المصنعة ولاية عمانية تحتضن التاريخ والأيدي الماهرة

12:01 مساء
قراءة 3 دقائق

أنجبت ولاية المصنعة العمانية العلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب كتاب العين وعلم العروض، وأيضاً احتضنت التاريخ بقلاعها وحصونها الكثيرة المنتشرة في أرجائها، ومن خلال جبالها الشامخة تعانق الرياح، وعبر شواطئها الواسعة تتنسم نسيم البحر . ولاية المصنعة تقع ضمن منطقة الباطنة ويقطنها نحو 60 ألف نسمة، وتبعد عن محافظة مسقط بنحو 120 كيلومتراً ويعمل سكانها بحرف عديدة منها صيد الأسماك، والزراعة، ورعي الأغنام . وتتميز الولاية بصناعة الأبواب المكونة من النحاس والأخشاب والمزينة بزخارف مستوحاة من الطرازين العماني والإسلامي . كذلك يبرع أهل الولاية بصناعة الفضيات كالخناجر والحلي النسائية كالأقراط والأساور والخواتم والخلاخيل، ويشتهر رجالها بصناعة مراكب الشاش، وهي تصنع من شجر النخيل، إلى جانب صناعة النيلة التي تستخدم لصباغة ملابس النساء وكان هناك برج خاص يسمى برج النيل يستخدم لصناعتها واندثر قبل فترة قريبة .

كذلك اشتهرت الولاية بمعاصر قصب السكر التي ازدهرت أعمالها بسبب وفرة المياه وغزارة إنتاج القصب فيها، ومن الحرف التقليدية أيضاً صناعة النسيج .

واستمدت المصنعة اسمها من الصناعة التي اشتهر بها سكانها، وفيها العديد من الأسواق التي تشهد حركة تجارية نشطة بسبب قربها من العاصمة وكونها ميناء تجارياً مهماً . ومن أهم الأسواق سوق المصنعة الذي لايزال نشطاً، ويقصده السكان لشراء الأسماك الطازجة التي تأتي مباشرة إليه من الصيادين لقربه من البحر في حين ينقل الفائض منها إلى الولايات المجاورة كالرستاق ونخل . وتضم المصنعة العديد من الأسواق الأخرى منها الطريف والملدة، والمغسر توفر معظم احتياجات الولاية ويقدر عدد المحلات التجارية والصناعية بنحو 1500 محل ومنها 15 حصناً وقلعة وسوراً، ويتجاوز عدد قراها الثلاثين قرية تختبئ بمنتهى الجمال والروعة بين أشجار النخيل . وتمتد مزارع النخيل لتبدو مثل بستان جميل متصل، وتختلف كل قرية عن الأخرى بالحرف التي يمارسها أهلها .

أما في صحارى هذه الولاية فتنمو الكثير من أشجار الأراك دائمة الاخضرار والتي تسمى أيضاً المسواك، وفي بعض المناطق يشكل غابات متشابكة كانت تستخدم أثناء الحروب مكاناً لإخفاء النساء والأطفال . وللأراك استخدامات عديدة حيث يستخدمها السكان لتسكين آلام الأسنان وعلاج أمراض اللثة، ولثمار هذه الشجرة طعم لذيذ يسمى البوت لونه أحمر فاتح يميل عند النضج إلى البنفسجي الأسود تنمو على شكل عناقيد، وتعد الشجرة رمزاً وشعاراً للولاية .

يوجد في ولاية المصنعة الكثير من المواقع الأثرية التي سيرغب السياح في زيارتها، وتشير كثرة الحصون والقلاع في الولاية إلى التاريخ العريق والأحداث الكثيرة التي خاضتها هذه الولاية، ومن حصونها المصنعة والملدة والقرط، والمراغة وآل خميس .

ويعد حصن المصنعة من أهم الحصون في الولاية وأكبرها، وبني في عهد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي في موقع استراتيجي يتوسط البلدة، يتألف هذا الحصن من ثلاثة أدوار تضم عدداً من الدهاليز والغرف وتنتشر في أرجائه بعض الأنفاق التي تؤدي إلى أماكن آمنة خارج الحصن في حالة الحروب . كذلك يضم برجين دائريين أحدهما في الناحية الجنوبية الشرقية والآخر في الناحية الشمالية الغربية ويوجد في فناء الحصن بئر وعدد من المدافع، وكان الناس يختبئون فيه أثناء الحروب . وبالنسبة لتصميمات الحصن من الداخل، فهو يضم فناء مركزياً تحيط به عدد من الغرف التي كانت تستخدم للتخزين، ويوجد في ساحة الفناء درج يصل إلى الطابق العلوي من الحصن، وهناك مبان شبه مندثرة خارج الحصن كانت تتبع له وكانت تستخدم كغرف للاستقبال وكمساكن للحرس والعاملين في الحصن .

ويحتل حصن الملدة الذي يقع في بلدة الملدة بالولاية مكانة مميزة أيضاً ويعود تاريخ بنائه إلى أوائل القرن الثالث عشر الميلادي، ويتخذ شكلاً مربعاً وفي كل زاوية من زواياه برج مجهز بمدافع لإطلاق النار، بني هذا الحصن من الحجارة والطوب والطين ويحيط به سور متهدم يبلغ طوله 112 متراً، وفي المنطقة يوجد مكان آخر يسمى جيدة الملدة، وهو مبنى متهدم من الطين والحجارة والطوب واستخدم لحراسة المنطقة وحمايتها وهو شبه مندثر .

أما الأسوار فأهمها آل بدر وآل بو غفيلة، وآل خميس، والشعيبة، والغوارب، ومعظمها مزود بأبراج يتنوع بناؤها بين الطين والحجارة والجص .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"