عادي
بحر من البشر في استقبال «محاربي الصحراء»

الجزائر تفرح بأبطال إفريقيا

02:13 صباحا
قراءة 4 دقائق

منح رئيس الدولة الجزائري عبدالقادر بن صالح، أوسمة من درجة الاستحقاق الوطني للاعبي المنتخب الجزائري لكرة القدم، إثر فوزهم بلقب كأس أمم إفريقيا 2019.

وحققت الجزائر لقب البطولة، بعد فوزها على السنغال بهدف دون رد، يوم الجمعة في المباراة النهائية، في حدث مميز ل «محاربو الصحراء» الذين وجدوا استقبالاً أسطورياً في الجزائر وسط حضور الآلاف، وكان المشهد في الشوارع أشبه ببحر من البشر.

كان بن صالح قال لأعضاء المنتخب الجزائري لدى استقبالهم: «إننا بهذه المناسبة، وإذ نتقاسم فيض المشاعر التي عمت ربوع الوطن، ونجدد لكم الشكر والامتنان لما قدمتموه طوال الأسابيع الماضية من جهد مضن، نقدر العناء والمشاق التي تحملتموها بصبر واعتزاز، وهو ما يرفعكم بجدارة إلى مقام التكريم والتشريف، حيث قررنا أن نسدي لكم أوسمة من مصاف الاستحقاق الوطني اعتبارا للإضافة التاريخية المشرفة وتقديرا لإعلائكم رصيد وشأن الرياضة الجزائرية».

وأضاف «ويعد هذا التكريم استثنائيا بحق، إذ يهدف إلى مكافأة إنجازاتكم المتميزة لكي يكون مصدر إلهام وقدوة حسنة للأجيال القادمة».

وتابع «منذ أن بدأتم مشواركم الرياضي المظفر في منافسة قارية صعبة خلال الدورة الثانية والثلاثين لكأس أمم إفريقيا بجمهورية مصر العربية الشقيقة، تعلقت بكم آمال الجزائريات والجزائريين في الوطن وفي الخارج.

ومنذ أن باشرتم هذه المنافسة الرياضية القارية الهامة، توسم فيكم الشعب الجزائري التألق، ولأنكم من طينة هذا الشعب العظيم، حملتم في قلوبكم أمانة تحقيق الحلم، حلم الفوز والتتويج بالكأس الثانية».

وفي الشوارع صدحت حناجر الحشود البشرية الضخمة «شامبيوني.. شامبيوني»، أي البطولة.. البطولة، بعد انتظار لأكثر من ثلاث ساعات تحت الشمس الحارقة لحين وصول حافلة «محاربو الصحراء» إلى وسط الجزائر العاصمة وفي يده كأس إفريقيا التي انتظروها 29 سنة.

عثمان (24 سنة) جلس طول هذه الفترة على جسر في شارع جيش التحرير قرب حي بلكور الشعبي، لا يحميه من حرارة الشمس سوى وشاح على رأسه بألوان العلم الجزائري. هاتفه في يده وذراعه في السماء، صرخ من شدة الفرح حتى فقد القدرة على الكلام. وبلغ الفرح أوجه عندما مرت الحافلة من أمامه وهو يشاهد الحارس رايس مبولحي يمسك بالكأس ويلوح بها لتحية الجماهير وهو يتفاعل معهم بالغناء «وان تو ثري فيفا لاجيري (1، 2، 3، تعيش الجزائر).

وقبل وصول الحافلة كان إبراهيم، 28 سنة، يحلم أن يقفز فوق الحشود و«أنزل داخل الحافلة مع محرز والآخرين» وهو الذي تنقل من مدينة القليعة على بعد 35 كلم من أجل هذه اللحظة «النادرة» كما قال لوكالة فرانس برس.

لحظة اللقاء

وبعد قلق كبير بدا على وجوه الآلاف من المترقبين لوصول الحافلة وعلى متنها «رجال» المدرب جمال بلماضي، وانتشار إشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ان الموكب غيّر مساره، ظهرت دراجات الشرطة الرئاسية لتعلن قرب وصول النجوم.

وماهي إلا دقائق حتى بدت الأضواء الزرقاء لنحو 50 سيارة شرطة ودرك تتقدم الحافلة تخترق الحشود التي غزت الطريق. لم يتوقف اللاعبون عن تحية الجمهور ومنهم من كان يتفاعل باستمرار مع أغاني المشجعين مثل سفيان فغولي أو بغداد بونجاح.

بعض الحاضرين لا يملكون من القوة ما يجعلهم يتسلقون الجسور والأشجار والأسوار لالتقاط صورة للموكب الرسمي، كما جمال الذي تنقل من البليدة (45 كلم غرب الجزائر) مع والدته المسنّة.

وقالت والدته، سامية (74 سنة) «أردت ان أشاهد إن كان هؤلاء رجال عاديون أم بشر من كوكب آخر».

وبمجرد وصول الحافلة إلى مستوى جمال حمل والدته لتتخطى الجموع فأطلقت زغرودة، كادت أن تسقط مغشية بعدها.

أما مولود، 44 سنة، فجاء مع أولاده الثلاثة. ترك سيارته وسط الطريق بعد أن قطعت الشرطة حركة المرور في شارع حسيبة بن بوعلي القريب من شارع جيش التحرير.

وعبر هذا الموظف من الجزائر العاصمة عن «الفخر والاعتزاز» بأبناء وطنه، مضيفاً «خرجت من أجل أولادي، أرادوا ان يكونوا هنا حتى يصدقوا إننا فعلا فزنا بالكأس». ورغم أن المسافة لا تزيد عن كيلومترين بين شارع جيش التحرير وساحة الأول من مايو، إلا ان الموكب استغرق اكثر من 45 دقيقة للوصول إلى حيث تم التحضير للاستقبال الشعبي، لكن ذلك لم يأخذ في الحسبان ان «الشعب قرر أن الاستقبال يبدأ من المطار حتى قصر الشعب» كما قال آكلي، 40 سنة.

وشارك هذا العسكري السابق، قبل خمس سنوات في احتفالات عودة المنتخب من مشاركته التاريخية في كأس العالم بالبرازيل عندما بلغ الدور الثاني قبل أن يقصى على يد ألمانيا التي فازت باللقب.

وفي ساحة أول مايو/ أيار المعروفة بنافورتها الضخمة انفجرت الحشود فرحاً لرؤيتها أخيراً الحافلة وعلى واجهتها كتب «أبطال إفريقيا» مع نجمتين ذهبيتين، للتذكير بأن هذه الكأس الثانية التي تفوز بها الجزائر بعد الأولى التي نالتها في 1990 عندما احتضنت المنافسة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"