الآلات الموسيقية تاريخ من الغرائب

تعد جزءاً من الحضارات وتعود إلى العصور الحجرية
13:53 مساء
قراءة 5 دقائق

الآلة الموسيقية هي أداة تم تصنيفها أو تعديلها لغرض صنع الموسيقا . ومن ناحية المبدأ، فإن أية أداة تصدر صوتاً ويمكن التحكم بها من قبل العازف يمكن اعتبارها آلة موسيقية، وقد قام الإنسان منذ القدم بتحويل بعض المواد الموجودة في الطبيعة إلى أدوات لتوليد الأصوات الموسيقية، فقام على سبل المثال بتحويل العظام إلى صافرات بعد عمل ثقوب فيها، وقام بصنع الطبول المختلفة من بعض جذوع الأشجار، وكانت الآلات الموسيقية البدائية بالنسبة إلى إنسان العصور الحجرية تخدم أغراضاً متعددة كإحداث الأصوات والضجيج والمناداة ولاتقاء شر بعض الظواهر الطبيعية التي يخاف منها الإنسان .

تعد الآلات الموسيقية جزءاً من الحضارات العامة ومرجعاً تاريخياً لتدل على ما قطعته الشعوب في تلك الحضارات . ولم تزل بعض الآلات الموسيقية التي ظهرت قبل التاريخ موجودة لدى القبائل القاطنة في سواحل المحيطات كالقبائل التي تسكن الساحل الغربي لقارة إفريقيا والساحل الشمالي والجنوبي لقارة أمريكا الجنوبية .

وقد اهتدى الإنسان القديم إلى استخدام اليدين والقدمين والفم من أجل ضبط الإيقاع الموسيقي ثم لجأ إلى استخدام الآلات الإيقاعية التي طورها تدريجياً حتى صنع الطبول والدفوف والصنوج على اختلاف أنواعها وأشكالها .

وبعد أن اهتدى الإنسان إلى الآلات الإيقاعية اهتدى إلى آلات النفخ وكان أقدمها القصب والعظام المجوفة والقواقع المائية التي كان يصدر عنها في حالات كثيرة أصوات مخيفة للحيوانات التي كانت تخيف الإنسان أو لأغراض أخرى . بعد ذلك قام الإنسان بصنع الصفار وهو مجموعة من القصب مختلفة الأطوال ومفتوح أحد أطرافها ومغلق الطرف الآخر ثم تطورت من الصفار آلات مثل الناي والمزمار وغيرها من آلات النفخ المفتوحة الطرفين، ثم أصبحت الآلات الموسيقية الهوائية شيئاً فشيئاً تصنع من النحاس والخشب .

أما الآلات الوترية فهي آخر ما اهتدى إليه الإنسان، فقد صنعها أول الأمر من غصن قابل للالتواء ينزع عنه غلافه ويظل مثباً فيه من الجانبين ثم وضع الوتر على الصندوق مصوت، وهكذا بدأت صناعة الآلات الموسيقية الوترية وتطورت بتطور الإنسان الحضاري حتى تمكن من صنع عدد من الآلات المتنوعة الأشكال والأحجام، وبعد أن توفرت لدى الإنسان الآلات الموسيقية المتنوعة أصبح يدرك قيمة الأصوات الموسيقية وصار يميز بين الآلات التي تستخدم لمجرد تنظيم الإيقاع والآلات التي تصدر الأصوات الموسيقية التي لها تأثير خاص في نفسه . وقد أصبح للآلات الموسيقية دور ثانوي أي أنها ترافق الغناء بكل صيغه وأشكاله .

وثمة أناس مولوعون بالموسيقا ولذا منهم من يبذلون قصارى جهدهم في اختراع ما يولد لهم أنغاماً جديدة باستخدام آلات فائقة الغرابة، ففي النرويج مثلاً يقتطع بعض الناس هناك قطعاً من الجليد أيام الثلج الكثيف ويصنعون منها بوقاً يصدر أصواتاً وألحاناً موسيقية جميلة . وفي كل سنة يذهب موسيقي يدعى ترجي إلى محطة التزلج جيلو ليقدم عرضاَ موسيقياً بآلة من الثلج لتتحول بعدها إلى أثر بعد عين حيث تذوب كلياً جراء النفخ والحرارة المنبعثة من فمه .

آي فون هارمونيكا

من الإضافات التي تميز هاتف آي فون أنه يمكن النفخ أو التصفير فيه وكأنه آلة هارمونيكا الموسيقية . وعندما يكون المرء ماهراً في العزف مثل (جي وانج) الأستاذ في جامعة ستانفورد الذي أوجد تطبيقاً جديداً يحول هذا الهاتف إلى آلة الأكرنية الموسيقية التي تشبه ناياً صغيراً وبسيطاً، فلا شك أنه يكون مبدعاً . ويكفي أن يصفر وانج في ميكرو الهاتف ويضغط على الأزرار على الشاشة التي تعمل باللمس لكي يتحول الجهاز إلى آلة موسيقية مدهشة، وتم وضع البرنامج على موقع (Appstore) كي يستخدم من قبل حاملي هاتف آي فون، كما يمكن لوانج وطلابه استخدام تقنية البرنامج في الحفلات الموسيقية لاسيما أنه تمت إضافة مكبرات صوت للهاتف كي يتم تضخيم الصوت .

نوتة خشبية

ويقضي ديجو ستوكو المغرم بالموسيقا جل وقته في حك قوسه بفروع الشجر من أجل أن يولد ذبذبات موسيقية جديدة وفريدة مستعيناً كذلك بحف الأوراق وطرق الجذع بالحجارة الصغيرة، وكذلك بحك لحاء الشجرة وتسجيل ما ينتج من أصوات غريبة ثم يقوم ستوكو بدمجها في مقطوعات موسيقية محضرة مسبقاً . ويبدو أن هذا الموسيقي الإيطالي لا يتعلق بالحديقة المنزلية فقط بل يسجل كذلك الفرقعات التي تصدر عن إشعال النار في الموقد وجريان الكثبان الرملية، ومن الأمثلة التي سمعناها لهذا الموسيقي المهووس ما شاهدناه وسمعناه في فيلم ،2012 أو في لعبة نداء الواجب . . عالم وحرب .

بوق الأفعى

يعشق بول فوشوس بوقه الملتوي الذي يشبه الأفعى، فهو الذي صنعه . وهذا الحداد الألماني المقيم في إيطاليا يصنع أجهزة غريبة يطلبها منه أشخاص محترفون في عالم الموسيقا . والمدهش أن هذا الحداد يصنع نسخاً موسيقية له أيضاً على سبيل التجربة والاكتشاف، ولذا فإن حديقته في جنوب غرب مدينة توسكان الإيطالية مملوءة بآلات كهذه . وفي بعض الأحيان نجد أن عدداً من هذه الآلات يشبه التماثيل إلى درجة أن بعضها يبلغ طوله 30 متراً وتتأثر بأقل هبة نسيم وتولد نغمات رقيقية مدهشة وهو ما يجعل فوشوس يستمع إلى ألحان تشنف أذنيه على مدار اليوم، ولذا أطلق على حديقته اسم: حديقة الأصوات!

أوبرا البايركس

بعد 37 عاماً على موت المؤلف الموسيقي الشهير الأمريكي هاري باتش الذي كان مخترعاً لعدة آلات موسيقية جديدة في عالم الموسيقا، لم تزل تلك الأجهزة التي خرجت من خياله الخصب تترك المستمع يندهش بشدة للأصوات الموسيقية التي تولدها .

وكان باتش قد اخترع آلة موسيقية مكونة من طناجر أو صحون للسلطة مصنوعة من البايركس، إضافة إلى اختراعه لشجرة القوارير الخشبية وهي عبارة عن فرع من شجرة الإيكالبتوس يحمل مجموعة من العلب الصغيرة التي يتم ضربها بعصي مدببة لإنتاج النغمات الموسيقية المطلوبة . وقد نفذ ورثة باتش أوبرا باستخدام آلاته التي اخترعها، وذلك لإحياء ذكراه كمؤلف موسيقي عبقري .

ويكن حقاً للمرء أن يتخيل آلات موسيقية غريبة، ولكن أن يتحول الجزر والفجل إلى آلة موسيقية فهذا العجب كله! وبالفعل استطاع فريق من الموسيقيين النمساويين تشكيل أوركسترا تسمى أوركسترا الخضار حيث حول هؤلاء الفنانون الطمام والخيار والكرات والكوسا إلى آلات موسيقية! والمدهش في الأمر أن هؤلاء يقومون بجمع المحاصيل صباحاً والعزف عليها ظهراً وتحويلها إلى شوربة في المساء!

ومنذ منتصف الثمانينات يعمل الموسيقار الأمريكي بن نيل على تطوير بوقه الموسيقي عن طريق إضافة 3 صيوانات بدلاً من واحد، وستة مكابس بدلاً من ثلاثة، ومزلاق كما هو الحال في آلة المترددة الموسيقية، وقد أطلق على بوقه البوق الطفرة خاصة أنه جهزه بمثابة أقراص مدمجة سي دي بعد أن أضاف إليه أداة إلكترونية متطورة . وعن طريق هذه الأداة يوصل نيل آلته بالكمبيوتر بحيث تتحول الآلة المطورة إلى جهاز لتأليف القطع أو النوتات الموسيقية الجديرة بأن تكون قطعاً للفرقة الموسيقية الإلكترونية الفرنسية دافت بونك .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"