حين يصبح الحزب أرملة

03:29 صباحا
قراءة دقيقتين
خيري منصور

إذا كان كل ما كتب حتى الآن عن العقلانية في ثقافتنا، تأسيساً وتأملاً وترجمة، لم يتراكم ما يكفي من المقدرة للدفاع عنها، فإن الأمر جلل ويشكو من خلل مزدوج، بحيث تكون المقاربات ذاتها تشكو من قصور بنيوي، أو الخطاب المضاد لكل هذه الأطروحات، كان مسلحاً إلى الحدود التي تحول دون رصده كمّاً ونوعاً.
فالطافي على السطح والمتداول عبر الميديا خفيف الوزن، يشكك المراقب بأن هذه المقاربات الملفّقة من فكر تقليدي لم يعد النظر فيه منذ قرون، لكن لحسن الحظ فإن المعايير التي احتكم إليها النقد في ظواهره الشكلية هي شيء مغاير تماماً، فهناك مقولات أفقدها التطور فاعليتها، وهي مدينة على الأقل لبعدها الصوتي وما رشح منها من طللية رومانسية، وكل ما هو مضاد للعقلانية، يجتذب العقلاء في أي زمان ومكان ويأتلفون على أفكار لأسباب لا علاقة لها على الإطلاق مع المنطق بل على طريقة عدوّ عدوّي، وهذا بحدّ ذاته يخرج الخطاب عن نطاق المنطق كله، لأنه ليس فقط يضحي بالمفاهيم والقيم لصالح اختزالها في الشخصنة، وكأن السجال بين طائفتين أو قبيلتين، لذلك لم يتطور أي فكر استبدل جذوره المعرفية بأداء سجال يتولّى فيه متعهدو ثقافة الشخصنة، لأن الدفاع بتبدل الأشخاص الذين يجسّدون الأفكار والتيارات الثقافية أو حتى الأدبية التي اقترنت ولادتها برعاة وأشخاص لم يكن لها عافية خاصة بها، أو احتكاك بالبيئة والواقع، بحيث ترسم حدودها ومنابع رؤاها.
وقد يكون المجال السياسي لاختبار أدوار زعماء، هو الأوضح لأنه أقرب إلى الإعلام ولا يطمح إلى أكثر من مجرد الصورة حتى لو كانت مجرد فولكلور، سرعان ما يطويه النسيان، وكم هو الشبه الكبير بين تيار أو حزب يرحل صاحبه، فهو سرعان ما يتحوّل إلى أرملة !

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"