أهمية العمل في الإسلام

03:01 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. محمود أبو زيد الصوصو *

جاء الدين الإسلامي وشعاره العمل، قال تعالى: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» [التوبة: 105].
إنّ العمل من الأولويات التي اهتم بها الإسلام، ومن هنا رسم له ديننا الحنيف منهجاً متكاملاً، يقوم على مراعاة التوازن بين حقوق العمال، وحقوق أصحاب العمل على حد سواء.
والعمل هو الأساس في حياة البشرية وتقدمها، ولأجل ذلك كان نظام العمل من الأمور التي أولتها الحضارة الإسلامية رعاية واهتماماً، وذلك بمتابعة المستجدات حول هذا النظام، ومواكبتها بالأحكام والضوابط، والحرص على مراعاة احتياجات العمل وصاحب العمل.
ولقد كان من بوادر تنظيم العمل في الإسلام نظرة التكريم للعاملين، والدعوة الصريحة إلى العمل من أجل حياة كريمة، والأهم في هذه الدعوة أن يؤدي الطريق فيها إلى العمل الحلال من أجل الكسب الحلال الذي يؤدي إلى استقامة الحياة وهو يشمل كل جهد يقوم فيه الإنسان بتحقيق منفعة خاصة به، أو متعدية إلى غيره مقابل أجر يحصل عليه العامل.
وهذا الجهد يمكن أن يكون ذهنياً، أو يدوياً، أو بدنياً، أو غير ذلك سواء كان لشخص، أو لجهة عامة أو خاصة.
والعمل في مفهوم الإسلام نوعان: عمل للدنيا، وعمل للآخرة، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً».
والإسلام أمر الناس بالسعي في طلب الرزق، قال تعالى: «هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً، فامشوا في مناكبها، وكلوا من رزقه وإليه النشور»، [ الملك:15].
ثم إنَّ الله تكفل للناس بالرزق، فقال تعالى: «وفي السماء رزقكم وما توعدون فوربِّ السماء والأرض إِنَّه لحقٌّ مثلما أنكم تنطقون»، [الذاريات: 22-23].
ولأهمية العمل في الإسلام فقد جاءت الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية بالحث على العمل الصالح مقترناً بالإيمان، قال تعالى: «الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحُسنُ مآب»، [الرعد:29]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا إيمان بلا عمل، ولا عمل بلا إيمان»، أخرجه الطبراني.
والإسلام لم يكتفِ بالدعوة إلى العمل، وبيان فضله، بل حذَّر من البطالة، والكسل، والتواكل، ولذا جاء الإسلام بالآداب ومكارم الأخلاق من أجل تربية الناس تربية إسلامية وتحليهم بالأخلاق الحسنة، وحثهم على العمل وعدم الكسل وسؤال الناس، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم حبلاً فيأخذ حزمة من حطب فيكف الله به وجهه خير من أن يسأل الناس أعطي أو منع»، (رواه البخاري ومسلم).
وقال صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو يستكثر»، (رواه مسلم).
ومن أقبح الموارد المعيشية في الإسلام الاعتماد على جهد الآخرين والتسوُّل من غير ضرورة، ولذلك فضل الإسلام المعطي على الآخذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمَنْ تعول»، (أخرجه الإمام أحمد والطبراني).
وعلى هذا فينبغي على الناس أنْ يقتنعوا بما قسم الله لهم من الرزق، فلا يكون حبُّ الترف وجمع المال سبباً مشروعاً في سؤال الناس. لأنَّ الله تعالى قسَّم الأرزاق بين الناس، وفضَّل بعضهم على بعض في الأرزاق لحكمة يعلمها، فقال تعالى: «أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سُخرياً ورحمة ربك خير ممَّا يجمعون»، [الزخرف:32].
وعلى ما تقدم: يجب على الناس أن يجددوا من إيمانهم وأن يسعوا في طلب العمل الصالح ففيهما سعادة الناس في الدنيا والآخرة ؛ لأنَّ الإيمان هو ما وقر في القلب وصدَّقه العمل الصالح، والله لا يقبل إلا ما كان طيباً وعملاً صالحاً قال تعالى: «إليه يصعد الكلمُ الطيب والعمل الصالح يرفعه»، [فاطر:10].
* أستاذ المعاملات المالية في جامعة طيبة - المدينة المنورة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"