بدرية البدري: القصيدة في عمان تنتظر المرأة الشاعرة

02:23 صباحا
قراءة 5 دقائق
مسقط «الخليج»:

شاعرة وروائية عمانية حازت مرتين جوائز المنتدى الأدبي في مجالي الشعر الشعبي والرواية.. الكتابة بالنسبة لها ليست قراراً فهي تنقاد وراء شغفها وإحساسها في أي اتجاه ذهب شعراً أو نثراً أو نصاً روائياً، ولا تجد مانعاً من كتابة نص فصيح أو شعبي طالما أنه يعبر عنها ويختزل كل ما تريد البوح به.. إنها الشاعرة والأديبة بدرية محمد البدري التي حلت ضيفتنا في هذا الحوار:

} أنت شخصية مثيرة للإعجاب، معجونة بالأحاسيس كيف تصفين نفسك وكيف كانت بداياتك الشعرية؟

أنا كائن خُلق من ضلع إنساني، يحلم بأرض تزهر السلام كما تزهر الورد، ويطير في سمائها الأطفال كما يطير الحمام.

أما بداياتي مع الشعر فهي شائكة، لا أعلم متى بدأت ولا كيف، ما أذكره أنني كنتُ أتألم وما زلت، كنتُ أرغب بالتمرد وما زلت، فجاء الشعر ليأخذني من يدي ويسافر بي مثل بساطِ ريحٍ لا يكتفي من الحزن، ولا يُغرقه الدمع، ولا يسقط من سابعِ سماءٍ كلما أبصر الموت في الطرقات.

} وهل هناك شخصية معينة أثرت بك في بداية مشوارك وجذبتك إلى عالم الشعر والترنيم بالكلمة؟

نعم، أخي الشاعر الدكتور ناصر البدري، بمكتبته الزاخرة التي كانت كالبذرة التي نبتت بروحي الصغيرة الثائرة والمحبة للقراءة، فأبحر معها ولا أملّ، ولكن كونه شاعراً كان الأمر مربكاً بعض الشيء، فكنت أظهر بعض كتاباتي وأخفي بعضها خجلاً ألا تكون بذاك القدر من الجمال الذي يمكنني التفاخر به أمامه وعائلتي.

ثم اتجهت للمواقع الإلكترونية ووجدت التوجيه لتعلم الأوزان والتركيز على موسيقى النصوص الشعرية التي لم أكن أتقنها، فأتقنتها ولله الحمد، ومن هنا بدأت مسيرتي الحقيقية مع الشعر.
ولكني منذ بدايتي كنت أحاول أن أكون أنا، وألا أترك لأحدٍ بصمة على كتاباتي، بل أجعل كتاباتي تدل عليّ، ومع الوقت سأكون أنا التي أتمنى، كل ما أحتاج إليه فسحة من العُمر يهبني الله إياها، وقلباً لا يشيب.

} معظم الشعراء يختارون بين الشعر الشعبي أو الفصيح. أنت لم تفعلي لماذا؟

أنا لم أختر، ولا نية لي للاختيار، كتبت الشعر الشعبي والفصيح وكتبت النثر أيضاً، فأصدرت روايتي الأولى بداية عام 2015. الحرف دائماً كان هو المسيطر الوحيد على الأمر، كيفما شاء اتجه بي.

أحياناً أفكر بتقنين تجربتي، خاصة حين أجد بعض النصائح بأن اهتمامي بنوع واحد من الأدب أفضل لي، ولكني حين أقيم تجربتي رغم حداثتها ومشاركاتي، وحصولي على العديد من الجوائز الأولى في الشعر الفصيح والشعبي والرواية، أجدني أجمل بتنوعي، فأقرر أخيراً: إن كان الله خلقني لأكتب فلأكتب ما شاء لي، ولأبلغ رسالته في الأرض، تارةً بالشعر وتارةً بالنثر.

} حصلت مؤخراً على جائزة المنتدى الأدبي.. حدثينا عنها وعن مجموعتك الشعرية؟

كان حلماً وتحقق، فكنت أول شاعرة تحصل على هذه الجائزة في الشعر الشعبي منذ تأسيس المسابقة عن نص «صرخة الميلاد» لهذا العام 2015. ولكن مسابقة المنتدى الأدبي ليست جديدة علي، إذ حصلت في النسخة السابقة من المسابقة على المركز الأول في الرواية عن روايتي الأولى (ما وراء الفقد). وتعد مسابقة المنتدى الأدبي من أهم الفعاليات السنوية التي يتميز بها المنتدى حيث تنفرد عن بقية المسابقات المحلية بأنها موجهة لكل المثقفين والأدباء على اختلاف رؤاهم واتجاهاتهم.

ومشاركاتي لا تقتصر على هذه المسابقة حيث سبق وحصلت على المركز الأول في مسابقة وطن يحتفل التي طرحتها قناة الوصال. كما كتبت 4 لوحات في مهرجان العيد الوطني لمحافظة الباطنة جنوب.

} متى سنرى نصوصك في مجموعة شعرية؟

طبعاً ليس لدي مجموعة شعرية، وأعتقد أنه مازال مبكراً الحديث عنها.

} ما هي طبيعة المواضيع التي تلهمك وتستفزك للكتابة عنها.. شعراً أو نصاً؟

أحب الكتابة عن الوجع الإنساني، هو ملهمي الأكبر ونبعي الذي لا ينضب أبداً، أحلم بأن تصبح كتاباتي صوتَ من لا صوت له، لقمة في فم جائع، ومعطفاً لمن يحاصرهم الشتاء بلا رأفة، بيتاً لمن يفترشون الشوارع، وأماً لكل أيتام الأرض.

} بنظرة سريعة على مشوارك.. كيف تقيمين ما أنجزته وما وصلت له اليوم؟

ما زلت في بدايتي، فالشعر أو الأدب بشكلٍ عام لا حد له، سماء شاسعة، سفر أبدي، محطات نصلها ونعلم أنها ليست الأخيرة أبداً، كل محطة تغرينا بمحطة قادمة أجمل، فنظل مسافرين إلى آخر نفس يربطنا بهذه الحياة.

} كيف تقيمين الشعر النسائي في السلطنة وهل تجد الشاعرات نفس الاهتمام والدعم الذي يلقاه الشعراء الرجال؟

الشعر النسائي في عمان وأخص الشعبي ما زال بحاجة لامرأة تعشق الشعر وتخلص له، امرأة تصنع من الكلمات قناديل في الظلام، وياسميناً يتدلّى على عنق القصيدة. الشعر ليس وزناً وقافية بقدر ما هو روح تعرف بأن موطنها الأصلي هو السماء، وهذا ما لا أجده في الشعر الشعبي العماني النسائي. أما الفصيح فعالمٌ آخر وروحٌ أخرى وأمنيات أخر.

} هل تعتقدين أن هنالك فرقاً بين الشعر الذي يكتب بأقلام نسائية وشعر زملائهم الرجال؟

الشعر هو الفارق دائماً، حين نقرأ قصيدة لا نبحث عن جنس كاتبها ولا جنسيته ولا يهمنا ما يهمنا أن نقرأ الشعر أياً كان كاتبه. بيتٌ قد يغرينا للبحث عن كاتبه، وقصيدة مئوية قد لا تمنحنا الشعر فنولي عنها محبطين.

} هل لديك أي مشاريع كتابية جديدة؟ في أي مجال ستكون؟

نعم، بدأت بكتابة روايتي الثانية، أحاول بها إثبات وجودي في عالم الرواية، وإتمام رسالتي للعالم كي يبدو أكثر جمالاً، أكثر إنسانية، وأكثر نبلاً وتسامحاً.

} ما الذي تطمح له بدرية البدري؟

أطمح لأن يعم السلام العالم، وأن يكون لقلمي دور بهذا.

«صرخة الميلاد»

جيت للدنيا يرافقني بكاي

              وصرخة الميلاد.. صرخة للحد

البياض اللي يلون لي هناي

                   نفسه اللي يلفني يوم الفقد

أسأل سنيني ترجعلي صِباي

                 وم كنت بطيش مغرور وولد

باكر الساري قبل ظلي عصاي

                  به أهش الخوف واتوكأ الجلد

بين طرفة عين غافلني عناي

                    طحت ويديني تدور لي سند

ما معي إلاي يتنفس شقاي

                   مختنق بي حزن ماله أي أمد

غارق بضعفي على قسوة ظماي

                   منطوي مكسور والعيشة كبد

أجري وتجري المنايا في دماي

                منسجن في ذاتي واشكي البعد

تكثر الجدران في عتمة مداي

                  رحلتي طالت وأشواقي مدد

شاخ صوتي قبل لا يكبر صداي

            وانطفى نجمي وانا اترجى الوعد

طاحت سنين العمر/ جفت سماي

                   والحصاد من الأماني للحد

رحت خاوي من ظلالي/ من أناي

                 كنني ما جيت للدنيا أبد

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"