تسميم العلاقات الروسية ــ الأوروبية

03:09 صباحا
قراءة دقيقتين

بُذلت في الأشهر الأخيرة جهود كبيرة لتحسين العلاقات الروسية - الأوروبية، وتبديد المخاوف المشتركة التي أدت إلى تعكير صفو العلاقات الثنائية، وتجاوز الخلافات التي تسببت في سلسلة من العقوبات الأوروبية على روسيا جراء ضم شبه جزيرة القرم والوضع في أوكرانيا، وأخيراً الأزمة السياسية في بيلاروسيا.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قادا هذه الجهود لعلها تؤدي إلى استقرار العلاقات بين الطرفين على قاعدة التعاون المشترك والتخفيف من حدة الأزمات الأوروبية، وتبديد الشكوك الروسية بشأن أن أوروبا تنفذ سياسات أمريكية تؤثر سلباً في مصلحة الطرفين.

ثم جاءت أزمة المعارض الروسي أليكسي نافالني، الذي نقل إلى ألمانيا للعلاج بعد أن قيل إنه تعرض للتسميم بينما كان في طريقه من مدينة تومسك السيبيرية إلى موسكو، لتعيد العلاقات بين روسيا وأوروبا إلى نقطة الصفر، وسط اتهامات متبادلة حول حادث التسميم.

ألمانيا، التي وجدت فرنسا وبريطانيا إلى جانبها، مع حلف «الناتو» في توجيه التهمة إلى موسكو بأنها قامت بتسميم نافالني بغاز أعصاب من نوع «نوفيتشوك»، ومطالبتها بتقديم توضيحات ومعلومات كافية حول الغاز المذكور، والتهديد «بعقوبات محددة الأهداف»، وفق وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، ترى أن الحادث سمم الأجواء، وجمد الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات، وخصوصاً ما يتعلق بمستقبل مشروع «نورد ستريم 2» لمد أنابيب الغاز بين روسيا وأوروبا عبر ألمانيا، وهو المشروع الذي واجه رفضاً من الولايات المتحدة التي كانت تمني النفس بأن يكون الغاز الأمريكي هو البديل عن الغاز الروسي.

موسكو من جانبها رفضت الاتهامات الألمانية والغربية، حيث أعرب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن شكوكه في هذه الاتهامات، مطالباً بتقديم أدلة، في حين قالت الحكومة الألمانية إن الفحوص «أعطت دليلاً قاطعاً على وجود مادة كيميائية عصبية سامة من نوع نوفيتشوك» لدى نافالني. الخارجية الروسية ردت على ذلك بالقول «إنه إذا تم بالفعل استخدام غاز نوفيتشوك فليس من الضروري أن تكون روسيا منشأه».

من جهته أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الفرنسي ماكرون في اتصال هاتفي أنه «من غير اللائق» توجيه اتهامات من دون أساس إلى روسيا. وكان ماكرون حض بوتين على توضيح ملابسات «محاولة قتل المعارض نافالني».

قضية تسميم نافالني سممت العلاقات بين الجانبين الروسي والأوروبي، وكان من نتائجها أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ألغى زيارة كانت مقررة أمس إلى برلين لإجراء محادثات مع نظيره هايكو ماس والمستشارة ميركل.

هذا يعني أن العلاقات الثنائية وضعت في الثلاجة، وأن قضية نافالني تحولت إلى أزمة فعلية قد تزيد التوتر بين الجانبين إذا لم يتم تدارك تداعياتها، ولعل الرئيس الفرنسي ماكرون وحده القادر على كبح جماح المزيد من التوتر، نظراً لعلاقاته المميزة مع كل من بوتين وميركل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"