هل بدأت الموجة الثانية؟

04:04 صباحا
قراءة دقيقتين
د. حسن مدن

فصلان في كتابين مختلفين لهما علاقة بما يمكن أن ندعوه «حال اللايقين»، حيث الشعور بالحيرة والقلق، وربما الضياع، الناجم عن عدم معرفة إلى أي المآلات يسير العالم.
في كتاب «في الطريق إلى القرن الحادي والعشرين» الذي وضعه الفرنسي جورج بالاندييه في نهاية القرن الماضي، نجد على غلاف الكتاب عنواناً شارحاً، وإن كان بكلمة واحدة هي «التيه»، وما من مفردة أكثر تعبيراً عن عدم اليقين من التيه.
ولم يكتف المؤلف بوضع هذه المفردة على غلاف الكتاب، وإنما جعل منها عنواناً للفصل الأول منه، ولم يكتف بذلك أيضاً، فجعل جزءاً من هذا الفصل يحمل عنوان «اللايقينيات».
أما الكتاب الثاني فهو من وضع جلين تيندر، وعنوانه «الفكر السياسي.. الأسئلة الأبدية»، وهو الآخر نشر في نهايات القرن العشرين، وعلى الرغم من أنه كان مكرساً لتناول تطور الفكر السياسي، ليكون عوناً للقارئ في دراسة تاريخ النظريات السياسية، فإنه انتهى بخاتمة تحمل عنوان «عدم التيقّن الإنساني».
لا علاقة للكتابين بالجوائح والفيروسات القاتلة، ولا نعثر فيهما على أية إشارة من قريب أو بعيد، لتوقعات بأن البشرية ستواجه في القريب أي بعد نحو عقدين من نشرهما وباء فتاكاً، هو الذي تتقاذفنا أمواجه اليوم، ولكن لو أردنا أن نصف الحال التي نحن فيها، لما وجدنا ما هو أكثر بلاغة من وصف «اللايقين»، الذي لا يقتصر علينا، نحن «الغلابة» الذين لا نفهم شيئاً في العلم والطب وعلم الأوبئة، وإنما يطال أولي العلم من أطباء وعلماء وباحثين، ناهيك بالطبع عن قادة الدول وراسمي السياسات.
وليس أدلّ على ذلك من المسار المتخبط لمنظمة الصحة العالمية التي غيّرت أكثر من مرة أقوالها واستنتاجاتها وتوصياتها حول الوباء وسبل مواجهته، خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المنقضية. مرة تأمر وأخرى تنهى عن الشيء نفسه، وتقول الشيء ونقيضه، حول بروتوكولات العلاج التي يجب أن تتبع لمواجهته، فما تحذر منه تعود بعد أسابيع لتقول حوله النقيض، والعكس صحيح، فما تنصح به، تتراجع عنه وتحذر منه.
مثل هذه الحيرة أو «اللايقين»، تواجهنا اليوم ونحن بصدد السؤال: هل من موجة ثانية قادمة ل«كوفيد 19» في البلدان التي تمكنت من احتواء الموجة الأولى؟
أو: هل هناك موجة ثانية بالضرورة، أو في صياغة ثالثة للسؤال: هل ارتفاع عدد الإصابات في بلد من البلدان قياساً لما كان عليه، يعني أنها دخلت الموجة الثانية؟ لو بحثنا لن نعثر على جواب قاطع تليه نقطة آخر السطر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"