آلة الكمان .

وبعد أن أدلت السيدة لانجبورد بشهادتها أمام القاضي، طلب القاضي التوقف لتناول الغذاء في حين توجهت لانجبورد مع ابنها الآخر إلى الدكان الذي لا يزال يحمل يافطة باسم سويت أند إيد سيلفر على الرغم من أن اسمها واسم شريكها سطر بأحرف مذهبة على واجهة الباب الأمامي للمحل . ودخلت بخطى سريعة إلى المحل وهرعت إلى الهاتف لإجراء مكالمة حول مسألة ذات صلة بتجارتها دون أن تعير زوارها أي انتباه . وامتلأت الواجهات الزجاجية بالمجوهرات وحاملات الشموع الفضية والساعات والتماثيل الصغيرة . وبرز على الطرف الآخر من الواجهة وصل تسجيل نقدي باهت يعود تاريخه إلى ثلاثينات القرن الماضي وصور باهتة للعائلة على الجدار بجانب مقالة نشرتها فيلادلفيا إنكويرر عام ،2009 وتتناول حديثا عن نقود ذهبية .

في اليوم الخامس من المحاكمة جلب موظفو دار صك النقود الأمريكية 10 قطع نقطة من فئة النسر المزدوج إلى قاعة المحكمة . وكانت شرطة دار صك النقود رافقت القطع في رحلة بالطائرة من كنتاكي إلى فيلادلفيا وتم تخزين القطع في دار فيلادلفيا لصك النقود في ليلة سابقة . وتم نشر القطع على قطعة قماش مخملية زرقاء في صندوق زجاجي محمي جيداً، أمام هيئة المحلفين . ومر الواحد تلو الآخر أمام القطع النقدية . ومرت 15 دقيقة نقلت القطع بعدها إلى مبنى فورت نوكس .

وأوضحت مساعدة القاضي جاكلين روميرو أن الوثائق التي أحضرتها دار ضرب النقود والأخرى الخاصة بتحقيقات التحريات خلال عقد أربعينات القرن الماضي لا تبين أن القطع النقدية غادرت دار ضرب النقود بصورة مشروعة وقالت الوثائق الرسمية إن كل قطعة تم العثور عليها تم رصدها عند إسرائيل سويت . وتحدثت الوثائق أيضاً عن السنوات التي بذلت فيها الحكومة الأمريكية جهوداً للعثور على تلك القطع . وتساءلت: لماذا نهتم بتلك القطع؟ لقد طرحنا واحدة، من قبل، على المزاد . وإنكم شاهدتم أن تلك القطعة كانت موثقة . ونعلم تماماً كيف حصل فينتون على تلك القطعة . ولم يكن ذلك الشخص إسرائيل سويت . وقالت إن تلك النقود والوثائق التي في محافظكم تحمل مصداقية الحكومة الأمريكية . ويعني ذلك أن الحكومة تقوم بحماية أموالها من اللصوص وعبث العابثين .

وتصدى بيرك لهذه الادعاءات قائلاً إن سجلات دار ضرب النقود تعود لنحو 80 سنة وهي بحالة يرثى لها كما أن جميع الأشخاص الذين أجرت معهم المباحث تحقيقاً هم الآن في عداد الأموات . وقال أيضاً إنها في الأسابيع الأولى المضطربة، عقب طلب روزفلت من الناس أن يعيدوا ذهبهم لاستبداله بعملات ورقية، كان لا يزال من الممكن استبدال السبيكة الذهبية بعملة نقدية ذهبية في دار فيلادلفيا لضرب النقود . وأكد أن تلك الفرصة التي ظهرت في ربيع عام 1933 كانت سانحة توفرت لسويت للحصول على تلك القطع النقدية الذهبية . وتابع يقول: تسعى الحكومة بكل جهد للحصول على تلك القطع . ولكن ليس بمقدور الحكومة أن تحصل على ما تشاء دائماً .

بعد ثمانية أيام من الإدلاء بالشهادة رأت هيئة المحلفين غير ذلك . ولذلك يتوقع أن تستأنف عائلة لانجبورد الحكم . وفي خلال ذلك يمكن أن تحفظ القطع في مكان آمن . ولم يستبعد أرمين فارطيان محامي نقابة جامعي النقود النادرة وجود قطع نقدية أخرى مختفية هناك وأضاف لم أر تلك القطع، ولكنني لن أصاب بالدهشة إذا عثر على قطع جديدة .

قطعة في قصر فاروق

في عام 1952 تمت الإطاحة بالملك فاروق وغادر مصر للعيش في المنفى في موناكو . وقرر ضباط الثورة المصرية عرض مقتنيات الملك على المزاد، بما في ذلك قطع ذهبية نادرة شملت 8500 قطعة . ومن بين تلك القطع كانت قطعة ذهبية من فئة 20 دولاراً ذات النسر المزدوج . وحصلت دار سوثبي للمزاد العلني على حق المزاد في القاهرة في فبراير/ شباط 1954 . وما أن رأت وزارة الخزانة الأمريكية كاتالوج تشكيلة نقود القصر الملكي المصري المطروحة في المزاد،حتى طلبت من المصريين سحب القطعة النقدية من المزاد وإعادتها إلى واشنطن . وفي اللحظة الأخيرة تم سحب القطعة الذهبية، لكن ما لبثت أن اختفت .

وحدة عمليات سرية

بعض تلك النقود الذهبية تسربت من دار فيلادلفيا لضرب العملة قبل أن تصهر . ولكن لا يعلم أحد على وجه التحديد كيف تسربت تلك الكمية . ومنذ ذلك الحين، أي قبل 70 سنة، والمباحث الفدرالية، المكلفة حماية مال الدولة، وهي تقتفي أثر تلك النقود المتسربة خلال ولاية 13 حكومة أمريكية و12 مديراً مختلفاً في دار ضرب النقود . واتخذت التحقيقات حول اختفاء تلك الكمية من العملة الذهبية أبعاداً واسعة، وامتدت إلى 3 قارات وشارك في عمليات الاقتفاء معظم جامعي العملة البارزين على المستوى العالمي فضلاً عن تكليف مخبر سري موثوق بالمهمة أيضاً . وأشرفت على تلك المطاردة وحدة عمليات سرية مقرها والدورف أستوريا في مانهاتن . وألهمت أحداث تلك القصة خيال الروائيين والكتاب وبرز منها روايتان وكتابان غير روائيين وفيلم وثائقي تلفزيوني . وانصبت تفاصيل أحداث تلك الأعمال على تاجر عملات نقدية، وهو متوفى منذ عام 1990 ولا يزال دكانه مفتوحاً في جنوب فيلادلفيا وتديره ابنته البالغة ال 82 سنة . وتقول السيدة العجوز إن هذه الوحدة النقدية أشبه بالمسخ .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"