المتلازمة المرضية الكلوية تسبب تلف الأوعية الدموية

21:44 مساء
قراءة 6 دقائق

تعتبر المتلازمة المرضية الكلوية اضطراباً يصيب الكليتين، ويتسبب في إفراز الجسم لكمية كبيرة من البروتين في البول تصل إلى أكثر من 4 جرامات على مدار اليوم. ويؤدي تلف مجموعة الأوعية الدموية الصغيرة في الكليتين، والتي تسمى بالكبيبات الكلوية إلى الإصابة بهذه الحالة المرضية، وتعتبر هذه الأوعية هي المسؤولة عن ترشيح الفضلات والماء الزائد في الدم. تؤدي هذه المتلازمة إلى ظهور عدد من الأعراض التي يتسبب فيها ضرر مرشحات الكليتين الدقيقة، ومن أبرز هذه الأعراض تورم بعض الأعضاء، وخصوصاً القدمين والكاحلين، بسبب انخفاض مستويات البروتين في الدم وتخزين السوائل والأملاح.
وتزيد كذلك من خطر الإصابة ببعض المشكلات الصحية الأخرى، التي تصل إلى درجة الفشل الكلوي، تسمى هذه المتلازمة بمتلازمة نفروزي أو المتلازمة الكلائية أو التناذر النفروزي.
ونتناول في هذا الموضوع العوامل والمسببات التي تؤدي إلى الإصابة بالمتلازمة المرضية الكلوية، والأعراض التي تظهر وطرق الوقاية والعلاج المتبعة والحديثة.

ثلاثة أنواع

تنقسم المتلازمة الكلوية إلى 3 أنواع، الأول يحدث نتيجة اعتلال النسيج الكلوي، وبالتالي اختلال وظائف الكلية، كما تؤدي الإصابة بأحد الأمراض المزمنة مثل السكري إلى ظهور النوع الثاني من المتلازمة المرضية الكلوية، والذي يؤثر على الكلية ووظائفها، والنوع الثالث هو المتلازمة الأولية وهي غير معروفة السبب.
يتحكم عدد من العوامل في تطور المرض، ومنها سن المصاب ونمط الأضرار التي لحقت بالكليتين، وتعتبر أقل درجات خطورة هذا المرض حدوث التهاب طفيف في الكبيبات.
ويعد النوع الأكثر حدة هو التهاب كبيبات الكلى الغشائي، وتبلغ نسبة الإصابة بالفشل الكلوي بسبب هذا النوع من الالتهاب 53%.

الكبيبات الكلوية

يؤدي تلف الأوعية الدموية الدقيقة في الكليتين والمسماة بالكبيبات إلى الإصابة بالمتلازمة المرضية الكلوية، ومهمة الكبيبات هي ترشيح الدم أثناء مروره في الكليتين، بحيث تفصل بين الأشياء التي يحتاجها الجسم، والتي ليس في حاجة إليها.
وتمنع الكبيبات الكلوية السليمة بروتينات الدم، وفي مقدمتها الألبومين من التسرب إلى البول، وأهمية هذه البروتينات أنها تحافظ على كمية السوائل الصحيحة في جسم الإنسان.
ويغادر مقدار كبير من بروتينات الدم بسبب تلف الكبيبات، وهو ما يؤدي إلى حدوث المتلازمة المرضية الكلوية، فعندما تصاب هذه الكبيبات بالتلف، يمرض الشخص بهذه المتلازمة.
ويحدث ذلك بسبب عدد من الأمراض، ويعد مرض التغير الأدنى هو أكثر أسباب الإصابة بالمتلازمة الكلوية في الأطفال.
يؤدي هذا الاضطراب إلى شذوذ في وظيفة الكليتين، ويبدو نسيج الكلية تحت المجهر عند إجراء الفحص بصورة طبيعية أو شبه طبيعية، ولا يمكن عادة تحديد سبب هذا الشذوذ.

اعتلال الكلى السكري

تتسبب بعض الأمراض في إصابة جزء من الكبيبات بتندبات متفرقة تسمى بتصلب الكبيبات البؤري القطاعي، وربما يتسبب في حدوثها عيب وراثي، أو دون سبب معروف.
ويحدث هذا الاضطراب الكلوي بسبب ثخانة الأغشية التي توجد في الكبيبات الكلوية، وهو ما يطلق عليه اعتلال الكلية الغشائي، ويشير الأطباء إلى أن سبب الإصابة بهذه الثخانة لا يزال مجهولا.
ويمكن أن تعود الإصابة إلى بعض الأمراض، مثل السرطان والملاريا والذئبة والتهاب «الكبد ب».
ويمكن أن يتسبب مرض السكري في تلف الكلى، وهو اعتلال الكلى السكري، وهو ما يؤثر على الكبيبات الكلوية.

الذئبة الحمامية

ويمكن كذلك أن يتسبب مرض الذئبة الحمامية، وهو مرض مناعي يؤثر غالبا في النساء، حيث تهاجم الخلايا المناعية أنسجة الجسم، وهو ما يؤدي إلى تلف الكليتين.
ويؤدي كذلك الداء النشواني في حدوث هذا الاضطراب، حيث تتراكم بروتينات الأميلويد في الأعضاء، وتراكم هذه البروتينات يؤثر في الكليتين، ويتسبب في تلف نظام الترشيح بهما.
وتؤدي الإصابة بالمتلازمة المرضية الكلوية إلى حدوث جلطة دموية في الوريد الكلوي، كما أن الإصابة ببعض أشكال فشل القلب تتسبب في الإصابة بهذا الاضطراب، ومن أمثلة هذا الفشل التهاب غشاء التامور المضيق، وفشل القلب الحاد.
وتتسبب بعض الأدوية مثل مضادات الالتهاب اللاستيرويدية في الإصابة بالمتلازمة المرضية الكلوية.

انخفاض الألبومين البداية

يظهر على مريض المتلازمة المرضية الكلوية عدد من الأعراض، وبداية فإن انخفاض مستويات الألبومين في الدم يؤدي إلى انتقال السوائل من الدم إلى الأنسجة المحاذية.
وتتجمع بالتالي السوائل حول العينين والكاحلين، وتتورم الساقان والقدمان والبطن والوجه، ويزيد وزن المريض بشكل سريع نتيجة احتباس السوائل في الجسم، ويخفي هذا التورم ضمور العضلات الذي تسببه المتلازمة.
ويخرج البول الرغوي بسبب زيادة كمية البروتين المطروحة في البول، ويشعر المريض بفقدان الشهية والإرهاق، وربما يصاب بالإسهال.
وينخفض ضغط الدم لدى الأطفال المصابين بالمتلازمة المرضية الكلوية، في حين أن ضغط الدم يكون مرتفعا لدى بعض المرضى من البالغين.
وتصبح الأظافر هشة، ويتساقط شعر المريض، وتزداد كذلك فرص التعرض للإصابة بالتلوث أو العدوى المرافقة، وذلك بسبب فقدان الأجسام المضادة التي تتكون من البروتينات، والتي تخرج من خلال البول، أو يصبح إنتاجها غير كاف.
ويزداد خطر الإصابة بالخثار الوريدي، وعلى الأخص في أوردة الكليتين، بسبب اختلال آليات التجلط، ويمكن أن ينشأ هذا الفشل ويتطور بصورة مفاجئة في بعض الأحيان.

جلطات في الأوردة

يتعرض مريض المتلازمة المرضية الكلوية للعديد من المضاعفات، منها الإصابة بالجلطات الدموية، حيث إن عدم قدرة الكبيبات الكلوية على ترشيح الدم بالشكل الملائم يؤدي إلى فقدان البروتينات التي تمنع التجلط، وبالتالي تزيد نسب الإصابة بالتجلط في الأوردة.
ويؤدي انخفاض الألبومين في الدم إلى زيادة نسبة الكوليسترول ومستويات الدهون الثلاثية في الدم، وذلك لأن الكبد يزيد من صناعة الألبومين، ويطلق المزيد من الكوليسترول والدهون الثلاثية. ويصاب المريض في بعض الحالات بسبب الزيادة المفرطة للبروتين في الدم بسوء التغذية، وربما أدى إلى فقدان الوزن، غير أن التورم ربما يخفي هذا الفقدان، كما يمكن أن يتسبب في انخفاض حاد في خلايا الدم الحمراء وحدوث فقر الدم، وفي فيتامين «د» والكالسيوم.
ويتسبب تلف الكبيبات الكلوية في ارتفاع ضغط الدم، حيث يؤدي تلف الكبيبات إلى تراكم الفضلات في مجرى الدم، وهو ما يعبر عنه بارتفاع نسبة البولينا في الجسم.
ويمكن أن يصل المريض مع التلف الشديد الذي يصيب الكبيبات الكلوية إلى الفشل الكلوي، وعندها يحتاج إلى إجراء غسل كلوي طارئ، وهي طريقة صناعية يتم فيها إزالة الفضلات والسوائل الزائدة من الدم.

اختبارات وتحاليل

يعتمد الطبيب المعالج في تشخيص حالة المصاب بالمتلازمة المرضية الكلوية على التاريخ الصحي للمريض، كما أنه يجري له اختبارا للدم وتحليل البول واختبار تجميع البول لمدة 24 ساعة، ويمكن أن يحتاج في بعض الحالات إلى أخذ عينة كلوية.
ويمكن أن يلجأ إلى فحص مخبري لعينة البول، حيث يكشف من خلاله عن وجود البروتين في البول، كما يجري فحصا مخبريا كيميائيا شاملا لعينة الدم، بالإضافة إلى فحص الخزعة النسيجية الكلوية، وفحص اختبار وظائف الكلى، وقياس كرياتين الدم.
ويجري فحص التهابات الجسم المزمنة كالتهاب الكبد الوبائي، أو عوز نقص المناعة المكتسبة، ويجري كذلك فحصا لتركيز فيتامين «د» في الجسم.

عقاقير تقلل الأعراض

يعتمد شفاء المريض من المتلازمة المرضية الكلوية على مدى تقدم الحالة المرضية وسن المريض والوضع الصحي، وفي العادة يكون المرض مزمنا، ويهدد حياة المريض.
ويحتاج علاج المتلازمة إلى التخلص من أي حالة طبية يمكن أن تتسبب في الإصابة بهذه المتلازمة.
ويمكن أن يوصي الطبيب المعالج بعقاقير تعمل على التحكم في أعراض المتلازمة أو المضاعفات التي أدت إليها، ومنها عقاقير ضغط الدم، وتخفيض كمية البروتين التي يتم إطلاقها في البول.
وتساعد الأقراص المدرة للبول في ضبط التورم، حيث تزيد من إنتاج الكليتين للسوائل، ويمكن أن تفيد الأدوية المخفضة للكوليسترول في تقليل نسبته، وتتضمن كذلك وقاية من الأزمات القلبية، وبتعبير آخر الحد من الموت المبكر.
وتساعد مضادات التجلط في تقليل إمكانية تخثر الدم، والتقليل من خطر الجلطات الدموية، وتخفف أدوية التحكم بالجهاز المناعي الالتهاب الذي يرافق الاضطرابات المحددة في الكلى، مثل مرض التغير الأدنى، ومن أمثلة هذه الأدوية الستيرويدات القشرية.

التوتر والسوائل

ينصح الأطباء مرضى المتلازمة المرضية الكلوية بعدد من التعليمات للتخفيف من المرض والتعايش معه، ومن هذه الإرشادات تقليل كمية الأملاح في الطعام، ويتناول المريض طعاماً قليل البروتين، أي بمعدل 1 جرام بروتين لكل 1 كيلوجرام من وزن المريض.
ويقلل المريض من الطعام الدهني قدر الإمكان، ويمكن أن يساعد فيتامين «د» في السيطرة على شدة الأعراض والحفاظ على النسيج العظمي.
يجب على المريض بالمتلازمة الابتعاد عن التوتر، وتقليل الوزن والإقلاع عن التدخين، وكذلك شرب كمية من السوائل كافية وذلك بمعدل 7 أكواب يومياً.
تشير الإحصائيات إلى أن المتلازمة المرضية الكلوية تصيب البالغين من الجنسين على حد السواء، ويبلغ معدل انتشارها إصابة 2 من 10 آلاف شخص، وتصيب في الغالب الصغار بين عمر سنتين و5 سنوات.
وتشير أيضاً الإحصائيات إلى أن مرض التغير الأدني يلعب دوراً في إصابة 83% من الأطفال، و22% من البالغين

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"