الزواج من أجنبية حل أم مشكلة؟

يختاره البعض هرباً من النفقات
13:06 مساء
قراءة 7 دقائق

تتباين الآراء حول زواج العرب من أجنبيات مابين المؤيد والمعارض، البعض يرى الانفتاح والبساطة والجمال في الفتاة الأجنبية أمام العربية التي يراها البعض الآخر أكثر تعقيداً . وتحت وطأة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشاب العربي يجد في هذا النوع من الزيجات متنفساً وهروباً من واقعه الصعب .

في السطور التالية تجارب من الواقع وبعض الآراء حول أبرز التداعيات الاجتماعية والنفسية للزواج من أجنبيات وما يرافقها من تصرفات ومشكلات قد تدق ناقوس الخطر .

يروي مهدي عبد العزيز، شاب فلسطيني عمره 29 سنة، ويعمل رجل أعمال تجربته قائلاً: تزوجت روسية في سن مبكرة، وقتها لم تكن ظروفي المادية تشجع على الارتباط بفتاة عربية نظراً لغلاء المهور، وطلبات الأهل التي لا تنتهي . لذا بحثت عن مخرج ووجدت أن الزواج من فتاة أجنبية غير مكلف، وفعلاً تزوجت بمبلغ 6000 درهم، وأنا الآن أب لولدين وأسلوبي مع عائلتي بسيط وغير متشدد، لا تحكمني عادات المجتمع وتقاليده وتجربتي من التجارب الناجحة . لا أواجه أية عقبات على مدى تسع سنوات من الآن وبرأيي نجاح أو فشل الزواج أياً كان نوعه يرجع بالدرجة الأولى إلى مدى التفاهم والانسجام بين الطرفين، والذي ينعكس بشكل مباشر على استمرار الزواج وسلوك الأبناء .

يعترف جمال وهو شاب مصري، موظف في الأنصاري بأن المصلحة وراء زواجه من فتاة كندية يقول: زواجي زواج مصلحة لا أكثر ولا أقل، فراتبي 4000 درهم لا يكفيني لسد احتياجاتي لذا من الصعب علي الزواج من فتاة عربية وتحمل مسؤولياته المادية . ويكمل: تعرفت إلى زوجتي عن طريق الإنترنت، وبعدها جاءت من بلدها والتقينا مرات عدة وتم التفاهم بيننا على موضوع الزواج من دون إنجاب أطفال ووافقت وأنا الآن متزوج منذ سنة تقريباً، ولا وجود لأي خلافات بيننا، بل وجدت مخرجاً ينقذني من الأحوال المعيشية الصعبة، والحصول على الجنسية الكندية بعد 3 سنوات من الزواج وبالتالي ضمان مستقبل أفضل .

تجربة يونس ريداني، مبرمج كمبيوتر مختلفة ويقول عنها: تزوجت من أمريكية منذ نحو 9 سنوات وأنا الآن أب لثلاثة أبناء، وبصراحة لا أحب العادات العربية المقيدة وخاصة من جنسيتي المغربية، وكنت دائم البحث عن شريكة مختلفة بالطبائع والأفكار، وخلال فترة تواجدي في أمريكا للدراسة تزوجت زميلتي في الجامعة، فالأمريكية تعجبني لأني وجدت فيها الإخلاص والتساهل والوقوف إلى جانبي وقت الأزمات، وعدم رفضها لطلباتي حتى ولو كانت متعبة، وهذه الأمور كفيلة بجدية والتزام الزوج تجاه زوجته والإخلاص لها .

ويكمل: لا أجد عقبات تعترض زواجي كوني مسلماً أوجه أبنائي في التعامل والأخلاق والآداب على نهج ومبادئ التربية الإسلامية، وهذا ما جعل زوجتي من دون فرض أو إجبار تدخل الإسلام بعد سنتين من زواجنا كونها كانت مسيحية وبالطبع هذا يؤدي إلى متانة الزواج واستمراره إلى الآن .

ويعتبر محمد، وهو شاب سوري ويعمل مستثمراً في دبي، زواجه من أجنبية بمثابة معالجة الخطأ بخطأ أكبر ويقول: انفصلت عن خطيبتي العربية بعد سلسلة من المشاكل مع أهلها، وخرجت من تجربة مؤلمة تحت ضغط نفسي جعلني أقبل بأي فتاة تظهر في طريقي، إلى أن تعرفت إلى فتاة روسية تعمل في محل كنت أقصده باستمرار، وبعد ذلك استمرت علاقتنا 6 شهور انتهت بالزواج . بعد السنة الأولى من الزواج دخلت المشاكل بيتنا وكانت الأسباب حول تربية طفلنا بعد ما طلبت منها ترك العمل لتتفرغ للتربية ولم تنته المنغصات ووصلت إلى طريق مسدود أصبحت الحياة معها مستحيلة خاصة بعد تدخل والدتها في خصوصيات حياتنا، والسبب أنه لا يعجبها النمط والمستوى المعيشي كون زوجتي من أسرة غنية، وبعد 4 سنوات من زواجنا تم الانفصال وتخلت عن طفلها أمام تمسكها بأفكارها ومعتقداتها، والسبب يكمن وراء اختلاف مفاهيم الحياة في بلادها فالطلاق لديهم أمر عادي وسهل جداً .

يرى فيصل إبراهيم الحوسني، طالب في جامعة الإمارات، طغيان سلبيات هذا الزواج على إيجابياته، يقول: يجب المحافظة على العادات والتقاليد والهوية العربية، فالأجنبية تختلف تماماً عن عاداتنا وتقاليدنا ومنبعها الديني والأخلاقي، إذا كانت غير مسلمة، أما إذا كانت مسلمة يبقى للبيئة والنشأة تأثير في سلوكياتها، وكل هذا ينعكس بشكل مباشر على تربية الأبناء وتصرفاتهم المؤدية إلى الخلط والتشتت مابين ثقافتين مختلفتين للزوجين . وهنا على الزوج تحمل التبعات الناتجة عن هذا الزواج، ولعل أهمها حدوث انفصال بين الزوجين ورحيل الأبناء إلى موطن الأم، وبالتالي يقع الأبناء في دوائر متداخلة من المشاكل التي تؤثر سلبياً فيهم . ففي عام 2006 قامت إمارة أبو ظبي بإحصاء نسبة الطلاق من الأجنبيات فكانت النسبة ما تقارب 65% لذا الاختيار الصحيح من البداية يضمن حياة مستقرة خالية من المنغصات .

يصف ناصر راشد الزعابي، موظف في دائرة حكومية، الزواج بأجنبية بأنه جريمة قائلاً: الإقدام على هذه الخطوة هو جريمة بحق النفس أولاً، والذرية ثانياً والمجتمع ثالثاً . . وأغلب، إن لم نقل الجميع، لايفكر إلا في مستقبله القريب، كأن يقي نفسه من الفتنة في البلاد التي ابتعث للدراسة فيها مثلاً، أو بسبب ارتفاع تكاليف الزواج بفتاة من موطنه، وغير ذلك من أعذار هي شماعة للتبرير فقط .

ويضيف: في حال تكيف الزوجين في المجتمع فكيف سيربيان أبناءهما في ظل اختلاف العادات والتقاليد؟ وكيف سيتعامل هؤلاء الأبناء مع جدودهم؟ وما العائد على المجتمع من هذا الزواج؟ أنا ضد هذا التوجه وأعرف من أبناء وطني من توجهوا إليه كاختيار خاطئ لم يكتشفوا مدى قبحه إلا بعد فوات الأوان .

يقول محمد كمال أبوعمشة (أستاذ جامعي): رغم وجود الكثير من الاختلافات في العادات والتقاليد والدين والعرق واللون بين الشعوب العربية خاصة والإسلامية عامة من جهة، والعادات والتقاليد بين مختلف الشعوب في العالم، إلا أن الإسلام أجاز الزواج من أصحاب الديانات السماوية وحرم الارتباط بأتباع الديانات الوثنية واشترط إسلامهم، إلا أن قناعة الارتباط بأجنبية أياً كانت ترجع للفرد نفسه وبالمرأة التي يريدها، مما يجعله يتحمل المسؤولية الأخلاقية والدينية والاجتماعية لفقدانه الأولاد، وبالتالي فإن كثيراً من الشباب يجب أن يتحملوا نتيجة قرارهم والتفكير مليارات المرات قبل الإقدام عليه .

أحمد طقش (مدرب تنمية بشرية) يقول: المقصود بكلمة أجنبي هو الغريب عن البيئة المحلية للشخص، لكن المشرع لأمور ديننا ودنيانا جل جلاله في القرآن لم يشترط أن يكون الزوجان من بيئة أو لغة واحدة، وحتى المعصوم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف يقول للزوج: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ولوالد الفتاة (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) ولم يقل بيئته أو جنسيته أو لغته . إذن من شروط الزواج الحب والتفاهم والانسجام والكفاءة المادية والمعنوية، فإن تحقق كل هذا لم يبق لموضوع الجنسية الأجنبية أي أهمية خاصة إذا أتقن كل من الزوجين لغة الآخر .

ويضيف: ارتباط فئة من الشباب بأجنبية ربما يرجع إلى أن بعض العربيات معقدات بالعيب والحرام، أما الفتاة الأجنبية أكثر مرونة وإيجابية وأقل تطلباً ومهراً، لكنها بالمقابل قد تكون أكثر إنفاقاً وأقل طاعة لزوجها، إذاً الحل الذي ينجي من الغرق في هذه التفاصيل، هو استخدام الحل السماوي الناجع دائماً ألا وهو التركيز على الأخلاق، فمن اختار الشريك الخلوق اختار الكرم والصدق والأمانة والوفاء والإيثار والتواضع، وليست السعادة الزوجية غير هذا .

يشير جمال بوهندي، أخصائي اجتماعي، إلى الأسباب الحقيقية وراء هذا الزواج، موضحاً: في الأغلب سفر الشاب العربي للخارج بحثاً عن العمل أو للدراسة ليجد نفسه أمام احتكاك مباشر مع الفتاة الأجنبية التي لا تجد صعوبة في بناء العلاقات بحكم الانفتاح والحرية التي تمارسها في بلدها، فبعضهن يتزوجن من دون عقد رسمي حيث لا يوجد مبادئ صارمة ولا عادات ولا تقاليد كما في البلاد العربية . ويقول لذا أغلب المتزوجين بهذه الطريقة يسعون إلى التهرب من غلاء المهور وتكاليف الزواج الباهظة أو رغبة في تغيير نمط الحياة أو قد يكون زواج مصلحة بعد انقضائها يلغى الزواج، ومهما تعددت الأسباب الفيصل الوحيد هو ثقافة الشاب ومدى تمسكه بقناعته ودينه وعاداته وتقاليده، فالطفل الذي ينشأ بين ثقافتين مختلفين ستكون لغة التخاطب والتواصل غير عربية والسبب لغة الأم كونها المؤثر الأول والمباشر في الطفل فهي التي تربيه وتلازمه أكثر من الأب، وفي أغلب الأحيان يكون الطفل هو الضحية الأولى والأخيرة .

يوضح أحمد الريسي، أخصائي نفسي في قضايا الشباب، نظرة العرب للزواج من أجنبية قائلاً: يعتبرونه زواجاً محكوماً عليه بالفشل ولهذا يسمى زواج مختلط كاختلاط الزيت بالماء، ولا يمكن أن يذوب أحدهما في الآخر ومع مرور الوقت ينفصل الزيت عن الماء . . ويرى آخرون أنه كأي زواج تتوافر فيه فرص النجاح والفشل، ينجح إذا كان هناك توافق بين الزوجين ويفشل في حال عدم التوافق، وبدأت هذه الزيجات تزداد من خلال التعقيدات الموجودة في بعض المجتمعات العربية منها: غلاء المهور، وزواج الأقارب .

ويضيف: الزواج من أهم الأحداث التي تمر على الإنسان، ويعتبر من أخطر القرارات الاجتماعية، فهو لا يخضع لعاطفة فقط وإنما لعقل أيضاً، لأنه ارتباط بين فردين ينشأ عنه حقوق وواجبات وتكوين أسرة . يجب على الشخص قبل زواجه من أجنبية دراسة الآثار المترتبة على هذا الزواج، والأمور المتعلقة بالديانة والعادات والموروث الثقافي والاجتماعي واللغة ومستقبل الأبناء، بالمقابل نجد أن الأجنبية ترغب بالارتباط بالشاب العربي لأسباب عدة أهمها: تمسكها بالموروث العربي لأنها ترى في العادات العربية المحافظة حفاظاً على كيانها، والعيش حياة رغيدة مرفهة خاصة في حال الزواج من خليجيين، وهذا يضمن لها إقامة دائمة في بيئة مستقرة اجتماعياً واقتصادياً مقارنة بدول العالم .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"