مليون مصاب بالسكتة الدماغية في الشرق الأوسط

01:47 صباحا
قراءة 8 دقائق
دبي: «الخليج»

ركّز أطباء الأعصاب ضمن الدورة الثانية من أكاديمية السكتة الدماغية التي تنظمها إحدى الشركات المتخصصة، على أهمية تطبيق إجراءات العلاج الفورية الخاصة بالسكتة الدماغية، وأثرها في إنقاذ حياة الأفراد، وخفض نسبة إصابتهم بالعجز الدائم.
تهدف مبادرة (آنجلز) التي أطلقتها شركة بوهرنجر إنجلهايم، إلى تعزيز فعالية علاج السكتة الدماغية من خلال تزويد الأطباء بالأدوات اللازمة، والموارد والدعم الذي يحتاجونه بهدف إنشاء شبكات علاج السكتة الدماغية الحادة، وتطوير مراكز طبية خاصة لذلك، وتتطلع المبادرة إلى تطوير بنية تحتية ملائمة لتوفير العناية المثالية على ضوء الحاجة الملحّة لتطوير الاستراتيجيات التي من شأنها المساعدة في توفير عناية أفضل لمرضى السكتة الدماغية في المنطقة.
وتظهر السكتة الدماغية على أنها مشكلة صحيّة كبرى يتنامى تأثيرها في منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، مع توقعات بوصول أعداد الوفيات الناجمة عن السكتة الدماغية إلى الضعف في العام 2030. وتشير الدراسات إلى اختلاف كبير في نسبة الإصابة، بحسب البلد، حيث تتراوح معدلات الإصابة ما بين 29,8 حالة إصابة لكل 100,000 نسمة في السعودية و57 حالة إصابة لكل 100,000 نسمة في البحرين. كما تشير الإحصاءات إلى أن 50% من المصابين في الإمارات بعمر أقل من 45 سنة، مقارنة بالمعدل العالمي الذي يشير إلى أن 80% من المصابين بالسكتة الدماغية، هم بعمر فوق 65 عاماً.
إضافة إلى ذلك، تسجّل حالات السكتة الدماغية التي تصل المستشفيات ارتفاعاً ملحوظاً في إفريقيا، حيث إن نصف حالات السكتة الدماغية سببها ضغط الدم المرتفع، إذ إن السكتة الدماغية الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية بمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء، مسؤولة عن أكثر من نصف حالات الوفيات والعجز الحاد. وتشير التقديرات إلى أن ما يقارب 360 جنوب إفريقي يعانون السكتة الدماغية بمعدّل يومي، يتوفى منهم 110 أفراد و90 منهم يصابون بعجز يؤثر على حياتهم بشكل كامل، ما يجعل من السكتة الدماغية السبب الطبيعي الأول للعجز والرابع للوفاة.
وقد أكد أطباء الأعصاب خلال الحدث، أن اتباع البروتوكولات الصحيحة في المستشفيات يعتبر ذا أهمية قصوى في إدارة وعلاج السكتة القلبية، وله تأثير مهم في إنقاذ حياة المرضى ومساعدتهم على الخروج من المستشفى بأقل قدر ممكن من العجز. يجب ألّا يتعدى الزمن من وقت وصول المريض للمستشفى لوقت بدء تلقيه العلاج أكثر من ساعة. عند وصول المريض إلى غرفة الطوارئ، يتم تحويله لممرضة الفرز التي تقوم بفحصه، وتقدم له العلاج عند التأكيد. يُؤخذ المريض لإجراء الفحوص المخبرية، ليبدأ الفريق الرئيسي بالعمل وإجراء الأشعة المقطعية، وأخيراً يتم إعطاؤه الحقنة.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور سهيل عبدالله الركن، مستشار طب الأعصاب واختصاصي السكتة الدماغية، قسم الأعصاب في مستشفى راشد بدبي - هيئة صحة دبي، وأحد روّاد مبادرة السكتة الدماغية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومؤسس الوحدة المعتمدة الأولى للسكتة الدماغية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «نحثّ كافة المستشفيات على الاستمرار في تطوير وحدات السكتة الدماغية المختصة التي تهدف إلى إنقاذ حياة المرضى وضمان تلقيهم العلاج ضمن إطار لا يتعدى 4 ساعات. ما يقارب 8,000 شخص يدخلون مستشفيات الإمارات كلّ عام بسبب السكتة الدماغية، بمعدّل عمري 45 عاماً. تضم رؤيتنا للسنوات الخمس القادمة عدداً من الأهداف، منها نشر الوحدات الطبية المختصة بالسكتة الدماغية في كافة المستشفيات، وتعزيز معدلات انحلال الخثرة للوصول إلى نسبة 18- 20% (النسبة الأفضل عالمياً)، تأسيس وحدات طبية مصغّرة للسكتة الدماغية في المناطق النائية، إضافة إلى تعزيز الوعي لدى المرضى بأهمية التعرف إلى الأعراض المسببة للسكتة الدماغية».
من جهته، قال كريم العلوي، الرئيس التنفيذي لشركة بوهرنجر إنجلهايم، في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا: «لا تزال المنطقة بحاجة إلى مزيد من المعرفة حول انتشار السكتة الدماغية لذلك عملنا على إطلاق هذه المبادرة التي توفر منصةً مثالية لكبار أطباء الأعصاب، لتسليط الضوء على أهمية البيانات المتعلقة بالعلاج الناجع والفعّال للسكتة الدماغية. وإننا ماضون في التزامنا نحو مرضى السكتة الدماغية، وبرنامج آنجلز ليس إلا جزءاً من المسيرة التي بدأناها لدعم خبراء الرعاية الصحيّة، ومراكز السكتة الدماغية في المنطقة. هدفنا الأسمى هو تأسيس مركز صحي مجهّز للسكتة الدماغية، في كلّ مكان للحد من خسارة الأرواح الناجمة عن التأخر في الحصول على العلاج المناسب».
تجدر الإشارة إلى أن مبادرة «لأن ثانية واحدة قد تجنبك مضاعفات السكتة الدماغية» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جزء من برنامج Angels العالمي المخصص للمنطقة، ويديرها مجموعة من أطباء الأعصاب على مستوى المنطقة، وتهدف إلى التركيز على تسريع وتيرة العمل لاختصار وقت إيصال المساعدة، وهو الوقت المستغرق ما بين وصول المريض للمستشفى وحصوله على العلاج، وأيضاً تأسيس مراكز طبية متخصصة بالسكتة الدماغية في المستشفيات والتي ستؤدي بدورها لتسريع وتحسين النتائج التي يحصل عليها المريض من العلاج، إضافة إلى زيادة الوعي حول الإدارة المناسبة لحالات السكتة الدماغية بين أطياف المجتمع كافة، وخبراء الرعاية الصحية.
وناقش أطباء الأعصاب خلال الحدث، العلاج الفوري عند حدوث السكتة الدماغية للحفاظ على الحياة، وتخفيض الوقت الذي يحتاجه المريض للحصول على العلاج، مع التشجيع على تزويد المريض بنتائج أفضل.
وتضم أعراض الإصابة بالسكتة الدماغية التخدّر المفاجئ، والضعف في الوجه والذراعين أو الأقدام على طرف واحد من الجسم، إضافة إلى اضطراب الكلام ومشاكل في النظر وفقدان التوازن ووجع الرأس الحاد. ركز الخبراء على أن الكلمة الإنجليزية F.A.S.T هي أسهل طريقة لتذكر الأعراض المفاجئة للسكتة الدماغية، والتي تشير إلى فقدان التحكم بالوجه، ضعف الذراع، صعوبة النطق، ووقت طلب المساعدة.
كلما تأخر علاج السكتة الدماغية، ازداد خطر حدوث ضرر في الدماغ، إذ يساعد العلاج الطبي الطارئ عند حدوث الأعراض في زيادة فرص النجاة، وإعادة التأهيل بشكل فعال. وتهدف مبادرة Angels لتأسيس وحدات طبية متخصصة بالسكتة الدماغية ضمن المستشفيات للتخفيف من وطأة العجز الناجم عن السكتة الدماغية، وذلك من خلال تطوير مستوى وسرعة فريق العناية التي يحصل عليها المريض.
التشخيص السريع للسكتة الدماغية والحصول على العلاج الطبي الفوري (خلال أقل من 60 دقيقة ضمن ما يسمى بالساعة الذهبية) يخفّض احتمالات حدوث مضاعفات، كما أن وجود وحدة مخصصة للسكتة الدماغية في المستشفيات مع بيئة طبية ملائمة وأطباء، وفريق مختص من الممرضين ومساعدين مدربين بشكل جيد في إدارة السكات الدماغية، كل ذلك يمكن أن يخفّض من الوقت الذي يحتاجه المريض، ما بين الوصول من المنزل والحصول على العلاج.
كلّ عام، 15 مليون شخص حول العالم، يصابون بالسكتة الدماغية، ما يقارب 6 ملايين حالة وفاة، و5 ملايين حالة عجز دائم، ما يجعل من السكتة الدماغية السبب الثاني للإصابة بالعجز. في الإمارات، يعاني شخص واحد من السكتة الدماغية كل ساعة، وما بين 7,000 إلى 8,000 شخص يصاب بالسكتة الدماغية في الإمارات سنوياً، حيث تعتبر السكتة الدماغية السبب رئيسي للوفاة وثاني أسباب العجز.
من جهة أخرى، أتيحت الفرصة في هذه الدورة لمناقشة مرض الرجفان الأذيني الذي يصف حالة عدم انتظام ضربات القلب، باعتباره واحداً من أهم أمراض القلب والأوعية الدموية المسببة للسكتة الدماغية. كما أنها كانت مناسبة لمناقشة الانتشار العام لهذا المرض، وازدياد أعداد المرضى والوقوف عند أحدث مضادات التخثر وأهميتها في علاج المصابين، بمرض الرجفان الأذيني. وقد توقف الحضور أيضاً عند آخر وأكبر الدراسات العالمية الحياتية والفعلية الصادرة والمتعلقة بمضادات التخثر الفموية، وذلك بغية التعريف بها بين كافة فئات المجتمع، بما في ذلك العاملون في قطاع الرعاية الصحية.
في هذا الصدد، قال العلوي: «تعتبر السكتة الدماغية واحدة من الأسباب الرئيسية للوفاة وحالات العجز الحادة في المنطقة، لأن كثيراً من المرضى لا يستطيــــعون الوصول إلى الرعاية الصحية المتخصصة، في هذا المجال. هنـــاك الكثــير من العوامل في المنطــــقة التــــي تزيد من خطر الإصابة بالأمراض القلبــــية والوعائــــية لذلك، يـــعتبر العلاج الآمن والفعّال والمُبتكر للسكتــــات الدماغية الناجــمة عن الرجفان الأذينــــي، والـــــذي درس بدراسات بحثــــية حياتيــــة أمراً مـــحورياً لإدارة مثل هذه الحالات التي تشكل تهديداً على حيــــاة الأفراد. نحن فخــــورون باستضــافتــــنا للدورة الثـــانية من أكاديـــميـــــة السكتة الدماغية في الإمارات، حيث استطعنا، ومن خلال هذا الحــــدث جمع نخبة من الأطباء من مختلف الاختصاصات الطــبية لتسلـــيط المزيد من الضوء على أفــــضل الممارســات في إدارة حــالات السكتة الدماغية والوقاية منها، قبل حدوثها، بما فيها أيضاً تسليـــط الضوء علــى ازديــــاد حالات الإصـــابة بمـــرض الرجفــــــان الأذينــــي، الــــذي يمكن أن يكـــون ســــبباً رئيســـياً لحدوث السكتة الدماغية».
يذكر أن الرجفان الأذيني الذي يصف عدم انتظام ضربات القلب يعد من أكثر الحالات شيوعاً، حيث يتسبب في تجمع الدم في الحجرات العلوية للقلب (الأذينين) ما يسبب التجلطات التي قد تنتقل من القلب إلى الدماغ الأمر الذي يؤدي إلى عرقلة تدفق الدم إلى هذا الجزء من الجسم مسببة ما يطلق عليه السكتة الدماغية، كما يمكن للجلطات الدموية أن تمنع تدفق الدم إلى أعضاء أخرى من الجسم أيضاً.
ويتسبب مرض الرجفان الأذيني باختلال عمل العقدة الجيبية الأذينية، ما يؤدي إلى حدوث اضطراب في ضربات القلب، الأمر الذي ينجم عنه إشارات كهربائية سريعة وغير منتظمة (اضطراب النظم التسرعي)، ما يجعل الحــــجرات العلـــوية للقــــلب (الأذينـــين) تعمل بشكل غير متسق أو غير متناغم مع بقية الحجرات، وهذا بدوره يضــــعف فعالية ضخ الدم منهما إلى البطينين، ما يؤدي إلى ركود الدم وتجمــعه وبداية تشكّل الجلطة.
تعد السكتة الدماغية الإقفارية إحدى أكثر السكتات الدماغية الناجمة عن الرجفان الأذيني، حيث تتسبب بالعجز الحاد أو الوفاة. ويصاحب الرجفان الأذيني عادةً عدد من عوامل الخطر الأخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري. ويعتبر إجراء الفحص لهؤلاء المرضى الذين يعانون الرجفان الأذيني أمراً ضرورياً، خصوصاً على اعتبارهم من المرضى الذين يزورون مراكز الرعاية الأولية بشكل متكرر لإجراء الفحوص.
يصل مدى انتشار الرجفان الأذيني في منطقة الشرق الأوسط لما نسبته 15%، إلّا أن حالات السكتة الدماغية في إفريقيا سجلت معدلات أقل بنسبة 1.6% مقارنة بـ 6.9% في المناطق الأخرى من العالم النامي، وبلغت نسبة الأمراض القلبية في هاتين المنطقتين 4.6% و 5.5% على التوالي.
والجدير بالذكر أن أكاديمية السكتة الدماغية تضم ورش عمل، وجلسات نقاش وحوارات تركّز على بروتوكولات العلاج، وأحدث المستجدات العلمية التي تساعد في تأسيس أفضل الممارسات الطبيّة.
ومن جهتها، قالت الدكتورة نوشين بازاراغاني، عضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي للقلب، ورئيسة قسم الوقاية في جميعة الإمارات للقلب: «يعتبر الرجفان الأذيني واحداً من أكثر حالات اضطراب نبضات القلب شيوعاً في العالم، وتمتلك تأثيراً كبيراً على الصحة العامة، ويعزى ذلك بشكل خاص لتنامي خطورة السكتة الدماغية وعلاجها في المستشفيات. وفي إشارة إلى مدى انتشار مرض الرجفان الأذيني على المستوى العالمي بمعدل 1%، تشير التقديرات إلى أن معدل انتشار هذا المرض في الإمارات يعادل 90000 حالة، وذلك مقارنة بالعدد السكاني للدولة، وهو 9 ملايين نسمة».
إضافة إلى ذلك، تبقى الوقاية من السكتة الدماغية الإقفارية الناجمة عن الرجفان الأذيني أولويةً في العلاج، ذلك أن معالجة تخثر الدم يعد أمراً جوهرياً. وكانت الجمعية الأوروبية لأمراض القلب قد أصدرت إرشادات جديدة لعلاج الرجفان الأذيني في العام 2012 بهدف التركيز على منع تخثّر الدم في الوقاية من السكتة الدماغية عند المرضى. وتشير هذه الإرشادات إلى أن جميع مرضى الرجفان الأذيني معرضون لخطر الإصابة بسكتة دماغية. و أكدت أهمية الأخذ في الاعتبار وجود دراسات بحثية عديدة أجريت خلال الممارسة الطبية اليومية لإثبات فاعلية وأمان الدواء ضماناً لسلامة المريض».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"