محصلة سلبية لحروب أمريكا الدائمة

03:26 صباحا
قراءة 3 دقائق
باتريك بوكانان

في 2 سبتمبر/أيلول ، قال الجنرال جون نيكولسون، بمناسبة انتهاء فترة قيادته للقوات الأمريكية والأطلسية في أفغانستان، التي استمرت 31 شهراً: « لقد حان الوقت لكي تنتهي هذه الحرب في أفغانستان».
في اليوم التالي لخطاب نيكولسون الذي صادف عيد العمال الأمريكي، جاء نبأ عن مقتل جندي أمريكي في «هجوم من الداخل» - أي على يد جندي أفغاني.
وهناك اليوم سؤال يطرحه كثيرون من الأمريكيين بإلحاح: لماذا نواصل القتال في أفغانستان؟
وحسب الجنرال المتقاعد كارل إيكنبيري، سلف نيكولسون في أفغانستان، «نحن نواصل القتال لأننا ببساطة موجودون هناك». وفي مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، قال إيكنبيري: «في غياب توجيه سياسي واستراتيجية دبلوماسية، سد القادة العسكريون الفراغ بشن حرب يتفقون جميعاً على أنه لا يمكن كسبها عسكرياً» .
وفي الواقع، هذه الحرب في أفغانستان، الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، أصبحت حرباً أخرى يتعذر الانتصار فيها.
والمشكلة الكبرى التي تواجهها الولايات المتحدة الآن هي أنها إذا سحبت جنودها ال14 ألفاً من أفغانستان، فإن النظام في كابول سوف ينهار، وطالبان سوف تستولي على السلطة، والمجازر ستبدأ مرة أخرى.
ولهذا تبقي أمريكا قواتها في أفغانستان. ولكن الى متى؟
بينما تحيي أمريكا الذكرى الأليمة ال17 لاعتداءات 11 سبتمبر/أيلول ، يبدو أن هذه المناسبة هي الوقت المناسب لوضع محصلة النجاحات والإخفاقات للحروب الدائمة في الشرق الأوسط التي غرقت فيها أمريكا في هذا القرن الجديد.
في أفغانستان، أصبح وجود حركة طالبان الآن متغلغلاً في عدد من الولايات أكبر من أي وقت منذ الغزو الأمريكي في 2001.
وفي سوريا، يبدو أن الحرب الأهلية التي ساهمنا في إشعالها تتجه الآن نحو معركتها الكبرى الفاصلة مع استعداد الجيش السوري، بدعم من روسيا وإيران، لشن هجوم على محافظة إدلب. وفي 3 سبتمبر/أيلول ، وجه الرئيس دونالد ترامب في تغريدة تحذيراً إلى سوريا وروسيا وإيران، من شن مثل هذا الهجوم، قائلاً إن «الروس والإيرانيين سوف يرتكبون خطأ إنسانياً خطيراً بمشاركتهم في مثل هذه المأساة الإنسانية المحتملة. مئات الآلاف من الناس يمكن أن يقتلوا».
وأتبع مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون ذلك بتحذير سوريا من أنها إذا استخدمت أسلحة كيماوية في إدلب، فإن الولايات المتحدة سوف ترد.
وفي الواقع، ينطوي شن هجوم سوري يستهدف إدلب على خطر مجابهة أمريكية - روسية.
ولكن هل لدينا نحن الأمريكيين مصالح حيوية معرضة للخطر في محافظة إدلب؟
الولايات المتحدة تتحمل أيضاً مسؤولية عن الفوضى السائدة الآن في ليبيا، حيث تتصارع فصائل متنافسة. وهذه الفوضى في ليبيا تهدد «حكومة الوحدة الوطنية» المدعومة من الأمم المتحدة.
وفي العراق، الذي أغرقناه في بحر من الدماء منذ غزونا في 2003، تتصارع الآن فئات متنافسة على السلطة عقب الانتخابات الأخيرة التي حققت فيها القوى الموالية لإيران والمعادية للولايات المتحدة مكاسب.
وفي الوقت ذاته، تعاني إيران الآن وضعاً اقتصادياً متقلقلاً، ومن شبه انهيار عملتها مع اقتراب موعد نوفمبر/تشرين الثاني، الذي حددته الولايات المتحدة مهلة لكي تختار أوروبا بين قطع روابطها مع إيران، أو خسارة الأسواق الأمريكية .
عندما نضع محصلة بالخسائر البشرية الأمريكية نتيجة لحروب الولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي منذ 2001، وخسائر هذه المنطقة البشرية والمادية، إضافة إلى تريليونات الدولارات التي خسرناها، يطرح السؤال: ما هي المنافع التي جنيناها، إن كانت هناك منافع؟
وفوق كل ذلك، يبدو الآن أننا نتجه نحو مجابهة مع روسيا حول أوكرانيا، وهذا أمر أكثر خطورة بكثير.
إننا، نحن الأمريكيين، لا نزال ننتظر أن يخرجنا الرئيس ترامب من أية من الحروب التي ورثها. ولكنه على الأقل يستحق أن يسجل له أنه لم يورطنا في أي حرب جديدة، وهذا سجل نأمل أن يستمر.

سياسي وكاتب أمريكي - موقع « أنتي وور»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"