ضيق الصمام الميترالي من نتائج الحمى الروماتيزمية

00:17 صباحا
قراءة 6 دقائق

تتحكم صمامات القلب في تنظيم حركة الدم، حيث تجعله يتحرك من وإلى القلب في اتجاهات معينة ووقت محدد عند انقباض عضلة القلب أو انبساطها، ويوجد في القلب 4 صمامات، وهي الصمام الميترالي والصمام ثلاثي الشرفات والصمام الرئوي والصمام الأورطي، ويحافظ الصمام الميترالي على استمرار تدفق الدم بين الأذين الأيسر والبطين الأيسر، ويتكون من وريقة أمامية وأخرى خلفية.
يصاب بعض الأشخاص بمشكلة ضيق الصمام الميترالي، وهي تعني صعوبة في حركة الدم بين الأذين والبطين نتيجة خلل حدث في هذا الصمام، وينصح الأطباء بعلاج مشكلة ضيق الصمام الميترالي، لأن تركه دون علاج يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة في القلب، ويحدث الضيق في الصمام الميترالي بسبب الالتهاب الذي يصيب المريض نتيجة عدوى الحمى الروماتيزمية، حيث يؤدي الالتهاب إلى زيادة سمك الوريقات والتحامها مع نقاط تماس الأوتار والعضلات، وهو ما يجعل فتحة الصمام مثل القبة، وتعتبر المساحة الطبيعية لفتحة الصمام الميترالي من 4 إلى 6 سم مربع، ومع حدوث الضيق فيه تقل إلى أقل من 2 سم مربع، ثم إلى أقل من 1.5 حتى تصل إلى واحد سنتيمتر مربع، وعندها يصبح الضيق مؤثراً ويشكو المريض ضيق الصمام الميترالي، من ارتفاع ضغط الدم في البطين الأيسر والدورة الرئوية، وعند بذل مجهود بدني لا يلبي تدفق الدم بسبب ضيق الصمام، وفي الحالات الشديدة يعود الدم مرة أخرى إلى الرئتين، مؤدياً لتراكم بعض السوائل في الأكياس الهوائية بالرئتين وهو ما يعرف بالاحتقان، وفي هذا الموضوع سوف نعرف بالتفصيل أسباب حدوث مرض ضيق الصمام الميترالي وأعراضه وطرق الوقاية والعلاج المتاحة.

الحمى الروماتيزمية والسن
تعد الحمى الروماتيزمية السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بمرض ضيق الصمام الميترالي وتلعب الدور الأساسي في هذه الإصابة، لأنها تؤدي إلى مضاعفات التهاب الحلق وتلف الصمام وذلك عن طريق زيادة سمك شرفات الصمام أو التحامها، وفي بعض الحالات يكون ضيق الصمام الميترالي من العيوب الخلقية خلقياً فيولد الشخص بهذا الضيق، ويمكن أن يصيب الأذين الأيسر ورماً يسمى بالورم المخاطي الأذيني مما يعوق فتح الصمام، كما أنه مع تقدم السن يحدث تراكم في ترسبات الكالسيوم تؤدي إلي ضيق الصمام، ومن الأسباب النادرة تعرض الصدر للإشعاع وبعض أمراض المناعة الذاتية كالذئبة الحمراء، ولا يشكو مريض «ضيق الصمام الميترالي» من أي أعراض في معظم الأحوال، وتظهر الأعراض في ضعف مجهود المريض البدني ويحاول المصاب أن ينظم أمور حياته على هذا الوضع ويتعايش معه، مما يجعل من الصعب اكتشاف الإصابة بالضيق مبكراً، وتستمر الحالة تسوء حتى يعاني المريض تعباً شديداً مع القيام بأقل مجهود، كما يصاب بضيق تنفس يمكن أن يجعل المريض يستيقظ من النوم لحاجته للهواء، ومن الجائز أن يسعل المريض بشدة وفي بعض الحالات يكون السعال مصحوباً ببعض الدم، ويشعر المريض بعدم الراحة مع ألم في الصدر، وأيضاً تصبح ضربات القلب غير منتظمة بسبب رجفان الأذين الشديد، و يلاحظ الطبيب عند الفحص همهمة غير طبيعية تصدر من القلب، كما يصاب المريض الملازم للفراش بتورم القدمين أو الظهر، ويمكن أن يكون هناك إحساس بالقيء وفقدان للشهية نتيجة احتقان الكبد والاستسقاء، وتظهر عامة هذه الأعراض بين المرضى في عمر يترواح بين 32 إلى 48 سنة، غير أنها يمكن أن تحدث في أي عمر وحتى في سن الطفولة.

فشل جزئي للقلب
يحذر الأطباء والاختصاصيون من إهمال علاج مشكلة ضيق الصمام الميترالي، حتى لا يصبح المريض عرضة للإصابة بعدد من المضاعفات الأخرى، فيمكن أن يصاب بارتفاع ضغط الدم الرئوي نتيجة زيادة الضغط في الشرايين الرئوية، وهي المسؤولة عن حمل الدم من القلب إلى الرئتين، وهو بدوره يلقي عبئاً على القلب ليكون مطالباً ببذل جهد أكبر، كما أن ضيق الصمام الميترالي يؤدي إلى تقليل تدفق الدم مما يسبب زيادة الضغط على الرئتين ويتسبب في تراكم السوائل، ويؤدي ذلك إلى إجهاد الجانب الأيمن من القلب وبمرور الوقت يصاب هذا الجزء من القلب بالفشل، ومن المضاعفات أيضاً التي تنتج بسبب زيادة الضغط تضخم الأذين الأيسر، ويقود إلى مشكلة الرجفان الأذيني حيث يتمدد وبالتالي يحدث عدم انتظام في ضربات القلب، وذلك لأن الغرفتين العلويتين تنبضان بسرعة كبيرة وبشكل عشوائي، ويصبح المريض عرضة للإصابة بالجلطات الدموية، كما أن عودة الدم إلى الرئة يؤدي إلى ضيق التنفس، ويمكن أن يصاحب السعال في هذه الحال بلغم مصطبغ بالدم، ويطلب الطبيب المعالج من المريض عدداً من الفحوصات تساعده على تمييز حالة ضيق الصمام الميترالي عن سواه من أمراض القلب، كما أنها تساعده على وضع خطة العلاج، وتبدأ هذه الفحوصات بأشعة عادية على الصدر حيث تزود الطبيب بمعلومات عن حجم القلب وحجراته وعن الرئتين، وفي الأغلب يجد الطبيب أن الأذين الأيسر متضخم وكذلك يجد احتقاناً في الرئتين، كما يطلب الطبيب رسم قلب ومن خلاله يرصد تغيرات النشاط الكهربي التي تحدث خلال ضربات القلب، والإجراء التالي موجات فوق صوتية علي القلب ليستطيع الطبيب فحص وقياس شكل القلب، كما يساعده على تحديد مدي جودة الصمام أو إصابته بالتكلس، وعندما يتعدى المريض سن الأربعين يطلب الطبيب قسطرة القلب التشخيصية، لتحديد ما إذا كانت الشرايين التاجية مصابة بالضيق، وتستخدم هذه الطريقة للحصول على معلومات إضافية لتقييم حالة المريض.

صمامات بديلة
تعتبر النصحية الذهبية الوقاية خير من العلاج هي أول خطوات علاج مشكلة ضيق الصمام الميترالي، والوقاية تكون من الإصابة بالحمي الروماتزمية التي تعد السبب الرئيسي وراء الإصابة بتلف الصمامات، لذلك فعلاج التهابات الحلق العقدية هي العامل الرئيسي للوقاية، ولا تتوافر أدوية يمكنها إصلاح الخلل الذي يصيب الصمام الميترالي، غير أن الأدوية تخفف العبء عن القلب وتنظم ضرباته، ويمكن وصف مدرات البول حتى تقلل السوائل المتراكمة في الرئتين، وتساعد الأدوية المسيلة للدم على الوقاية من الجلطات، كما تبطئ حاصرات بيتا معدل ضربات القلب وتسمح للقلب بالامتلاء بكفاءة أعلى، ويتاح الإجراء غير الجراحي عند إصابة الصمام بتكلس بسيط، وفيه يتم توسيع الصمام الميترالي بالقسطرة القلبية، عن طريق دخول أنبوب رفيع ولين في رأسه بالون عبر أحد الأوعية الدموية في الذراع أو الفخذ ثم تصل إلى الصمام المصاب، يتم نفخ البالون لتوسيع الصمام وتحسين تدفق الدم وبعدها يتم تفريغ البالون وإزالة القسطرة مع البالون، ويمكن تكرار هذا الإجراء في حالة تفاقم الحالة مرة أخرى، ويتوافر هذا العلاج في حالة التكلس البسيط مع عدم وجود أي ارتجاع في الصمام الميترالي، وليس متاحاً لجميع المرضى، ويتم اللجوء للتدخل الجراحي إذا لم يكن متاحاً إجراء القسطرة القلبية، حيث يقوم الطبيب بتوسيع الصمام وإزالة ترسبات الكالسيوم وغيرها من تندبات الأنسجة التالفة عن طريق جراحة قلب مفتوح، ويمكن اللجوء مرة أخري لهذه الجراحة إذا حدث ضيق بالصمام، وفي حالة تلف الصمام الشديد وتكلسه فإن البديل الأخير يكون باستبداله بآخر ميكانيكي أو حيوي اصطناعي، ولكل نوع ميزاته وعيوبه، فالميكانيكي يتميز بقدرته على التحمل لأنه يصنع من المعدن، غير أنه يزيد من مخاطر تكون الجلطات، وبالتالي يلزم المريض تناول أدوية سيولة، أما الحيوي الاصطناعي ويتم الحصول عليه من الأبقار أو الخنازير أو شخص يتبرع به بعد وفاته، غير أن هذا الصمام يحتاج للتغيير بعد فترة.

نادر في الأطفال

تشير دراسة حديثة إلى أن حدوث مرض ضيق الصمام الميترالي الذي يولد به الطفل، أمر نادر لا تتجاوز نسبته حوالي 1.5%، ورصدت دراسة أخرى أن من أبرز الأعراض التي يشعر بها المريض هي الخفقان، وهذا العارض يظهر فيما يزيد على 45% من إجمالي الأشخاص المصابين بهذا المرض، وتعد عدوى الحمى الروماتيزمية المسبب الأول للإصابة في الدول النامية، في الوقت الذي اختفت في الولايات المتحدة، وتشير الأبحاث إلى أن تحسين نوعية الحياة يلقي بظلاله على حالة المريض، ويشمل هذا التحسين تقليل الملح في الطعام لأنه من أسباب ارتفاع ضغط الدم، وكذلك تقليل تناول الكافيين الذي يزيد من اضطراب ضربات القلب، والحفاظ على وزن صحي، كما أن ممارسة الرياضة لها دور كبير لاستعادة لياقة القلب والأوعية الدموية، ويجب مراجعة الطبيب في حالة رغبة المرأة المصابة بضيق الصمام الميترالي في الحمل، لأنه يتسبب في عمل القلب بجهد كبير، وتحتاج الحامل إلى متابعة من طبيب القلب وطبيب التوليد طوال فترة الحمل وبعد الولادة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"