«التهاب القولون التقرحي» يدمر الأمعاء الغليظة

21:04 مساء
قراءة 6 دقائق
مرض التهاب القولون التقرحي من الأمراض التي تصيب جزءاً من الجهاز الهضمي وهي الأمعاء الغليظة أو القولون، ويعد من أخطر الأمراض التي تصيب القولون، ويصنفه المتخصصون على أنه من الأمراض المزمنة، حيث يهاجم الغشاء المخاطي الذي يبطن الأمعاء الغليظة ويسبب التهابات متفاوتة في هذا الغشاء، ما يجعل الشخص المصاب يشكو من ألم مستمر داخل البطن، وهذا المرض يهاجم المصابين على هيئة نوبات من الأعراض ثم هدوء وتحسن ثم انتكاسات مرة أخرى، ويعاني القولون التقرحي الرجال والنساء على حد سواء، وغالباً ما يهاجم الأشخاص في عمر 18 عاما وحتى سن 42 عاما.
معظم حالات الإصابة بهذا المرض تكون بسبب فرط في نشاط جهاز المناعة الذاتي، ويصل إلى حد الخلل والاضطراب والمرض، ما يجعله يهاجم الخلايا التي تبطن المستقيم والقولون ويحدث بها التهابات ثم يدمر ويتلف الخلايا في هذا المكان ويسبب الإصابة بالتقرحات، وسجلت الإحصائيات والأبحاث وجود ما يقرب من نسبة 16% من إجمالي المصابين بمرض التهاب القولون التقرحي لديهم قريب من الدرجة الأولى أصيب بهذا المرض من قبل، ما يعني وجود عوامل وراثية وجينات تنقل هذا المرض من جيل إلى آخر في بعض الحالات المصابة بهذا المرض.
تكيس الغشاء المخاطي

تشير الدراسات إلى أنه لا يوجد أي مانع من إصابة المريض بمرض التهاب القولون التقرحي خلال مراحل العمر المختلفة، ولكن في المعتاد ما يبدأ ويتركز في إصابة الأشخاص بداية من سن 15 أو 18 عاما وحتى الأربعينات وهذا المرض يسبب حالة إسهال مستمرة يصحبها نزيف، ثم بعد حالة من الإمساك وهو دليل على وجود خلل واضطراب في أداء القولون، ونتيجة حالة الإمساك الحادة يبذل المريض جهدا كبيرا في دفع الفضلات خارج الجسم، ما يؤدي إلى حدوث ضغط كبير على الغشاء المخاطي المبطن للقولون، ويسبب حالة من البروز والتورم في الغشاء المخاطي إلى الخارج، وهذه البروزات تكون انتفاخا كيسيا صغيرا، ما يصيب الشخص بحالة مرضية تسمى تكيس الغشاء المخاطي، وتحدث هذه الحالة المرضية من التكيس في الناحية اليسرى السفلى من القولون، ويسمى القولون السيني.
التهابات الأمعاء

تكشف الأبحاث أنه في الغالب ما يلازم الإصابة بالتهاب القولون التقرحي، حالة من التهابات الأمعاء وفي بعض الحالات يحدث تضخم كبير للقولون، بسبب الضعف الشديد الذي يصيب جداره، ومن ثم يسهل انتفاخه مع أي ضغط بسيط، فيتمدد وينتفخ وقد يصل إلى مرحلة خطيرة يمكن أن ينفجر عندها في أي وقت، وفي هذه الحالة تنصح الأبحاث بوجوب التدخل الجراحي السريع، وقد يصل الأمر إلى استئصال القولون في بعض الحالات، والتي لا مفر من التخلص من القولون للخطورة الشديدة التي يمكن أن يمثلها في حالة انفجاره، ولا تنفع معه أي حلول أخرى، كما أن هناك احتمالات قوية لإصابة القولون بالسرطان نتيجة المعاناة المستمرة والالتهابات المزمنة التي يسببها التهاب القولون التقرحي الدائم.
الأعراض

لمرض التهاب القولون التقرحي بعض الأعراض التي يمكن أن تتراوح ما بين متوسطة وحادة، حسب الحالة الصحية للمريض، وأيضاً قوة المرض وتطوره، وأيضاً لهذه الأعراض أوقات تنشط فيها وتظهر بوضوح مثل النوبات، ثم يحدث لها حالة من الاختفاء والخمود لفترة قد تصل من عدة شهور إلى عدة سنوات، ثم تعاود الظهور مرة أخرى، ومن هذه الأعراض الأكثر شيوعاً الإصابة بحالة من الإسهال المزمن والدموي والمخلوط بالمخاط وخاصة أثناء فترة الليل، وقد تصل عدد مرات الإسهال في اليوم الواحد 5 مرات، وأيضاً الإحساس بألم صادر من البطن على هيئة مغص قبل إفراغ الأمعاء، وفي بعض الحالات الإصابة بارتفاع درجات الحرارة، ويصاب المريض بحالة من التعب العام والإرهاق البدني الواضح، وتأزم في الحالة النفسية، كما يرفض تناول الطعام ويفقد الكثير من شهيته، ما ينعكس على وزنه الذي يتناقص بصورة ملحوظة، ويصاب المريض بفقر الدم نتيجة النزيف المستمر من الأمعاء، وأيضاً حالة النزف التي تصدر من المستقيم، وبعض الحالات يظهر لديها قرحات على سطح الجلد، وحالات أخرى تشعر بوجع المفاصل، وفي حالة إصابة الأطفال بهذا المرض تحدث مشاكل في عملية النمو، ما يجعله متأخراً عن أقرانه في النضوج طبقا للمراحل الطبيعية والمعتادة، وتحدث للمصابين بهذا المرض حالات من الانتفاخات الشديدة بسبب الغازات المنبعثة من الأمعاء باستمرار، وأيضاً تتبدل حالة الإسهال الشديد بحالة الإمساك الحاد في بعض الحالات.
أصحاب البشرة البيضاء

يفيد الاختصاصيون بأن مرض التهاب القولون التقرحي قليل الحدوث وقليل لدى من ينحدرون من أصول عربية أو آسيوية وليس هناك تفسير لهذه الحالة ولا أسباب تم تداولها من قبل علميا، ولكنه أكثر انتشارا بين الأشخاص أصحاب البشرة البيضاء خاصة من ينحدرون من أصول أوروبية، كما تبين الأبحاث أن غالبية الأشخاص الذين يعانون من التهاب القولون التقرحي يكونون في حالة صحية جيدة، والأعراض التي تصيبهم ما بين طفيفة إلى متوسطة، ومع تناول بعض الأدوية والعلاجات واتباع نصائح وإرشادات الطبيب المختص، يصبح التعايش مع هذا المرض المزمن سهلا ولا يسبب إزعاجا كبيرا، وتكشف الأبحاث أن 25% من إجمالي حالات الأشخاص المصابين بمرض التهاب القولون التقرحي يعانون أعراضاً حادة وقوية ولا ينفع معها العلاج أو الدواء للتقليل من حدتها وآثارها الموجعة، وغالبا ما ينصح الطبيب المختص المريض بإجراء عملية جراحية لاستئصال جزء من القولون للتخلص من هذه الحالة المزعجة ويصبح الأمر ضروريا وليس ترفا.
انتكاسة

تشرح الدراسات الحالات التي يمر بها مرض التهاب القولون التقرحي، حيث تبين أن هذا المرض يخمد ويختفي لفترة من الزمن ربما تطول أو تقصر لدى بعض الحالات، ثم يعود بقوة كحالة انتكاسة قوية تصل نسبتها إلى 80% من حدة الأعراض والإرهاق البدني الشديد، وهناك بعض الحالات تصاب بمرض التهاب القولون التقرحي مرة واحدة فقط ويستمر معهم بضعة أيام ثم يخمد، ويعيشون سنوات طويلة من دون أي مشاكل أو انزعاج أو ألم، وهؤلاء تصل نسبتهم إلى حوالي 12% من إجمالي المصابين بهذا المرض، ولكن هذا المرض عند الغالبية العظمى من المصابين يكون مرضاً مزمنا وأعراضه خفيفة وبسيطة، أما الخطورة الكبيرة تكون في بعض الحالات التي تصاب بالمرض وتكون أعراضه قاسية، ويصابون بحالة من الإسهال الشديد والمستمر مع ارتفاع في درجات الحرارة، وبالتالي لابد أن يصابوا بحالة من الجفاف نتيجة هذا الإسهال والحرارة، وبالتالي تزيد مضاعفات الجفاف من الخطورة، مع توسعات سامة للقولون، وهؤلاء تصل نسبتهم إلى حوالي 7% من إجمالي المرضى، وكما ذكرنا سابقا، ليس هناك علاج ناجع مع هؤلاء إلا جراحة الاستئصال التي لا مفر منها.
عادات الأكل

تبين أن بعض الأغذية التي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات تزيد من فرص واحتمالات الإصابة بهذا المرض، وأيضاً عادات الأكل غير الصحية والسيئة، والحساسية الشديدة لبعض الأطعمة والفاكهة، كما تبين أن الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية تقلل من احتمالات الإصابة بهذا المرض، وسجلت الأبحاث أن الأطفال الذين يعتمدون على لبن الأم في التغذية الأقل نصيبا من الإصابة بهذا المرض، ومن المسببات المحتملة أيضاً الحالة النفسية السيئة، والضغوط النفسية التي يتعرض لها الشخص، والتوتر والعصبية الزائدة وتكرار ذلك يوميا يجعل الشخص معرضا للإصابة به.
لا علاج شاف

تفيد الحقائق العلمية بأنه لا يوجد علاج يشفي تماما من مرض التهاب القولون التقرحي، ولكن العلاج يعمل فقط على تخفيف حدة الأعراض أثناء الانتكاسة أو التهيج، والتخلص من الأعراض في فترة الكمون والخمود، كما أنه في حالة تطور المرض السلبي أو الإهمال في العلاج فإن هناك مجموعة من المضاعفات قد تصيب الشخص، ومنها حدوث التصاقات بالقولون وضيق كبير، حدوث التهاب بريتوني، والوصول إلى درجة ثقب في القولون نتيجة التقرح العميق، وحدوث التهابات في العين، وتقرحات متكررة داخل الفم، وإصابة القنوات المرارية بالكبد والتهابات بالكبد والرئتين والكلى والقلب.

الأسباب مجهولة

أسباب الإصابة بمرض التهاب القولون التقرحي ليست معروفة، وليس هناك سبب بعينه يمكن أن نشير إليه على أنه هو المسبب الرئيسي لهذا المرض، ولكن هناك عدة عوامل وأسباب كثيرة تتدخل ليصل الشخص إلى هذه الحالة المرضية، ومن هذه الأسباب حدوث خلل كبير في جهاز المناعة، ما يجعله يهاجم الخلايا التي تبطن القولون ويحدث هذا المرض، وتصبح هذه الحالة من أمراض المناعة الذاتية، كما يمكن أن يكون هناك دخل كبير لبعض أنواع من الجراثيم والميكروبات والفيروسات والبكتيريا التي تصيب القولون وتسبب له التهابات متكررة وضعفاً شديداً، مثل فيروس الحصبة، وجراثيم شيجيلا وسالمونيلا، بعض الأبحاث أرجعت السبب إلى العوامل الوراثية نتيجة ارتباط المصاب بقريب من الدرجة الأولى في العائلة أصيب في الماضي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"