الإسلام وحقوق المرأة

02:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. محمود حمدي زقزوق*

في زحمة المغالطات الغربية عن الإسلام والمسلمين، يثير بعض الغربيين موقف الإسلام من المرأة، حيث يرى هؤلاء أن المرأة في ظل شريعة الإسلام لم تحصل على حقوقها كاملة، وأن المرأة الغربية مميزة عنها، وهذا كلام لا يستند إلى أدلة وبراهين، ويؤكد جهل من يردده بالإسلام وشريعته ومنهجه في الحياة، فالإسلام انتشل المرأة من الأوضاع السيئة التي كانت تعيشها في الجاهلية، وهو الآن الدين الوحيد القادر على انتشالها من حياة العبث والفوضى التي تعيشها في ظل الحضارة الغربية التي أباحت للمرأة فعل كل شيء، وأباحت للآخرين أن يستغلوها ويسيئوا التعامل معها.
وقد أرسى الإسلام مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، والرسول صلى الله عليه وسلم وصف العلاقة بين الرجل والمرأة بقوله: «النساء شقائق الرجال لهن مثل الذي عليهن بالمعروف»، والوصف بكلمة «شقائق» يوضح لنا المساواة والندية، والرجال والنساء أمام الله سواء لا فرق بينهما إلا في العمل الصالح الذي يقدمه كل منهما، كما يشير القرآن الكريم إلى ذلك: «من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون».
إن العديد من النصوص القرآنية والنبوية تؤكد كفالة الإسلام لكل حقوق المرأة، وتؤكد أن الإسلام وفر للمرأة المسلمة كياناً اجتماعياً لا تحظى به المرأة الغربية.

ملاذ آمن

وإذا كانت المرأة الغربية تبحث عن ملاذ آمن، فقد وجدت هذا الملاذ الآمن في الإسلام، ولذلك هي لا تلتفت إلى الحملات المسعورة التي يقودها الإعلام الصهيوني ضد الإسلام، ولا إلى المغالطات والاتهامات الظالمة التي يرددها خصوم الإسلام في الغرب، بعد أن وجدت الحماية في تعاليم ومبادئ هذا الدين العظيم.

وإذا كان البعض يحاول خلط الأوراق ويردد أن المرأة المسلمة لا تحظى داخل مجتمعاتها العربية والإسلامية بالحقوق الشرعية التي كفلها لها الإسلام، وتعاني معظم نسائنا ظلم الرجال.. فكيف تتخذها المرأة الغربية قدوة لها وتسير على هداها؟ ونحن نقول لهؤلاء يجب أن نفرق بين ما جاء به الإسلام من تشريعات عادلة تنظم علاقة المرأة بكل المحيطين بها من أب وأم وإخوة وزوج وأولاد وغيرهم، وبين ما تعانيه المرأة الآن بسبب جهل الرجال بحقوق زوجاتهم الشرعية، أو بسبب العادات والتقاليد المتوارثة التي تحرم المرأة من معظم حقوقها الشرعية. ومشكلة الرافضين لكل ما هو إسلامي أنهم يحكمون على الإسلام من خلال السلوكيات الخاطئة لبعض المسلمين، وهذا خلط يكون أحياناً متعمداً بقصد الإساءة للإسلام، وأحياناً يكون عن جهل، وهو في الحالتين يسيء لأصحابه، لأن الحكم الموضوعي على الإسلام ومواقفه يكون من خلال تشريعاته وأحكامه، وليس من خلال سلوكيات خاطئة لبعض المسلمين.
ومن مظاهر الجهل الفاضح بالإسلام ما يدعيه البعض من أن المرأة في ظل شريعة الإسلام لا تحظى بحرية واستقلالية مثل المرأة الغربية.. بل هي دائماً تابعة للرجل، ففي بيت أسرتها تكون تابعة لوليها الذي هو في الغالب أبوها، وفي بيت زوجها تعيش في ظل سيطرة زوج يحدد لها المباح والمحظور.
والواقع أن هذا الكلام يؤكد الجهل بشريعة الإسلام، وهو أيضاً امتداد للخلط الفاضح بين تشريعات الإسلام وعادات وتقاليد تسيطر على عقول بعض الرجال في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.. وكل من اطلع على شريعة الإسلام بعقلية متجردة عن الهوى يدرك أنها أعطت للمرأة استقلالها التام عن الرجل من الناحية الاقتصادية، فلها مطلق الحرية في التصرف فيما تملك بالبيع والشراء والهبة والاستثمار.. إلخ، من دون إذن من الرجل مادامت لها أهلية التصرف، وليس لزوجها ولا لغيره من أقاربها من الرجال أن يأخذ من مالها شيئاً إلا بإذنها.. ومن الناحية المدنية والعلاقة الإنسانية لا يجوز للرجل حتى ولو كان الأب أن يجبر ابنته على الزواج برجل لا تحبه، فالزواج لا بد أن يكون بموافقتها وبرضاها.

} عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"