التسمم.. مخاطر تصل إلى حد الوفاة

00:32 صباحا
قراءة 7 دقائق

يصاب الشخص بالتسمم لو ابتلع مادة كيميائية، أو تنفس أحد الأبخرة أو الغازات السامة، ما يؤدي إلى اضطرابات عديدة في وظائف الجسم، ومن الممكن أن تنتهي بالوفاة.
وتتعدد أنواع التسمم بين تسمم غذائي وكيميائي ودوائي، كما أن الأطباء يقسمون التسمم إلى حاد، وهو ما تترتب عليه أعراض شديدة وسريعة، ومزمن حيث تصل للجسم كميات قليلة من السم لا تتسبب في أعراض حادة، إلا أن تراكمها يؤدي إلى ظهور اضطرابات في وظائف الجسم لا يعرف لها سبب.
يعتبر إسعاف المصاب بالتسمم بشكل سريع مهماً لإنقاذ حياته، كما أن العلاج يبدأ بمحاولة منع امتصاص الجسم للسم، مع معالجة أي آثار جانبية أخرى.
ونتناول في هذا الموضوع مشكلة التسمم بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وأنواعها وأعراضها، وطرق الوقاية والعلاج الممكنة والمتبعة.

الوفاة سريعاً

تختلف تأثيرات السموم من عضو لآخر، وذلك على الرغم من أنها تؤثر في مختلف الأعضاء في نفس الوقت، وربما كان التأثير في عضو أشد من بقية الأعضاء، وهو ما يؤدي إلى أعراض خطيرة، ربما تسبب الموت، وبصفة عامة فإن آلية عمل كثير من السموم لا تزال غير معلومة، وذلك حسبما جاء في موقع «إميديسن هيلث». ويمكن أن يظهر ذلك مثلاً في أملاح السيانور، التي تسبب الوفاة سريعاً، لأنها تعطل خميرة السيتوكروم أوكسيداز في جميع خلايا الجسم.
وتوجد سموم أخرى كذيفان الفطر، والذي يعرف بالأمانيت القضيبي، ورابع كلور الفحم يؤثر في الكبد بشكل خاص، وعند التعرض له تظهر أعراض قصور كبدي خاطف.

أبخرة البنزين

يتحد غاز أول أكسيد الفحم بالهيموجلوبين الدموي، فيؤلف الكاربوكسي هيموجلوبين، الذي يعوق تزويد الأنسجة بالأكسجين اللازم لعملها، وذلك لأنه مركب شديد الثبات، وبالتالي تحدث الوفاة، كما أن سموماً كغاز الهيدروجين الزرنيخي تؤثر في كرات الدم الحمراء فتحللها مسببة الوفاة.
وتؤثر بعض السموم في عضلة القلب بشكل مباشر فتعطلها عن العمل، وهو ما يحدث لو استنشق الإنسان أبخرة البنزين مثلاً، فتتقلص ألياف عضلة القلب بشكل غير متواقت، وهو ما يجعل القلب عاجزاً عن دفع الدم إلى الأعضاء التي تحيط به، وبالتالي يصاب الشخص بالموت المفاجئ.

3 أنواع

وأضاف الموقع: يوجد العديد من أنواع التسمم، ويعتبر أبرزها التسمم الغذائي والتسمم الغازي والتسمم بالأدوية، وترجع الإصابة بالتسمم الغذائي إلى تناول الشخص لأي غذاء ملوث بالبكتيريا، أو بالسموم التي تنتجها.
ويمكن أن ترجع الإصابة به إلى تلوث الغذاء بأحد الفيروسات أو الجراثيم أو الطفيليات، أو المواد الكيميائية السامة، كالتسمم عند تناول الفطر.
ويكون سبب التسمم الغذائي في العادة هو إفراز البكتيريا لسمومها، أو لأنها تتكاثر داخل الأمعاء، وبالتالي تؤدي إلى تحطم جدارها.
وتكون أبرز أعراض هذا النوع في الجهاز الهضمي، فيعاني المصاب أعراضاً كالقيء وألم البطن والإسهال، وتظهر غالباً على أكثر من شخص في نفس الوقت.
وتحدث الإصابة بالتسمم الغذائي نتيجة التعرض لأحد أنواع الغاز أو السموم الطيارة أو السموم المعدنية والعضوية، ويعتبر أكبر مثال على هذه الأنواع أكسيد الفحم وأكاسيد الأزوت، والكحول الإيثلي والرصاص والزرنيخ وأملاحه، والمستحضرات الدوائية، والسموم التي تستخدم في الزراعة.

الحدود الدوائية

ينتج التسمم بالدواء عند تجاوز أي شخص للجرعة المقررة للدواء، وذلك إما خطأ أو بطريق العمد، ويجب الانتباه إلى أنه يوجد لكل دواء ما يعرف بالحدود الدوائية، وذلك حسب ما ذكر في موقع «إن إتش إس» البريطاني، ويقصد بها أن الدواء في الجرعة المحددة، ولو زادت أصبح تركيزه في الدم أعلى، وبالتالي يحدث التسمم، والذي يطلق عليه حد التسمم، في حين أن الجرعة لو قلت فإن تركيز الدواء سيقل، وهو ما يسمى بالحد الأقل من العلاجي.
وأضاف الموقع: تتعدد الأسباب التي يمكن أن تكون وراء التسمم الدوائي، ومن ذلك توافر أنواع الأدوية المختلفة في المنازل، وسهولة تداولها، كما أن إهمال حفظ الأدوية في المكان الصحيح، وبعيداً عن متناول الأطفال، يمكن أن يكون سبباً في التعرض للإصابة بهذه الحالة.
ويمكن أن يتناول الطفل الدواء كمحاولة لتقليد الكبار، في حين أن البعض يتناول الأدوية بقصد الانتحار، كما أنه من الممكن أن يتسبب في هذه الحالة عدم اتباع تعليمات الصيدلي أو الطبيب، وكذلك عدم معرفة التصرف الصحيح في حالة الخطأ في تناول الدواء أو عدم تناوله.

حاد ومزمن

يقسم الأطباء الأعراض التي تتسبب فيها السموم إلى قسمين رئيسيين، الأول التسممات الحادة، والثاني التسممات المزمنة، ويرتبط النوعان بكميات السم الذي يدخل الجسم.
وتحدث التسممات الحادة بسبب تناول الشخص كمية كبيرة من السم دفعة واحدة، وهو ما يتسبب في أن تظهر الأعراض الحادة بعد مدة قصيرة بشكل نسبي، كما أنها تتطور سريعاً، وربما انتهت في الحالات الشديدة إلى الموت.
ويصاب عمل أجهزة الجسم كافة بالاضطراب بسبب المادة السامة، وتظهر أعراض تشير إلى تأثر مختلف أعضاء الجسم، ويعتبر أكثر الأجهزة تأثراً في هذه الحالة الجهاز الهضمي، والعصبي والتنفسي.
وتظهر الأعراض الهضمية عندما يدخل إلى الجسم السم من خلال الفم، وهو الأمر الذي يحدث مع معظم الحالات، وتظهر الأعراض في شكل آلام شديدة في البطن، مع قيء متكرر، وإسهال حاد.
ويؤدي كل هذا إلى نقص في سوائل الجسم، وربما ساعد لون القيء على معرفة السم الذي تناوله المصاب، فمثلاً اللون الأزرق يدل على أن التسمم باليود، وتعرف سموم أخرى برائحتها كالكحول والسيانور.

نوم عميق

يعد أبرز أعراض تأثر الجهاز العصبي بالإصابة بالتسمم هو السبات، ويشبه النوم العميق، وذلك في حالة التسمم بالمنومات والمثبطات العصبية المركزية.
ويمكن أن يختلط السبات بحالة من الاختلاجات، ويحدث ذلك لو كان التسمم بمركبات الكلور العضوية، والمستخدمة في قتل الحشرات، أو تصاحب السبات حالة من الهياج، لو كان التسمم بمضادات الهستامين أو الكوكايين وغيرها.
وتظهر على المصاب بالتسمم في حالة استنشاق الغازات والأبخرة السامة أعراض تشمل السعال وضيق التنفس والزرقة، ويؤدي التسمم بمركبات الفسفور العضوية، والتي ينتشر استخدامها في إبادة الحشرات الزراعية، إلى وذمة رئوية حادة، في حين أن التسمم بالمورفين ومشتقاته يتسبب في تثبيط التنفس الشديد.
وتظهر على الكلية أعراض قلة البول أو انقطاعه، بالإضافة إلى ما يصاحب ذلك من أعراض عامة، في حين أن الكبد تتأثر من التسمم، فيظهر اليرقان وتضخم الكبد.

بعض الصناعات

تختلف التسممات المزمنة في أن السم يدخل للجسم بكميات ضئيلة، وبالتالي فإن الأعراض الحادة لا تظهر، ومع تكرار دخوله يتراكم السم في الجسم حتى يبلغ الحد الكافي الذي يحدث خللاً في أجهزة الجسم، وتظهر الأعراض المرضية التي تدل على الإصابة.
وتختلف أعراض هذا التسمم عن النوع الأول، وعامة فإن الأعراض تكون بسيطة عكس الأعراض الشديدة في التسممات الحادة.
ويعتبر أبرز هذه الأعراض اضطرابات هضمية غير مفسرة، أو قصور بسيط في وظائف الكبد، أو اضطراب في وظيفة الكلية، أو أعراض قلبية مترددة، أو اندفاعات جلدية ذات تنوع، أو اضطرابات عصبية ونفسية، ويعد العامل المشترك بين كل هذه الأعراض أنه يصعب معرفة السبب وراءها بشكل دقيق.
ويكون الأكثر إصابة بالتسممات المزمنة العاملون في بعض الصناعات، لأنهم يتعرضون لبعض المواد السامة باستمرار، كالمذيبات العضوية والرصاص والزئبق.
وتبقى التسمامات المزمنة العارضة في المنزل، وتعد قليلة للغاية، غير أن المشاهد حالياً هو انتشار التسممات المزمنة الدوائية، وذلك عائد إلى استهلاك الأدوية بشكل كبير ودون رقابة صحية في أغلب الأحيان.

السبب أولاً

يجب أن يحاول الطبيب كشف السبب وراء التسمم، ومتى وطريقة حدوثه، وعلى سبيل المثال فإن السبب يمكن أن يعرف من علبة الدواء القريبة من المصاب، ولو كان السم كاوياً تظهر حروق على فمه.
وتشير الأعراض المرضية المفاجئة، والتي تصيب عدداً من الأشخاص في نفس الوقت وتتشابه لديهم، إلى شبهة التسمم الحاد، وكذلك لو كانت شديدة وتتطور بسرعة بالنسبة لشخص بمفرده.
ويتم التفتيش عن السم في الغالب في بول المصاب، أو فضلاته أو المواد التي تقيأها، ومن الممكن أخذ عينة من دمه، وفي الحالات التي تنتهي بالوفاة تؤخذ عينة من الأحشاء.

مرحلتان

يحلل السم على مرحلتين، الأولى بعزله واستخلاصه، وهي عملية معقدة لأنه في كثير من الحالات فإن الكمية المعزولة من السم تكون قليلة، ومن وسط به العديد من المواد العضوية معقدة التركيب.
ويتم في المرحلة الثانية تعيين طبيعته وعياره، وهو الأمر الذي يعتمد على طرق فيزيائية حساسة، كالقياس الضوئي للسموم العضوية والتخطيط الاستقطابي للسموم المعدنية.
ويعد من الأهمية تفسير التحليل السمي بشكل حذر، لأن جسم الإنسان به العديد من السموم في الأحوال الطبيعية، فلذلك فإن تحليل السموم لا يكفي لتشخيص الحالة، وإنما ضروري أن تكون المقادير زائدة عن الحد السوي، كما أن عدم كشف أي سم لا ينفي حدوث التسمم، لأن هناك بعض السموم تختفي سريعاً من الجسم، وبخاصة السموم الغازية.

التأخير خطر

تعتبر سرعة علاج حالات التسمم مهمة للغاية، لأن أي تأخير ربما كان فيه خطر على حياة المصاب، وعلى الطبيب بعد تقديم الإسعافات الأولية معرفة نوع المادة السامة، حتى يتابع العلاج بشكل مثالي.
ووفرت الكثير من الدول مراكز لمكافحة التسمم، لأن المواد السامة في وقتنا الحاضر صارت كثيرة للغاية، ومن الصعب أن يتم حصرها. ويبدأ العلاج بوقف امتصاص الجسم للسم أو تأخيره مع إخراجه، مثلاً فإن السم عندما يدخل من الفم فإن تأخير امتصاصه ممكن بإعطاء المصاب أحد السوائل التي تقلل تركيزه في المعدة، ويعتبر الماء هو السائل المثالي.

غسل المعدة

يتم إخراج السم من المعدة بالتحريض على القيء، وذلك بتخريش البلعوم أو شرب مواد مقيئة، أو غسل المعدة بكميات من الماء كبيرة، ولا يلجأ لغسل المعدة في حالة المواد الكاوية، لأنه يمكن أن يحدث انثقاب في المريء أو المعدة، ونفس الأمر في المواد البترولية كالكيروسين، حتى لا يتسرب إلى المجاري التنفسية ويسبب التهابات رئوية خطيرة.
ويغسل الجلد إذا دخل السم من خلاله، حيث تغسل الناحية الملوثة بكمية غزيرة من المياه، حتى يجرف ما علق من مواد سامة، وكذلك منع امتصاصها.
ويكتفى بإخراج المصاب من الجو الذي يحوي الأبخرة أو الغازات السامة، لو تم استنشاق السم، حيث يستنشق الأكسجين، ويجرى له تنفس صناعي لو احتاج إليه.


خطوات الوقاية


تشير دراسة حديثة إلى أنه يمكن الوقاية من حالات التسمم التي تحدث بطريق الخطأ، وذلك من خلال وضع الأدوية والسموم والمواد الكيماوية والضارة في أماكن آمنة ومحكمة الإغلاق.
وتتم حماية الأطفال باستخدام عبوات ذات إغلاق محكم لتخزين الحبوب، كما لا ينبغي وضع أي مواد سامة في علب المشروبات الغازية أو المياه المعدنية.
ويجب ألا يترك الأطفال داخل السيارة في أماكن الانتظار دون إيقافها، والمكيف يعمل والنوافذ مغلقة، لأن هناك إمكانية لانتقال غازات العادم إلى داخل السيارة، وبالتالي الإصابة بالتسمم، كما يجب عدم إعطائهم الأشياء التي تطلى بالصبغ أو البطاريات الجافة، لأنها تحتوي على الرصاص. ويقول الباحثون إن أكثر من 80% من إصابات التسمم الغذائي يكون سببها الرئيسي البكتيريا، حيث يبدأ تشخيص هذا التسمم عقب ظهور أعراض هذه الإصابة لدى أكثر من 3 أشخاص.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"