«مربّون» غير مؤتمنين

03:46 صباحا
قراءة دقيقتين
فوّاز الشعّار

نريد لفلذات أكبادنا، أن يتفوّقوا ويكونوا من الأفضل، والأكثر علماً، ليؤمّنوا مستقبلاً يزهون به، ونفخر نحن بهم. فنسعى لتأمين المدرسة الجيدة، والبيئة المريحة، والصحبة الخيّرة، والكثير من الآباء والأمّهات، يلجؤون إلى المدرّس الخاص، ليزيد أبناءنا معرفة، وتفوقاً، ومع تحفظنا على هذا الأمر، لمحاذيره الكثيرة، لأن الطبيعي والصحيح والصحّي، أن يتلقى هؤلاء الأبناء العلم والمعرفة اللازمين في المدرسة من معلّميهم، فلا يكونون مضطرين إلى الدرس الخصوصي، أو الدروس الخصوصية، أقول مع التحفّظ على هذا الأمر، فإنّنا قد نجد لبعض أولياء الأمور عذراً في الاستعانة بمدرّس أو مدرّسة، لأن ابنهم أو ابنتهم قد يكونان ضعيفين، وبحاجة إلى بعض المساعدة، أو أن هناك تعليماً خاصّاً لا توفره المدارس، كما يريد الأهل، كتحفيظ القرآن الكريم، على سبيل المثال، لأن حصص التربية الإسلامية، ذات منهج حددته وزارة التربية والتعليم، وقد لا يكون تحفيظ القرآن مكثّفاً كما يبغي الأهل، هنا يضطرون إلى الاستعانة بمتخصّص، لأداء هذه المهمة النبيلة.
والطبيعي، أن يتحلّى المربّون جميعاً، بأخلاق فاضلة، وقيم سامية، لأنّ وظيفتهم تفرض ذلك، لأنّهم مؤتمنون على تربية النشء الذي سينهض ببناء الوطن، لكن أن يتجرّد أحدهم من هذه الصفات وتلك الأخلاق، بل ومن إنسانيته نفسها، فهذا ما لا يقبله عقل، ولا تستوعبه الفطرة السويّة، فقد ورد خبر أمس، عن حادثة، (وليست الأولى من نوعها) يندى لها جبين الإنسانية، إذ تخلّى «مربّ» عن هذه الصفة، وتحرّش بطفلة لم تتجاوز سنيّها الخمس عشرة، والأنكى والأدهى والأمر، أن هذا المربّي، مهنته تحفيظ القرآن كتاب الله العظيم الذي تحثّنا كل كلمة فيه على الفضيلة والتحلّي بالخلق الرفيع، كيف تأتّى لهذا الشخص أن يرتكب فعلته هذه، وهو منوط به أمران جلَلَان: تحفيظ القرآن، وحفظ الأمانة، ألم يخزه ضميره؟ ألم ينهه وازع إنسانيّ وأخلاقي ودينيّ؟ ألم يفكر، ولو للحظة، أن هذه الطفلة الغضة العود والطرية المعرفة، ستُصاب بعُصاب أو عقدة، تحتاج معهما إلى أطباء ومتخصصين نفسانيين، يقيلون عثرتها، ويأخذون بيديها إلى الحياة السوية؟
مسؤولية الأهل كبيرة في هذا المجال، بالتحقق ممن يدخلون بيوتهم، وينفردون بأبنائهم، لأي غرض كان، وتوعية هؤلاء الأبناء، وتحذيرهم من الغرباء، واللجوء في مثل هذه الحالات التي يحتاجون فيها إلى تقوية أبنائهم، ورفع مستوياتهم التعليمية، إلى المعاهد المعتمدة المتخصصة بتقوية الطلاب ومساندتهم في كل المواد. وإذا لم تكن مادة تحفيظ القرآن موجودة، فثمة مراكز مؤهلة، تضمّ محفّظين أكفاء.
وعلى المدارس، كذلك، مسؤولية، وهي تخصيص دروس لتحفيظ القرآن، بعد انتهاء الدوام المدرسي، وتسجيل من يرغب فيها، مقابل أجر رمزيّ، وسيكون الراغبون كثراً، وتكون الفائدة كبيرة للطرفين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"