الأكياس الحميدة.. كتل مزعجة

02:38 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: راندا جرجس


تستهدف الأكياس التي تظهر في مناطق متفرقة من الجسم الأشخاص في مرحلة البلوغ، وتوجد على شكل كتل تحت الجلد وتكبر ببطء، وهناك بعض أنواع هذه المشكلة يرافقها آلام واحمرار وتورم في المنطقة المصابة، والبعض الآخر يتشكل في صمت دون علامات أو مضاعفات، ولكنها تتسبب في زعر المريض وتوتره، حيث إنه يُعتقد خطأ أن هذه الأورام ليست حميدة، وتتعدد عوامل ظهور هذه الأكياس من شخص لآخر حيث إنها تنجم عن أسباب وراثية، أو مرضية ولكن يعتمد تحديد السبب الدقيق على الفحوص والاختبارات اللازمة، ويعتبر استئصال هذه الأكياس هو أفضل الخيارات العلاجية.
يقول الدكتور راماتشاندران راجاجوبال مختص الأمراض الجلدية والتناسلية، إن الأكياس بشكل عام تجمعات تظهر تحت الجلد على شكل كتل مستديرة، وتكون مملوءة بسائل وإفرازات، وتعرف أيضاً بالكيس البشراني الحميد، يوجد تحت البشرة كعقيدات مملوءة بمادة الكيراتين، وتنشأ في الجزء العلوي من بصيلات الشعر، وينجم الكيس المحيط بالبشرة عن إصابة ما، مثل السقوط، أو جرح نافذ أو الضرب على الظهر، وغيرها من المسببات، حيث تقوم البشرة من الداخل بتكوين كيس تتراكم عليه الخلايا السليمة التي تستمر في التكاثر والنضج وتشكيل الكيراتين، وربما تكون الإصابة لأسباب أخرى متعددة، وهناك نوع آخر من الأكياس يسمى «ميليا» وهي نسخة مصغرة عن الكيس البشراني، وتتراوح ما بين1-2 مم من الأكياس التي تحتوي على الكيراتين (مادة البشرة).


مرحلة الإصابة


يوضح د. راجاجوبال أن الأكياس توجد بشكل شائع على الوجه، العنق، حول الأذنين، الجذع، الظهر، والأعضاء التناسلية أيضاً، كما يمكن رؤيتها على الأرداف والكف وأخمص القدمين، وإذا وصلت الإصابة إلى أطراف الأصابع، فربما يطرأ تغيرات على الأظافر، وينتشر الكيس الدهني بين الرجال أكثر من النساء بمعدل الضعف تقريباً (بنسبة 2: 1)، وتظهر معظم الأكياس في مرحلة البلوغ، وعادة ما يكون في العقد الثالث أو الرابع من العمر، ويكون ملاحظاً على الأكثر في البشرة المتضررة من الشمس، ولاسيما على وجوه المرضى المسنين، ويعتبر الأشخاص المصابون بحب الشباب الأكثر عرضة لظهور الأكياس الدهنية، وإذا عثر عليها بأعداد كبيرة قبل البلوغ، فيكون هناك اشتباه بوجود متلازمة جاردنر، وفي حالة حديثي الولادة (الأسابيع الأربعة الأولى للمواليد) يكون من الشائع رؤية مثل هذه البثور البيضاء والتي تسمى حبوب الميليا.


أمراض ومسببات


يبين د. راجاجوبال: في بعض الحالات يظهر الكيس الدهني عند أفراد العائلات التي يوجد لديها تاريخ مرضى، وتتميز بالإصابة بالبولبات المعوية مع رأسيات متعددة في الجمجمة والفكين العلوي والسفلي، وأيضاً كتل كثيرة تحت الجلد، وأورام معوية حميدة متعددة في القولون (الجهاز الهضمي)، مع وجود كيس دهني في فروة الرأس وأورام عظمية، وربما يكون مرتبطاً بمتلازمة جاردنر، وفي هذه الحالات، يمكن العثور على أكياس متعددة قبل البلوغ في أماكن غير عادية، سرطان الغدة الدرقية، وأورام الأنسجة الليفية الأخرى، وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد أي علاقة مباشرة بين الكيس الدهني وزيادة الوزن أو السمنة.


الأكياس الدهنية


يذكر الدكتور معن سليمان العيسى اختصاصي الجراحة العامة، أن هناك غدة صغيرة تفرز مادة زيتية تلتصق بقاعدة كل شعرة في الجسم في عمق الجلد، وتنزلق على الشعرة وتخرج إلى السطح عن طريق فتحات المسام الصغيرة مع الشعرة ذاتها، وتقوم المادة الزيتية بمهمة ترطيب الشعرة وحمايتها من الجفاف والتقصف، وهذه الغدة ترافق كل شعرة في الجسم كبيرة كانت أو وبرية صغيرة، ويحدث أحياناً انسداد فتحة المسام التي يخرج منها الزيت إلى السطح لأي سبب من الأسباب، أو جفاف المادة الزيتية ذاتها على السطح، ولكن الغدة المكونة للزيت في العمق تتابع عملها فيتراكم الزيت ويصبح متماسكاً ويزداد حجماً مع الوقت دافعاً الأنسجة التي حوله إلى الجوانب لتكوّن جداراً يحيط به تحت سطح الجلد، وهكذا ينشأ ما يعرف بالكيسة الدهنية أو الشحمية في أي منطقة عليها شعر من الجسم وأهمها فروة الرأس، كما أنها يمكن أن تحدث في أي مكان في الجسم ماعدا اليدين والقدمين.


أعراض المشكلة


يشير د. العيسى إلى أن الكيسة الدهنية بحد ذاتها غير وراثية، ولكن من الممكن وراثة نوعية البشرة الدهنية التي تؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بها، أما أعراضها، ففي البداية تكون كتلة صغيرة جداً طرية وغير مؤلمة، تحت سطح الجلد لكنها غير عميقة، يشعر بها الإنسان بالصدفة باللمس أو عند تمشيط الشعر، وتكبر ببطء بالتدريج حتى تبلغ حجماً ملحوظاً إذا أهملت (2-3 سم)، أمــا الألــــم والــنــــزف الـــدموي فهما من الأعراض القليلة الحدوث، وينبغي تفريق الكـــيـــســـــة عـــن الورم الدهني السليم الذي يتكون من نسيجٍ دهني حقيقي، ولا يكون ملتصقاً بالجلد ومن النادر تعرضه للالتهاب، ويتم التشخيص بالفحص السريري من قبل الجراح المختص ولا تحتاج إلى إجراءات تشخيصية مساعدة، إلا إذا تعرض الجرح للالتهاب، وخاصة أن المادة الشحمية تعد بيئة مناسبة لنمو الجراثيم، فإنها تصبح حساسة ومؤلمة للجلد المحيط بها، وربما يتطور الأمر إلى تكّون خراج قيحي يحتاج إلى تدخل جراحي فوري.


طرق علاجية


يؤكد د. العيسي أن علاج الكيسات الدهنية أو الشحمية غير المختلطة يكمن في الاستئصال الجراحي، ويعتبر إجراء بسيطاً يُجرى تحت التخدير الموضعي، ويستغرق دقائق معدودة، حيث يتابع المريض حياته اليومية المعتادة فور خروجه من العيادة الجراحية أو المستشفى ويعود بعد عدة أيام لإزالة الغرز، أما علاج الخراج القيحي في حال تكونه فيكون بالفتح الجراحي، تحت التخدير الموضعي أيضاً في معظم الأحيان، مع تنظيف محتوياته من القيح والأنسجة الميتة، ويترك الجرح مفتوحاً ويُتابع يومياً حتى يكتمل الشفاء، وتستخدم المضادات الحيوية ومضادات الالتهاب مع العلاج، وفي كل الحالات يستحسن أن تُجرى الجراحة بواسطة جراح مختص حتى نضمن إزالة جدار الكيسة بشكل كامل للإسراع في الشفاء، ومنعاً لأية انتكاسات في حالة المريض، ولا توجد وسيلة فعالة للوقاية من تكوّن الكيسات الدهنية، لكن استعمال الشامبو الخاص بالشعر الدهني والمثابرة على غسل فروة الرأس يمنع من تراكم المواد الزيتية على سطحها، ويلعب دوراً في تقليل احتمال تكونها.


فئة مستهدفة


يشير الدكتور فاروق بديع جراح عام، إلى أن الأكياس الدهنية تسبب حالة ظهورها تحت الجلد حالة من القلق في نفوس المصابين، وتكثر أسئلتهم عن طبيعتها وخطورتها وسبب تكونها، والطريقة العلاجية المثالية للتعامل معها، وتتكون الأكياس على شكل كرات صغيرة تحت الجلد، وتظهر في جميع أنحاء الجسم عدا الرأس، وربما تتحرك إذا تم الضغط عليها، ولا يشعر المريض بأي ألم، ولذلك تكمن الأهمية في تشخيص الحالة، حتى يتم التأكد منها، ويساعد الفحص في اتخاذ القرار المناسب معها، ويكون الاستئصال القرار الأفضل إذا شكلت خطورة على المصاب، تعتبر الأكياس الدهنية أو ما يعرف طبياً باسم «الليبوما» من الأورام الحميدة الناتجة عن النمو المفرط للخلايا الدهنية، وعادة ما تكون غير مؤلمة ومن السهل تحريكها، ويعد هذا النوع من الأورام شائعاً خلال الفترة العمرية من سن 40 إلى 60 عاماً، وربما تظهر أيضاً عند الأطفال، وعادة ما يكون حجمها أقل من سنتيمتر واحد، أو تصل إلى 6 سنتيمترات في بعض الحالات، ويكون معظمها موجوداً في الطبقة الدهنية تحت الجلد.


تدابير جراحية


يؤكد د. بديع أن علاج الأكياس الدهنية لا يعتبر ضرورياً، ولا يستلزم استئصالها في غالبية الأحيان، ولكن يمكن أن يقرر الطبيب ذلك إذا أصبح الورم مؤلماً، ويتم اتخاذ قرار إزالتها لأسباب تجميلية بحتة، أو إذا ازداد حجمها إلى مستوى كبير جداً، وربما تتم إزالتها من أجل تشريحها للتحقق من أنها لا تشكل أي خطورة على صحة المريض، للتأكد أنها ليست من نوع الورم الخبيث، أو لن تتحول إلى فئة الأورام الخبيثة (اليبوسركوما)، ويتم إزالتها في العادة عن طريق إجراء جراحة بسيطة، وغالباً ما تتم تحت التخدير الموضعي، وتستغرق إزالتها أقل من 30 دقيقة،علماً أن هذا التدخل الجراحي يعالج معظم الحالات، وتجدر الإشارة إلى أن نسبة ضئيلة من تلك الأكياس لا تتعدى 2% ربما تعود مرة أخرى بعد إزالتها.
يضيف: أما الطريقة الثانية فتكون من خلال عملية شفط الدهون، وتعتبر هذه العملية خياراً آخر إذا كانت الأورام الدهنية لينة، ولا تحتوي على أنسجة ضامة صغيرة، وفي العادة تنتج عن هذه العملية ندبة أصغر حجماً، وإذا كانت الأورام كبيرة الحجم، ربما تفشل العملية في إزالة الورم بالكامل، ما يعني احتمال نموها من جديد.


الورم الشحمي


يوضح د.بديع أن التشحم يمثل حالة مرضية وراثية، حيث تكون هناك أورام متعددة موجودة على الجسم، وهي حالة نادرة تظهر على شكل انتشار أورام متعددة ومؤلمة، وتكون متعبة للمصاب، وبشكل عام، يزداد احتمال الإصابة بها بين الأشخاص الذين يعانون السمنة، وربما تظهر عند النساء بعد انقطاع الطمث، وهنا ينبغي التنويه إلى أن مرض «التشحم الحميد المتماثل» يظهر في منتصف العمر عند الذكور بعد سنوات عديدة من إدمان الكحول، وعند الإصابة بالورم الشحمي، ترافقه بعض الأعراض، ومن أبرزها وجود كتلة لينة تتحرك عند الضغط عليها أسفل الجلد، وربما تكون مؤلمة في حال ظهورها عند المفاصل أو الأعصاب، وفى حال ظهرت في الأعضاء الداخلية مثل الأمعاء، يمكن للمريض أن يعاني القيء، ولا يؤثر هذا الورم على المصاب، ولا يسبب له أي ألم في حال ظهوره في الأماكن المعهودة.
يضيف: ينصح المريض باستشارة الطبيب في حال ظهور بعض الأعراض، ومنها: زيادة حجم الورم الشحمي ونموه بسرعة، والشعور بالألم الزائد، وتحول الورم إلى اللون الأحمر، أو تصلبه، وتكون الاستشارة مهمة في حال ملاحظة أي تغيير في منظر الجلد في المنطقة المصابة.


التكيس العقدي


تنتشر التكيسات العقدية في المفاصل؛ مثل: كاحل القدمين والأطراف ومعصم اليدين، وتكون على شكل كتل مستديرة أو بيضاوية غير سرطانية يتراوح قطرها إلى 2.5 سم، وبداخلها يوجد سائل يجعلها مثل البالون المملوء بالماء، ولم يتوصل العلماء إلى سبب لهذه المشكلة حتى الآن؛ ولكنها تستهدف النساء أكثر من الرجال ما بين الـ20 إلى 40 عاماً، ويتسبب التكيس العقدي في مخاطر ومضاعفات على المفصل؛ حيث إن وجوده يعوق حركته أو يسبب ضعف العضلات، كما يمكن أن يؤدي إلى آلام شديدة إذا كان قريباً من الأعصاب، ويضغط على أحدهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"