مَشاهد وبصمات

04:20 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

هل رأيت عزيز وهو يبكي أمه ويختبئ في المطبخ هرباً من المعزّين، قائلاً لحبيبته صوفيا: مش عايز حد يقولي البقية في حياتك، هي ما قالتليش أعمل إيه بالبقية..؟ مشهد تقلل من وصفه الكلمات، فهو مصنوع كي تعيشه بإحساسك وأنت ترى الرجل الضخم يبكي وملامحه تقول لك إنه طفل انتزعوه للتو من حضن أمه. تائه مرعوب، كيف يكمل حياته من دونها، وهو الذي لم يجرؤ يوماً على اتخاذ أي قرار إلا بإذن منها، حتى حبّه الكبير لصوفيا كتمه إرضاء لها.. كيف يكمل العيش وأمه رحلت فجأة ولم تقل له ماذا يفعل «بالبقية» من حياته؟
مراد مكرم وُلد فناناً قديراً في مسلسل «ليالي أوجيني»، فأدى أحد أهم المشاهد في المسلسل ومنح عزيز الشكل الذي ينسجم مع طبيعته وضعف شخصيته وطيبة قلبه.
كثر قدّموا مشاهد عالية في هذا الموسم وتألقوا مثل الأبطال الرئيسيين وأحياناً أكثر. منهم مثلاً عمرو عبد الجليل في «طايع»، الرجل الصعيدي المجبول بحب الثأر والتاجر الثري السارق للآثار الفرعونية، إنه بطل في ذروة تألقه، خصوصاً حين يثور غضباً ويرقّ حناناً ويبكي حرقة؟
في مسلسل «ومشيت» اللبناني للكاتبة كارين رزق الله، أكثر من مشهد لمس قلوب المشاهدين لشدة الصدق في الأداء والحوار المؤثِّر. منها لحظة اتخاذ قرار الفراق المرّ بين الأم مَيدا (كارين) وابنتها تالي (ناديا شربل وهي ابنتها في الحقيقة أيضاً)، حيث يصل إحساس الممثلتين إلى الذروة فينعكس على الجمهور بنفس درجة الألم والحزن والأمل.
رندا كعدي في نفس العمل تؤدي مشهداً عالياً جداً، أم الشهيد التي ما زالت تتحدث معه وتحكي عنه وكأنه حي. لحظة مواجهة الضابط هي لحظة مواجهة الحقيقة، تؤكد له أنها ليست مجنونة، بل هي أم تحكي مع ابنها كي لا تنسى صوته، يتردد صداه في عقلها وقلبها، فتطمئن لوجوده معها.
منى واصف المتألقة في «الهيبة» للسنة الثانية، الأم القوية القادرة على مواجهة كل الصعاب والواقفة في وجه الرجال، وهي نفسها التي تلاقي ابنها جبل بعد عودته بمنتهى اللين والحنان وتفيض أمومة..
يحيى الفخراني يبكيك دون أن يبكي، تشعر بحرقة قلبه وبكائه الداخلي الذي يقطع الأنفاس، في أكثر من مشهد في «بالحجم العائلي»، ومنها مشهد عرفت كيف تستخدمه هالة خليل لتقدّم صورة أبوية تفيض حناناً، حين حمل نادر حفيده عبد الله بين ذراعيه وقد اكتشف أنه ابن رانيا، واحتضانه في مشهد خارجي رائع، بينما كان يتجه من غرفته إلى غرفة زوجته وابنته.
عادل إمام في أصعب المشاهد، كرجل ترمي ابنته الأوراق في وجهه وتطرده، فيرد عليها بصفعة حقيقية. مشهد تشعر بمدى التحامه بالواقع، ومدى ارتقاء الممثلين بأدوارهم.
ياسر جلال، نادين نجيم، عابد فهد، دانا مارديني وغيرهم.. الموسم كان حافلاً بالمشاهد الإنسانية والبصمات والأداء المتميز للمتميزين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"