أمراض العمود الفقري .. وجه آخر لأضرار التكنولوجيا

تقنية حديثة لعلاج «أطلس»
00:05 صباحا
قراءة 20 دقيقة
تحقيق: نهلة الفقي

يرافق غالباً التطور والحداثة بعض السلبيات الصحية التي يعانيها مستخدمو الأجهزة الإلكترونية، إلى أن يخرج العلم بالطريقة الصحية المثلى للاعتماد على التقنيات الحديثة، ويشعر معظم مستخدمي الكمبيوترات اللوحية والهواتف الذكية من آلام في العنق تقلق راحتهم نتيجة لوضعيات العنق الخاطئة التي آلت بانحراف الفقرات العنقية عن مسارها الطبيعي، ويعد ذلك الألم مؤشراً لحدوث خلل في وظيفتها وما يعكسه سلباً على وظيفة الدماغ. نستعرض من خلال هذا التحقيق أحدث الأساليب التقنية في تشخيص وعلاج انحراف الفقرات العنقية وطرق الوقاية الناجعة.
تعد أمراض العمود الفقري من الأمراض العصرية التي تصاحب مستخدمي الكمبيوتر اللوحي والهواتف الذكية لفترات طويلة وعلى اختلاف أعمارهم، فالعمود الفقري هو حلقة الوصل والربط بين الدماغ وأعضاء الجسم إذ يحتوي على 33 فقرة تنقسم إلى 7 فقرات عنقية تسمى الأولى «أطلس» وهي الفقرة التي تثبت الجمجمة وهي ذات أحجام صغيرة، والفقرة الثانية تسمى المحورية، والفقرات الصدرية هي 11 فقرة تتحد مع الأضلاع التي تمتد للأمام لتكون القفص الصدري وهي ذات أحجام متوسطة، والفقرات القطنية وهي عبارة عن 5 فقرات ذات أحجام كبيرة، أما العجز عبارة عن 5 فقرات متلاصقة مع بعضها البعض لتكون العصعص، وفي هذا الإطار يقول الدكتور سعيد حامد أخصائي أول أمراض العظام في مستشفى راشد: عندما نشاهد العمود الفقري بشكل جانبي فإننا نرى انحناءات تصنف بالانحناء العنقي وهي محدبة الشكل، أما الانحناء الصدري فمقعرة والانحناء القطني انحناءه محدب وأخيراً الانحناء الحوضي مقعر. كما يحتوي العمود الفقري على غضاريف وظيفتها إعطاء المرونة والحركة للعمود الفقري، وعند إصابة تلك الغضاريف يصاب الشخص بالألم في الظهر والساق والقدم ويسمى الانزلاق الغضروفي وهو انزلاق الغضروف إلى الخلف في قناة النخاع الشوكي، حيث تضغط على أحد جذور الأعصاب الخارجة من بين فقرات العمود الفقري، مسببة الألم في العمود الفقري وضعف الإحساس في الساق والقدم أحياناً ويعتبر ألم الظهر والعمود الفقري من الأمراض الأكثر انتشاراً في العالم وهي السهل الممتنع، إذ تصيب شريحة كبيرة من الناس بلا استثناء. ويشير إلى نوعين من ألم الظهر إحداها عنقية والأخرى ظهرية وتؤول أسبابها، إما لعيوب خلقية بسبب سوء تكوين العمود الفقري أو لعوامل أخرى كممارسة مهن تتطلب جهداً جسمانياً كبيراً أو عوامل نفسية كالشد العضلي والمشاكل الذهنية.
ثم ينتقل دكتور سعيد حامد لتصنيفات أمراض العمود الفقري ويقول: التواء العمود الفقري وهو ما يطلق عليه «الجنف» والتواء العمود الفقري على شكل S، و«الاحتداب» أي استدارة الظهر وتعود أسبابها عادة إلى عوامل وراثية، إلى جانب مرض الاعتلال المفصلي الذي يعلن شيخوخة المفصل أو الإصابة بالأورام السرطانية لفقرات العمود الفقري وعلى رغم خطورتها إلا أنها نادرة الحدوث.
وعن الخطة العلاجية المتبعة يقول الدكتور سعيد حامد: تنقسم إلى شقين علاج لا جراحي وجراحي فالشق الأول من العلاج يقوم على تناول المسكنات وممارسة التمارين الرياضية والخضوع لبرامج العلاج الطبيعي بتقوية عضلات الظهر وتخفيف الألم وتخفيف الانزلاق الغضروفي. وفي حال فشل العلاج اللاجراحي يكون هناك لا مفر من تسكين الآلام وتصحيح الاعتلال عن طريق التدخل الجراحي باستئصال الغضروف وتعطي نتائج جيدة، فالطب الحديث يشهد ثورة في السنوات الأخيرة بسبب توجهه للتوصل لإيجاد حل لمن يفشل العلاج التحفظي للتدخل المحدود بإزالة الغضروف بدون جراحة وعن طريق الحقن الأسمنتي للفقرات في حالة وجود كسور أو انهيار في الفقرات أو العلاج عن طريق التردد الحراري على الأعصاب سواء على جذور الأعصاب أو على الأعصاب الطرفية أو عن طريق علاج العصب الخامس حيث يوجد خطورة في حال إجراء جراحة.
الوقاية خير من العلاج وهناك طرق باتباعها نتجنب ألم الظهر والرقبة يتحدث عنها د. سعيد حامد قائلاً: يجب ممارسة الرياضة بشكل منتظم وخاصة السباحة إلى جانب ممارسة تمارين تقوية وتليين لعضلات الرقبة والظهر وعدم حمل الأوزان الثقيلة ولفترات طويلة والوقوف والجلوس بطريقة صحيحة في وضعية يكون فيها الظهر بشكل مستقيم والوقوف والمشي كثيراً في حالات العمل المكتبي والحالات التي يتطلب فيها العمل الجلوس لساعات طويلة وأيضاً النوم على الأسرة الطبية واستخدام المساند الطبية وتجنب التوتر والعصبية حيث تؤكد معظم الدراسات الحديثة أن ألم الظهر يتعلق بالحالة النفسية مثل القلق والعصبية فعند الدخول في حالة توتر يصبح الجسم وكأنه قطعة واحدة غير قابلة للاستجابة مما يؤثر في العضلات وبالتالي على الظهر فضرورة الابتعاد عن المواقف التي تزيد من حدة التوتر.
من جانبه يقول الدكتور ستان بيرس المتخصص في أمراض العمود الفقري المؤسس والرئيس التنفيذي لتقنية علاج العمود الفقري «EPIC»: الفقرات العنقية هي قناة وحلقة وصل لرسائل الدماغ لباقي أجزاء الجسم، حيث ينقل الدماغ رسائله من خلال جذع الدماغ، التي تحميه الفقرة العنقية الأولى والمعروفة باسم أطلس (في حال محاذاة العظام بالشكل السليم)، ثم تكمل رحلتها عبر النخاع الشوكي والأعصاب، وفي حال انحرافها عن وضعيتها الطبيعية يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الاتصالات عبر الجهاز العصبي.
ويستقبل الدماغ الدم بشكل أساسي عبر أربعة شرايين رئيسية اثنين من الشرايين السباتية، واثنين من الشرايين الفقرية التي تمر عبر فقرة أطلس العنقية لتصل بعدها إلى قاعدة الجمجمة لتؤمن إمدادات الدم الأساسية لمنطقة وسط الدماغ وأي انحراف في الفقرة أطلس عن وضعيتها الطبيعية قد يسبب انخفاضاً في تدفق الدم إلى الدماغ، وبالتالي التأثير في وظيفة الدماغ مثل التسبب بخلل في وظيفة العصب القحفي، كما يؤدي انحراف تلك الفقرة إلى عرقلة تدفق السائل الدماغي الشوكي بشكل سليم والذي يتم تغليف وتغذية الدماغ والنخاع الشوكي به عبر كميات مناسبة من السائل الذي يتم ضخه إلى أعلى وأسفل الجمجمة والنخاع الشوكي.
وتحمل الفقرة «أطلس» الجمجمة التي يتراوح وزنها بين 5.44 و6.8 كغم والتي يفترض أن تبقى مستقيمة بشكل عمودي في وسط الجسم وأي انحراف للفقرة عن وضعيتها قد يؤدي إلى تحرك الجمجمة من محورها العمودي والتسبب بحدوث التواء تعويضي في العمود الفقري لتعويض هذا الانحراف ويمكن لهذا الالتواء الثانوي المسمَى «الجنف» أن يؤثر على الاستقرار التثاقلي العمودي لأقراص العمود الفقري، كما يمكن أن يخل بتوازن منطقة الحوض، ويتسبب في اضطرابات عضلية هيكلية ثانوية.
ويردف: يعتبر الألم مؤشراً على حدوث الحالات المرضية ونتيجة لتدهور الحالة عبر سنين عدة مع معاناة انحراف فقرة أطلس عن وضعيتها إلى درجة التسبب بالألم الذي ينجم عنه انتفاخ أو فتق في أقراص العمود الفقري المرتبطة بها والتشنجات العضلية المختلة وظيفياً واصطدام العضلات بالأعصاب الثانوية وغيرها من المشاكل.
ومن المفارقات أن انحراف الفقرة أطلس بحد ذاته ليس ما يسبب زيادة في مستوى الخلل الوظيفي ولكن بقاء الفقرة في حالة من الانحراف هو ما يزيد الخلل وهنا تبرز أهمية توعية الناس حول أهمية الفحص الدوري لوضعية الفقرة أطلس والوقاية من تفاقم الانحراف مع مرور الزمن والتسبب بحدوث الخلل الوظيفي.
ويكمل: انحراف الفقرة أطلس لا ينتج عن عيب خلقي ومع ذلك فإن الطبيعية الرضية لعملية الولادة قد تؤدي إلى معاناة العديد من الأطفال من انحراف الفقرة أطلس عند الولادة وتنتج معظم حالات انحراف الفقرة أطلس عن الإصابات الرضية مثل الولادة أو السقوط عن الدراجة أو الإصابات الرياضية أو حوادث السيارات وغيرها من الحالات الرضية المؤلمة التي يتعرض لها البعض.
وهناك أمور لا بد من أخذها بعين الاعتبار لأنها قد تعرض الفقرات العنقية للإصابة يشير إليها د. بيرس قائلاً: وضعيات عدة قد لا نفطن أنها قد تكون سبباً في اعتلال الفقرات العنقية مثل ضرب الرأس بالخزانة أو النوم على البطن والرأس بوضعية سيئة أو أن يقفز أحد على رأسكم في المسبح.
وعن تشخيص وعلاج انحرافات الفقرات العنقية يقول د. بيرس: تسمى الإجراءات الهادفة إلى تشخيص ومعالجة انحرافات الفقرة أطلس في أعلى العنق من خلال أكثر الأساليب التقنية تطوراً في تشخيص ومعالجة انحرافها تقنية «EPIC» والتي تشير إلى التصحيحات باستخدام معدات النقر التطورية التي تعمل على تقويم وضعية الفقرة العنقية أطلس لدى الحالة عبر استخدام الأمواج الصوتية النقرية الصادرة عن أداة التقويم لاستعادة وضعيتها بشكل دقيق دون مضاعفات، كما أنها تتميز بأنه لا يرافقها أي شعور بالألم، كما تقوم على تصحيح الفقرة العنقية باستخدام الأشعة السينية لقياس درجة الانحراف وقياس التفرد الجيني لكل مريض وحساب الزاوية الرياضية للتصحيح بدقة للعمل على تخصيص عملية التقويم وفقاً لجينات المريض ودرجة الانحراف لديه عبر معايرة عملية التصحيح باستخدام أجهزة الليزر والتقنيات الرقمية وتصحيح وضعية الفقرة العنقية باستخدام الأمواج الصوتية ثم معاودة استخدام الأشعة السينية بعد إجراء عملية التصحيح للتأكد من نجاحها لرفع مستوى دقة المعالجة وتحقيق التوازن لدى كل حالة لفترة زمنية أطول.
يكمل: تلك المراحل يتم إطلاع المريض على تفاصيلها مسبقاً عقب تسجيل تاريخه المرضي وإجرائه للفحوص الطبية والأشعة السينية لقياس وتحديد آلية التصحيح بدقة ووفقاً للنتائج تحدد طرق العلاج، وبعد عملية التقويم الأولى يتم إجراء صورة فورية بالأشعة السينية للمريض مع وضع جدول زمني للمعالجة وتخصيص جلسات علاجية وفقاً لدرجة تفاقم وتعقيد حالته ويحتاج في المتوسط من 10 إلى 15 جلسة يتم إخضاعه لها على مدار شهرين أو أقل لكي يتعافى ويبدأ في استعادة توازنه وعادة ما يلاحظ المريض تحسناً كبيراً خلال الجلسات العلاجية الأولية ويشعر حينها بزوال أسباب معاناته الجسدية.
يشير د. بيرس إلى أن تصحيح تلك الفقرة يساعد على معالجة العديد من الاضطرابات وإعادة التوازن لعملية الاتصال بين الدماغ والجسم وإعادة الحالة الطبيعية للنقل العصبي والشفاء من معظم أمراض وحالات الاضطراب الوظيفي والتمتع بصحة جيدة.
وهناك أمراض ترتبط مع الإصابة بانحراف الفقرة العنقية «أطلس» نتيجة لعدم تدفق الدم اللازم إلى منطقة وسط الدماغ يتحدث عنها د. بيرس قائلاً: ينتاب البعض الشعور بالدوار والصداع وعدم وضوح التفكير أو عدم القدرة على الإدراك بسرعة، نقص أكسجة العصب القحفي (الضعف البصري، شلل الوجه النصفي، شلل بيل، التهاب العصب الثالث، الهجمات الوعائية المبهمية، وغيرها)، كما ينجم عن مشاكل حماية جذع الدماغ تشوه أرنولد كياري، الآلام الرجيعة والموضعية، التشنجات العضلية، وغيرها، وينتج عن مشاكل حماية تدفق السائل الدماغي الشوكي الخرف وتدهور حالة المخ وارتجاج الدماغ والورم المخي الكاذب والصداع النصفي.
أما عن مشاكل الحفاظ على مركز ثقل العمود الفقري فيقول: الجنف واضطرابات ومشاكل أقراص العمود الفقري وألم العصب الوركي وألم الركبة والورك والتهاب اللفافة النخري والحداب.
ويشير د. بيرس إلى مدى نجاعة خضوع الحالة للعلاج الطبيعي وفق جدول زمني مخصص يعتمد على حالة كل مريض وذلك لما تجنيه الحالة من فائدة عقب إجرائها تصحيحاً للفقرة وخلال فترة تماثلها للشفاء طالما كان العلاج يتعامل مع العضلات التي تتحكم بها الأعصاب المحمية من الفقرات العنقية المحاذاة بشكل سليم.
ومن جانبها تقول الدكتورة آية وائل الغوطي إخصائية العلاج الطبيعي: تعتبر الفقرات العنقية الأكثر ليناً والأقل سماكة مقارنة بالفقرات القطنية والصدرية، ولكن وظيفتها تعتبر الأهم، فشبكة الأعصاب الشوكية مصدرها الفقرات العنقية فكل فقرة يخرج منها جذر لعصب ولهذه الجذور تفرعات تمتد لتغذي الدماغ والكتف واليدين وكونها لينة فتسمح بمدى أكبر للحركة مقارنة بباقي الفقرات، وللرقبة وضعية يجب أن يحافظ عليها الشخص حتى يتفادى الألم والإصابة بالانزلاقات الغضروفية والديسك، ففي حالة الرأس المتقدم على سبيل المثال عندما يوجد انحناء عنقي في الرقبة إلى الأمام تتشكل وضعية الرأس المتقدم وهي وضعية يصاحبها دائماً تحدب في الكتف بسبب عدم توازن بين قوى العضلات الخلفية والأمامية للرقبة حيث تكون العضلات الباسطة للرقبة متشنجة والعضلات المثنية ضعيفة فهذا الانحناء يشكل ضغطاً على الفقرات العنقية وبالتالي يشعر الشخص بتشنج دائم في عضلات رقبته وكتفه ومع مرور الوقت وعدم معالجة هذا التشنج والضعف يمكن أن يصاب الشخص بالديسك أو انزلاق غضروفي.
وترجع د. آيه الغوطي زيادة الانحناء العنقي إلى عوامل عدة منها الجلوس لفترات طويلة أمام المكتب والدراسة بوضعيات خاطئة والنظر إلى أسفل أثناء استخدام الهاتف أو القراءة، فكلما زادت درجة الانحناء زادت قوة الضغط على فقرات الرقبة فعند الانحناء بزاوية 60 درجة يكون مقدار القوة على الرقبة بما يعادل 60 باوند وحمل الحقائب المدرسية الثقيلة، والقيادة ورأسك بعيد عن سنادة الرأس مسافة 2-3 إنشات، إلى جانب المهن التي تتطلب انحناءً مستمراً كطبيب الأسنان فقد أثبتت دراسة أن معدل الإصابة بأمراض الهيكل العظمي العضلي لدى أطباء الأسنان يتراوح ما بين 64-93% أما أمراض العمود الفقري فمنها العمود الفقري الرقبي وتبلغ نسبتها لدى أطباء الأسنان 19.8%-85 %،ولعدم تفاقم الحالة ووصولها إلى منحى آخر والإصابة بالديسك والانزلاقات الغضروفية تنصح د. آية الغوطي بوجوب الانتباه لوضعيات الجلوس على المكتب، وأن تكون الرقبة في وضع سليم ليست متقدمة إلى الأمام كما يفضل استخدام وسائد الرقبة خلال العمل لفترات طويلة، كما تشير لدور الأم في مراقبة وزن الحقائب المدرسية التي يحملها أبناؤها بما يتناسب مع أوزانهم وتخفيف الوزن الزائد للحقيبة حفاظاً على سلامة عمودهم الفقري، فيجب أن يكون وزن الحقيبة المدرسية 10% من وزن الطالب وليس أكثر عن ذلك، وعدم استخدام الحقائب ذات الحزام الواحد، وعلى السيدات تخفيف وزن حقائب اليد، والنوم على وسادة مريحة لا أن تكون قاسية وليست طرية جداً وهناك وسائد طبية للرقبة متوفرة في معظم الصيدليات، وعند القراءة وضع الكتاب على شيء مرتفع كوسادة مثلاً بحيث لا تحني رأسك والحال مثله بالنسبة لاستعمال الهاتف النقال فحاول أن ترفعه لمستوى رقبتك، أما في حال الإصابة بالديسك فيقيم الطبيب الحالة حسب درجة الإصابة ويحدد نوع التمارين وفقاً للحالة وعادة ينصح بممارسة تمارين الاستطالة والتقوية وتعديل وضعية العمود الفقري خلال الجلوس أو القيادة للمحافظة على توازن القوى بين العضلات وتفادي الألم كما تهدف إلى استطالة عضلات الرقبة المشدودة وزيادة مدى الحركة للعضلات ويفضل القيام بهم في الصباح لمدة 15-30 ثانية يومياً.
يشكل الإصابة بألم الرقبة كالديسك عبئاً نفسياً وجسدياً كبيراً وتتطرق د. آية الغوطي للعلاج باستخدام الأجهزة الكهربائية التي يتم الاستعانة بها في تخفيف الألم فتقول: تلعب الأجهزة الكهربائية دوراً في تخفيف الألم كعامل مساعد لا يغني عن التمارين ولكنه يسهم في نجاح الخطة العلاجية ومنها جهاز التحفيز الكهربائي TENS الذي يعمل على تعطيل الخلايا العصبية المسؤولة عن الألم في الحبل الشوكي بالإضافة إلى تحفيز إنتاج مادة «الاندورفين» التي تعتبر مسكناً طبيعياً ينتجه الجسم، ويتم استخدامه عن طريق وضع أقطاب على الجلد مباشرة ويتم تشغيل الجهاز ليقوم بإرسال ذبذبات كهربائية، إلى جانب استخدام جهاز الأشعة تحت الحمراء الذي يقوم بتوفير حرارة عن طريق موجات غير مرئية تخترق الجلد لتنشط الدورة الدموية وترخي العضلات لتخفف الألم، وجهاز الشد Mechanical traction الذي يعتبر جهازاً فعالاً في تخفيف ألم الرقبة، حيث يقوم بتفريق الفقرات المضغوطة عن بعض، وبالتالي يخفف الضغط على الأعصاب، وجهاز الموجات فوق صوتية العلاجي ultrasound الذي يوفر الموجات التي تحفز الدورة الدموية وتساعد على تجديد الأنسجة مما يعزز عملية استرخاء العضلات وتخفيف التشنجات.
وأخيراً العلاج بالحرارة الذي يعد من أنجح وسائل تخفيف آلام الظهر والرقبة، حيث تعمل على ارتخاء العضلات المشدودة وبالتالي تعطي راحة للشخص ويفضل استخدامها بعد الانتهاء من التمارين أو بعد نهاية يوم شاق، وبإمكان مرضى الديسك استخدامها بشكل آمن، ومن أنواع حافظات الحرارة «القربة» وهي متوفرة في الصيدليات فقط ما عليك إلا أن تملأها بالماء الساخن ومن ثم لفها بمنشفة لكي تضمن عدم حرق جلدك، ووضعها لمدة لا تزيد على 15 دقيقة ويجب إزالتها في حالة الشعور بحرارة شديدة.تعد أمراض العمود الفقري من الأمراض العصرية التي تصاحب مستخدمي الكمبيوتر اللوحي والهواتف الذكية لفترات طويلة وعلى اختلاف أعمارهم، فالعمود الفقري هو حلقة الوصل والربط بين الدماغ وأعضاء الجسم إذ يحتوي على 33 فقرة تنقسم إلى 7 فقرات عنقية تسمى الأولى «أطلس» وهي الفقرة التي تثبت الجمجمة وهي ذات أحجام صغيرة، والفقرة الثانية تسمى المحورية، والفقرات الصدرية هي 11 فقرة تتحد مع الأضلاع التي تمتد للأمام لتكون القفص الصدري وهي ذات أحجام متوسطة، والفقرات القطنية وهي عبارة عن 5 فقرات ذات أحجام كبيرة، أما العجز عبارة عن 5 فقرات متلاصقة مع بعضها البعض لتكون العصعص، وفي هذا الإطار يقول الدكتور سعيد حامد أخصائي أول أمراض العظام في مستشفى راشد: عندما نشاهد العمود الفقري بشكل جانبي فإننا نرى انحناءات تصنف بالانحناء العنقي وهي محدبة الشكل، أما الانحناء الصدري فمقعرة والانحناء القطني انحناءه محدب وأخيراً الانحناء الحوضي مقعر. كما يحتوي العمود الفقري على غضاريف وظيفتها إعطاء المرونة والحركة للعمود الفقري، وعند إصابة تلك الغضاريف يصاب الشخص بالألم في الظهر والساق والقدم ويسمى الانزلاق الغضروفي وهو انزلاق الغضروف إلى الخلف في قناة النخاع الشوكي، حيث تضغط على أحد جذور الأعصاب الخارجة من بين فقرات العمود الفقري، مسببة الألم في العمود الفقري وضعف الإحساس في الساق والقدم أحياناً ويعتبر ألم الظهر والعمود الفقري من الأمراض الأكثر انتشاراً في العالم وهي السهل الممتنع، إذ تصيب شريحة كبيرة من الناس بلا استثناء. ويشير إلى نوعين من ألم الظهر إحداها عنقية والأخرى ظهرية وتؤول أسبابها، إما لعيوب خلقية بسبب سوء تكوين العمود الفقري أو لعوامل أخرى كممارسة مهن تتطلب جهداً جسمانياً كبيراً أو عوامل نفسية كالشد العضلي والمشاكل الذهنية.
ثم ينتقل دكتور سعيد حامد لتصنيفات أمراض العمود الفقري ويقول: التواء العمود الفقري وهو ما يطلق عليه «الجنف» والتواء العمود الفقري على شكل S، و«الاحتداب» أي استدارة الظهر وتعود أسبابها عادة إلى عوامل وراثية، إلى جانب مرض الاعتلال المفصلي الذي يعلن شيخوخة المفصل أو الإصابة بالأورام السرطانية لفقرات العمود الفقري وعلى رغم خطورتها إلا أنها نادرة الحدوث.
وعن الخطة العلاجية المتبعة يقول الدكتور سعيد حامد: تنقسم إلى شقين علاج لا جراحي وجراحي فالشق الأول من العلاج يقوم على تناول المسكنات وممارسة التمارين الرياضية والخضوع لبرامج العلاج الطبيعي بتقوية عضلات الظهر وتخفيف الألم وتخفيف الانزلاق الغضروفي. وفي حال فشل العلاج اللاجراحي يكون هناك لا مفر من تسكين الآلام وتصحيح الاعتلال عن طريق التدخل الجراحي باستئصال الغضروف وتعطي نتائج جيدة، فالطب الحديث يشهد ثورة في السنوات الأخيرة بسبب توجهه للتوصل لإيجاد حل لمن يفشل العلاج التحفظي للتدخل المحدود بإزالة الغضروف بدون جراحة وعن طريق الحقن الأسمنتي للفقرات في حالة وجود كسور أو انهيار في الفقرات أو العلاج عن طريق التردد الحراري على الأعصاب سواء على جذور الأعصاب أو على الأعصاب الطرفية أو عن طريق علاج العصب الخامس حيث يوجد خطورة في حال إجراء جراحة.
الوقاية خير من العلاج وهناك طرق باتباعها نتجنب ألم الظهر والرقبة يتحدث عنها د. سعيد حامد قائلاً: يجب ممارسة الرياضة بشكل منتظم وخاصة السباحة إلى جانب ممارسة تمارين تقوية وتليين لعضلات الرقبة والظهر وعدم حمل الأوزان الثقيلة ولفترات طويلة والوقوف والجلوس بطريقة صحيحة في وضعية يكون فيها الظهر بشكل مستقيم والوقوف والمشي كثيراً في حالات العمل المكتبي والحالات التي يتطلب فيها العمل الجلوس لساعات طويلة وأيضاً النوم على الأسرة الطبية واستخدام المساند الطبية وتجنب التوتر والعصبية حيث تؤكد معظم الدراسات الحديثة أن ألم الظهر يتعلق بالحالة النفسية مثل القلق والعصبية فعند الدخول في حالة توتر يصبح الجسم وكأنه قطعة واحدة غير قابلة للاستجابة مما يؤثر في العضلات وبالتالي على الظهر فضرورة الابتعاد عن المواقف التي تزيد من حدة التوتر.
من جانبه يقول الدكتور ستان بيرس المتخصص في أمراض العمود الفقري المؤسس والرئيس التنفيذي لتقنية علاج العمود الفقري «EPIC»: الفقرات العنقية هي قناة وحلقة وصل لرسائل الدماغ لباقي أجزاء الجسم، حيث ينقل الدماغ رسائله من خلال جذع الدماغ، التي تحميه الفقرة العنقية الأولى والمعروفة باسم أطلس (في حال محاذاة العظام بالشكل السليم)، ثم تكمل رحلتها عبر النخاع الشوكي والأعصاب، وفي حال انحرافها عن وضعيتها الطبيعية يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الاتصالات عبر الجهاز العصبي.
ويستقبل الدماغ الدم بشكل أساسي عبر أربعة شرايين رئيسية اثنين من الشرايين السباتية، واثنين من الشرايين الفقرية التي تمر عبر فقرة أطلس العنقية لتصل بعدها إلى قاعدة الجمجمة لتؤمن إمدادات الدم الأساسية لمنطقة وسط الدماغ وأي انحراف في الفقرة أطلس عن وضعيتها الطبيعية قد يسبب انخفاضاً في تدفق الدم إلى الدماغ، وبالتالي التأثير في وظيفة الدماغ مثل التسبب بخلل في وظيفة العصب القحفي، كما يؤدي انحراف تلك الفقرة إلى عرقلة تدفق السائل الدماغي الشوكي بشكل سليم والذي يتم تغليف وتغذية الدماغ والنخاع الشوكي به عبر كميات مناسبة من السائل الذي يتم ضخه إلى أعلى وأسفل الجمجمة والنخاع الشوكي.
وتحمل الفقرة «أطلس» الجمجمة التي يتراوح وزنها بين 5.44 و6.8 كغم والتي يفترض أن تبقى مستقيمة بشكل عمودي في وسط الجسم وأي انحراف للفقرة عن وضعيتها قد يؤدي إلى تحرك الجمجمة من محورها العمودي والتسبب بحدوث التواء تعويضي في العمود الفقري لتعويض هذا الانحراف ويمكن لهذا الالتواء الثانوي المسمَى «الجنف» أن يؤثر على الاستقرار التثاقلي العمودي لأقراص العمود الفقري، كما يمكن أن يخل بتوازن منطقة الحوض، ويتسبب في اضطرابات عضلية هيكلية ثانوية.
ويردف: يعتبر الألم مؤشراً على حدوث الحالات المرضية ونتيجة لتدهور الحالة عبر سنين عدة مع معاناة انحراف فقرة أطلس عن وضعيتها إلى درجة التسبب بالألم الذي ينجم عنه انتفاخ أو فتق في أقراص العمود الفقري المرتبطة بها والتشنجات العضلية المختلة وظيفياً واصطدام العضلات بالأعصاب الثانوية وغيرها من المشاكل.
ومن المفارقات أن انحراف الفقرة أطلس بحد ذاته ليس ما يسبب زيادة في مستوى الخلل الوظيفي ولكن بقاء الفقرة في حالة من الانحراف هو ما يزيد الخلل وهنا تبرز أهمية توعية الناس حول أهمية الفحص الدوري لوضعية الفقرة أطلس والوقاية من تفاقم الانحراف مع مرور الزمن والتسبب بحدوث الخلل الوظيفي.
ويكمل: انحراف الفقرة أطلس لا ينتج عن عيب خلقي ومع ذلك فإن الطبيعية الرضية لعملية الولادة قد تؤدي إلى معاناة العديد من الأطفال من انحراف الفقرة أطلس عند الولادة وتنتج معظم حالات انحراف الفقرة أطلس عن الإصابات الرضية مثل الولادة أو السقوط عن الدراجة أو الإصابات الرياضية أو حوادث السيارات وغيرها من الحالات الرضية المؤلمة التي يتعرض لها البعض.
وهناك أمور لا بد من أخذها بعين الاعتبار لأنها قد تعرض الفقرات العنقية للإصابة يشير إليها د. بيرس قائلاً: وضعيات عدة قد لا نفطن أنها قد تكون سبباً في اعتلال الفقرات العنقية مثل ضرب الرأس بالخزانة أو النوم على البطن والرأس بوضعية سيئة أو أن يقفز أحد على رأسكم في المسبح.
وعن تشخيص وعلاج انحرافات الفقرات العنقية يقول د. بيرس: تسمى الإجراءات الهادفة إلى تشخيص ومعالجة انحرافات الفقرة أطلس في أعلى العنق من خلال أكثر الأساليب التقنية تطوراً في تشخيص ومعالجة انحرافها تقنية «EPIC» والتي تشير إلى التصحيحات باستخدام معدات النقر التطورية التي تعمل على تقويم وضعية الفقرة العنقية أطلس لدى الحالة عبر استخدام الأمواج الصوتية النقرية الصادرة عن أداة التقويم لاستعادة وضعيتها بشكل دقيق دون مضاعفات، كما أنها تتميز بأنه لا يرافقها أي شعور بالألم، كما تقوم على تصحيح الفقرة العنقية باستخدام الأشعة السينية لقياس درجة الانحراف وقياس التفرد الجيني لكل مريض وحساب الزاوية الرياضية للتصحيح بدقة للعمل على تخصيص عملية التقويم وفقاً لجينات المريض ودرجة الانحراف لديه عبر معايرة عملية التصحيح باستخدام أجهزة الليزر والتقنيات الرقمية وتصحيح وضعية الفقرة العنقية باستخدام الأمواج الصوتية ثم معاودة استخدام الأشعة السينية بعد إجراء عملية التصحيح للتأكد من نجاحها لرفع مستوى دقة المعالجة وتحقيق التوازن لدى كل حالة لفترة زمنية أطول.
يكمل: تلك المراحل يتم إطلاع المريض على تفاصيلها مسبقاً عقب تسجيل تاريخه المرضي وإجرائه للفحوص الطبية والأشعة السينية لقياس وتحديد آلية التصحيح بدقة ووفقاً للنتائج تحدد طرق العلاج، وبعد عملية التقويم الأولى يتم إجراء صورة فورية بالأشعة السينية للمريض مع وضع جدول زمني للمعالجة وتخصيص جلسات علاجية وفقاً لدرجة تفاقم وتعقيد حالته ويحتاج في المتوسط من 10 إلى 15 جلسة يتم إخضاعه لها على مدار شهرين أو أقل لكي يتعافى ويبدأ في استعادة توازنه وعادة ما يلاحظ المريض تحسناً كبيراً خلال الجلسات العلاجية الأولية ويشعر حينها بزوال أسباب معاناته الجسدية.
يشير د. بيرس إلى أن تصحيح تلك الفقرة يساعد على معالجة العديد من الاضطرابات وإعادة التوازن لعملية الاتصال بين الدماغ والجسم وإعادة الحالة الطبيعية للنقل العصبي والشفاء من معظم أمراض وحالات الاضطراب الوظيفي والتمتع بصحة جيدة.
وهناك أمراض ترتبط مع الإصابة بانحراف الفقرة العنقية «أطلس» نتيجة لعدم تدفق الدم اللازم إلى منطقة وسط الدماغ يتحدث عنها د. بيرس قائلاً: ينتاب البعض الشعور بالدوار والصداع وعدم وضوح التفكير أو عدم القدرة على الإدراك بسرعة، نقص أكسجة العصب القحفي (الضعف البصري، شلل الوجه النصفي، شلل بيل، التهاب العصب الثالث، الهجمات الوعائية المبهمية، وغيرها)، كما ينجم عن مشاكل حماية جذع الدماغ تشوه أرنولد كياري، الآلام الرجيعة والموضعية، التشنجات العضلية، وغيرها، وينتج عن مشاكل حماية تدفق السائل الدماغي الشوكي الخرف وتدهور حالة المخ وارتجاج الدماغ والورم المخي الكاذب والصداع النصفي.
أما عن مشاكل الحفاظ على مركز ثقل العمود الفقري فيقول: الجنف واضطرابات ومشاكل أقراص العمود الفقري وألم العصب الوركي وألم الركبة والورك والتهاب اللفافة النخري والحداب.
ويشير د. بيرس إلى مدى نجاعة خضوع الحالة للعلاج الطبيعي وفق جدول زمني مخصص يعتمد على حالة كل مريض وذلك لما تجنيه الحالة من فائدة عقب إجرائها تصحيحاً للفقرة وخلال فترة تماثلها للشفاء طالما كان العلاج يتعامل مع العضلات التي تتحكم بها الأعصاب المحمية من الفقرات العنقية المحاذاة بشكل سليم.
ومن جانبها تقول الدكتورة آية وائل الغوطي إخصائية العلاج الطبيعي: تعتبر الفقرات العنقية الأكثر ليناً والأقل سماكة مقارنة بالفقرات القطنية والصدرية، ولكن وظيفتها تعتبر الأهم، فشبكة الأعصاب الشوكية مصدرها الفقرات العنقية فكل فقرة يخرج منها جذر لعصب ولهذه الجذور تفرعات تمتد لتغذي الدماغ والكتف واليدين وكونها لينة فتسمح بمدى أكبر للحركة مقارنة بباقي الفقرات، وللرقبة وضعية يجب أن يحافظ عليها الشخص حتى يتفادى الألم والإصابة بالانزلاقات الغضروفية والديسك، ففي حالة الرأس المتقدم على سبيل المثال عندما يوجد انحناء عنقي في الرقبة إلى الأمام تتشكل وضعية الرأس المتقدم وهي وضعية يصاحبها دائماً تحدب في الكتف بسبب عدم توازن بين قوى العضلات الخلفية والأمامية للرقبة حيث تكون العضلات الباسطة للرقبة متشنجة والعضلات المثنية ضعيفة فهذا الانحناء يشكل ضغطاً على الفقرات العنقية وبالتالي يشعر الشخص بتشنج دائم في عضلات رقبته وكتفه ومع مرور الوقت وعدم معالجة هذا التشنج والضعف يمكن أن يصاب الشخص بالديسك أو انزلاق غضروفي.
وترجع د. آيه الغوطي زيادة الانحناء العنقي إلى عوامل عدة منها الجلوس لفترات طويلة أمام المكتب والدراسة بوضعيات خاطئة والنظر إلى أسفل أثناء استخدام الهاتف أو القراءة، فكلما زادت درجة الانحناء زادت قوة الضغط على فقرات الرقبة فعند الانحناء بزاوية 60 درجة يكون مقدار القوة على الرقبة بما يعادل 60 باوند وحمل الحقائب المدرسية الثقيلة، والقيادة ورأسك بعيد عن سنادة الرأس مسافة 2-3 إنشات، إلى جانب المهن التي تتطلب انحناءً مستمراً كطبيب الأسنان فقد أثبتت دراسة أن معدل الإصابة بأمراض الهيكل العظمي العضلي لدى أطباء الأسنان يتراوح ما بين 64-93% أما أمراض العمود الفقري فمنها العمود الفقري الرقبي وتبلغ نسبتها لدى أطباء الأسنان 19.8%-85 %،ولعدم تفاقم الحالة ووصولها إلى منحى آخر والإصابة بالديسك والانزلاقات الغضروفية تنصح د. آية الغوطي بوجوب الانتباه لوضعيات الجلوس على المكتب، وأن تكون الرقبة في وضع سليم ليست متقدمة إلى الأمام كما يفضل استخدام وسائد الرقبة خلال العمل لفترات طويلة، كما تشير لدور الأم في مراقبة وزن الحقائب المدرسية التي يحملها أبناؤها بما يتناسب مع أوزانهم وتخفيف الوزن الزائد للحقيبة حفاظاً على سلامة عمودهم الفقري، فيجب أن يكون وزن الحقيبة المدرسية 10% من وزن الطالب وليس أكثر عن ذلك، وعدم استخدام الحقائب ذات الحزام الواحد، وعلى السيدات تخفيف وزن حقائب اليد، والنوم على وسادة مريحة لا أن تكون قاسية وليست طرية جداً وهناك وسائد طبية للرقبة متوفرة في معظم الصيدليات، وعند القراءة وضع الكتاب على شيء مرتفع كوسادة مثلاً بحيث لا تحني رأسك والحال مثله بالنسبة لاستعمال الهاتف النقال فحاول أن ترفعه لمستوى رقبتك، أما في حال الإصابة بالديسك فيقيم الطبيب الحالة حسب درجة الإصابة ويحدد نوع التمارين وفقاً للحالة وعادة ينصح بممارسة تمارين الاستطالة والتقوية وتعديل وضعية العمود الفقري خلال الجلوس أو القيادة للمحافظة على توازن القوى بين العضلات وتفادي الألم كما تهدف إلى استطالة عضلات الرقبة المشدودة وزيادة مدى الحركة للعضلات ويفضل القيام بهم في الصباح لمدة 15-30 ثانية يومياً.
يشكل الإصابة بألم الرقبة كالديسك عبئاً نفسياً وجسدياً كبيراً وتتطرق د. آية الغوطي للعلاج باستخدام الأجهزة الكهربائية التي يتم الاستعانة بها في تخفيف الألم فتقول: تلعب الأجهزة الكهربائية دوراً في تخفيف الألم كعامل مساعد لا يغني عن التمارين ولكنه يسهم في نجاح الخطة العلاجية ومنها جهاز التحفيز الكهربائي TENS الذي يعمل على تعطيل الخلايا العصبية المسؤولة عن الألم في الحبل الشوكي بالإضافة إلى تحفيز إنتاج مادة «الاندورفين» التي تعتبر مسكناً طبيعياً ينتجه الجسم، ويتم استخدامه عن طريق وضع أقطاب على الجلد مباشرة ويتم تشغيل الجهاز ليقوم بإرسال ذبذبات كهربائية، إلى جانب استخدام جهاز الأشعة تحت الحمراء الذي يقوم بتوفير حرارة عن طريق موجات غير مرئية تخترق الجلد لتنشط الدورة الدموية وترخي العضلات لتخفف الألم، وجهاز الشد Mechanical traction الذي يعتبر جهازاً فعالاً في تخفيف ألم الرقبة، حيث يقوم بتفريق الفقرات المضغوطة عن بعض، وبالتالي يخفف الضغط على الأعصاب، وجهاز الموجات فوق صوتية العلاجي ultrasound الذي يوفر الموجات التي تحفز الدورة الدموية وتساعد على تجديد الأنسجة مما يعزز عملية استرخاء العضلات وتخفيف التشنجات.
وأخيراً العلاج بالحرارة الذي يعد من أنجح وسائل تخفيف آلام الظهر والرقبة، حيث تعمل على ارتخاء العضلات المشدودة وبالتالي تعطي راحة للشخص ويفضل استخدامها بعد الانتهاء من التمارين أو بعد نهاية يوم شاق، وبإمكان مرضى الديسك استخدامها بشكل آمن، ومن أنواع حافظات الحرارة «القربة» وهي متوفرة في الصيدليات فقط ما عليك إلا أن تملأها بالماء الساخن ومن ثم لفها بمنشفة لكي تضمن عدم حرق جلدك، ووضعها لمدة لا تزيد على 15 دقيقة ويجب إزالتها في حالة الشعور بحرارة شديدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"