علي سيّار

أتى الصحفي البحريني الكبير علي سيّار إلى الصحافة في منتصف خمسينات القرن العشرين. كانت الصحف التي تصدر لسان حال الحركة الوطنية في إطار النهوض الوطني والقومي العربي يومها، ضد ما عرف بنظام «الحماية» البريطاني.
لذلك كانت تلك الصحف هدفاً للمستشار البريطاني في البحرين آنذاك تشارلز بلجريف، ولكن إرادة علي سيّار وصحبه لم تهن. أغلق بلجريف صحيفة سيّار الأسبوعية «القافلة»، التي استمرت في الصدور بين عامي 1952 و 1954، فتقدّم بطلب ترخيص لصحيفة جديدة أسماها «الوطن» هذه المرة (1955 - 1956).
حين هبت البحرين عن بكرة أبيها نصرة لمصر الناصرية إثر العدوان الثلاثي عليها، استفزّ ذلك الإنجليز الذين أجهزوا على حركة هيئة الاتحاد الوطني، وسجنوا ونفوا قادتها، وأغلقوا جميع الصحف، ووجد علي سيّار نفسه منفياً إلى الكويت.
قبيل وبعد إعلان استقلال البحرين مطلع السبعينات عادت الصحافة إلى الصدور. وكان علي سيّار في المقدمة. أسس ثاني مجلة أسبوعية آنذاك هي «صدى الأسبوع» التي كنت محظوظاً بتلقي خبراتي الأولى في الصحافة فيها.
كان علي سيّار يحرص على قراءة ومراجعة كل ما نكتب من مقالات أو تحقيقات، وكنت أحرص على رؤية ما كتبت بعد أن يمرّ عليه، للتمعن فيما أدخله من تعديلات وما حذف أو أضاف من جمل وعبارات لأتعلم منه، وأحسب أني تعلمت الكثير. إني فخور حتى الساعة بأني كنت تلميذاً من تلاميذه.
جرأة علي سيّار في الخمسينات استمرت معه في «صدى الأسبوع» بالسبعينات. أوقفت المجلة أكثر من مرة، ولكنها تعود، وقلم صاحبها لا يكف عن نقد ما يراه غير صحيح. بعد حين صدرت الصحف اليومية في البحرين، فانحسر دور المجلات الأسبوعية. حاول سيّار إصدار جريدة يومية لكنه لم يوفق، ولم تقو «صدى الأسبوع» على البقاء فأصبح الرجل كاتباً لزاوية يومية مهمة في جريدة «أخبار الخليج»، حتى سنوات قليلة مضت حين خانته صحته.
إضافة إلى الكتابة الصحفية كتب علي سيّار القصة القصيرة، حيث جمع مجموعة من قصصه التي كتبها في الخمسينات في كتاب صدر عن «دار الغد» التي أسسها الشاعر علي عبدالله خليفة في السبعينات.
ثمة صفحة مضيئة أخرى مهمة في حياة الراحل، فقد انتخب بعيد استقلال البحرين عضواً في المجلس التأسيسي، عن الدائرة التي كان فيها مسقط رأسه بمدينة المحرق، وكان سيّار أحد الأصوات المهمة في ذلك المجلس الذي وضع أول دستور في تاريخ البلاد.
سيّار كان أول بحريني ينال جائزة تريم عمران للصحافة.

[email protected]