إرهاب خارج التعريف

03:26 صباحا
قراءة دقيقتين
خيري منصور
ما لم يتوصل العالم إلى تعريف دقيق للإرهاب فإن هذا المصطلح المطاطي سيظل يضيق ويتسع تبعاً للنوايا، كما أنه يستخدم على نحو انتقائي، وقد يكون التهرب من تحديد مفهوم الإرهاب وتداول العبارة الغامضة، وهي ما يسمى الإرهاب، بمثابة تحايل على الواقع، لأنه ما من إرهاب طيب مقابل إرهاب خبيث! أو إرهاب مشروع مقابل إرهاب محظور!
ولا ندري ما الذي سيخسره العالم إذا توصل إلى تعريف دقيق للإرهاب؟ هل هو ذلك التحايل أو التلاعب من أجل تحريم نمط من الإرهاب أو تحليل نمط آخر؟
وقد تكون استراتيجية المكيالين وما بلغته من برغماتية أيسر الطرق إلى خلط الأوراق، فالحرب مثلاً كانت وستظل مجالاً للاستنكار، لأن كل من يخوضونها خاسرون بدرجة أو بأخرى، لكن هذه المقولة لا تشمل الحروب الدفاعية التي تضطر إليها شعوب تتعرض للغزو والانتهاك، وهناك عبارة وردت في رواية لجورج أورويل تصلح رغم ما توحي به من السخرية لتوصيف الازدواجية السياسية والأخلاقية في عصرنا، وهي أن الناس متساوون، لكن بعضهم متساوٍ أكثر من الآخر!
ولا نتصور أن تحديد دلالات الإرهاب يحتاج إلى فقهاء في اللغات، بحيث ينسب إلى مجهول، أو يبقى محاصراً بقوسين باعتباره جملة معترضة في خطاب سياسي!
ومن حق ضحايا الإرهاب من مختلف الجنسيات والعقائد والألوان أن يسألوا كم من الجرائم والدماء يجب أن تبلغ النصاب المطلوب كي يسمى الإرهاب إرهاباً!
إن عصراً يتم فيه التلاعب حتى بالبديهيات والأولويات هو بالتأكيد عصر مشكوك في منظومة مفاهيمه وقيمه كلها، لأن التناسب أصبح عكسياً وليس طردياً بين خطاب لا يكف عن الثرثرة حول حقوق البشر وما يتعرض له البشر من انتهاكات على مدار الساعة!
ومن استخدموا مصطلح العولمة قناعاً للاستعمار الجديد هم أنفسهم الذين يحيطون مصطلح الإرهاب بكل هذا الضباب المصطنع!
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"