وحشية الدولة اليهودية

04:35 صباحا
قراءة 4 دقائق
ذكرت خبيرة "إسرائيلية" رفيعة المستوى، أن مستويات الإجهاد، والسكر، وضغط الدم، ارتفعت بين "الإسرائيليين" ارتفاعاً كبيراً، أثناء العدوان الأخير على غزة . ولكن هذه الخبيرة الحساسة والإنسانية جدا، تجاهلت تشخيص العلل التي حلت بالشعب الفلسطيني في غزة أثناء الفترة ذاتها من العدوان "الإسرائيلي" الإبادي البربري . . ومن الواضح أن الخبيرة، تغاضت عن احتمال أن يكون ارتفاع الضغط ومستوى سكر الدم لدى "الإسرائيليين"، راجعاً إلى نشوتهم الغامرة، التي بدت على وجوههم أثناء مسيرة في تل أبيب، وهم يحتفلون بوحشية، ويرددون شعارات عنصرية، تقول "لم تعُد هنالك مدارس في غزة، ولم يبق فيها أطفال"، و"غزة مقبرة" . ويبدو أن الشعب اليهودي الذي أقسم بعد المحرقة، أن "لا يحدث ذلك مرة أخرى"، كان يعني أن لا يحدث لليهود وحدهم، لا ل"البهائم" الذين لم يكونوا من "الشعب المختار" .
لقد أعلن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق، مناحيم بيغن، ضمن خطاب ألقاه في الكنيست، ونشره الصحفي "الإسرائيلي"، امنون كابليوك، في صحيفة نيوستيتسمان، في 25 يونيو/حزيران ،1982 أثناء العدوان "الإسرائيلي" على لبنان . . "إن عِرقنا، هو سيّد الأعراق . إننا آلهة مقدسة على هذا الكوكب . ونحن مختلفون عن الأعراق الدنيئة، مثل اختلافها عن الحشرات . والأعراق الأخرى، بالمقارنة مع عِرقنا، وحوش وحيوانات، وبهائم في أحسن الأحوال . إن الأعراق الأخرى، تُعتبر بُرازاً آدمياً . ومصيرنا هو أن نحكُم الأعراق الدنيئة . سوف يحكم مملكتنا الدنيوية زعيمٌ بيده قضيب من حديد . وسوف يلعق العوام أقدامنا، ويخدموننا باعتبارهم عبيداً لنا" .
كذلك قال الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، في مذكراته عن السنوات التي قضاها في البيت الأبيض، إنه كان يمكن إقامة سلام بين العرب و"الإسرائليين"، لولا آراء رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، مناحيم بيغن، المتعصبة العنصرية الشبيهة بالآراء النازية . ويذكر كارتر، أن بيغن، كان يعتقد بأن اليهود "عِرقٌ سيّد"، وشعب مقدس أسمى من المصريين والعرب . كما كان بيغن يؤمن بأن الله أراد لليهود أن يملكوا الأرض، ولذلك، لم يكن هنالك أي أساس للسلام . فاليهود يتوقون إلى الأرض، ويسعون إلى امتلاكها .
إن اليهود، كانوا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، يؤيدون ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بأن يلعبوا أدواراً مهمة في الدفاع عن حقوق الإنسان، ويروّجوا أن حقوق الإنسان تعبير عن ديانتهم ( . . ) . وانطلاقاً من ذلك، راحت "إسرائيل" منذ قيامها غير الشرعي، تتشدق بشعارات فارغة، من قبيل أنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"؛ وأنها تملك "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، وأنها "تدافع عن نفسها" .
هنا يجب التذكير بقول وزير الدعاية في المانيا النازية، جوزيف غوبلز، إن الاستمرار في ترديد الأكاذيب الكبرى، يجعل الناس يصدقونها في نهاية المطاف .
ولكن، من سوء حظ الصهيونية وعلى الرغم من استمرار هيمنتها على الإعلام الجماعي، ورشوتها للزعماء الغربيين، بدأت الأكاذيب تتآكل، وبدأ كثير من الناس يتساءلون عن استمرار "إسرائيل" في ارتكاب الجرائم ضدّ الإنسانية، في منأىً واضح عن العقاب . ولذلك، إذا لم تحاسَب "إسرائيل" وتعاقَب على ما ارتكبته من قتل وتدمير أثناء عدوانها الأخير على غزة، فإن بقية دول العالم لن تكون وحسب، قد فشلت على نحو بائس في أن تفعل الشيء الصائب بالإصرار على رعاية حقوق الإنسان لجميع البشر، بل سيثبُت كذلك، أن افتراض مجرم الحرب، العنصري المهووس، بنيامين نتنياهو، الذي صرّح به عام ،2001 صحيح، حين قال: إن العالم لن يقول شيئاً . سيقول العالم إننا ندافع عن أنفسنا . . إن امريكا شيء يمكن تحريكه بسهولة . تحريكه في الاتجاه الصحيح . . إنها لن تقف في طريقنا . . إن ثمانين بالمئة من الأمريكيين يؤيدوننا" .
مما لا ريب فيه، أن قدرة "إسرائيل" على الاستمرار في الاستشهاد بمفاهيم ومبادئ أخلاقية يهودية طنانة، بينما ترتكب في الوقت ذاته، أشنع الجرائم، قد غدت سمة وطنية راسخة، يجب تحدّيها وفضحها، وكشف أنها خدعة إجرامية سافرة . لأن صحة ادعاء "إسرائيل" "الدفاع عن النفس"، تقتضي أن يكون "الإسرائيليون" هم ضحايا العدوان، لا الشعب الفلسطيني . ولكن الواقع، هو أن الشعب الفلسطيني، هو الذي كان منذ البداية، ضحية العصابات الإرهابية الصهيونية، التي طردت أبناءه من منازلهم وقراهم، وقتلت الألوف من أفراده أثناء ذلك؛ إن الفلسطينيين بملايينهم، هم الذين مورس عليهم الإرهاب، وطُردوا من أرضهم؛ والفلسطينيون هم الذين تعرضوا لكل أشكال اللاإنسانية خلافاً للحقوق الطبيعية والقانونية؛ والفلسطينيون هم الذين ما زالوا يتعرضون للتطهير العرقي "الإسرائيلي" البربري، الذي يُتوج بمزيد من سلب أراضيهم . وهكذا، عندما يقاوم الشعب الفلسطيني الخاضع لاحتلال وحشي- دون أن تكون لديه دبابة واحدة، أو طائرة مقاتلة أو سفينة حربية- التفوق الساحق الذي تتمتع به دولة نووية تملك رابع أضخم الجيوش في العالم، مدعومة من الولايات المتحدة دون قيد أو شرط، عندئذٍ يوصم أفراد هذا الشعب بالإرهاب، بينما يقال عن مجرمي الحرب "الإسرائيليين"، إنهم "يدافعون عن أنفسهم" .
إن الناس الشرفاء في كل مكان، عليهم واجب أخلاقي، لاتخاذ تدابير عقابية ضد "إسرائيل" دون إبطاء . فالحقيقة الجوهرية للصراع- كما قال مايكل نيومان، مؤلف كتاب "الردّ على "إسرائيل""، هي أن الصهاينة سعوا إلى السيادة على فلسطين . ومن هنا ينبع كل ما جاء من بَعد: ردّ الفعل العربي وكل ما تلاه . . ف"إسرائيل" هي الإبن غير الشرعي للقومية العرقية .
وليم هانا *

* مؤلف أمريكي وصحفي مستقل (موقع ديسنت فويس)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"