نتنياهو يشتري الوقت

04:48 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

دخل رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو في معركة كسب الوقت؛ للإفلات من المثول أمام المحكمة في قضايا الفساد، فهو كما وصفه محللون «إسرائيليون» كاذب ومخادع وجبان في آن واحد. فقد طلب نتنياهو الحصانة من الملاحقة من الكنيست؛ لعلمه أن الكنيست لن يبت في الطلب إلا بعد تشكيل لجنة؛ لمناقشة الأمر، وقد يطول النقاش حتى موعد الانتخابات المقبلة في مارس/‏آذار المقبل، وعندها يحال قرار اللجنة في حالة الموافقة عليه إلى الكنيست الجديد؛ للتصويت عليه، ومن غير المحتمل أن يستطيع نتنياهو الحصول على أغلبية في الكنيست المقبل تتيح له ذلك. فقد أعلنت أحزاب اليسار والوسط وحزب أفيجدور ليبرمان رفضهم لمنحه الحصانة، فاستطلاعات الرأي ما زالت على حالها، وتشير إلى أن الاستقطاب بين معسكري اليمين والوسط ما زالت على حالها؛ أي لا أغلبية محتملة لأي منهما؛ بل إن البعض رأى أن طلب نتنياهو للحصانة يعد اعترافاً ضمنياً بالذنب؛
ما يعني أن هناك انخفاضاً في شعبيته. فهو يحاول الإفلات من الملاحقة بأي ثمن وشراء الوقت؛ لكن حتى في حالة حصوله على الحصانة من الكنيست المقبل، فمن غير المرجح أن توافق عليه المحكمة العليا؛ لأنه يتناقض مع القانون وفقاً لأقوال حقوقيين وقانونيين.
نتنياهو يحاول كسب الوقت على عدة جبهات؛ فهو يواصل النقاش مع مجلسه الأمني المصغر حول مسألة التهدئة مع غزة، مقابل تسهيلات تمنح لغزة؛ من حيث زيادة عدد تصاريح العمل، وتخفيف القيود على دخول البضائع، واستمرار تدفق المال القطري إلى «حماس»؛ لكنه يريد انتصاراً يساعده انتخابياً، وهو إنجاز صفقة تبادل أسرى تتيح له إقناع الناخبين بصواب التهدئة مع «حماس»، ما يعني رفع شعبية الليكود انتخابياً؛ بحيث يتمكن من تشكيل حكومة مقبلة.
وعلى جبهة الضفة، فقد أعطى الضوء الأخضر لحكومته ووزير حربه اليميني المتطرف نفتالي بينيت؛ لكي يشدد قبضته على السلطة الفلسطينية مالياً وعسكرياً واستيطانياً، فقد اقتطع خمسين مليون دولار من مخصصات أهالي الأسرى والشهداء مجدداً، وبدأ يتحدث عن تسجيل الأراضي التي تبلغ ثلث مساحة الضفة في وزارة القضاء «الإسرائيلية» كأراض تعود ملكيتها للكيان الاحتلالي؛ وذلك تمهيداً لضمها، كما أوعز ببناء آلاف الشقق الاستيطانية، وأطلق العنان لما يسميه ب«شباب التلال» من المستوطنين؛ لمواصلة تخريبهم واعتداءاتهم على الفلسطينيين؛ حيث بلغ عدد الاعتداءات أكثر من 240 اعتداء.
الحلقة الأضعف القابلة للضرب دون رد هي الضفة، وعلى الرغم من معارضة المخابرات «الإسرائيلية» لقرار حجز الأموال؛ لأنها قد تؤدي إلى ثورة جوع في الضفة أشد وطأة على الاحتلال من غزة؛ بسبب التداخل في الحياة بين الفلسطينيين والمستوطنين، ما يعرض اليهود للأخطار، فإن رأي المخابرات لم يؤخذ به.
إلا أن حسابات نتنياهو كما يبدو مع حلفائه تختلف عملياً، فهو يرمي إلى إضعاف ثم تقويض السلطة الفلسطينية مستقبلاً. وغداة طلبه الحصانة توجه نتنياهو إلى أثينا لحضور قمة (قبرصية - يونانية) لتصدير الغاز؛ عبر أنبوب بحري، واعداً «الإسرائيليين» بالأموال؛ لكن هذا الوعد سيستغرق سنوات لتنفيذه، إلا أنه يأمل في إعادة وضع صورته في إطارها الدولي كسياسي يعرف كيف يتعامل مع الدول؛ لمصلحة كيانه.
تحذيرات محللين ومخابرات الاحتلال لا تعني أحزاب اليمين التي يهمها كسب ناخبين في الانتخابات القريبة، وقد غلف نتنياهو سياسته تجاه غزة، بأنه يريد التفرغ للخطر الشمالي من لبنان؛ حيث صواريخ «حزب الله» اللبناني، وهو يعلم أنه لا توجد حرب في الأفق؛ لانشغال لبنان داخلياً؛ لكنه عادة يهوّل من أخطار وجودية تحدق بكيان الاحتلال، وقد يلتقط اللحظة بعد اغتيال قاسم سليماني؛ للتوافق مع ترامب في حرب محدودة؛ لكنها ستبقى ضمن الحملتين الانتخابيتين للاثنين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"